Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

إن هناك توبة نصوحا، وهناك توبة ما دون التوبة النصوح.. أما التوبة النصوح؛ فهي أرقى من التوبة المتعارفة.. وللتوبة النصوح معالم، منها:

– الزهد في الحرام.. من آثار التوبة النصوح، أن يزهد الإنسان في الحرام، الذي كان يرتكبه.. تارة الإنسان يرتكب الحرام، ويتركه حقيقة؛ ولكن نفسه تنازعه للحرام بين وقت وآخر.. مثلا: إنسان مدمن على مشاهدة الصور المحرمة، إذ أن بعض المحرمات في فترة من الفترات، تتحول إلى مادة مخدرة.. لهذا تراه في شهر رمضان، يفطر على الحرام.

وعليه، فإن التوبة النصوح ليس أن يترك الإنسان الحرام، وكل يوم يعزم على كسر التوبة، ولكن يجاهد نفسه.. هذا الإنسان في يوم من الأيام، سيرتكب الحرام في ساعة ضعف.. لأنه وهو في بلاد المسلمين، قد يأتيه الحافز للتوبة، وعدم كسرها.. أما في أول سفرة للبلاد الأجنبية، وهو في الفندق، في منتصف الليل؛ حيث لا رقيب ولا حسيب، ما الذي يعصمه في ذلك المكان؟.. فالشيطان عندما يرى العدو في مكان آمن، ينتظر كي يستفرد به في يوم من الأيام، حيث لا معين له ولا ناصر.

فإذن، من معالم هذه التوبة أن يزهد الإنسان في الحرام، الذي كان يرتكبه، وعلامة الزهد واضحة: البعض عندما يرتكب حراما في بلد معينة، يكره تلك البلدة، لا يذهب إليها حتى لا يذكره بالحرام.. والسوق الذي وقع فيه الحرام، لا يدخله اشمئزازا منه.. بشر الحافي هكذا كانت توبته، ركض وراء الإمام حافيا؛ لأنه عاش الانقلاب الباطني.

– الباطن كالظاهر.. أغلب الناس ظواهرهم خير من بواطنهم.. نعم، أحدنا: سمعته، وظاهره، وكلام الناس عنه؛ أكثر من الواقع.. قال الصادق (ع): (التوبة النصوح: أن يكون باطن الرجل كظاهره وأفضل‏).. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لو تكاشفتم لما تدافنتم)؛ أي لو علم بعضكم سريرة بعض؛ لاستثقل تشييع جنازته ودفنه.. أمير المؤمنين (ع) يذكر موصفات قياسية للتوبة الصحيحة: سمع الإمام علي (عليه السلام) رجلاً يقول: أستغفر الله!.. فقال:

(أتدري ما الاستغفار؟.. الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على معان ستة، وهي:
١- الندم على ما مضى من المعصية أبداً.
٢- العزم على ترك المعصية أبداً.
٣- أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم، حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة.
٤- أن تعمد إلى كل فريضة ضيعتها فتؤدي حقها.
٥- أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ لحم جديد.
٦- أن تذيق الجلد ألم الطاعة، كما أذقته حلاوة المعصية.. فعند ذلك تقول: أستغفر الله).

نحن على الأقل نأخذ الشقين الأولين: الندم على ما مضى، والعزم على عدم العود في المستقبل.. إذا كان الأمر كذلك، يصدق على الإنسان أنه تاب عن ذنبه، ثم يؤدي حق المخلوقين.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.