Search
Close this search box.
  • صفات الإمام السجاد (ع)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

صفات الإمام السجاد (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

عظم ما ورد على قلب الإمام زين العابدين (عليه السلام) من المحن والمصائب

حديثنا هو حول إمامنا زين العابدين وقرة عين الساجدين (ع). حول هذا الإمام الذي رأى ما رأى في يوم عاشوراء، ويكفي مما رأى؛ أنه هو الذي وكل إليه أمر دفن والده. وقد رأى بعد ذلك ما رأى في طريق الأسر من الحالات التي ابتلي بها أهل البيت (ع). إن الإمام شهد ما لم يشهده على وجه الأرض أحد. ولهذا فإن هذه الحادثة قد أثرت في نفسه الشريفة، ومن الطبيعي أن ينتاب كل من شهد ذلك من أئمة أهل البيت (ع) ما انتابه. وقد كان إمامنا زين العابدين (ع) من البكائين. إن يعقوب (ع) كان من البكائين حتى ابيضت عيناه من الحزن، والحال أنه فقد ولده، ولم يمت، والتقى به أخيراً؛ ولكن إمامنا قد شهد ما شهد من الفجائع.

أرقى حالات العبد بين يدي ربه

إن حديثنا هذا هو عن صفاته. إن الإمام (ع) قد اشتهر بالسجاد؛ أي كثير السجود وكان هذا لقبه. إن السجود هو أرقى حالة من حالات العبد بين يدي ربه. أولا: عندما يهوي الإنسان إلى السجود؛ يقع أشرف موضع منه على أذل شيء وأرخصه وهو التراب. إن أعلى موضع في جسم الإنسان هو رأسه وجبينه. يقال: فلان مرفوع الجبين. ثم هو يمرغ هذا الجبين المرتفع بالتراب وخاصة مع تمريغ الأنف بالتراب. حيث أن إرغام الأنف بالتراب هو من مستحبات السجود. ولهذا لم نعهد في تاريخ الأمم – في ما نعلم – وجود هذه الحركة السجودية، وإذا صارت لبني آدم نستسخف صاحبها كثيرا. فمن الممكن أن ينحني ويركع البعض أمام السلاطين ولكن لو سجد إنسان أمام بشر مثله لقيل له: أحمق.

فكيف إذا كانت هذه الحالة في الصلاة التي هي معراج المؤمن؟ فأتقنوا السجدة في الصلاة. وكيف إذا كانت السجدة بتذلل وإنابة؟ إن بعض المؤمنين يبكي في سجوده حتى يبتل موضع سجوده بالدموع، وتتساقط هذه الدموع على المصلى. ولو دفن معه هذا المصلى لرحمته الملائكة بذلك.

المواضع التي كان يسجد فيها الإمام زين العابدين (عليه السلام)

إن إمامنا (ع) كان كثير السجود. ولكن ما هي الحالات التي كان يسجد فيها (ع)؟ يقول الإمام الباقر (ع) واصفا أباه: (إِنَّ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ مَا ذَكَرَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نِعْمَةً عَلَيْهِ إِلاَّ سَجَدَ)[١]؛ ونحن غاية ما نعمله عندما نذكر النعم أن نقول: الحمدلله. ولكن العبارة تقول: ما ذكر لله نعمة، وكأن هذه الحالة متواصلة. ثم قال: (وَلاَ قَرَأَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اَللَّهِ فِيهَا سَجْدَةٌ إِلاَّ سَجَدَ). وفي القرآن مواضع للسجود واجبة وهي أربعة ومواضع مستحبة، وبحسب الرواية؛ إن الإمام كان يسجد في الواجب والمستحب.

ثم يقول: (وَلاَ دَفَعَ اَللَّهُ عَنْهُ شَرّاً يَخْشَاهُ أَوْ كَيْدَ كَائِدٍ إِلاَّ سَجَدَ). يتفق أن تكون في أثناء السياقة على وشك حادث، فتقول مثلاً: لو لم أنتبه لثوان لذهبت قتيلا في حادث سير. وفي هذه الحالة عندما ترجع إلى المنزل؛ اسجد لله شكراً، وإن أمكنك فاسجد فوراً على هذه النعمة.

ويقول: (وَلاَ فَرَغَ مِنْ صَلاَةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلاَّ سَجَدَ). إننا عادة نسجد ولكن بشكل رتيب وسريع. إن الإمام (ع) عندما كان ينتهي من الصلاة كان يسجد سجوداً بليغاً. ومن الممكن أيضا أن نجعل هذا السجود من باب سجدة الشكر. فإن وفقت للصلاة في المسجد أو في جماعة أو خشعت فيها؛ فقد اجتمعت لك موجبات شكر كلها.

ويقول: (وَ لاَ وُفِّقَ لِإِصْلاَحٍ بَيْنَ اِثْنَيْنِ إِلاَّ سَجَدَ). لقد روي عن النبي (ص) أنه قال: (إِصْلاَحُ ذَاتِ اَلْبَيْنِ، أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ اَلصَّلاَةِ وَاَلصَّوْمِ)[٢]؛ أي المستحب. وهنيئاً لمن كان معروفا بين قومه بالمصلح. ثم يقول الإمام (ع): (وَكَانَ كَثِيرَ اَلسُّجُودِ فِي جَمِيعِ مَوَاضِعِ سُجُودِهِ فَسُمِّيَ اَلسَّجَّادَ لِذَلِكَ).

ذي الثفنات

إن آثار السجود تظهر عادة في الجبهة. والمؤمن أثر السجود في وجهه ظاهر. ولكن الإمام كان يظهر ذلك على ركبتيه أيضا، وكان يسمى بذي الثفنات؛ لأنه كان يقطع من جلده. وقد روي عن الإمام الباقر (ع)أنه قال: (كَانَ لِأَبِي عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ آثَارٌ نَاتِئَةٌ وَكَانَ يَقْطَعُهَا فِي اَلسَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ خَمْسَ ثَفِنَاتٍ فَسُمِّيَ ذَا اَلثَّفِنَاتِ لِذَلِكَ)[٣].

وجه الشبه بين الإمام زين العابدين (عليه السلام) وبين المهدي (عجل الله تعالى له الفرج)

إن هنالك شبه بين إمامنا زين العابدين (ع) وإمامنا المهدي روحي له الفداء. إننا في الحقيقة لا نعلم كيف توزع البركات. إن أم إمامنا (عج) السيدة نرجس (س) قصتها معروفة، وكيف أسرت وإلى آخره، ثم اتخذها الإمام العسكري زوجة له فأنجبت إمام زماننا. كذلك كانت أم إمامنا علي بن الحسين (ع). فقد كانت ابنة يزدجرد الملك، ولذلك سمي ابن الخيرتين وقد أردكها أمير المؤمنين (ع) وسألها، وهي تسمى شاه زنان.

زواج الإمام الحسين (عليه السلام) بوالدة السجاد (عليه السلام)

وهنيئا لهذه الأم التي جعلت الإمام السجاد (ع) أحشاءها.ولكن تقول الرواية: أنها ماتت في نفاسها بإمامنا زين العابدين (ع)؛ فقد حرمت حتى النظر وتربية هذا الولد الذي هو فخر الأمة. وهي التي اختارت الحسين (ع). تقول الرواية: (إِنَّمَا اِخْتَارَتِ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِأَنَّهَا رَأَتْ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا عَسْكَرُ اَلْمُسْلِمِينَ وَلَهَا قِصَّةٌ وَهِيَ أَنَّهَا قَالَتْ رَأَيْتُ فِي اَلنَّوْمِ قَبْلَ وُرُودِ عَسْكَرِ اَلْمُسْلِمِينَ كَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ دَخَلَ دَارَنَا وَقَعَدَ مَعَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَخَطَبَنِي لَهُ وَزَوَّجَنِي مِنْهُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ كَانَ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي قَلْبِي وَمَا كَانَ لِي خَاطِرٌ غَيْرُ هَذَا فَلَمَّا كَانَ فِي اَللَّيْلَةِ اَلثَّانِيَةِ رَأَيْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَدْ أَتَتْنِي وَعَرَضَتْ عَلَيَّ اَلْإِسْلاَمَ فَأَسْلَمْتُ ثُمَّ قَالَتْ إِنَّ اَلْغَلَبَةَ تَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنَّكِ تَصِلِينَ عَنْ قَرِيبٍ إِلَى اِبْنِي اَلْحُسَيْنِ سَالِمَةً لاَ يُصِيبُكِ بِسُوءٍ أَحَدٌ)[٤].

سر التوفيق

ولكن ما هو سر التوفيق لامرأة أسيرة وهي بنت ملك الفرس حتى يأتي النبي (ص) ومعه الزهراء (س) يخطبها، وتصبح قرينة للحسين (ع)؛ أشرف الخلق في زمانه، وتنجب ولداً كإمامنا علي بن الحسين (ع). إن الزيجة إذا كانت مباركة؛ تكون هكذا النتيجة.

[١] المناقب  ج٤ ص١٦٧.
[٢] الأمالي (للطوسی)  ج١ ص٥٢٢.
[٣] بحار الأنوار  ج٤٦ ص٦.
[٤] بحار الأنوار  ج٤٦ ص١٠.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • يقول الإمام الباقر (ع) واصفا أباه: (إِنَّ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ مَا ذَكَرَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نِعْمَةً عَلَيْهِ إِلاَّ سَجَدَ) ؛ ونحن غاية ما نعمله عندما نذكر النعم أن نقول: الحمدلله. ولكن العبارة تقول: ما ذكر لله نعمة، وكأن هذه الحالة متواصلة.
  • يصف الباقر (ع) أباه ويقول: أن الله لم يدفع عنه شرا يخشاه إلا سجد لله. يتفق أن تكون في أثناء السياقة على وشك حادث، فتقول مثلاً: لو لم أنتبه لثوان لذهبت قتيلا في حادث سير. وفي هذه الحالة عندما ترجع إلى المنزل؛ اسجد لله شكراً، وإن أمكنك فاسجد فوراً على هذه النعمة.
Layer-5.png