شهر شعبان المبارك ومواليد الأنوار (ع)

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
سلام علیكم اخواني اخواتي جمیعا ورحمة الله وبركاته
نبارك لكم هذه الایام المباركة من شهر شعبان هذا الشهر الذي یحمل عطاء كثیرا هو بنفسه شهر تتشعب منه الخیرات ومن هنا سُمي بشهر شعبان، شهر هو شهر النبي الأكرم صلی الله علیه وآله وسلم وبالاضافة إلی ذلك هذه المحطات النوریة من موالید الأطهار میلاد امامنا الحسین علیه السلام واخیه العباس وولده علی بن الحسین زین العابدین وفي منتصف هذا الشهر كلنا نترقب میلاد ذلك الامام الذي نُحشر تحت لوائه وننتظر دولته الكریمه، اذاً هذه المحطات محطات للتدبر والتأمل طالما قلنا أن مناسبات الائمة هي محطات للفرح والحزن ولادة واستشهاداً یفرحون لفرحنا ویحزننون لحزننا ولكن الفرح والحزن متعلق بالمشاعر وأنت في مكانك ساكت قد تفرح وقد تحزن ولكن هذا الفرح هذا الحزن إن تفاعل مع القناعة والفكر! الفكرة تمت المشاعر تفاعلت الأمر الثالث هي الحركة الجوارحیة أن تتحرك نحو الاهداف التي من أجلها خُلق ذلك المعصوم؛ من باب المثال أذكر هذا المثال اجعله في بالك ینفعك یوماً ما، عندما تزور سید السهداء مثلا أنت نظریاً معتقد بإمامته عارف بحقه طبعا عرفان الحق أدنی مستویاته متحقق فینا وهو أن تعلم أنه امام مفترض الطاعة؛ تأتي تحت القبة الشریفة تهیج أحزانك تنظر تارة للمصرع تارة لقبر علی الاكبر تتذكر الطفل الرضیع الذي یقال بأنه مدفون علی صدر والده المهم تتفاعل وقلما رأینا زائراً لا یتفاعل! الآن انتهت الزیارة أين التأسي العملي وأنت تحت القبة؟! إذهب إلی الرأس الشریف وتأسی بالحسین علیه السلام في صلاته، في یوم عاشوراء عندما مطرت علیه السهام كالمطر وصلی صلاة الحرب كیف صلی الحسین علیه السلام! وأنت في مكان آمن بجوار الحسین علیه السلام، تخیل أنك مأموم والامام امامك كیف تصلي؟ هذا البكاء، هذا النحیب، هذه الزیارة، هذا المشي علی الاقدام، ترجمها في ركعتین خاشعتین، والا لو وقفت تصلي وأنت تذهب یمیناً وشمالاً كما كنت في أرض الوطن اذاً أين التأسي؟ تحت القبة قبل قلیل دموعك لم تنشف ولكن كبرت تفكر في طعامك وشرابك أين التأسي بالمعصوم؟ اذاً لابد من التأسي بهم ولهذا لو صلیت ركعتین خاشعتین عند الامام وأهدیت ثواب الزیارة له هذا العمل یُلفت نظره ویرد لك الهدیة بأضعاف مضاعفة، إن صلیت صلاة خاشعة قل یا مولای صلیت لك ركعتین خاشعتین هدیتي توقعي أن تعطیني هذه الخاصية في كل ایام حیاتي لا تحت القبة، في أرض الوطن اذا وقفت مصلیاً اجعل حالتي شبیهة للحالة التي كنت علیها في الحائر الحسیني، هذا دعائك.
بعد هذه المقدمة أين التأسي بهم في هذه المحطات الثلاث؟ شاء الله عزوجل أن یتحفنا بهذه الانوار المباركة اتباعاً في شهر شعبان هذه الایام كربلاء بعكس ما في ایام عاشوراء ایام الحزن ولكن هذه الایام كربلاء تبتهج بالفرح والسرور، تارة بمیلاد سید الشهداء، بعده میلاد أخیه العباس علیه السلام وبعد ذلك الامام زین العابدین علیه السلام.
في هذه العجالة نأخذ جولة سریعة: اخواني الدرس الاول التخطیط الالهي لرسالته؛ رب العالمین حریص علی دینه علی امة نبیه وعلی عباده، البعض عندما یسمع بتكالب قوی الشر هذه الایام ولا نخفیكم سراً أنه ما مرت علینا فترة من تكالب الشر علینا كما في زماننا هذا اُنظر إلی بلاد المسلمین لا تكاد تجد بقعة غیر ملتهبة الفتن عمت بسم الاسلام أي مجازر تُرتكب علی لافتی علیها اسم نبي الرحمة وتحت هذه الراية ماذا یقع من الانتهاكات الفضیعة، المهم البعض یكاد ینتابه الیأس ولكن لا تیأس، لهذا الدین راعي، لهذا البیت رب؛ أبرهة في زمانه جاء بالفیلة منظر الفیل في بلاد العرب یكفي لإیجاد الرعب هؤلاء المساكین حدهم الابل والدواب والحمیر وغیره واذا بجیش جرار قادم من الحبشة علی الفیلة من كان یظن أن هذا الحیش یتحول إلی ركام؟ أرسل علیهم طیراً ابابیل، رب العالمین حریص علی دینه علی كعبته علی كتابه علی سُمعة نبیه والشاعر یقول لكل اُناس دولة یرغبونها ودولتنا في آخر الدهر یظهر، اذاً للباطل جولة الفراعنة جالوا وصالوا ولكن كلمة الله هي العلیا لا تستعجل، اُنظروا إلی المخطط الالهي في زمان یزید ماذا كان حال الاسلام والمسلمین؛ من یقرأ تاریخ الاسلام والمسلمین لا یكابر یعلم أنه في زمان یزید بلغ ما بلغ الباطل بلغ أوجه وبقي یزید من دون مقارعة الحسین علیه السلام سنوات قلیلة نحن لا نعلم أين وصل حال الاسلام والمسلمین! من أباح المدینة من رمی الكعبة بالمنجنیق من هتك الستور من قتل الصحابة من شرب الخمر من لعب بالقردة إلی آخره هذا كان زعیم المسلمین في زمانه ولكن الله عزوجل منذ الأزل منذ أن كان آدم بین الماء والطین ادخر الحسین علیه السلام لهذه المرحلة المصیریة من حیاة الأمة، امیرالمؤمنین وعظ كثیرا الامام المجتبی وعظ كثیرا ولكن الامة بحاجة إلی صدمة بدم الحسین علیه السلام بحاجة إلی صدمة بأسر بنات النبوة تخللتها الخُطب خطبة امامنا زین العابدین في الشام خطبة زینب في الكوفة مزیج الخطب والدم والسبي هذا المزیج ماذا صنع بملك بني أمیة؛ اذاً الدرس العملي رب العالمین یدخر الشخصیات لوقته وتطبیقاً لذلك من وُلد في منتصف هذا الشهر العظیم! رب العالمین ادخره في عالم الغیبة یرعی الحوادث أكثر الناس تألماً بما یجري علی المسلمین امام زماننا في لیالیه ماذا یصنع؟ یعتوره مع سمرته صفرة من سهر اللیل یناجي ربه قائماً وقاعداً ینتظر الأمر الالهي بالخروج.
اذاً الدرس العملي، رب العالمین یدخر كبار أولیائه للفترات المصیریة في حیاة الامة، الحسین علیه السلام بحاجة إلی حامل رایة بحاجة إلی ساقي للعطاشی هذا المنصب جعله رب العالمین لأخیه العباس، مولود هذا الشهر، أمیرالمؤمنین، یسئل أخاه عقیل أن یختار له امرأة تلد له الفحول رب العالمین منذ الأزل، كتب ام البنین لأمیر المؤمنین هذه حركة، أمیرالمؤمنین كأنه أراد بذلك أن یُكسب عقیلاً أجراً، والا الاختیار سماوي، هنیئاً لعقیل كتب له الخلود من خلال هذا الاختیار ومن خلال ولده مسلم مزیتان عظیمتان، وبعبارة العباس ومسلم ما بدا منهما یشترك في أجرهما هذا الذي كان مستشاراً لأخیه في هذا الأمر، انتهت المعركة حسب الظاهر یزید قضی علی الحسین علیه السلام وذریته رب العالمین بعث امامنا زین العابدین صلوات الله علیه لیُكمل المسیرة في المدینة وتقریبا تحت الاقامة الجبریة قُتل ابوه قُتل اخوانه سُبیت عماته ماذا بقي عنده من القدرة؟ ولكن في جوف اللیل یناجي ربه إلی یومنا هذا مناجات امامنا زین العابدین تملأ الآفاق، دعاء مكارم الاخلاق اسمه دعاء ولكنه منهج حیاة؛ اخواني أقولها إن شاءالله لیبقی زاداً لآخرتنا؛ زیارة ودعاء فیهما منهاج السیر إلی الله عزوجل لماذا أنت متحیر تقرأ كتب العرفان الشرقي والغربي الموالي وغیر الموالي؟ زیارة أمين الله بما فیها من المناجات فأجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضیة بقضائك مولعةً بذكرك ودعائك محبةً لصفوة اولیائك إلی آخره هذه مواصفات من یرید أن یصل إلی الله عزوجل في قالب زیاره، دعاء مكارم الاخلاق دعاءٌ ولكنه منهاج لمن أراد أن یصل إلی الله عزوجل! لو لم یكن في جیبك الا ورقتان ورقة فیها زیارة امين الله وورقة فیها دعاء مكارم الاخلاق سر إلی الله عزوجل، لا تحتاج إلی منهاج آخر ولا تحتاج إلی مربي لا تحتاج إلی استاذ رب العالمین رب العالمین إن وجد فیك القابلیة یُنبتك نباتاً حسناً من الذي أنبت مریم من الذي كفلها زكریاء وأنبتها؟ الفاعل هو رب العالمین، رب العالمین تكفل مریم ثم أرسل لها زكریاء في الوقت المناسب رب العالمین تكفل مریم فجعل في أحشائها روح الله المسیح اذاً الامام زین العابدین علیه السلام جاء في هذه الفترة لیُكمل هذه المسیرة المباركة، إن فرقت في یوم من الایام ذهبت إلی الإصطیاد إلی جزیرة جمیلة إلی منتجع وغیره إن فتح ذهنك خذ دورة من الكتب التي تتناول سیرة الائمة الاثني عشر؛ مرة تنظر إلی الامام زین العابدین لوحده إلی الامام الصادق لوحده ولكن البعض محاولات طبعا لا ترقی إلی حد الطموح والبعض أخذ دورة في سیرة الائمة بعنوان تعدد ادوار ووحدة هدف اُنظر إلی الائمة من برج عال أين دور امیرالمؤمنین من هذا الخط؟ ما دور الرضا علیه السلام في هذا الخط؟ ما دور الامام العسكري؟ اتفاقا هذا البحث بحث طریف وجمیل.
في ختام الحدیث: ما هو الجامع المشترك بين هذه البدور الثلاث؟ هذه الایام الحدیث عن هذه الاقمار الطاهرة الجامع المشترك بینها اخواني العبودیة لله عزوجل كن لله عبداً داخراً كن له خاشعاً كن له متذللاً في الیوم الثالث من شعبان تأسی بالامام الصادق علیه السلام؛ الامام الصادق في الیوم الثالث من شهر شعبان كان یلهج بدعاء جده الحسین علیه السلام في یوم عاشوراء في میلاده إلهج بما كان یقوله الحسین في یوم عاشوراء كم كان متذللاً؛ راجع النص اتفاقا هذه العبارة مذكورة في كتاب الدعاء هذا الكتاب الشریف المفاتیح في الیوم الثالث من شهر شعبان اقرأ كما قرأ الصادق علیه السلام هذه المناجات متی قرأها الحسین؟ عندما تكالبت علیها الاعداء من كل صوب؛ أخذ یناجي ربه شكور اذا شُكرت ذكور اذا ذُكرت قریب الرحمة صادق الوعد الامام أخذ یتكلم ویناجي ربه بهذه المضامین یعني أدعوك ضعیفاً مكروباً كم الامام متذللاً بین یدي الله عزوجل؛ لفتت نظري العبارة هذه ذكور اذا ذُكرت! اُذكر ربك مرة یذكرك مرات، عبدي تقرب إلي شبراً اُقربك ذراعاً، تقرب إلي ذراعاً اُقربك باعاً، اذاً رب العالمین ذكور اذا ذُكرت اُذكره مرة كم یذكرك؛ صلوات الله علیه، ختم حیاته الشریفة بالمناجات، انا لا أعلم، لست في مقام استدراج الدمعة یوم فرح وسرور ولكن تخیل كیف كان حال الملائكة في العرش وهي تنظر إلی ذلك القتیل في المیدان یجود بنفسه الجراح ملأت بدنه الشریف ولكن كان یلهج قائلا إلهي رضاً بقضائك وتسلیماً لأمرك، لا معبود سواك یا غیاث المستغیثین؛ في جوف اللیل یناجي قبل قتال الأعداء یناجي ساعة المقتل یناجي العباس صلوات الله علیه هل تشك أنه كان كأخیه عندما قطعوا یمینه وشماله؟ عندما هوی ذلك اللعین بعمود علی رأسه كان غافلا عن ذكر الله؟ ابداً ماذا كان منطقه؟ كلكم یعلم ما كان یرتجزه العباس إني أحامي ابداً عن دیني ثم یقول وعن امام صادق یقیني، اذاً اُحامي ابداً عن دیني العباس عینه علی الدین الحسین عینه علی الدین اصحاب الحسین كذلك اذاً أين التأسي؟ التأسي إجعل همك هذا أن تحامي ابداً عن دینك إجعل هذه الدنیا قنطرة كل لحظات حیاتك املأها بما یوجب لك زاداً لآخرتك.
وأخیراً نعرج علی ذكر امامنا زین العابدین (صلوات الله وسلامه علیه): قلبك اجعله خالصاً لله عزوجل لا تُدخل حرم الله غیر الله عندك حاجة اُطلب من ربك، في قلبك هم وغم فرغه مع ربك، هذه معنی المناجات عندك ما أهمك في مناجات الخاشعة قل یارب إكفني ما أهمني من امر الدنیا والآخرة، امامنا زین العابدین علیه السلام یرید أن یعلمنا هذا الدرس في كل صغیرة وكبیرة توجه إلی الله عزوجل اتفاقاً قبل أن آتي إلی هذا المنبر الشریف هكذا فتحت الكتاب أبحث عن شيء أنظر إلی الدعاء رب العالمین كیف یعلمنا أن نشكره وأن نذكره في كل شيء، اذا ذهبت غداً إلی العمل ورأيت كبیر المهندسین و الأطباء وعلمت أنه نصراني أو یهودي لا تسكت اقرأ كتاب الدعاء انا شخصیاً رأيتها لاول مرة قل الحمدلله الذي شرفني علیك؛ بهذه المضامین جعلني مسلماً ولم یجعلني یهودیاً أو نصرانیاً تری الكافر ناجی الله عزوجل إن الدین عند الله الاسلام اُشكر الله علی هذه النعمة؛ بدلاً من أن تنبهر بمقامه بدلاً من أن تنبهر بمنصبه رئیس دولة أجنبیة وزیر للخارجیة أي شيء قل الحمدلله الذي شرفني عليك! هذا مسكین هذا كافر دینه دین منسوخ وانا القرآن في جیبي خاتم كتب السماویة اُنظر إلی الدعاء كیف یدخل في جزئیات حیاته، امامنا زین العابدین كم كان یناجي ربه في یوم من الایام إن أحسست بحالة وجدانیة رأيت أن كل شيء فان، في یوم من الایام زوجتك قد تُعرض عنك ولو مؤقتاً ولدك یعقك ولو في ساعة أخوك یتصل بك یتكلم معك بكلام خشن تری نفسك وحیداً غریباً لا زوجة مطیعة لا ولد بار لا رحم كذا إلهج بمناجات المنقطعین إلی الله عزوجل بمناجات المریدین یا نعیمي وجنتي قل إلهي إلی من یرجع الآبق الا إلی مولاه أم هل یجیره من سخطه أحد سواه كن كإمامك زین العابدین لهجاً بذكره وهو السجاد كثیر السجود، هذه الكلمة ایضاً أقولها في عالم البرزخ والقیامة من أعتاد أن یكون ساجداً لذته في السجود؛ أو تعلم أن هناك سجاد یُطلق علیه السجاد غیر امامنا زین العابدین هذا معصوم؛ هناك شخصیة في التأريخ من أصحاب الائمة بإسم محمد بن ذكوان السجاد هذا الذي أخذ من الامام دعاء شهر رجب یا من أرجوه لكل خیر هو راوي هذا الدعاء كان سجاداً حتی ذهب بصره من كثرة السجود هذا موالي من اصحاب الائمة ولكن وصل إلی هذه الدرجة من الاُنس بالسجود بین یدي الله عزوجل من أنس بمناجات الله عزوجل في سجوده لا یری لذة في العالم ترقی لذة الحدیث مع رب العزة والجلال.

إلهي بحق اولیائك وبالصالحین من عبادك إغفر لنا ذنوبنا وأستر عیوبنا اللهم احشرنا مع محمد وآل محمد أبلغ سلامنا إلی امامنا أبي عبدالله الحسین وأخیه العباس وولده زین العابدین صلواتك علیهم أجمعین أرزقنا زیارتهم قریبا عاجلا أبلغ أرواح المؤمنین والمؤمنات ثواب الفاتحة مع الصلوات.