Search
Close this search box.
  • خصائص أمير المؤمنين (ع) وصفاته
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خصائص أمير المؤمنين (ع) وصفاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الاتصاف بصفات أمير المؤمنين (عليه السلام) واجب لمن يدعي مشايعته

ينبغي لمن يدعي مشايعة أمير المؤمنين (ع) أن يقتفي آثاره ويتصف بصفاته. إن من يشيع جنازة يمشي خلفها، فهل رأيتم أحداً يشيع جنازة وهو يمشي أمامها ويسبقها؟ إن من شايع علياً (ع) في اعتقاده، ورآه خليفة بلا فصل؛ لابد وأن يشايعه في أخلاقه وصفاته، وإلا كانت مشايعته له مجرد ادعاء.

ولا نحيط بعلي (عليه السلام) علما

إننا نريد أن نتعرف على جانب من مزايا أمير المؤمنين (ع) وبعض صفاته. ولكن ينبغي أن نعلم أننا لا نحيط علماً بخصوصياته، وإنما نذكر ما ترشح من هذا البحر ووصل إلينا. إن من صفات علي (ع) أنه كان متحملاً لأعظم الظلامات. إن ظلامة علي (ع) في التاريخ ظلامة نادرة تشبهها ظلامة أخيه النبي الأعظم (ص). إن من يتعرض إلى الظلم في هذه الدنيا، ويقع عليه بعض صور الضيم؛ كما يظلم بعض كبار المؤمنين من زوجته، ومن ولده، ومن والديه أو تتعرض الزوجة لظلم الزوج؛ فليتذكر ما جرى على أمير المؤمنين (ع).

أمير المؤمنين؛ أول مظلوم من الأئمة (عليهم السلام)

هناك الكثير من الروايات التي تحدثت عما وقع عليه من الظلم. منها تلك الكلمات التي صدرت عنه (ع) وسنذكر بعض هذه الروايات. لقد روي عنه (ع) أنه قال: (مَا لَقِيَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ مَا لَقِيتُ)[١]. إنها عبارة مطلقة تستوعب ما تعرض له من الظلامات. وفي رواية أخرى يبين ما تعرض له من الظلم بعد أن قبض أخيه رسول الله (ص): (مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قَبَضَ اَللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِلَى يَوْمِ اَلنَّاسِ هَذَا)[٢]. وقد كان يظلم بشكل من الأشكال حتى في زمن النبي (ص) فكان البعض يقع في علي (ع) بمرأى ومسمع من رسول الله (ع) والنبي ينهرهم عن ذلك.

من الروايات المؤلمة، والتي تنتابني رقة عند ذكرها، هي: (أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ – وَقَدْ سَمِعَ صَارِخاً يُنَادِي أَنَا مَظْلُومٌ – فَقَالَ: هَلُمَّ فَلْنَصْرَخْ مَعاً، فَإِنِّي مَا زِلْتُ مَظْلُوماً)[٣].

حساسية أمير المؤمنين (عليه السلام) تجاه الضعفاء

ومن الدروس التي نستفيدها من سيرة أمير المؤمنين (ع) وكلماته؛ أن لا يتجاوز الإنسان حداً من الحدود. لقد روي عنه (ع) أنه قال: (إِيَّاكَ وَظُلْمَ مَنْ لاَ يَجِدُ عَلَيْكَ نَاصِراً إِلاَّ اَلله)[٤]، وهو بالتأكيد لم يظلم في حياته بشراً.

كلمة لو قالها غير علي (عليه السلام) لكان كاذبا..!

إن لأمير المؤمنين (ع) كلمة لو قالها غيره؛ فهو بالتأكيد مفتر كذاب. وهو قوله: (سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي)[٥]، وهذا اللباس لا يمكن أن يلبسه غير أمير المؤمنين (ع). وبالطبع إن مقام النبي (ص) محفوظ، ولكنها جملة عصية على غيره..!

قبح الظلم عند أمير المؤمنين (عليه السلام)

ومن مبادئ أمير المؤمنين (ع) ومن كلماته الخالدة التي يقسم في مستهلها وكأنها أمر لا يصدق، هو قوله (ع): (وَ اَللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ اَلْأَقَالِيمَ اَلسَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلاَكِهَا عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اَللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ لَمَا فَعَلْتُهُ)[٦]؛ والكرة الأرضية هي جزء مما تحت الأفلاك. قد يقول قائل: ما المانع فقهياً من أن يأخذ الإنسان ما تحت الأفلاك في مقابل سلب جلب شعيرة من فم نملة؟ وهذه النملة ستبحث عن قطعة أخرى. ولهذا أقول أن هذا المعنى لا يصدق. إن أحدنا مستعد لأن يسحق ملايين النمل في مقابل ألف دينار. إن هذا المعنى يكشف عن وجود لا نظير له في البشر.

وفي عبارة أخرى يقول (ع): (لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ اَلسَّعْدَانِ مُسَهَّداً وَأُجَرُّ فِي اَلْأَغْلاَلِ مُصَفَّداً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اَللَّهَ وَرَسُولَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ اَلْعِبَادِ)[٧].

قصة حبة العرني مع أمير المؤمنين (عليه السلام)

إذا كنت في قرية أو في بلدة أو في عاصمة؛ ليكن همك أن تكون أرقى أهل تلك القرية إيماناً وتقوى وعبادة. كن في مضمار العبادة من السابقين. إن هذه القصة قصيرة ينقلها لنا حبة العرني الذي كان من اللصيقين بأمير المؤمنين (ع)، يقول: (رَأَيْتُ عَلِيّاً (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ) ضَحِكَ عَلَى اَلْمِنْبَرِ لَمْ أَرَهُ ضَحِكَ ضَحِكاً أَكْثَرَ مِنْهُ)[٨]؛ إن ضحك المؤمن التبسم وأمير المؤمنين (ع) لم يخرج عن هذه القاعدة ولكن يبدو أن هذا التبسم كان ملفتاً. يقول: (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ)؛ أي إلى درجة أبدى نواجذه – أسنانه – من شدة ابتسامته.

ولكن لماذا تبسم أمير المؤمنين (ع) هذه الابتسامة العريضة؟ إنها كانت ابتسامة ارتياح. يقول حبة: (اَللَّهُمَّ لاَ أَعْرِفُ عَبْداً مِنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ عَبَدَكَ قَبْلِي غَيْرَ نَبِيِّهَا)[٩]؛ أي أنا أول القوم إسلاماً. إن جميع الصحابة كانت لهم هفوات؛ منهم من شرب الخمر، ومنهم من زنى ومنهم من رابى، ومنهم من عبد الأصنام ولكن علياً (ع) كان مبرءا من كل ذلك، ولم يجعل وجهه على الأرض لصنم قط، ولهذا مُيز من بين كل الصحابة بوصف كرم الله وجهه. إن هذا الوجه المبارك الذي لم يسجد لصنم قط كان جزاءه في الدنيا قبل الآخرة؛ أن صعد كتف النبي (ع) في يوم الفتح وحطم الأصنام بيده. إنها مزية من مزايا أميرنا وإمامنا أمير المؤمنين (ع).

[١] اثبات الهداة  ج٣ ص٤٠٣.
[٢] بحار الأنوار  ج٢٨ ص٣٧٢.
[٣] بحار الأنوار  ج٢٩ ص٦٢٩.
[٤] الکافي  ج٢ ص٣٣١.
[٥] الاحتجاج  ج١ ص٢٥٩.
[٦] مجموعة ورّام  ج١ ص٥٦.
[٧] مجموعة ورّام  ج١ ص٥٦.
[٨] شرح الأخبار  ج١ ص١٧٧.
[٩] شرح الأخبار  ج١ ص١٧٧.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • ينبغي لمن يدعي مشايعة أمير المؤمنين (ع) أن يقتفي آثاره ويتصف بصفاته. إن من يشيع جنازة يمشي خلفها، فهل رأيتم أحداً يشيع جنازة وهو يمشي أمامها ويسبقها؟ إن من شايع علياً (ع) في اعتقاده، ورآه خليفة بلا فصل؛ لابد وأن يشايعه في أخلاقه وصفاته، وإلا كانت مشايعته له مجرد ادعاء.
  • من الروايات المؤلمة، والتي تنتابني رقة عند ذكرها، هي: (أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ – وَقَدْ سَمِعَ صَارِخاً يُنَادِي أَنَا مَظْلُومٌ – فَقَالَ: هَلُمَّ فَلْنَصْرَخْ مَعاً، فَإِنِّي مَا زِلْتُ مَظْلُوماً)(بحار الأنوار  ج٢٩ ص٦٢٩.).
Layer-5.png