- ThePlus Audio
حالات الإمام زين العابدين (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
التأسي بشخصية الإمام زين العابدين (عليه السلام)
نريد أن نتناول جزءاً من شخصية زين العابدين (ع). إن عادتي في مناسبات المعصومين أن أبحث عن نقاط التأسي؛ فالوقوف على فضائله والنص على إمامته وكراماته ومعجزاته أمور جيدة ولكن ماذا أفعل أنا في مواجهة هذه السيرة؟
صلوات المعصومين
أولا: صلاتهم. ولعل البعض قد ألف كتابا في صلاة المعصومين وإذا لم يؤلف؛ فنحن نقترح تأليف كتاب بهذا المضمون. حبذا لو أن إنسانا محققا يجمع لنا صلوات المعصومين، وكيف كانوا يصلون الأئمة جميعا، وحالاتهم حين الصلاة. إن الكثير منها مدونة في كتب الحديث ومنهم إمامنا زين العابدين (ع). وبالمناسبة إن من صور التعويض لإمامنا زين العابدين (ع) أن رزقه الله أولادا كالباقر والصادق (ع)؛ بهما انتشر العلم. صحيح أن السجاد (ع) كان في المدينة يبكي في جوف الليل ولم يأذن له الطاغية بنشر علوم آباءه؛ ولكن هذا الولد الذي كان في كنفه إمام صغير وولده الإمام الصادق نشرا ما نشرا.
صلاة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
يروي لنا حفيده الإمام الصادق (ع) كيفية صلاة جده. إن الإمام الصادق (ع) يقول: (كَانَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ إِذَا حَضَرَتِ اَلصَّلاَةُ اِقْشَعَرَّ جِلْدُهُ وَاِصْفَرَّ لَوْنُهُ وَارْتَعَدَ كَالسَّعَفَةِ)[١]. وهنا لست في مقام إثارة المصيبة، ولكنني أقول: إن الإمام عندما كان يصلي في الأسر كانت هذه حالته أيضا. فما الفرق بين صلاة الإمام قبل كربلاء وفي كربلاء، وبعد كربلاء في الشام؟ كم عز على رب العالمين أن يرى الإمام والأغلال في عنقه وهو هكذا يرتعد من خوف الله وخشيته؟ أو عجبتم أن مطرت السماء دما في هكذا مصيبة؟ بل لو انقلبت الأرض عاليها سافلها لما كان غريبا. ولهذا فقد أصبح من أبواب الحوائج إلى الله عز وجل. وقل من يتوسل بإمامنا زين العابدين (ع) في الشدائد ولا يرى نتيجة. إن هذا الإمام الممتحن له وجاهة عند الله عز وجل، وهذه الوجاهة قل نظيرها.
حال الإمام زين العابدين (عليه السلام) في شهر رمضان
ننا عادة نقول في شهر رمضان: عليكم بصوم الخواص. والبعض يتحير في تفسير هذا الصوم. إن كنت تريد أن تعلم ما هو صوم الخواص؛ فتأمل هذه الرواية. يقول الصادق (ع): (إِذَا كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلاَّ بِالدُّعَاءِ وَ اَلتَّسْبِيحِ وَ اَلاِسْتِغْفَارِ وَ اَلتَّكْبِيرِ فَإِذَا أَفْطَرَ قَالَ اَللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَفْعَلَ فَعَلْتَ)[٢]؛ أي إن أردت أن تقضي حاجتي فعلت.
حاله في مرضه
قال علي بن الحسين (ع): (مَرِضْتُ مَرَضاً شَدِيداً فَقَالَ لِي أَبِي عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا تَشْتَهِي فَقُلْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ لاَ أَقْتَرِحُ عَلَى اَللَّهِ رَبِّي مَا يُدَبِّرُهُ لِي فَقَالَ لِي أَحْسَنْتَ ضَاهَيْتَ إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَلْ مِنْ حَاجَةٍ فَقَالَ لاَ أَقْتَرِحُ عَلَى رَبِّي بَلْ حَسْبِيَ اَللَّهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ)[٣]؛ إن هذه المقامات هي مقامات الأنبياء وهي ثابتة لموالينا (ع).
علاقته بناقته..!
إن إمامنا زين العابدين (ع) في ساعة الاحتضار يقول لولده الباقر (ع): (قَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ لاِبْنِهِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ إِنَّنِي قَدْ حَجَجْتُ عَلَى نَاقَتِي هَذِهِ عِشْرِينَ حَجَّةً فَلَمْ أَقْرَعْهَا بِسَوْطٍ قَرْعَةً فَإِذَا نَفَقَتْ فَادْفِنْهَا لاَ تَأْكُلْ لَحْمَهَا اَلسِّبَاعُ فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ مَا مِنْ بَعِيرٍ يُوقَفُ عَلَيْهِ مَوْقِفَ عَرَفَةَ سَبْعَ حِجَجٍ إِلاَّ جَعَلَهُ مِنْ نَعَمِ اَلْجَنَّةِ وَ بَارَكَ فِي نَسْلِهِ)[٤].
إن الجمل أو أي دابة كالحمار أو الحصان يتباطئ في المشي عادة؛ فيقرعونها على ظهرها بالصوت يحدونها على السير. ومن ضرب حماره ليمشي سريعا لا يلام. ولكن الإمام يقول: هذه الناقة هي رفيقتي وصديقتي في أسفار الحج. إن بعيرا يذهب للحج سبعة سنوات يكون في الجنة وله شأن وبارك في نسله؛ فكيف بالمؤمن الذي يدمن الحج؟
خلاصة المحاضرة
- لقد حج الإمام زين العابدين (ع) عشرين حجة على ناقة له ما قرعها صوتا واحدا، وكان يروي عن رسول الله (ص): (مَا مِنْ بَعِيرٍ يُوقَفُ عَلَيْهِ مَوْقِفَ عَرَفَةَ سَبْعَ حِجَجٍ إِلاَّ جَعَلَهُ مِنْ نَعَمِ اَلْجَنَّةِ)، ولذلك أمر أن تدفن هذه الناقة بعد نفوقها.
- كان الإمام زين العابدين (ع) إذا أقام الصلاة اقشعر جلده واصفر لونه وارتعد كما ترتعد السعفة التي تتلاعب بها الرياح من خشية الله عز وجل.