Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

– إن من تعب على نفسه، وذهب لحضور المحاضرات، عليه أن يقدم نموذجاً جيداً للإنسان المؤمن.. فالإنسان بعد هذه المحاضرات، كمن خرج من حمام من ماء كبريتي، فهو مطهر.. إن رب العالمين يرى هذا السعي في طريق التكامل، ولكن على الإنسان أن يعمل من أجل عدم تفويت الهبة الإلهية، فرب العالمين من الممكن أن يكتب له جائزة، ولكنها جائزة معلقة.. وذلك ليتم اختبار هذا العبد، فربما لا يعطي الوسام حقه، فيضعه على صدره، ثم يذهب إلى مكان لا يليق به.
– وعليه، يجب على المؤمن أن يغير مجرى حياته، فرب العالمين يبحث عمن يطلب القربى إليه.. ألا يقول في الثلث الأخير من الليل: (هل من تائب، فأتوب عليه.. هل من مستغفر، فأغفر له.. هل من سائل، فأعطيه)؟!..
– هذه بعض الأوراد والأذكار البليغة التي يستحب للمؤمن الالتزام بها..

– دعاء الفرج: يستحب للمؤمن أن لا يفرط فيه أبداً.. فعندما يردد العبد هذه العبارة: (اللهم كن لوليك..)!.. ليس لمدة سنة، أو سنتين، بل مدى الحياة.. إذا بادله الإمام الحجة -عليه السلام- مرة واحدة الدعاء، من باب {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}.. فالإمام الحسن المجتبى -عليه السلام- جاءته جارية بطاقة من ريحان، فأعتقها لوجه الله، فتعجب أصحابه من هذا الكرم الحسني، الذي كان معروفاً!.. فقال -عليه السلام-: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}، وأحسن من طاقة الريحان عتق الجارية. فلو أن الإمام مرة واحدة رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم!.. كن -لفلان، الذي يكثر من دعاء الفرج- له ولياً وحافظاً وناصراً ودليلاً وعينا، ماذا ستكون النتيجة؟.. النتيجة: أنه لو اجتمعت عليه قوى الأرض، لتوقع الشر به، فإنهم لن يستطيعوا ذلك.

– الأدعية الصباحية: كلما ارتقى الإنسان في الإيمان درجة، كلما زاد طمع الشياطين فيه.. فالشيطان لا يلتذ بقلع الشجرة اليابسة التي لا ثمرة فيها، إنما إذا رأى براعم متفتحة، وزهور صغيرة في الشجرة، يتركها حتى تتحول إلى ثمرة صغيرة، فإذا أصبحت ثمرة قابلة للاستفادة، قلع الشجرة من جذورها، وله خبرة في هذا المجال.. وبالتالي، فإن الإنسان كلما نضجت ثماره الباطنية، تحوم الشياطين حوله، تحوم وتحوم إلى أن تسقطه في فخها.
– فإذاً، بمقدار ما يترقى العبد في الإيمان درجة، عليه أن يعوّذ نفسه.. وهذه ظاهرة معروفة، فبعض المؤمنين كالجبل الراسخ، الشيطان لا يمكنه أن يغويه {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}، فيحوم حول زوجته، وحول أولاده.. ولهذا فإن بعض أولاد الصالحين منحرفون بشكل متميز، لأن الشيطان ينتقم منه بأولاده إلا من عصمه الله.
– إن هذه الأيام هنالك لغم في كل شبرٍ في طريق الإنسان، والألغام متنوعة كُلٍ بحسبه: فالتاجر لغمه الربا، والشاب لغمه النظر، والقاضي لغمه الرشوة، الخ.. وفي هذا العصر لا مجال لسيطرة الأب على ابنه، فليس بإمكانه أن يراقب ولده من الصباح إلى الليل.. هو عليه أن يؤدي دوره التربوي بشكلٍ كامل، وأن يكون دقيقاً في ذلك، مع استعمال الأساليب التربوية: كمصادقة الولد، فلا تكن الحياة كمعسكر، والأب والأم هما قائدان عسكريان في المنزل.. بعد هذه المقدمات، وهذه الأساليب التربوية، فليوكل الأمر إلى رب العالمين.. في حياة أئمة أهل البيت، إمام معصوم وفي ذريته من هو منحرف؛ (زيد النار) أخو الإمام الرضا -عليه السلام- كان يهجم على البيوت ويحرقها.. فأخذ الإمام الرضا -عليه السلام- يعاتبه عتاباً عنيفاً.

– لذا فليعوّذ الإنسان نفسه وولده كُلٍ صباح (اُعيذُ نَفْسي وَديني وَاَهْلي وَمالي وَوَلَدي وَاِخْواني في ديني، وَما رَزَقَني رَبِّي، وَخَواتيمَ عَمَلي، وَمَنْ يَعْنيني اَمْرُهُ.. بِاللهِ الْواحِدِ الاَحَدِ الصَّمَدِ الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفواً اَحَدٌ، وَبِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غاسِق اِذا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفّاثاتِ فِي الْعُقَدْ وَمِنْ شَرِّ حاسِد اِذا حَسَدَ، وَبِرَبِّ النّاسِ مَلِكِ النّاسِ إلـهِ النّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنّاسِ الَّذى يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ).

– كيف يعيذ رب العالمين العبد؟.. إن الله -عز وجل- يعلم -مثلا- أن هذا العبد إذا خرج اليوم إلى الجامعة سيقع في شباك فتاة.. فإذا استعاذ العبد بربه، فإنه يرفق به!.. فيبتليه بصداع شديد، ويقعده عن الذهاب إلى الجامعة، وإذا لم يكن صداعا، فحادث سير.. ظاهره بلاء، ولكن باطنه نعمة، يريد أن يصرفه عن الحرام.. إن لرب العالمين أساليب مختلفة، ومنها الزهد القلبي. أحدهم وقع في حب فتاة، وهذا الحب شغله إلى حدٍ يقرب الجنون.. في يوم من الأيام، وإذا بعبد من عباد الله الصالحين دخل عليه، وعوذه بشيء من التعويذات.. خرج من المنزل وركب الباص، وإذا به يرى البنت تجلس إلى جانبه.. كان يتخيلها تخيلاً، أما الآن فقد أصبحت بجانبه.. وإذا به يكرهها كرهاً، ولم يتحمل أن يكون بجانبها، وفي أول محطة مناسبة نزل، وهرب منها هروبا!..
– إن هذه التعويذة الإلهية، عبارة عن تأمين إلهي شامل: (اُعيذُ نَفْسي وَديني وَاَهْلي وَمالي وَوَلَدي وَاِخْواني في ديني، وَما رَزَقَني رَبِّي)؛ أي الشركة، والمتجر، والمشروع.. لذا يستحب للمصلي الذي يقوم لصلاة الفجر، أن يلتزم بها.

– تعقيب صلاة العصر: عن الصادق (عليه السلام) قال: (من استغفر الله تعالى بعد صلاة العصر سبعين مرّة، غفر الله له سبعمائة ذنب). لا يجب أن تكون نية الاستغفار للذنب الفلاني، إذ أن من الصباح إلى الظهر كم من الذنوب والمعاصي يكون قد ارتكب؟..

– بالنسبة إلى عصر الجمعة فهي من الساعات الكئيبة والحزينة.. وكلما ازداد الإنسان قرباً من مولاه، كلما زاد إدراكاً لهذه الحقيقة.. فعصر الجمعة ثقيل جداً، والسبب في ذلك أنه يوم الفرج، وبما أن الفرج لم يأت، فالوجود كأنه يتألم من غيبة وليه، ومن تمديد أسبوع جديد على غيبته.

– روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: من صلى على النبي وآله بهذه الصلوات، محيت خطاياه، ودام سروره، واستجيب دعاؤه، وأعين على عدوه، وهيئ له أسباب الخير، وأعطي أمله، وبسط له في رزقه، وكان من رفقاء محمد (ص) في الجنة: (اللهم!.. صل على محمد وآل محمد في الأولين، وصل على محمد وآل محمد في الآخرين، وصل على محمد وآل محمد في الملأ الأعلى، وصل على محمد وآل محمد في المرسلين، وصل على محمد وآل محمد حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وأنت خير الوارثين.. اللهم!.. أعط محمداً الوسيلة والشرف والفضيلة، والدرجة الكبيرة.. اللهم!.. إني آمنت بمحمد (ص) ولم أره، فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته، وارزقني صحبته، وتوفني على ملته، واسقني من حوضه مشرباً روياً سائغاً هنياً لا أظمأ بعده أبداً.. إنك على كل شيء قدير.. اللهم!.. كما آمنت بمحمد (ص) ولم أره، فعرفني في الجنان وجهه.. اللهم!.. بلغ روح محمد عني تحية كثيرة وسلاما).. فليحاول المؤمن أن يلتزم بهذا الدعاء في عصر الجمعة .

– وأخيراً: من الأفضل أن يجعل كل مؤمن في جيبه دفترا صغيرا، فيه مقاطع من دعاء (أبي حمزة): (ارحمني صريعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وتفضل علي ممدودا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وتحنن علي محمولا قد تناول الأقراباء أطراف جنازتي، وجد علي منقولا قد نزلت بك وحيدا في حفرتي).. أو فقرات من دعاء عرفة، حيث أن هناك فقرات توجد اللهيب في القلب: (أنا يا إلهي المعترف بذنوبي فاغفرها لي: أنا الذي أسأت، أنا الذي أخطأت، أنا الذي هممت… أنت الذي مننت،
أنت الذي أنعمت، أنت الذي أحسنت، أنت الذي أجملت، أنت الذي أفضلت..)، أو عبارات بليغة من دعاء أمير المؤمنين (ع)، أو من دعاء الإمام الحسين (ع).. وهناك دعاء باسم دعاء الحزين، من الممكن قراءته في القنوت، أو في جوف الليل، أو في السيارة. قد تكون هذه الأدعية والمناجاة، أفضل من بعض الأوراد التي لا يتفاعل معها الإنسان.. فكلمة واحدة في دعاء كميل، قد تغير الإنسان خير من الدعاء كله!..

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.