Search
Close this search box.
  • السيدة خديجة (سلام الله عليها)؛ مواقف من سيرتها
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

السيدة خديجة (سلام الله عليها)؛ مواقف من سيرتها

بسم الله الرحمن الرحيم

الطاهرة عند أهل الجاهلية

من ألقاب سيدتنا أم المؤمنين خديجة الكبرى في الجاهلية الطاهرة، وكفاها فخراً أنها والدة سيدتنا ومولاتنا وسيدة نساء العالمين الزهراء (ع). كم من الفخر لها أن تأتي يوم القيامة في عرصات القيامة وكل أئمة أهل البيت (ع) ينادونها بلفظ الجدة؛ فهي جدتهم الكبرى خديجة (ع).

إنني أعتقد أن إحياء ذكر هذه السيدة في شهر رمضان المبارك من موجبات إنزال البركة الإلهية وجلب رضوان النبي (ص)؛ لأنه كان متعلقاً بهذه السيدة تعلقاً شديداً، ولم يرزق الله ذرية إلا من خلالها. أما القاسم وإبراهيم فقد قبضهم الله إليه وأبقى لنبينا الخاتم الزهراء (ع).

هل كانت السيدة متزوجة قبل رسول الله؟

لقد كثر الكلام حول زواجها قبل رسول الله (ص) إلا أن الذي اختاره بعض الأعلام – وهو قريب إلى ما نعتقد – أن هذه السيدة خطبها أسياد قريش من الشخصيات الوجيهة  فرفضتهم. فقد أبقاها رب العالمين للنبي (ص). ويأتي من لا حظ له من العلم يقول: أنه تزوجت فلانا ممن لا حظ لهم من الوجاهة والشهرة؛ فهل يُعقل أن هذه السيدة ترفض رجال قريش وتقنع أخيراً بإنسان عادي؟ هذا لا ينسجم مع الذوق السليم.

وأما ما قيل من بناتها؛ فبحسب التحقيق أنهن بنات أختها هالة. من الطبيعي أن النبي الأكرم (ص) عندما يتزوج امرأة ولها أخت ولأختها بنات أن يعاملهن معاملة بناته وهذا الذي تقتضيه رأفة النبي (ص).

وأما بالنسبة إلى العمر؛ فالنقل كثير وهم يجعلون عمرها الشريف عند زواجها من رسول الله (ص) بين الخامسة والعشرين إلى الخامسة والأربعين، ولا يعنينا هذا الأمر كثيرا؛ إلا أن الملفت هو أنها هي التي طلبت الاقتران بالنبي (ص). وإنني أعتقد أن البركة التي في مال خديجة من أسبابه أن النبي (ص) كان على رأس قسم من مالها. وعندما ذهب مع ميسرة خادمها في تجارة ثم رجع يُحدث ميسرة هذه السيدة بمزايا النبي (ص) تم ذلك الاقتران الميمون الذي لم يكن نتيجته الزهراء (ع) فحسب؛ وإنما أئمة أهل البيت (ع) جميعا.

دور المال في تثبيت الدين ونشره

إن العالم هو عالم الأسباب، وقد أبى الله إلا أن يجري الأمور بأسبابها. إن المال نعم العون على طاعة الله عز وجل. إن سليمان (ع) عندما طلب من الله ملكاً لا ينبغي لأحد؛ كان يريد به أن يُظهر العظمة أم أنه أراد بهذه القدرة الهائلة من تسخير الجن والرياح إلى آخره أن يروج للدين؟ ولهذا استغل سليمان هذه القدرة العجيبة في نقل عرش بلقيس من خلال عفريت من فاريته، وكان هذا سبباً لإيمانها وإيمان أهل اليمن. إن المؤمن يحتاج إلى مال؛ بل يرغب في المال الذي يكون زاده للآخرة. ولهذا نرى أن الزهراء (ع) استماتت في الدفاع عن حقها في فدك وإرجاع فدك. على الرغم من زهدها وزهد أمير المؤمنين (ع) في الدنيا بحذافيرها. ولكن أمير المؤمنين (ع) وبحسب الأسباب الطبيعية عندما يكون مقتدراً وله ثروة مالية جيدة؛ فهذا يعينه على تثبيت ولايته وإن كانت هي ثابتة في القلوب.

أموال خديجة (سلام الله عليها)

إن أموال خديجة (ع) كانت أموالا ضخمة وملفتة في قريش. إن العادة هي أن يكون الأثرياء من الرجال؛ ولكن شاء الله عز وجل أن يجعل هذه الثروة بيد هذه السيدة الجليلة. وقد وسخرت كل ما عندها في طريق الدين إلى درجة مثيرة للحزن. ففي أخريات حياتها كانت تعيش في شعب أبي طالب؛ فقد قاطعوها كمقاطعة النبي (ص). وبلغ بهم الضعف والحاجة إلى أنه أصبحت مثاراً لشماتة نساء مكة، وقلن لها: ما دمت قد تزوجت يتيم قريش؛ إذن تحملي ما تتحمليه في هذا المجال.

حب النبي (صلى الله عليه وآله) للسيدة خديجة (رضوان الله عليها)

ولم ينساها النبي (ص) حتى وهو في المدينة من بعد الهجرة، وإقامته فيها. كانت هناك سنوات تفصله عن حياته في مكة ولكنه كان يذكرها بخير، ويقول عنها: (صَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِيَ اَلنَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِيَ اَلنَّاسُ وَرَزَقَنِيَ اَللَّهُ اَلْوَلَدَ مِنْهَا وَلَمْ يَرْزُقْنِي مِنْ غَيْرِهَا)[١].

المباركة الإلهية للسيدة خديجة (رضوان الله عليها)

إن أم مريم (س) نذرت ما في بطنها محرراً، ورُزقت بمريم أم المسيح. وآسية تحملت في سبيل الله، وقالت: (رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِ)[٢] فذكرها الله في القرآن الكريم؛ فالهدايا والهبات الإلهية تُعطى من وراء الصبر والمثابرة والاستقامة. إن هذه السيدة قد بذلت مالها، وتحملت شماتة النساء في زمانها فجاءتها المباركة الإلهية فكانت تحفتها الزهراء (ع) الذي نزل فيها: (إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ)[٣]. إن الإيثار والتضحية والمجاهدة في سبيل الله في دار الدنيا؛ لها آثارها في دار الدنيا أيضا لقوله سبحانه: (وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ)[٤]، والآخرة مضمونة بلا شك؛ ولكن البركات تتعدى حتى في دار الدنيا، وهذه سيرة رب العالمين في تعامله مع أوليائه.

[١] الإفصاح  ج١ ص٢١٧.
[٢] سورة التحريم: ١١.
[٣] سورة الكوثر: ١.
[٤] سورة العنكبوت: ٦٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • تحدث أهل السير عن بنات للنبي (ص) غير الزهراء (س) ولكن التحقيق يُظهر لنا أنهن بنات أخت السيدة خديجة (س) هالة. من الطبيعي أن النبي الأكرم (ص) عندما يتزوج امرأة ولها أخت ولأختها بنات أن يعاملهن معاملة بناته وهذا الذي تقتضيه رأفة النبي (ص).
Layer-5.png