Search
Close this search box.
  • الدخول في كفالة الحسين (ع)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

الدخول في كفالة الحسين (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

كيفية الاستفادة القصوى من شهري محرم وصفر

إن أيام محرم وصفر تنتهي فيدخل الإنسان بحر الحياة وينشغل بخوض غمارها بعد شهرين من البكاء على سيد الشهداء (ع) فينسى ما كان عليه من قبل. فاجعل لك في هذين الشهرين محطة تأمل، ومحطة تزود. واتخذ أربعينية من أولهما أو من آخرهما أو من وسطهما؛ فالأمر إليك. ولا أعني أن تتخذ ذكرا أو وردا تداوم عليه فإنما هذه الأوراد والأذكار والزيارات لها أمد قصير في اليوم وتنتهي إلا أن الذي ينبغي أن تهتم به في هذه الأربعينية هي تزكية النفس والتكامل فيها والتنقية.

أربعينية التكامل في شهري محرم وصفر

عاهد الله عز وجل ببركة الحسين (ع) ومجالسه أن تكون نقياً. لقد روي عن أمير المؤمنين (ع): (خَادِعْ نَفْسَكَ عَنِ اَلْعِبَادَةِ)[١]. إن الشيطان قد خدعنا دهراً؛ فلنخدعه نحن كذلك. لنأخذ منه إجازة لأربعين يوم وليلة. تكبر عليه كما تكبر عليك، وخالفه في كل ما يأمرك به مما هو خلاف الشرع والعقل. ومن تحداه أربعين يوما فإن الله سبحانه يضمن له النجاح.

لقد روي عن النبي (ص) أنه قال: (مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً فَجَّرَ اَللَّهُ يَنَابِيعَ اَلْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ)[٢]؛ لا أن يصبح الرجل إلهيا أو يصبح مزكى بعد الأربعين وإنما تجري الحكمة على لسانه، وبعبارة أخرى يصبح مشروع لقمان الحكيم. إن باب النبوة والإمامة مسدود علينا فلا نبي بعد النبي (ص) ولا إمام بعد الإمام الثاني عشر؛ ولكن باب الحكمة اللقمانية مفتوح علينا جميعا. لماذا ذكر القرآن الكريم قصة لقمان في سورة من سوره؛ أي أن لقمان لم يكن نبياً ولا وصيا، ولكنه قال عنه: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)[٣]؛ ولا زال المؤتي هو هو. فاستقبل الفيض لتأتيك البركات.

أربعينية التكامل وانقلاب الموازين

يقال: أن في لقمان كانت صفة مميزة؛ فقد كان يصوم النهار في الصيف وما شابه ذلك من الأعمال إلا أن ما يميزه كان كثرة التفكر والصمت. وهذا العمل لا يكلفك شيئا، فتأسى به في هذه الصفة. ثم ثق وتأكد من أنك بعد هذه الأربعينية ستزهد في كثير من الأمور: (وأَنِسُوا بِمَا اِسْتَوْحَشَ مِنْهُ اَلْجَاهِلُونَ)[٤]. إن الموازين ستنقلب عندك، فالبعض ممن كان يعيش الفراغ الباطني، ويبحث عن المجالس المسلية أو عن أحد يتصل به للثرثرة والفضفضة كما هو شائع في بعض النساء؛ يصل إلى درجة يصبح الكلام ثقيلاً عليه، وإن جلس مع الغافلين تكاد روحه تخرج منه. إنه قبل الأربعينية كان يبحث عن الدواوين والمجالس ليسلي نفسه، والآن يفر من الغافل فراره من الأسد. أليس هذا انقلاب في الموازين؟

البحث عن الخلوة المفيدة

إن المؤمن أنسه بالخلوة، وهو يبحث عن خلوة مع نفسه. وتارة يناجي ربه وتارة كلقمان يفكر في أمره أو لا هذا ولا ذاك، وإنما يقرأ كتاباً نافعا. والكتاب يتحدث معك إلا أنه متحدث مكتوب. وفي الكتاب قد يكون عوض عن الأستاذ والمربي.

إن البعض يتقاعس عن التكامل تحت ذريعة عدم وجود أستاذ ومربي وموجه. إن مقامات المعصومين معلومة، ولكن من علماء الأمة اللامعين من كلامهم مدون وفي متناول الجميع. إن الكلام تارة يكون ملفوظا بالفم وتارة مكتوبا على الورق؛ والنتيجة هي ذاتها، فإ،  المعنى ينتقل إلى الذهن سواء عبر الأذن أو عبر العين. فهو يقول: ليتني أدركت العلامة الفلاني أو المرجع الفلاني فاستمعت إليه سماعاً؛ إنك الآن تقرأه قراءة فما الفرق بينهما؟

تغيير الذائقة

فلنحاول أن نغير من ذائقتنا في هذين الشهرين. إن هذا الطفل الذي كان ينقطع عنه حليب الأم سويعات فيئن ويبكي؛ إذا بلغ الرابعة والخامسة فإن الأم إذا جعلته على صدرها يبكي وكأنه يقول: ليس هذا مستواي إذ أن زمن الرضاعة قد انتهى. وهناك مثال طريف يقرب الفكرة؛ إنكم رأيتم البنت الصغيرة كيف تستأنس بالدمى وكلما كان لون الدمية وشكلها أقرب إلى الواقع تزداد حبا وأنسا بها وإذا رأت دمية في السوق تظل تبكي بكاء الثكلى إلى أن تحصل عليها، ولكنها بعد أن تبلغ العشرين من عمرها، وتضيق غرفتها بالدمى تجعلها في كيس وترمي بها خارجاً، أو توزعها مجانا وتقول: ما لي وللدمى؟ فما الذي جرى لها؟ إنها قد بلغت وترقت فأصبحت في مستوى آخر، وتريد الآن أن تتزوج لتعجل على صدرها طفلا حقيقياً. وهكذا هو الإنسان إذا بلغ فإنه بعد فترة يتذكر أيام الجاهلية؛ فيضحك ويحزن في الوقت نفسه على ماضيه، ويقول: أنا الذي كنت كذا وكذا، وأنا الذي كان يغريني كذا وكذا. وهذا ما سيحصل لك بعد الأربعينية حيث ستقبل على ما زهدت فيه وتزهد فيما كنت مقبلا عليه.

من دروس الثورة الحسينية؛ الانصياع والتبعية للإمام

وأما الدروس التي نستفيدها من السيرة الحسينية، أولا: درس التبعية والولاء لإمام الزمان. لقد ذكرت سابقا أن للإمام الحسن (ع) مزية ليست لأخيه الحسين (ع). فكما أن مزية الشفاء في التربة واستمرار الإمامة خاصة بالحسين (ع) فكذلك مزية الإمام الحسين (ع) أن في زمانه كان هناك مأموم له باسم الحسين (ع). من كان يتصدى للأمور في زمان أمير المؤمنين (ع)؟ كان يتصدى هو بنفسه وأما الحسنان (ع) فكانا يتبعان الأب في كل زمان. وكذلك في زمان الرضا (ع) كان ولده الجواد (ع) في المدينة تابعا له، وهكذا المر في يوم عاشوراء وحتى قبل يوم عاشوراء حيث كان موقف السجاد (ع) هو الانصياع لإمام زمانه. بلى إن بمجرد قتل المعصوم يأتي الإمام الآخر ليكون إماماً لأهل زمانه. فنستطيع القول أن الحسين (ع) لو كان في موقع الحسن (ع) لصالح معاوية.

البعض يظن خطأ أن مزاج الإمام الحسين (ع) كان مزاجاً ثورياً ومزاج الإمام الحسن (ع) كان مزاجاً صلحياً. ومن يعتقد بهذا فهو لم يعرف المعصوم في الحقيقة. إنما الإمام يعمل بوظيفته وواجبه.

وينبغي أن تكون متبعا في كل عصر لإمامك. ولكن من أين نعلم مراد الإمام في المسائل الفقه؟ إن كل ما في الرسالة العملية هو مستند إما إلى دليل عقلي وإما عليه إجماع وإما هو مستند إلى القرآن والسنة. ونعني بالسنة: كلام النبي وأهل بيته (ع). فينبغي لك في زمان الغيبة أن تسلك هذا الطريق المتمثل بمراجع التقليد.

وهنا أريد أن أبث هماً قد شاع في هذه الأيام. إن الرجل إذا تكلم في الطب وهو غير طبيب يقولون له: ما لك والطب..! لا تتدخل في اختصاص الغير. ولكن عندما يأتي الأمر إلى الدين، فإن البعض من الناس يسمح لنفسه أن يدلو بدلوه؛ فيتحدث باسم الدين ويفتي بغير علم. تارة يكون الكلام بين وواضح فلا ضير، وتارة يكون الأمر تخصصياً لا يمكن بحال من الأحوال الإفتاء فيه بغيرعلم. فإن أفتيت بغير علم في مسألة شرعية فسوق تحاسب يوم القيامة حساباً عسيراً. جواب المسألة يعني؛ رأي الدين، ورأي الدين هو رأي النبي وآله (ص)؛ فكن حذراً.

اذاً فالدرس الأول هو الانصياع. ولكن لا بأس في غير الفقه أن يعمل الإنسان بحثاً تأريخياً. فإني أعرف بعض المفسرين ليسوا من أهل العلم بالمعنى المصطلح، ولكنه يقرأ الآية ويراجع التفاسير ثم يبين ما فهمه هو من الآية ولا مانع في ذلك.

رقة الحسين (عليه السلام) في علاقته بالله عز وجل

الدرس الثاني هو رقة الحسين (ع) في علاقته بالله عز وجل. إن علاقة الحسين (ع) كانت أرق ما تكون في كل الأحوال وحتى في ليلة العاشر من محرم. أي ليلة مرت على الحسين (ع)؟ لقد انتهى كل شيء ليلة الحادي عشر وكان الحسين (ع) وأصحابه رضوان الله عليهم مصداق قوله سبحانه: (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي)[٥]. ولكنكم سمعتم في المقاتل ما الذي جرى في ليلة العاشر. فيقال أنه كان لهم دوي كدوي النحل بين مصل وبين تالٍ للقرآن وبين داع لله. وإني لا أشك في هذا المعنى. كيف استبعده وفي خيمة النساء كانت زينب (س) ليلة الحادي عشر تصلي في المقتل؛ فكيف بليلة العاشر والحسين (ع) لازال حياً.

صلاة لا نظير لها في تاريخ البشرية

جميعنا يعلم كيف كانت صلاتنا الحسين (ع) يوم العاشر وكيف دعا للذي ذكره بالصلاة. إنه قد صلى صلاة الحرب والسهام تتوالى عليه من كل حدب وصوب ويبدو أن بعض أصحابه استشهدوا من جراء هذه السهام إما مأمومين وإما مدافعين بصدورهم عن صلاة الحسين (ع). وإنني أكاد أجزم أن صلاة الحسين (ع) لم تختلف عن صلاته عند قبر جده وهو آمن في المدينة؛ أي لم ينقص من خشوعه شيء. أترى كان الحسين (ع) يصلي وفكره في عمر بن سعد؟ أو كان يصلي وفكره في سبي النساء الليلة؟ حاشاه.

وكما أن ضربة علي (ع) يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين؛ فأقول: إن صلاة الحسين (ع) في يوم عاشوراء في الحقيقية صلاة مميزة في تاريخ البشرية. فأي إنسان صلى بهذه الحالة في مثل ذلك اليوم وهو بهذا الإقبال على الله عز وجل؟

الصلاة على فراش المرض

أحدنا قد يتقن صلاته في حال الرخاء فإذا ألمت به مصيبة في المستشفى أو أصبح على فراش المرض إما أن يترك الصلاة رأسا وبدعوى النجاسة، وإما أن يصلي صلاة كيف ما اتفقت. ولهذا إنني أعتب على بعض المؤمنين ممن يعيد صلاته التي صلاها في المستشفى، وأقول له: إن صلاتك في المستشفى هي المقبولة. إنك عندما تئن على الفراش تيمم وصل كيف ما اتفق؛ مضطجعاً كنت أو مستلقياً على ما هو مذكور في الرسالة العملية. صلها ولا تعدها وثق أنها هي المقبولة لأنك معذور.

أقم الصلاة وإن كنت في جمع الغافلين

إن الصلاة شعار المؤمن في الشدائد، وفي الشدائد أنت أقرب إلى القبول. أن البعض نراه في بلاد الغرب في مطار أجنبي يشرب المسكر ويقهقه إلى آخر ذلك لا يستحي من فعله القبيح ولكنك تقول لصاحبك: دعنا نصلي في زاوية، يقول لك: أنا أستحي من ذلك. والحال أنه ينبغي أن تكون شامخاً. فمن موارد الشموخ والعظمة أن تكون في جمع الغافلين وأنت تصلي لله عز وجل ثم لا تبالي بشيء. ولست أريد الانتقاص من أحد ولا احتقار البشر، ولكنك إن كنت في حديقة حيوان مثلا وأردت أن تصلي فهل ستراعي القردة والخنازير وتكترث لأمرهم أم ستصلي بكل توجه؟ إن القرآن الكريم قد وصف هؤلاء فقال: (أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)[٦]؛ إنك في جمع الأنعام وإن كان المقابل إنساناً بحسب الظاهر له وزنه.

لقد رأيت أحد العلماء في المستشفى في غرفة الإنعاش وهو يتمتم إلى أن توفي، فسألت أولاده بماذا كان يتمتم؟ فقالوا: إنه كان مشغولا بالذكر. إنه على فراش الموت وفكره في الذكر وهكذا هو المؤمن.

من دروس سيرة الحسين (ع) الشفقة على المخلوقين. كن شفيقاً ورفيقاً بعباد الله كما بكى الحسين (ع) في يوم عاشوراء لقتلته لأنهم يدخلون النار بسببه. وقد يقول البعض أن هذا المعنى لم يرد في رواية ولكن هناك رواية أخرى مشابهة تدعم هذا المعنى، فيقال أن أمير المؤمنين (ع) في معركة الجمل كانت مصيبته مصيبة حيث كان يقاتل أصحاب رسول الله (ص) بخلاف معركته مع الخوارج فالأمر كان فيها هينا. وفي تلك المعركة دخل الخيمة وبكى على هذه المعركة التي نشبت ورفع هؤلاء السيف أمامه. والحسين (ع) هو شبل علي (ع).

رقة قلب المؤمن

إن المؤمن له قلب مرهف لا بالإنسان فحسب؛ بل حتى بالحيوان. إن القلب الرقيق قريب إلى الله عز وجل. وهناك عبارة ينبغي للمؤمن أن يتخذها شعارا له في الحياة، فنحن كما أمرنا بالتأسي بالحسين (ع)، والتأسي برسول الله (ص) فإننا أمرنا بحسب هذه الرواية أن نتأسى بالله عز وجل، فقد روي عن النبي (ص) أنه قال: (تَخَلَّقُوا بِأَخْلاَقِ اَللَّهِ)[٧]؛ أي كن مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية.

لقد روي أنه: (لاَ صَلاَةَ إلاّ بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ)[٨] ونحن في هذه السورة نذكر أربعة مرات كلمتي الرحمن والرحيم. في البسملة وفي الآية الثانية من هذه السورة. ولهذا عندما تأتينا شكوى من أخت مؤمنة من قسوة الرجل المؤمن أقول أي مؤمن هذا الذي يتلو الفاتحة في الصلاة وهو بعيد عن روحها.

قد يستغرب البعض مما سأذكره ولكن هذا مزاج العشاق، والعاشق لا يتكلم بالمنطق. إن أحدهم زار الحسين (ع) بكربلاء وأخذ يقسم عليه بالأقسام المغلظة وبجده وبأمه أن لا يشفع لشمر يوم القيامة. بالطبع إن هذا الرجل أو شبه الرجل لا تشمله الشفاعة.

إن أباعبدالله (ع) هو رحمة الله الواسعة فهل له نظير في سعة الرحمة؟ نعم. إنني لا استبعد لو أن علياً (ع) شفي من ضربته في اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان أن يطلق أسيره الذي كان يوصي له من الطعام ما كان يوصي لنفسه. ولعله كان يقول له كما قال أخوه المصطفى (ص) للمشركين: اذهبوا فأنتم الطلقاء. إن هذا هو منطقهم وطبيعتهم.

اطلب من الحسين (عليه السلام) بعد أشهر العزاء أن يدخلك في كفالته

إذا حلت الليلة الأولى من شهر ربيع الأول أو ربيع المولود فإن البعض من المؤمنين يخفف من السواد ويزيله منزله، ويقول: إن هذا هو شهر ربيع المولود، وبعد أيام سنستقبل ميلاد النبي (ص) ولا بأس في ذلك ولكن اجعل لنفسك محطة للحديث مع سيدالشهداء وأهل البيت (ع)، قل: يا أبا عبدالله إن الليلة قد أتممنا شهرين من البكاء، وشهرين من الحضور في المجالس وكان فيها زيارة الأربعين. والبعض يزور الحسين (ع) في يوم عاشوراء، فقل لإمامك: تكفلني بكفالتك. لو أتاك يتيم فقال: أنا فقير قد تعطيه شيئا من المال، وإن أتاك وهو مريض تناوله الدواء أو ثمنه، وإذا جاءك عار تعطيه من أثوابك، وإن كان محتاجا إلى أقساط المدرسة تقول له: خذ وخذ وهكذا فإن الأمر لا ينتهي؛ بل يوماً يريد علاجاً ويوما يريد مالاً.

ولكن متى تنتهي مشكلة هذا اليتيم وتقر عينه؟ عندما تتبناه وتتخذه ولدا وتعامله كأولادك. كما صم أبو طالب النبي (ص) إلى أولاده. فعندها لا يسأل طعاما ولا شرابا ولا علاجا فله من يتكفله. فسل إمامك ذلك. وقد تقول: هل أن الإمام الحسين (ع) سيتكفلني؟

ما المانع من ذلك فإما أن يتكفلك بنفسه أو يطلب من ولده المهدي روحي له الفداء ذلك. إذا وصلت إلى الحائر تحت القبة قل: يا أبا عبدالله، إن ولدك يزورك إذا لم يكن في اليوم مرة فعلى أقل التقادير في ليالي الجمع. فأقسم عليك بفلان وفلان – وتقسم عليه بمن تريد – إذا جاء ولدك المهدي (عج) زائرا سله أن يتكفلني. إن البعض بحمد الله أصبح في كفالة وليه فهو عندما ينوي شيئا، ويقدم على شيء لا تتم له الأمور لأن الإمام (عج) أصبح يتدبر شأنه فيصرفه عما يشاء. إن الإمام أمير المؤمنين (ع) كان يقول: (عَرَفْتُ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ بِفَسْخِ اَلْعَزَائِمِ وَ حَلِّ اَلْعُقُودِ وَ نَقْضِ اَلْهِمَمِ)[٩]

[١] عیون الحکم  ج١ ص٢٤٢.
[٢] بحار الأنوار  ج٦٧ ص٢٤٩.
[٣] سورة لقمان: ١٢.
[٤] شرح الأخبار  ج٢ ص٣٦٩.
[٥] سورة الفجر: ٢٩-٣٠.
[٦] سورة الأعراف: ١٧٩.
[٧] بحار الأنوار  ج٥٨ ص١٢٩.
[٨] الصراط المستقيم  ج٣ ص١٩٩.
[٩] نهج البلاغة  ج١ ص٥١١.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • لقد روي عن علي ع (خَادِع نَفسكَ عَن اَلْعِبَادَةِ). إن الشيطان قد خدعنا دهراً؛ فلنخدعه نحن كذلك. لنأخذ منه إجازة لأربعين يوم وليلة. تكبر عليه كما تكبر عليك، وخالفه في كل ما يأمرك به مما هو خلاف الشرع والعقل. ومن تحداه أربعين يوما فإن الله سبحانه يضمن له النجاح.
  • لقد روي أنه: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)، ونحن في هذه السورة نذكر أربعة مرات كلمتي الرحمن والرحيم. في البسملة وفي الآية الثانية من هذه السورة. ولهذا عندما تأتينا شكوى من أخت مؤمنة من قسوة الرجل المؤمن أقول أي مؤمن هذا الذي يتلو الفاتحة في الصلاة وهو بعيد عن روحها.
  • إنني أكاد أجزم أن صلاة الحسين (ع) في اليوم العاشر من محرم لم تختلف عن صلاته عند قبر جده (ص) حيث كان آمنا في المدينة المنورة؛ أي لم ينقص من خشوعه شيء. أترى كان الحسين (ع) يصلي وفكره في عمر بن سعد؟ أو كان يصلي وفكره في سبي النساء الليلة؟ حاشاه.
  • إن أباعبدالله هو رحمة الله الواسعة فهل له نظير في سعة الرحمة؟ نعم. إنني لا استبعد لو أن علياً (ع) شفي من ضربته في ذلك اليوم من شهر رمضان أن يطلق أسيره الذي كان يوصي له من الطعام ما كان يوصي لنفسه. ولعله كان يقول له كما قال أخوه المصطفى (ص) للمشركين: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
Layer-5.png