Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

– (إِلهِي رَبَّيْتَنِي فِي نِعَمِكَ وَإِحْسَانِكَ صَغِيراً، وَنَوَّهْتَ بِاسْمِي كَبِيراً، فَيَا مَنْ رَبَّانِي فِي الدُّنْيَا بِإِحْسَانِهِ وَتَفَضُّلِهِ وَنِعَمِهِ، وَأَشَارَ لِي فِي الآخِرَةِ إِلَى عَفْوِهِ وَكَرَمِهِ..).. إن العبد بعد أن يبلغ ويشق طريقه في الحياة ، ويحوز على بعض المكاسب الدنيوية ، وتفتح له مكانة مرموقة بين الخلق ، فإنه ينسى أيام صغره وما قبلها ، حيث كان جنيناً في بطن أنه ، وينسى أصله حيث كان نطفة قذرة.. ومن هنا الإمام (ع) في ظل فقرات هذه المناجاة البليغة ، يريد أن يذكرنا بما كنا عليه سابقاً.. فمن الذي كان معنا في ظلمات الأرحام ؟.. ومن الذي حوّل هذه النطفة – التي تشبه نطف بعض الحيوانات- ، إلى خلية ملقحة مع بويضة المرأة ؟.. وإذا بها تتكاثر وتتكاثر ، لتشكل خلايا متعددة ، تأخذ كل منها زاوية من الزوايا !.. من الذي ساق هذه الخلية المتشابهة مع باقي الخلايا ، لأن تكون عيناً ، وأن تكون أذناً ، وأن تكون مخاً ..؟!.. من هذا المهندس الذي وزع الأدوار البليغة بين هذه العناصر المتشابهة ؟!.. فإذن، لماذا الإنسان ينسى كل هذا التأريخ ؟!.. ولماذا ينسى تلك اليد المصورة البديعة ؟!.. ومن المعلوم أن رب العالمين في كتابه عندما ينتهي من خلقة بني آدم يصف نفسه بأحسن الخالقين ، إذ يقول تعالى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}..

ثم إن هذا الرب الذي أجرى اللبن السائغ من خلال مجاري الدماء في صدر الأم ، أليس من الأولى أن يُطلب في الشدائد والمحن ؟.. إن الذي أخرجنا من الظلمات إلى عالم النور ، أليس هو أولى من غيره في أن يأخذ بيد العبد إلى شاطئ السلام وشاطئ الأمان ؟.. وهكذا، فإنه من المناسب بين فترة وأخرى أن نستعيد هذا الشريط ، ونتفكر في بديع صنع الخالق وإحسانه تبارك وتعالى ، ولو أمكن النظر إلى بعض التسجيلات العلمية في هذا المجال ، إذ أنه من أرقى صور الإعجاز في عالم الطبيعة والتكوين ما يتعلق بالخلقة الإنسانية.

– (مَعْرِفَتِي يَا مَوْلاَيَ دَلِيلِي عَلَيْكَ، وَحُبِّي لَكَ شَفِيعِي إِلَيْكَ، وَأَنَا وَاثِقٌ مِنْ دَلِيلِي بِدَلاَلَتِكَ، وَسَاكِنٌ مِنْ شَفِيعِي إِلَى شَفَاعَتِكَ..).. أي يا رب، أنا الذي وثقت بلطفك وكرمك وقدرتك في عالم الأجنة ، فلماذا لا تأخذ بيدي وأنا قد دخلت ساحة الحياة بكل ما فيها من تعقيد ؟.. فكما أنك جمّلت هذا الجنين القبيح ، لماذا لا تجمّل هذه الروح ؟.. تدخّل يا رب في أمري !.. استأصل ما فيّ من النوازع الخبيثة !.. يا رب، أمرك بين الكاف والنون ، اجعل من هذه الروح تلك الروح الجميلة التي تلقاك وهي متصفة بالسلامة وليس فيها شيئاً سواك !..

اللهم اجعلنا من الذين يتصلون بك في الدنيا والآخرة بقلب سليم ، إنك سميع مجيب ، وما ذلك عليك بعزيز !..

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.