Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

– (فَاِنْ أَبْطأَ عَنّي عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ ، وَلَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُْمُورِ..)..
في هذه الفقرة من دعاء الافتتاح يشار إلى حقيقة مهمة ، لو التفتنا إلى هذه الحقيقة لحلت لدينا مشكلة من المشاكل ، وهذه المشكلة متمثلة في الشكوى من عدم استجابة الدعاء.. فالعبد يدعو ربه دعاءً بليغاً حثيثاً في جوف الليل ، أو في ساعة السحر ، أو في ليالي شهر رمضان المبارك ، ولكن لا يرى أثراً للإجابة.. وهنا يأتيه الشيطان ليقول له بأنه أين الإجابة ؟.. أين الوعد الإلهي لعبده حيث قال تعالى : {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ} ؟.. وهكذا يوسوس له الشيطان ، وإذا به يتحول الأمر من عدم الإجابة إلى ما هو أسوأ من عدم الإجابة ، ألا وهو الشك في قدرة الله تعالى ، وفي كرمه ، ويعيش حالة من حالات السخط وعدم الرضا بالقضاء الإلهي.

ولكن هذه المشكلة يجاب عليها في خلال هذا الدعاء ، فأدعية أهل البيت (ع) ليس لمجرد الدعاء ، وإنما لذكر مفاهيم كبرى في هذا الوجود..

إن العبد ينظر إلى حياته الدنيا ، إلى هذه السويعات القصيرة في الحياة الدنيا ، ولا يلتفت إلى أن هذه السويعات تقرر مصير الأبد.. إن البلاء الذي يعيشه الإنسان المؤمن في سنة من عمره ، فإنه يتحول إلى نعيم خالد وإلى جزاء لا يخطر ببال أحد في عرصات القيامة.. والإنسان المؤمن طموحه عالٍ ، فهو يريد أن يعيش الأبدية في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. لماذا نتبرم من بلاء قصير في هذه الحياة الدنيا ؟!.. لنكن كما في وصف المتقين لعلي (ع) : (صبروا أياماً قصيرة ، أعقبتهم راحةً طويلة)..

إذن، المؤمن الذي لا يعلم عواقب الأمور ، ولم يكشف له الغطاء ، ولا يعلم ما الذي أعده الله عزوجل لعباده المؤمنين ؛ لماذا يستعجل قضاء الحوائج ؟!.. إذا كان يعلم بأن الله عزوجل سوف يعوضه بما لا يخطر على بال أحد ، فإن هذا الإحساس يوجب له السكينة.. ولهذا امرأة فرعون -وهي امرأة وزوجة شر خير خلق الله- ، كانت تتحمل ذلك التعذيب ، وتطلب من الله عزوجل أن ينجيها من عذاب فرعون ؛ لأنها تعلم ما الذي ادخره الله عزوجل لها ، ويا لها من امرأة صابرة !.. وما يؤكد شدة يقين هذه المرأة ، أنها تطلب من الله عزوجل بيتاً في الجنة ، وهذا البيت يبنيه رب العالمين ، هي تطلب مقام العندية عند الله سبحانه وتعالى : {رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}..

وكم من القبيح أن يعاتب الإنسان ربه ، متهماً إياه بعدم حكمته !.. والعبد قد لا يصرح بهذه المعاني ، إذ لو أجراها على اللسان لوصف بالكفر ، ولكن الكثيرون منّا -من دون مجاملة- في مقام العمل يكفر بالله عزوجل.. وهنيئاً لمن وصل إلى مرحلة التوحيد الشامل الكامل في كل أبعاد وجوده.. رزقنا الله تعالى وإياكم بمنه وكرمه !.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.