Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

– ( وَارْزُقْنَا مِنْ مَوَاهِبِكَ، وَأَنْعِمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلِكَ، وَارْزُقْنَا حَجَّ بَيْتِكَ..).. إن الإمام (ع) عندما يصل إلى ذكر المواهب يخص بالذكر حج بيت الله الحرام ، وزيارة قبر النبي المصطفى (ص) في مناجاته في جوف الليل وهو في شهر رمضان المبارك.. فإذن، إن هنالك بعض الخصوصيات والبركات في زيارة بيت الله ، والتي لا يمكن أن تنزل في غير هذه الحركة المقدسة.. فلو أمكن لإنسان أن يحج البيت ثلاث مرات متواليات ، فقد كتب من ضمن مدمني الحج ، سواء حج أو لم يحج : (مَن حجّ ثلاث سنين متوالية ، ثم حجّ أو لم يحجّ ، فهو بمنزلة مَن يدمن الحجّ)..

أضف إلى أن التوفيق للزيارة فيه كاشفية.. فإن من يوفق لزيارة بيت الله في عمرة أو في حج ، فليعلم بأن هذه من علامات الاصطفاء الإلهي.. وخير ما يُستدل به ما روي عن الإمام السجاد (ع) عندما ذهب إلى مكة ، وقد أجدب أهلها ، وكان حول البيت بعض الداعين ، فقال (ع) : أما فيكم رجل يحبه الرحمن ؟!.. ثم سجد (ع) وقال : سيدي !.. بحبك لي إلاّ سقيتهم الغيث.. فما لبث أن سقوا ماء غزيراً..

فالملفت أن الإمام (ع) لم يسأل الله عزوجل بإمامته ، أو بحسبه ونسبه ، بل بحبه له !.. ولما سئل (ع) : من أين علمت أن الله عزوجل يحبك ؟.. قال: لو لم يحبني لم يستزرني ، فلما استزارني علمتُ أنّه يحبني، فسألتُه بحبه لي فأجابني.

أي أن الإمام (ع) جعل التوفيق إلى زيارة بيت الله من علائم الحب الإلهي.. ومن هنا فإن زيارة البيت من الأمور التي يُؤكد عليها في شهر رمضان ، وفي ليالي القدر ، وفي دعاء الافتتاح.. وما المانع لليائس من زيارة البيت لظرف صحي ، أو مالي ، أو غيره ؛ أن يتمنى هذه الهبة الإلهية وإن كان يائساً ؛ فإن الله تعالى يرزق من يشاء بغير حساب.

– ( وَزِيَارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ، صَلَوَاتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَمَغْفِرَتُكَ وَرِضْوَانُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ..).. نحن عندما نزور قبر حبيبنا المصطفى (ص) ، فإننا لا نزور تراباً ، أو قبراً ، أو ضريحاًً… ، وإنما هذه الزيارة هي توجه إلى تلك الحقيقة المتصلة بذلك المكان ، هذه الحقيقة التي أكسبت هذا المكان الخلود والقداسة.. ومن المعلوم أن ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة ؛ فلا عجب في كون هذا المكان محطاً للطف والإلتفات الإلهي.. فإذن ، نحن عندما نذهب إلى هذه البقاع ، ونناجي تلك الأرواح الحية عند الله عزوجل ، لا نتصل بجماد لا يدرك ، ولا يحس بوجودنا.. فإذا كان الشهيد مرزوق – بنص القرآن الكريم- عند الله عزوجل ، فكيف بنبي الشهداء ؟!.. فكيف بإمام الشهداء ؟!..

ولا شك في أن في زيارة هذه الأماكن الشريفة ، تقديس للمعاني التي كانت مقترنة بتلك الأرواح الشريفة.. وبلحاظ المتأمل نجد أن تقديس الرموز ما هو إلا سنة بشرية في أي مكان وزمان.. ومن هنا وجد ما يسمى بنصب الجندي المجهول ؛ تقديراً لهذا الشخص الذي سقى بدمه أرض الوطن.. ونحن عندما نذهب إلى هذه المشاهد المشرفة ، إنما نقدس ونحيي البطولة والفداء المتمثل بأبي الأحرار وسيد الشهداء الحسين الشهيد صلوات الله وسلامه عليه.

– ( وَارْزُقْنَا عَمَلاً بِطَاعَتِكَ، وَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِكَ، وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ..).. يحسن للمؤمن عندما يزور قبر المصطفى (ص) أن يطلب من الله عزوجل أن يوفقه للاستنان بسنة حبيبه (ص) ، ذلك النبي الذي كان خلقه القرآن ، وكان متأدباً بأخلاق الله ، والذي كان يقول : (أدبني ربي فأحسن تأديبي..).

اللهم اجعلنا من المستنين بسنته ، إنك سميع مجيب !.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.