Search
Close this search box.
  • البكاء على الإمام الحسين (ع)
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
البکاء من الظواهر التي تستحق الدراسة حقیقتاً علی مستوی الأصعدة کلامنا اولا عن اهل البکاء وثانیا عن البکاء التوحیدي ونختم الحدیث حول البکاء الولائي ومنه البکاء علی مصائب اهل البیت علیهم السلام عموماً وعلی مصیبة سید الشهداء علیه السلام بالخصوص.
اولا البکاء هي هذه العملية التي نراها في الظاهر فیها تفاعلات عدة هنالك رصید شعوري في الباطن هذا الرصید هو الذي تبدأ معه العملیة التفاعلیة، هنالك حالة الشوق امرأة فاقدة لولدها قیل لها بأن ولدكِ في الطریق قبل أن تری ولدها دموع الشوق علی وجنتیها.
هنالك دموع الحب من أحب أحداً الآن حباً باطلاً حباً حقیقیاً من حرام من حلال المهم تذکر المحبوب ایضا من موجبات جریان الدمع هذا ایضا مجرب، هنالك بکاء الخوف من یخاف شیئاً الذي یحاکم في المحکمة اللیلة التي ینتظر فیها الحکم ایضا قد یذرف الدمع من باب الخوف لما سیقع الحزن علی الماضي والخوف علی المستقبل.
قلنا هنالك بکاء الفرح ایضا غیر بکاء الشوق الذي یشتاق لم یصل إلی ما یرید بعد أن وصل تجري دمعته ایضا فرحاً هذه الأم قبل أن تجد ولدها تبکي شوقاً وبعد أن وجدت تبکي فرحاً وهنالك خوف المصیبة الانسان المتألم ایضا یبکي؛ انواع من البکاء وهناك بکاء من انواع أخری بکاء النفاق بکاء المستأجرة المرأة التي تبکي طلباً لأمر آخر لا حزناً واقعیاً هذه انواع الحزن البشري.
ننتقل من هذه الالوان المختلفة نطبقها علی الجانب الالهي البکاء المرتبط بعالم الغیب ایضا هذه التقسیمات البشریة تجري برمتها في علاقة الانسان بالله سبحانه وتعالی، بکاء الحب من راجع مناجات المریدین والمحبین لاماننا زین العابدین صلوات الله وسلامه علیه، الامام في هذا المناجات البدیعة یبین أرقی انواع وأرق العلاقات مع رب العالمین، دموعهم سائلة من خشیتك قلوبهم منخلعة من مهابتك حقیقتاً في التراث البشري لا أقول في التراث العربي! في التراث البشري أرق انواع المناجات مع رب العالمین تجدها في خطاب امامنا صلوات الله وسلامه علیه وفي أدبیاته الخالده، اذاً البکاء الحبي ایضا نراه في علاقة العبد مع ربه والذین آمنوا أشد حباً لله؛ صورة امرأة وجه امرأة تجعل انساناً تجعل فتیً یهیم في حبها هذا الحب البشري حب الفانیات مآله الاستمتاع والنظر إلی الجمال هذا الجمال الذي لا دوام له، جمال في منطقة محدودة من الوجه وهو جمال یئول إلی اللاجمال في الحیاة الدنیا هذا یستهوي قلباً انسان إلی حد الهیمان! هناك في اللغة العربیة التعابیر الدالة علی الحب مختلفة القلب المتیم الانسان الهائل غلبة الوجه إلی آخره من التعابیر فکیف اذا تعرف الانسان علی جمال لا نظیر له؟ الجمال الخالد الجمال الذي یترشح منه کل جمالٍ في الوجود، جمال الطبیعة جمال النساء کل انواع الجمال ینتهي أخیرا إلی مسبب ذلك الجمال والذي هو بدیع في خلقته، اذاً أقول هذا البکاء الحبي موجود في الجانب الربوبي، البکاء الخوفي ایضاً یمکن أن تذکره في هذا السیاق الخوف من غضبه طبعه اولیاء الله الکبار خوفهم لیس من النار فحسب خوفهم من اعراض المولی ولهذا قلنا في محله الولي اذا وصل إلی درجة الکمال وکان في طریق المعصوم حتی المکروه یتأنف منه لم؟ لئن في الحرام یخاف من غضب الله عزوجل وفي المکروه یخاف من إعراضه، امامنا زین العابدین علیه السلام عندما وقع صبي في البئر زوجته کانت تبکي عاتبت الامام لماذا لم یقطع صلاته واذا بالامام یقول لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني، المؤمن في علاقته بالله عزوجل یصل إلی درجة یخاف من أن یمیل عنه وجه المولی لیس الکلام في الغضب لیس الکلام في العقوبة لیس الکلام في النار ولا في جهنم یقول خشیتي من اعراض الله عزوجل عني، اذاً بکاء الخوف ایضاً هذا البکاء یعتري المؤمن في علاقته مع الله عزوجل.
بکاء الشوق ایضاً المؤمن اذا تحققت عنده حالة وجدانیة راقیة أحس بحلاوة الحب الالهي یبکي؛ هذا البکاء بکاء فرحي ولکن قبل أن یصل إلی هذه المرحلة العلیا یشتاق إلی هذا الأمر ایضاً تجري عبرته هذه انواع الحب في جانب العلاقة مع الله عزوجل وفي الروایات اشارات کثیرة إلی هذا البُعد امیرالمؤمنین صلوات الله وسلامه علیه یقول بکاء العیون وخشیة القلوب من رحمة الله تعالی ذکره فإذا وجدتموها فأغتنموا، اذا وجدت في قلبك اقبالاً خشیةً بکاءً اغتنم هذه الفرصة لعلها لا تتکرر؛ هذه الروایة منقولة عن النبي الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم عندما طلب النبي الأکرم هذه الخصال من امیرالمؤمنین صلوات الله علیه قال اللهم أعنه؛ هذا التعبیر قلما نجده في روایات النبي الأکرم ومنها الرابعة البکاء لله أن يبكي الانسان بین یدي الله عزوجل یُبني لك بکل دمعة بیت في الجنة، المهم هذه الحالة البکائیة التي یشیر الیها القرآن ایضا خروا سُجداً وبُکیا ویخرون للأذقان یبکون ویزیدهم خشوعا کل هذه الحالات في علاقة العبد مع ربه.
وأخیراً البکاء الثالث قلنا بکاء بشري في فقد الأحبة والأعزة قلنا بکاء توحیدي عند المناجات مع رب الارباب والبکاء الثالث أن یعتصر الألم قلب المؤمن عندما یسمع بما جری علی اهل البیت صلوات الله علیهم أجمعین، کما أن الامام المهدی روحي له الفداء خاتم الأوصیاء سید الشهداء خاتم اصحاب اهل الکساء في ذلك الیوم في یوم عاشوراء من السنة الواحدة والستین للهجرة اهل السماوات والأرضین افتقدوا ذلك الذي کان في عداد اصحاب الکساء الذین أذهب الله عنهم الرجس، اذاً الامام في ذلك الیوم یمثل البقیة الباقية من اصحاب الکساء؛ کل الائمة معصومون کل الائمة ینطبق علیهم عنوان الآل بلا ریب ولکن الخمسة الطیبة آخرهم جری علیه ما جری في ذلك الیوم؛ اذاً هذه القضیة قضیة متجددة، بعض المؤمنین یکفیه أن یتذکر ما جری علی الامام تذکراً بمعنی أنه في خلوة یُخطر علی باله فجاء أرض نینوی هذا یکفي لئن یعیش هذه المصیبة ويبكي بکاء مریراً.
اصحاب الذنوب العظام لابد لهم من توبة بلیغة ! وانتم تعرفون التوبة البلیغة لها مواصفات العزم علی عدم العود أن یبدل الانسان سلوکه أن یکون جاداً في توبته إلی آخره ندامة في القلب ولکن الذي جُعل عِدلاً لهذا الاستغفار یقول الرضا صلوات الله علیه فعلی مثل الحسین فلیبکي الباکون فإن البکاء علیه یحط الذنوب العظام، نفس البکاء یکفي للمغفرة والا لو أستغفر وبکی علی الحسین علیه السلام البکاء هذا زائد علی الاستغفار؛ الاستغفار یبکي، الرضا علیه السلام یرید أن یقرر هذه الحقیقة أن الله عزوجل عندما یری قلباً متألماً لمصیبة سید الشهداء هذا القلب المتألم في حکم القلب النادم کیف تقول في المناجات إلهي إن کان الندم علی الذنب توبة فإني لك من النادمین! حرقة القلب بندم المصیبة هذا کحرقة القلب علی مصیبة الحسین علیه السلام، ولهذا راجع الرسالة العملیة ماذا تقول؟ البکاء من خشیة الله عزوجل في الصلاة غیر مبطل بل موجب لتضاعف الأجر وکذلك البکاء علی سید الشهداء في الصلاة تقرباً إلی الله عزوجل، تقول یارب انا في الصلاة رکوعاً سجوداً قنوتاً تذکرت ما جری علی سید الشهداء تجري دمعتي لأنه اُنتهك حرمة الاسلام بقتل ولیك انا متقرب إليك بالبکاء علی الحسین علیه السلام بکاء علی بشر في الصلاة ولکن الله عزوجل یجعل هذا البکاء في حکم البکاء من خشیته. هنیئاً لمن بکی تارة من خشیة الله عزوجل ذکر الله خالیاً ففاضت عیناه وتارة ذکر مصاب اولیائه ففاضت عیناه ایضاً یا تری من جمع بین الدمعتین بکی علی مصیبة الحسین جرت دمعته فختمها بالبکاء من خشیة الله عزوجل هذا في عداد الفائزین وفي عداد من أخذ الجائزة الکبری في صفقة خالده.

إلهي بحق اولیائك وبحق الصالحین من عبادك اجعلنا ممن نظرت الیه فرحمته اجعلنا ممن یصیب عزاء ولیك الحسین علیه السلام کما تحب وترضی إنك علی کل شيء قدیر والفاتحة مع الصلوات.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.