الآيات (4-9) من سورة الهمزة

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وصلی الله علی سیدنا ونبینا محمد وآله الطیبین الطاهرین
کنا علی مائدة سورة من السور التي فیها اشارة إلی عیب في الباطن هذا العیب الباطني یظهر علی اللسان وهو الترف الباطني؛ الترف والاستکبار والتعالي علی الناس یوجب أن یظهر علی صاحبه بعض هذه العیوب المعروفة کالهمز واللمز، قلنا رب العالمین کسر هذا المعنی في نفوس اصحابها بالقول یحسب (هنا یحسب أي أیحسب همزة الاستفهام مقدرة) أیحسب أن ماله أخلده کلا لینبذن في الحطمة! انسان بیده حصاة لا قیمة لها ینبذها نبذاً یأکل التمر نواة التمر لا تؤکل؛ یأکل التمر واذا بالنواة یقذفها هکذا في مکان ما، النبذ کالرمي عبارة عن القاء الشيء الذي لا وزن له؛ الشيء الذي لا تریده تنبذه نبذاً في سلة المهملات کما یقال؛ القرآن الکریم یقول هذا الانسان الذي کان في دار الدنیا من کبار الأثریاء البعض یقبطه علی ثروته هذا الانسان نرمیه رمیاً في نار جهنم لینبذن لا وزن له کأن هذا الانسان قاذورة یُتخلص منه؛ ولکن لیت هذه القاذورة تُرمی في سلة المهملات یُرمی في الحطمة! الحطمة ماذا؟ عبارة عن نار جهنم التي لا تحرق وانما تُحطم، في الواقع نحن لا نعلم ماذا یجري في نار جهنم ولکن الآیات القرآنیة واقعا مخیفة؛ طعامهم الزقوم طعامهم الضریع طعامهم الغسلین في وقته نذکر ما معنی هذه الأمور، الطعام من قیحهم الطعام من نبات لا یُطاق الزقوم مثلا ومن مواصفات النار أنها تحطم غیر انها تحرق؛ النار عادة تحرق ولکن نار جهنم تحطم الانسان تحطیماً وما أدراك ما الحطمة يعني انتم البشر لا یُمکن وصف نار جهنم؛ کیف لیلة القدر کذلك وما أدراك ما لیلة القدر؟ هذه اللیلة بحد من العظمة لا یمکن وصفها وما أدراك ما الحطمة القرآن یستعمل تعبیر وما أدراك وما یُدریك وبینهما فرق یعني الشيء الذي یُمکن أن یُدری له تعبیر والشي الذي لا یُمکن أن یُدری له تعبیر آخر، وما أدراك ما الحطمة؟ رب العالمین یشیر اشارة نار الله الموقدة؛ اولا هذه النار لیست نار أوقدها البشر أنت في المنزل توقد نارا بشریة ولکن اذا صار بناء جبار السماوات والأرض أن یوقد ناراً ماذا یصنع؟ هذه النار الموقدة التي تطلع علی الأفئدة؛ هنا بحث بین المفسرین یقولون بأن النار تُحرق البدن تحرق الجلد کلما نضجت جلودهم بدلناهم جلواً، أن تحرق النار الجلد ظاهر الانسان هذا معقول ولکن کیف تطلع علی الافئدة باطن الانسان کیف یحترق بنار جهنم؟ هنا جوابان: الجواب الاول المراد بالافئدة لیس القلب الذي لا یری یعني البواطن! النار الدنیا تحرق الظاهر ولکن نار الآخرة تحرق الباطن ایضا تطلع علی الافئدة، المعنی الآخر أنه الهم والغم والحزن والحسرة التي تنتاب علی النار هذا العذاب الباطني عذاب غیر عذاب النار یعني النار تحرق الظواهر الجلود ولکن الهم والغم الذي یدخل قلب الذي في نار جهنم هذا هم وغم باطني اذاً النار مقدمة لعذاب باطني الجلد یُحرق بالنار والقلب یحترق بالحسرة.
وهنا اخواني من أعظم انواع العذاب علی الانسان في عالم البرزخ والقیامة هذه الحسرة الباطنیة أن یعیش الانسان الحسرة علی ما فرط في جنب الله عزوجل، أمضی في دار الدنیا عشرین ثلاثین سنة من المتاع الباطل ولکن في النتیجة یُبتلی بنار جهنم أبد الآبدین أو قل احقاباً یقال الأحقاب لغیر اهل الخلود علی معنی طبعا؛ یکفي أن یقال أنت محکوم بنار جهنم یوماً واحداً ولکن کألف سنة مما تعدون، اذاً المؤمن همه في دار الدنیا أن یتخلص من هذه الحسرة بتقدیم ما علیه، انها علیهم مؤصدة؛ الابواب جهنم مغلقة علیهم یعني لا أمل بالنجاة ولهذا لما یُحکم بالإعدام علی احدهم کم یتألم ولکن اذا قال له القاضي بدلنا الاعدام بالحبس المؤبد یرتاح قلیلاً، یقول ظاهره حبس مؤبد یعني آخره الموت في السجن ولکن في هذه السنوات هناك أمل بعفو من امیر من ملك من فقیه إلی آخره یعني یأمل أن یأتيه فرج ولکن تخیل انسان في نار جهنم وقد اُقفل علیه الباب؛ انها علیهم مؤصدة ابواب جهنم مغلقة علیه ویا لیت العذاب عند هذا الحد في عمد ممددة! النار فیها لیس ناراً بسیطاً نار عمودي في عمود ممدد وهنا یقول العلماء هناك مقابلة جمیلة بین جمع مالاً وعدده وفي عمد ممددة کما کان المال یتصاعد هکذا تتنامی ثروته کذلك عمود النار في نار جهنم ایضاً تتصاعد في عمدد مدده.

اللهم اجرنا من عذابك اللهم ادخلنا الجنة التي حوشها البرکة وعُمارها الملائکة بجاه محمد وآله الطیبین الطاهرین وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمین