Search
Close this search box.
  • إضاءات على حياة السيدة زينب الكبرى (ع)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

إضاءات على حياة السيدة زينب الكبرى (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدة زينب (عليها السلام) صاحبة لواء الحسين (عليه السلام)

الحديث يدور حول سيدتنا زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (ع). هذه السيدة التي رفعت لواء الحسين (ع) في مسيرتها من كربلاء إلى الشام، ومن الشام إلى المدينة. وهذه الحقيقة مستدلة وليست حديثاً خطابياً وهي أن: الإسلام محمدي الحدوث حسيني البقاء. إن الذي يقرأ التأريخ؛ يقر بذلك. وهذه الأيام هناك تحقيقات لدى المستشرقين ويعتقد الغرب والشرق بهذه الحقيقة.

استمرار النهضة الحسينية ببركة السيدة زينب (عليها السلام)

ونحن نقول إكمالا لهذه الكلمة والحقيقة: إن النهضة الحسينية ومشروع الإصلاح الحسيني؛ حسيني الحدوث وزينبي البقاء. النبي (ص) ثم الحسين (ع)، والذي حفظ نهضة الحسين (ع) هي زينب الكبرى (ع). إن السيدة زينب (ع) توصف بالخفرة؛ أي المرأة التي هي في منتهى درجة العفاف. يقول الراوي: (فَلَمْ أَرَ وَاَللَّهِ خَفِرَةً أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّمَا تَنْطِقُ وتُفْرِغُ عَنْ لِسَانِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ)[١]؛ وكأن علياً (ع) قد خرج من قبره. وخطب علي (ع) شهيرة على الألسن.

خطب السيدة زينب (عليها السلام)

وكذلك لو قرأت خطب زينب (ع)؛ ستلمس وجود سياق مشترك بين خطبها وخطب أمها (س). ولهذا من ألقابها الصديقة الصغرى تمييزاً لها عن الزهراء (ع) التي هي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى. والمعروف عن إمامنا موسى بن جعفر (ع) أنه راهب بني هاشم؛ وكذلك المعروف عن السيدة زينب (ع) أنها عابدة آل علي (ع). بالطبع إن عبادة أمها (س) هي العبادة الأولى، ولكنها هي سيدة النساء من بعد الزهراء (ع).

مقارنة بين آسية والسيدة زينب (عليها السلام)

أحدهم يقارن بينها وبين آسية ويقول: أن آسية قالت: (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ)[٢]؛ أي أن آسية ملت من وضعها وطلبت من الله عز وجل أن يخلصها؛ ولكننا نقرأ في خطب زينب (ع) أنها كانت تقول: ما رأيت إلا جميلاً. فهل الذي يرى الجميل يقول: نجني؟ ويعني أن هذا هوخير لي. فلا قياس بين هذه السيدة؛ عقيلة الطالبيين وبين آسية. وإذا أردنا أن نضع يدنا على امرأة مميزة من بعد الزهراء (ع) فهي هذه السيدة الجليلة.

الناطقة الرسمية باسم الإمام زين العابدين (عليه السلام)

إن حكيمة هي أخت الإمام العسكري (ع) وهي عمة إمام زماننا التي تزورونها في سامراء، قالت أن الحسين (ع): (أَوْصَى إِلَى أُخْتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي اَلظَّاهِرِ، فَكَانَ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنْ عِلْمٍ يُنْسَبُ إِلَى زَيْنَبَ سَتْراً عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)[٣]؛ أي كانت جسراً بين إمامنا زين العابدين (ع) وبين الأمة؛ بل إن الأمر أعظم من ذلك فقد كانت حاملة لأسرار إمامنا زين العابدين (ع)، وبتعبيرنا اليوم؛ الناطقة الرسمية. إن الإمام كان عليلاً في الأسر وهذه السيدة رغم أنوثتها وكونها امرأة – وإن كان يزيد وأصحابه ما راعوا حرمة لها – كانت هذه السيدة تتكلم كما تريد في طريقها.

قول الشيخ الصدوق رحمه الله في السيدة زينب (عليها السلام)

رحم الله الشيخ الصدوق؛ هذا العالم الكبير من علمائنا. إن علمائنا هؤلاء يبحرون في روايات أهل البيت (ع) وإذا قال كلمة فإنه يعي ما يقول. يقول الصدوق عنها: إن لهذه السيدة نيابة خاصة عن الحسين (ع) وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام، كما يرجع الناس إلى الفقيه في أيامنا هذه. ولا عجب من ذلك، فهذه السيدة هي تربية رسول الله وفاطمة وعلي والحسن والحسين؛ الخمسة من أهل الكساء (ع). وهؤلاء كانت عيونهم على زينب (ع).

تسميتها من قبل الله عز وجل

عندما ولدت زينب (ع) في زمن رسول الله (ص) لم يدعوا عليا (ع) تأدباً وإنما أتوا رسول الله (ص) لاختيار اسم لها. إنها الحفيدة الأولى لرسول الله (ص) وهي البنت الأولى لفاطمة (ع) وقد فرح بها أمير المؤمنين (ع) كثيرا. ونحن نلاحظ فرح الرجل في زماننا بالحفيدة الأولى هومما لا يوصف. لقد ذهب علي (ع) إلى النبي (ص) وقال له: سمها يا رسول الله، أنت جدها. فما كان من النبي (ص) إلا أن قال: ما كنت لأسبق ربي. هل أنا الذي سأسميها؟ كلا، إن ربي يسميها. فنزل جبرئيل فقال: زينب. لقد اختار لها هذا الاسم. فإذا كان الاسم من السماء؛ فكيف بالرسم وكيف بالسيرة؟

البكاء على مصائبها

ثم قال: (إن من بكى على مصاب هذه البنت، كان كمن بكى على أخوَيها الحسن والحسين عليهما السّلام)[٤]؛ إنهم زمرة واحدة. ولأحد العلماء تعبير جميل وهو: إننا نحن نحب الحسين (ع) ونبكي ونلطم؛ ولكن زينب (ع) أحبت الحسين (ع) حباً لا نظير له، وباعتبار أنه: أحب الله من أحب حسينا؛ فيعني أن الحب الأعظم لله عز وجل هولمن أحب الحسين (ع) ولا يوجد هناك على وجه الأرض شخصية أحبت الحسين (ع) كزينب (ع) أبدا.

وصحيح أن السيدة زينب (ع) هي أنثى ولكن الأنوثة من صفات الأبدان. هناك جسم أنثوي وجسم ذكوري؛ وإلا فإن الأرواح واحدة. إن رب العالمين لا يضيع عمل عامل من ذكر أوأنثى، ولا فرق في التكاليف الشرعية بين الذكر والأنثى. وكلمة خليفة الله في الأرض تنطبق على الأنثى أيضا. إن الزهراء (ع) كما هي سيدة نساء العالمين؛ هي أيضا سيدة الرجال.

عناية أصحاب الكساء بها

إن هذه السيدة كانت تربية هذه الذوات المقدسة، وقد كان لها مجلس في بيتها أيام إقامة أبيها في الكوفة وكانت تفسر القرآن الكريم. تذكر بعض الروايات أنها لما وصلت إلى سورة مريم دخل عليها أمير المؤمنين (ع) فزادها بياناً؛ أي هذه السيدة عندما تفسر القرآن؛ لا تفسره كسائر المفسرين من عامة المسلمين وإنما هي تستقي تفسيرها من صدر أبيها وأمها. ومن هوأبوها؟ إنه باب مدينة العلم. وطوبى للنساء اللواتي كن يحضرن في مجلسها.وللأسف إن من كانت تحت منبرها تستمع إلى تفسيرها قبل سنوات؛ تقف أمامها وهي  تدخل الكوفة وتوصف بالخارجية. كم عز عليها وعلى الموالين في زمانها ذلك؟ إن مصيبتها لا توصف من فقدها لبنيها وفقدها لإخوانها وطريق السبي وإلى آخره. ولهذا من أوسع أبواب الشفاعة والنجاة؛ هي هذه السيدة الجليلة (ع).

ومن اللطائف التي وجدتها في سيرتها أنها قالت لأبيها وهي صغيرة ذات يوم: (يَا أَبَتَاهْ أَ تُحِبُّنَا قَالَ نَعَمْ يَا بُنَيَّ أَوْلاَدُنَا أَكْبَادُنَا فَقَالَتْ يَا أَبَتَاهْ حُبَّانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ اَلْمُؤْمِنِ حُبُّ اَللَّهِ وَحُبُّ اَلْأَوْلاَدِ وَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ لَنَا فَالشَّفَقَةُ لَنَا وَاَلْحُبُّ لِلَّهِ خَالِصاً فَازْدَادَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِهِمَا حُبّاً)[٥] لوأن عندك بنت بهذه المثابة من المعرفة؛ ماذا تصنع بها؟ ومن الطبيعي أن يفتخر علي (ع) بهكذا مولود.

علمها اللدني

من مقاماتها ما ذكره العلماء في كتبهم: أنها رزقت العلم الدني، وعلم المنايا والبلايا. إنها عندما وردت كربلاء والشام؛ كانت تعرف المخطط بكامله. من أين نعلم ذلك؟ من وصف إمام زمانها لها بأنها فهمة غير مفهمة وعالمة غير معلمة. لقد قرأت القرآن وعلمت قصة العبد الذي آتاه الله علماً مما جعل موسى (ع) ينبهر أمامه وما استطاع معه صبراً. إنه الخضر الذي أعطي العلم الدني، وكذلك زينب (ع) كانت في هذا المسير. إننا لا نستبعد أن الزهراء (ع) قبل استشهادها وهي على فراش الموت أن يكون قسم من وصاياها لعلي (ع) بهذه البنت التي رُشحت لتحمل المصائب العظمى.

تقول الرواية: (كانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم تخرج ليلا، والحسن عن يمينها، والحسين عن شمالها، وأمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين عليه السّلام فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن مرّة عن ذلك؟ فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب)[٦]. إن عليا (ع) يغار عليها هذه الغيرة الشديدة ويقول يحيى المازني الذي كان من جيران أمير المؤمنين (ع) في المدينة: (كنت في جوار أمير المؤمنين عليه السّلام في المدينة مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الّذي تسكنه زينب ابنته، فلا – واللّه – ما رأيت لها شخصا، ولا سمعت لها صوتا)[٧].

حرص الحسن (عليه السلام) على مشاعرها

وتذكر الروايات أن الإمام الحسن (ع) عندما كما كان يجود بنفسه ويلفظ ما في جوفه في الطشت ساعة الشهادة، قال: نحوا هذه الطشت فإن زينب (ع) قادمة ولا أحب أن تراني بهذه الحالة. إن أمير المؤمنين (ع) – هكذا ينقل – عندما حمل جريحاً من مسجد الكوفة ترجل لئلا يثير أحزانها.

لقد عثرت على نص تاريخي يكشف عظمة العلاقة بين الإمام وبين أخته. إن إمامنا (ع) في ليلة العاشر ذكر بينه وبين نفسه هذه الأبيات المفجعة:

يا دهر أف لك من خليل
كم لك بالإشراق والأصيل

حزنها على فراق أخيها سيد الشهداء (عليه السلام)

وقد أحست زينب (ع) أن الحسين (ع) ينعى نفسه، وعندما علمت بذلك، قالت كلمة مشجية تحرق القلوب، فقد قالت: اليوم مات جدي وأبي وأمي وأخي؛ أي أنه كان سلوة بالنيابة عن أبيها وأمها وجدها وأخيها، وهوالباقي من أهل الكساء. ثم خرت مغشيةً كما تذكر الروايات ذلك. وهكذا كان حالها ليلة العاشر. يقولون: إن الحسين (ع) جلس إلى جانبها في عصر العاشر، وهي جلست إلى جانبه ليلة العاشر. لقد  جلس إلى جانبها يسليها ولعله بكى وهوبجوار هذه الأخت المفجوعة.

[١] بحار الأنوار  ج٤٥ ص١٦٢.
[٢] سورة التحريم: ١١.
[٣] الغيبة (للطوسی)  ج١ ص٢٣٠.
[٤] زينب الكبرى سيّدة الدارَين  ١٣٦.
[٥] مستدرك الوسائل  ج١٥ ص٢١٥.
[٦] عوالم العلوم  ج١١ ص٩٥٥.
[٧] عوالم العلوم  ج١١ ص٩٥٥.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن النهضة الحسينية ومشروع الإصلاح الحسيني؛ حسيني الحدوث وزينبي البقاء. فالذي حفظ نهضة الحسين (ع) هي زينب الكبرى (ع).
  • وتذكر الروايات أن الإمام الحسن (ع) عندما كما كان يجود بنفسه ويلفظ ما في جوفه في الطشت ساعة الشهادة، قال: نحوا هذه الطشت فإن زينب (ع) قادمة ولا أحب أن تراني بهذه الحالة. إن أمير المؤمنين (ع) – هكذا ينقل – عندما حمل جريحاً من مسجد الكوفة ترجل لئلا يثير أحزانها.
  • من مقامات السيدة زينب (ع) ما ذكره العلماء في كتبهم: أنها رزقت العلم الدني، وعلم المنايا والبلايا. إنها عندما وردت كربلاء والشام؛ كانت تعرف المخطط بكامله. من أين نعلم ذلك؟ من وصف إمام زمانها لها بأنها فهمة غير مفهمة وعالمة غير معلمة.
Layer-5.png