Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

إن الرزق أنواع.. عندما نقول: الرزق؛ يتبادر إلى الذهن: النقد، والذهب، والفضة، والرصيد في البنوك.. والحال أن هذا نوع من أنواع الرزق.. هناك عدة عوامل توجب زيادة الرزق، منها:

– اليقظة بين الطلوعين.. قال أمير المؤمنين (ع): (مَن كانت له إلى ربّه -عزّ وجلّ- حاجةٌ فليطلبها في ثلاث ساعات: ساعة في يوم الجمعة.. وساعة تزول الشمس حين تهبّ الرياح، وتفتح أبواب السماء، وتنزل الرحمة، ويصوّت الطير.. وساعة في آخر الليل، عند طلوع الفجر، فإنّ ملكين يناديان: هل من تائبٍ يُتاب عليه؟.. هل من سائلٍ يُعطى؟.. هل من مستغفرٍ فيُغفر له؟.. هل من طالب حاجة فتُقضى له؟.. فأجيبوا داعي الله، واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس؛ فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض، وهي الساعة التي يقسم الله فيها الرزق بين عباده).

– سورة الواقعة.. قراءة الواقعة ليلا توجب زيادة الرزق، عن رسول الله (ص): (من قرأ سورة الواقعة كل ليلة؛ لم تصبه الفاقة أبدا).

– قيام الليل.. قال الصادق (ع): (إن الرجل ليكذب الكذبة؛ فيُحرم بها صلاة الليل.. فإذا حُرم صلاة الليل؛ حُرم بها الرزق).

– الاستغفار.. قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً}..عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) أنه قال: (مَن أكثر الاستغفار، جعل الله له من كلّ همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب).‏. وعن الصادق (ع) أنه قال: (إذا استبطأت الرزق، فأكْثِر من الاستغفار).

– ترك المعاصي والذنوب.. ما استجلب رزق الله، بمثل ترك المعاصي.. يكتب للرجل رزقا حلالا طيبا، فإذا عصا ربه؛ حرم ذلك الرزق.. حتى أن هنالك بعض النصوص تدل أن الطير إذا غفل عن ذكر الله -عز وجل- يصاد، جاء في رواية عن أبي عبد الله الصادق (ع): (ما من طير يصاد في البر، ولا في البحر.. ولا يصاد شيء من الوحش؛ إلا بتضييعه التسبيح).

إن البعض يقوم بهذه المستحبات، ولا يزداد رزقاً مادياً؛ بل يزداد انتكاسة.. وهو لا يعلم أن الرزق معنى عام جدا، وآخر الرزق هو المال.. أنواع الرزق:

أولاً: الإقبال القلبي.. أهم أنواع الرزق، وأوسع أبواب الرزق؛ الإقبال القلبي.. إذا جاء الإنسان إلى المسجد، وصلى صلاة خاشعة فيها أنين وحنين، ثم خرج من المسجد وأصابه حادث سير، فخسر مائة دينار مثلا.. أين هذه الخسارة، من هذا الإقبال؟..

ثانياً: الزوجة الصالحة.. شاب يقوم الليل، لا تفتح له أبواب المال؛ ولكن يعطى زوجة صالحة.. عن رسول الله (ص): (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله -عز وجل- خيراً له من زوجة صالحة: إن أمرها؛ أطاعته.. وإن نظر إليها؛ سرته.. وإن أقسم عليها؛ أبرّته.. وإن غاب عنها؛ نصحته في نفسها وماله).

ثالثاً: الذرية الطيبة.. البعض يموت فقيرا، ويترك ذرية مطيعة، فلا ينسون يوماً إهداءه ثواب صلاة ركعتين.. والبعض الآخر يموت غنياً، ويترك الأموال الطائلة لذريته، فيتمتعون بأمواله، ولا يذكرونه بركعة واحدة.. عن النبي الأكرم (ص): (إذا مات ابن ادم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له).. إذن، الولد الصالح أيضا رزق.

رابعاً: المال.. ثم يأتي النقد والذهب والفضة.. قال علي (ع): (الرزق رزقان: رزقٌ تطلبه، ورزقٌ يطلبك.. فإن لم تأته أتاك، فلا تحمل همّ سنتك على همّ يومك، كفاك كل يوم ما فيه.. فإن تكن السنة من عمرك؛ فإنّ الله -تعالى جدّه- سيؤتيك في كل غد جديد ما قسّم لك.. وإن لم تكن السنة من عمرك، فما تصنع بالهمّ لما ليس لك؟.. ولن يسبقك إلى رزقك طالبٌ، ولن يغلبك عليه غالبٌ، ولن يبطئ عنك ما قد قُدّر لك).

(رزقٌ تطلبه، ورزقٌ يطلبك).. فما كان من النمط الأول، فإن الرزق يأتي الإنسان كما يأتيه الموت.. بعض الأوقات يسعى الإنسان وراء عمل معين، فلا يجد إلا الخسران.. وبعض الأوقات بعمل بسيط، وإذا بأبواب الرزق تفتح عليه.

(فلا تحمل همّ سنتك على همّ يومك).. بعض الآباء يحملون همّ أولادهم، بالنسبة إلى الجامعة، وهم مازالوا في أول ثانوي.. هذا ليس من سنن الأولياء؛ هذا اسمه طول الأمل.

(فإن تكن السنة من عمرك؛ فإنّ الله -تعالى جدّه- سيؤتيك في كل غد جديد ما قسّم لك).. يقول بمنطق علمي: أنت إما أن تبقى لآخر السنة، وإما أن تموت.. وإذا كان رب العالمين مد بعمرك، فقد قال في كتابه الكريم: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}؛ أي أن الرزق سيأتيك كما قسمه لك.

(وإن لم تكن السنة من عمرك، فما تصنع بالهمّ لما ليس لك)؟.. إن كان المقدر أن لا تبقى؛ فلا تحمّل نفسك همّ سنة لا تأتيك؟..

إن المؤمن يطلب من الله رزقا واسعا، هذا الرزق ما هو: إقبال للقلب، أو زوجة صالحة، أو ذرية صالحة، أو مال وفير.. دع رب العالمين يختار لك ما يشاء، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}؛ فهو يعلم ما يصلحك، وما لا يصلحك.. هنيئا لمن عاش هذا التفويض!..

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.