Search
Close this search box.
  • أبناء الدنيا وأبناء الآخرة
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
الروایات والآیات المتناولة للدنیا کثیره أصلا هي الدنیا في مقابل الآخره تسمی الحیاة الدنیا، الآن دنیا زماناً أو دنیا منزلةً إلأمر ممکن، إلشيء إذا کان سابقا للشيء هذا یسمی دنیا الطابق الأسفل في المنزل طابق أدنی بالنسبة للآخره حیاتنا في هذه الدنیا هذه صفتها دار مجاز دار ممر طریق إلی هدف آخر ومن الممکن أن نجعل الدنیویة من حیث المنزلة فلان انسان عالي وهذا داني، الحیاة الدنیا بالسنبة للآخره دانیة دنیا بل القرآن الکریم یعبر عن الآخره بأنها الحیوان، الحیوان الحیاة الحقیقة حیاتنا في الدنیا کساعة من نهار کأنهم یوم یرونها لم یلبثوا إلا ساعة من نهار! ما قیمة الساعة في حیاتك؟ کیف الساعة تمر بسرعة؟ القرآن یقول کساعة من النهار لئن ساعة اللیل بطیئة ثقیلة وإن کانت مده واحده زمانیاً ستون دقیقة وستون دقیقة ولون ساعة النهار هکذا یتخیل للانسان أنها تمضي سریعاً، عندما نواجه الآخره حیاتنا الطویلة بکل صخبها وضجیجها ولو بلغت القرن من العمر ساعة الموت تری حیاتك السابقة هکذا، سمعت بعض المؤمنین هکذا جائته سکرات الموت وظن أنه میت ولکن بقدرة قادر رجع للحیاة إما طبیاً أُنعش وإما کرامة یتفق، البعض یقول عندما رجعنا إلی الدنیا حقیقتاً رأینا تفاهة حیاتنا السابقة كأنه فلم سریع مر سریعاً من بلوغه إلی موته، ولهذا المؤمن عندما یستحضر هذه الحقیقة یغیر من إستراتیجیة في حیاته کما یقال.
من برکات هذه النظرة أنه لا یُعجب بشيء من الدنیا وما فیها لأنها زائلة لو دخل أفخم قصور الأرض یقول هذا القصر لا یدوم لصاحبه وکفی في ذلك عیباً، ولهذا امامنا زین العابدین یقول إن جمیع ما طلعت علیه الشمس في مشارق الأرض ومغاربها بحرها وبرها وسهلها وجبلها ما بقي شيء عند ولي من أولیاء الله واهل المعرفة بحق الله کفیه الضلال، کیف الضل لا دوام له! تری انساناً یتعارك علی الضل یقول هذا الضل لي الشمس تتحرك هذا الضل ینتفي کیف أن من یعلق قلبه علی الضل انسان مضحك؟ الذي یعلق قلبه علی الدنیا هکذا! طبعا امامنا زین العابدین ذکر قیداً وليٍ من أولیاء الله واهل المعرفة لأنه کما قال جده امیرالمؤمنین عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعینهم! إذاً اخواني اخواتي تصور فنائیة الدنیا حقیقتاً یقلل من بهجة المتاع عندك ولهذا إذا اقبلت علیك الدنیا ورأیت نفسك فرحاً بها اذهب إلی المقابر اذهب إلی المغتسل اذهب للمستشفی تری الناس محل الموت المستشفی والمقبره محل الدفن، إذاً المؤمن هکذا یعید إلی نفسه نصابها بمنقص اللذات الموت ذکر الموت ذکر المقابر زیارة المقابر یعید التوازن للانسان.
النبي الأکرم ایضا في وصف الدنیا إن من في الدنیا ضیف وما في أیدیهم عاریة (عاریة هنا بمعنی إستعاره) رب العالمین أعطاك ما أعطاك إعارةً عندما تستعیر کتاباً من المکتبة تحافظ علی الکتاب عندما تُرجع الکتاب تُسئل! الکتاب ملکك قد تمزقه بلا رقیب وعتید في الإستعاره تحاول أن تکون أمیناً ما في یدك استعاره لأنك ترجع إلی ربك، النبي الأکرم یختم حدیثه بقوله وإن الضیف مرتحل والعاریة مردوده!
رأیت انساناً ایضا هذا النثال لطیف لو أن انسان دخل منزل انسانٍ دخل لیزوره ساعه وبیده کیس تنظر إلی ما في الکیس تری فیه صبغاً وفرشاةً تقول یا فلان ماذا تحمل؟ یقول أرید أن أصبغ الغرفة! یقال أنت مجنون أم عاقل تزور انساناً ساعة وترتب ذلك المکان تصبغه؟ ما لك وهذا المکان؟ أنت ضیف مرتحل، ولهذا بعض الناس ینزل في منزل في سفر في دار ویبالغ فیها ایضا یقال أي عقل لك؟ هذا مکان تنزل فیه أیام لماذا تبالغ في نظافته مثلا؟ النبي الأکرم یقرر هذه الحقیقة لمن کان له عقلٌ،.
امیرالمؤمنین صلوات الله علیه ایضاً لا یذکرنا بفناء الدنیا یذکرنا بحالها دارٌ بالبلاء محفوفة من منکم یعیش شهراً سعیداً؟ إذا عاش شهراً سعیداً في الشهرین والثلاث یأتيه منقص إما مرض في بدنه إما أذیة في باطنه إما أذیً من رحمهِ أو نقص في ماله، أحد المؤمنین اعترف عندنا وقال لا یمر عليَ یوم إلا وأنا فیه مبتلی بشيء الآن یومیا مبالغ ولکن في السنة کم مرة تبتلی! دار بالبلاء محفوفة ولهذا المؤمن لا یعلق قلبه علی هکذا دار، مع کل جرعة شرق وفي کل أکلة قصص لا تنالون منها نعمة إلا بفراق أخری، علمت بعض المؤمنین عندما تُقبل علیه الدنیا حقیقتا قلبه یرتجف یقول یارب لا تؤدبني أخاف أن تسلب نعمة مقابل هذه النعمة، تری فقیرا مستضعفاً ذا صحة وعافیة تُقبل علیه الدنیا یأتینا بعد ایام یقول أصبت بالمرض الفلاني بالمرض الملازم کان فقیرا ولکن معافی صار غنیاً رجع مریضاً هکذا سیاسة رب العالمین مع عباده لا تنالون منها نعمة إلا بفارق أخری.
روایة أخیره المؤمن کما یقال عینه علی الآخره لا یبالي الدنیا أقبلت أم أدبرت! النبي الأعظم صل الله علیه وآله وسلم یقول إن الله یعطي الدنیا من یُحب ویُبغض! نری في الصحافة هذه الأیام الأثریاء الأوائل في العالم أول الأثریاء في العالم ثرواتهم خیالیة تنظر إلی وجوههم تری التعاسة فیها، انسان کافر لا یؤمن بمبدأ ومعاد انسان همه المجون انسان مُفسد في الأرض ولکن ثروته تدیر الدول تنافس هؤلاء في ثروتهم؟ إذاً یعطي الدنیا من یُحب ویبغض، رب العالمین أعطی قارون من الثروات کانت له خزانة والخزانة لها مفتاح هذه لیست اسطوره، القرآن الکریم یقوله مفاتحه تنوء بالعصبة أولو القوة، مفتاح خزانة قارون تحمله الحمامیل ما هذا المفتاح العملاق؟ هذا نص القرآن الکریم! إذا کان المفتاح هذا وزنه فکیف بما داخل الخزانة؟ ولا یعطي الآخره إلا لمن یحب! الآخرة وقف علی أولیاء الله وإن للدنیا أبناء وللآخرة ابناء فکونوا من ابناء الآخره، هنیئا لمن کانت همته وکان همهُ في ما یبقی.

اللهم لا تجعل الدنیا أکبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا متهی رغبتنا أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه والفاتحة مع الصلوات.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.