Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن الإنسان بالدعاء الحثيث لإحراز القابلية، تُمدد له العطاءات المعنوية..
الكلمة:٢
إن الإنسان الذي يصلي صلاة الليل، وهو في قمة انشغالاته المعنوية؛ عليه أن لا يهمل أمر من حوله: سواء الزوجة، أو الذرية، أو الأرحام، أو الجيران، أو المجتمع.. فيشملهم بدعائه ويجعلهم في دائرة اهتمامه..
الكلمة:٣
عندما يدعو المؤمن في حال الشدة، لا يعيش حالة من الخجل والاستحياء؛ لأن هذا هو ديدنه (يدعو في الرخاء والشدة).. فهو ليس عبدا انتفاعيا، لا يدعو ربه إلا في الشدائد..
الكلمة:٤
إن المؤمن يوم القيامة يتمنى لو لم تستجب له دعوة واحدة، لما يرى من التعويض في ذلك العالم..
الكلمة:٥
إن على المؤمن أن يدعو الله عز وجل، أن لا يعطيه من الدنيا، ما يوجب له الانشغال عن الله سبحانه وتعالى..
الكلمة:٦
إن الإنسان عندما يدعو الله -عز وجل-، عليه أن لا ينظر إلى عظمة الحاجة، بل ينظر إلى عظمة المدعو، فهو يدعو رباً عظيماً كريماً، خلق الوجود من العدم، أخرج الوجود من ظلمة العدم إلى نور الوجود..
الكلمة:٧
إن الأدعية أشياء لفظية؛ أي حركة في الفم واللسان والفكين والأوتار الصوتية والخ.. إذا أردت أن يؤثر شيء في شيء، لابد أن يكون من جنسه..
الكلمة:٨
إذا أردت أن يؤثر الدعاء في القلب، لابد أن يكون الدعاء قلبياً.. الدعاء حركة من القلب.. والدعاء طلب، والطلب من حركات القلب، وليس من حركات اللسان.. والعبد إذا دعا ربه وهو لا يعيش الجدية في الدعاء، هذا الدعاء سوف لن يستجاب، لأنه ما تحقق الطلب أبداً..
الكلمة:٩
إن الإنسان ليس ملزماً بقراءة الدعاء من أوله إلى آخره!.. فهذا طعام معنوي، لذا ينبغي اختيار الزمان المناسب للدعاء.. فللزمان تأثيره المادي والمعنوي في تقبل الدعاء وتحققه..
الكلمة:١٠
إن سياسة الشريعة قائمة على التيسير {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، فالنبي (ص) جاء بالشريعة السمحة السهلة.. فإذا أردت أن تستذوق صلاة الليل، وكنت تستكثر الركعات الطويلة بحسب الظاهر!.. حاول أن تكتفي بالشفع والوتر، وحاول أن تُحسن من كيفية هذه الصلاة لا من كمها.. أي في قنوت صلاة الليل، انطلق في الحديث مع الله -عز وجل- من خلال الدعاء المأثور، ثم كلمه بما تُحب.. فهو أقرب إلينا من حبل الوريد!..
الكلمة:١١
لنقل: يا رب!.. نعاهدك على أن نترك الذنوب صغيرها وكبيرها، بعزمة حيدرية، وبعزمة علوية.. ونقاطع أصدقاء السوء الذين يجرون إلى الحرام؛ لأنهم عفن.. والعفن إذا دخل في صندوق فاكهة، فإنه ينتقل إلى الصندوق كله!.. وعندها سنصبح في عالم آخر، ونحتقر هذه المتع الرخيصة.. فهل يبيع الإنسان آخرته بهذه الذبذبات، والقنوات الإباحية، وغير ذلك!..
الكلمة:١٢
إن الإنسان الذي يعتقد بالتعويضات ما بعد هذه الحياة، تهون عليه المصائب.. فالإنسان يأتي يوم القيامة، ويتمنى أنه لو لم تستجب له دعوة واحدة، لما يرى من التعويض العظيم..
الكلمة:١٣
إياك أن تعتمد على نفسك؟!.. فنبي الرحمة (ص) كان يناجي ربه بهذه المضامين: (اللهم!.. لا تسلب مني صالح ما أعطيتني أبداً.. اللهم!.. لا تردني إلى سوء استنقذتني منه أبدا.. اللهم!.. لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً)..
الكلمة:١٤
إن على الإنسان أن يُكثر من دعاء الفرج، فإن في فرجه فرجنا أيضا!.. لذا على الإنسان إذا أدركته الرقة: في قنوتٍ، أو عند الحطيم، أو في شهر رمضان، أو في ليالي القدر، فليكثر من الدعاء لفرجه؟.. لا على نحوِ الترتيل المتعارف؛ إسقاطاً للتكليف، وإنما بحرقةٍ!..
الكلمة:١٥
إن على الإنسان استغلال بعض المحطات الحياتية، في المناجاة الخفيفة مع رب العالمين؛ بكلمات وجدانية بليغة، مستندة إلى ما ورد في التراث الدعائي، أو بأي تعبير كان وبأي لغة كانت.. فكم من الجميل أن يبث الإنسان شكواه لربه، ويتحدث معه!..
الكلمة:١٦
إن القضية ليست قضية دعاء، بل قضية اجتهاد وعمل وسعي.. الدعاء مرطب، ويهيئ الجو المناسب.. أما الذي لا يعمل، ولا يجتهد؛ فهذا دعاؤه لا يستجاب.
الكلمة:١٧
إن أراد الإنسان أن تُقضى له الحوائج، فليعيش الحالة اليونسية.. يونس (ع) في بطن الحوت انقطع بهِ كل شيء، { فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، البعض قد يلتزم بالذكر اليونسي أربعمائة مرة؛ ولكن لا يوجد جواب.. بينما نبي الله يونس (ع) قالها مرة واحدة، فنجاه الله -عز وجل- من الغرق.. السبب في ذلك أن يونس (ع) قالها بالكيفية اليونسية؛ أي بانقطاع وتوجه.
الكلمة:١٨
كيف نحول الصلاة على النبي وآله من شعار إلى شعور؟.. الأمر يحتاج إلى حركة باطنية، حركة مع النفس.. فينبغي للمؤمن قبل أن يصلي على النبي وآله، أن يقف هنيئة مع نفسه، ويستجمع فكره؛ ليصلي على النبي وآله صلاة حقيقية، فيها معنى، وفيها مغزى.
الكلمة:١٩
إنه من المناسب للإنسان الذي لا توجه له بشكل كامل، بدلاً من أن يقول: “اللهم صلِّ على النبي وآله”، ويحتاج إلى خطاب مع الله عز وجل، أن يستعمل هذه الصيغة الجميلة المروية عن الإمام الصادق (ع): (صلوات الله، وصلوات ملائكته، وأنبيائه، ورسله، وجميع خلقه؛ على محمد وآل محمد، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته)..
الكلمة:٢٠
لماذا يكشف الإنسان أوراقه لكل أحد؟.. هب أن الإنسان مبتلى!.. فإن الخطوة الأولى قبل أن يشكو همومه للناس، عليه أن يلتجئ لرب العالمين، كما في دعاء المشلول: (يا جاري اللصيق!.. يا ركني الوثيق!.. يا إلهي بالتحقيق!.. يا رب البيت العتيق!.. يا شفيق يا رفيق!.. فكني من حلق المضيق، واصرف عني كل هم وغم وضيق، واكفني شر ما لا أطيق، وأعني على ما أطيق)!..
الكلمة:٢١
إن كلمة “انتظار الفرج” استعمال شائع في صفوف المؤمنين، الفرق واضح بينَ الانتظار الصادق، وبين الانتظار الكاذب.. بين الانتظار الادعائي، وبين الانتظار الواقعي.. الإنسان الذي يبدي أشواقه من دون عمل؛ هذا الإنسان إنسان لهُ منطق شعري، شاعري، هذا ليس لهُ واقع أبداً.. المنتظر لفرج الإمام -عليه السلام- هو الذي يقوم بدور ما في زمان الغيبة، ولو كان دوراً بسيطاً.. فالانتظار الحقيقي، هو ذلك الانتظار الذي يستتبع العمل.
الكلمة:٢٢
إن على المؤمن أن يكون طموحا، وخاصة عندما يذهب إلى بيت الله الحرام: في عمرة، أو في حج.. فهو في ضيافة الله، وفي بيت الله، وأمام الباب، والحطيم والملتزم والمستجار، فليسل الله -عز وجل- حاجة كبرى، ولا يقتصر على الأمور الدنيوية البسيطة، كالمال والزوجة والأولاد.
الكلمة:٢٣
هنيئاً لمن قال في جوف الليل، أو في موقف من مواقف الخلوة، أو في أرض عرفة، أو تحت قبة الحسين (ع): يا رب!.. كما حسّنت جسمي في عالم التكوين، حسّن روحي في عالم التشريع.. وليس هذا بدعاء، ولكن كما يقول الإنسان عندما ينظر إلى المرآة: اللهم!.. حسن خُلقي كما حسنت خَلقي..
الكلمة:٢٤
إن البعض عندما يمر بثواب الأعمال، ويقرأ بأن هناك أجراً عظيماً لمن قام بهذا العمل البسيط، فإنه يستغرب!.. فالمسألة ليست مسألة قراءة الدعاء، والثواب ليس لمن قرأ، بل لمن دعا!.. والدعاء يكون بتذلل، وفيه معرفة للمخاطَب.. والذي يشك في الثواب هذا متهم بأحد أمرين: بالشك في قدرة الله عز وجل، أو الشك في كرم الله.. إن الله كريم، وقادر.. إذن، لمَ الشك في هذه الأجور الكبيرة؟!..
الكلمة:٢٥
يجب على الإنسان عندما يذهب للمعصوم (ع)، أن يطلب منه إصلاح أمره، ويقلع قلبه عن حب الدنيا، ويفتح له الآفاق المبهمة.. وليطلب منه أن يطلب من ولده المهدي (ع) أن يكون كفيلاً له.. لأنه يتيم، فكلنا أيتام.. واليتيم ليس علاجه بالمساعدات المالية، وإنما يحتاج إلى رعاية، وإلى احتواء نفسي.. فإذا صار بناء الإمام (ع) أن يحتويه في زمان الغيبة، فإنه يفعل فيه الأعاجيب!..
الكلمة:٢٦
إن على المؤمن أن يدعو الله -عز وجل- في جوف الليل -مقدمةً لذلك اليوم احتياطاً- بالدعاء الذي علمه الرسول (ص) لهذا الفتى أثناء الاحتضار، فيقول: يا ربي!.. أنا أقرأ هذا الدعاء النبوي قبل ساعة الشدة-: (يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير واعفُ عني الكثير، إنك أنت الغفور).
الكلمة:٢٧
لا بد أن يكون العبد طامعاً، بل طمّاعاً حيث يقول: (أعطني بمسألتي إياك!.. جميع خير الدنيا، وجميع خير الآخرة).. فإذا كان الكريم بيده المفاتيح كلها، فلماذا النقص في الطلب؟!.. ولماذا اليأس من قضاء الحاجة؟!.. والعبد لا يقول: اللهم أعطني بفضلي، أو بمرتبتي، أو بكرامتي، أو بتقواي.. وإنما يقول: بمسألتي، أي أنا سائل.. والسائل لا يُسألُ عن جنسيته، ولا يُسأل عن وظيفته، ولا عن أصله وفصله.. والسائل إذا كان كاذباً يُطرد، أما إذا كانت عليه علامات الصدق، فيُعطى من دون تحقيق عنه.
الكلمة:٢٨
إن الإنسان إذا أراد أن يدعو الله عز وجل، فعليه أن يقطع النظر عن كل أجرٍ، حتى لو كان ذلك الأجر هو الحور والقصور .. فالذي يناجي رب العالمين، عليه أن يعلم أنّ هذه المناجاة هي تفضل إلهي (أن أذنت لي في دعائك ومسألتك)، وهذه المنّة من أعظم المنن الإلهية.. ويوم القيامة ألا يقول الله عز وجل لعبده: {اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ}، أوَ ليس من الممكن أن يُعدّي الله -عز وجل- هذه المعاملة إلى الدنيا؟!.. فمَن يقول: يا الله!.. وهو غير مأذون فينخرس لسانه -مثلا-.. فهل كان الله عاجزاً عن هذه العقوبة؟!.. ولكن أعتى العصاة في الدنيا بإمكانه أن يقول: يا الله!.. في ساعة الحاجة والشدة.
الكلمة:٢٩
إن هناك دعاء جميلا لموسى (ع) عندما خرج من المدينة خائفا يترقب، ويا ليتنا جميعاً ندعو بهذا الدعاء، في مفترقات الطرق في حياتنا وما أكثرها!.. {قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ}؛ أي أنا لا أعلم سبيلي أين؟.. ومصيري أين؟.. وتكليفي أين؟.. وفي أي بلد أهاجر؟.. وإلى أي جهة آوي؟..
الكلمة:٣٠
(اللهم!.. لا تنزع مني صالح ما أعطيتني.. اللهم!.. لا تشمت بي عدوا ولا حاسدا أبدا.. اللهم!.. ولا تردني في سوء استنقذتني منه أبداً.. اللهم!.. ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً).. لقد كان النبي (ص) وهو المنزه المعصوم، يدعو بهذا الدعاء؛ وهو يبكي!..
الكلمة:٣١
إن الإنسان الذي لا يوقر نداء الله -عز وجل- ولا يسارع إلى تلبية ندائه؛ فلا ينبغي له أن يتوقع الاستجابة السريعة من رب العالمين!..
الكلمة:٣٢
إن التحميد ليس محصوراً بالألفاظ، أي أن يقول الإنسان: الحمد لله -مئة مرة، أو ألف مرة- بل لا بد وأن يقترن ذلك بحالة شعورية من الإحساس بعظمة الرب، وعظيم منّه عليه، وتقصيره بين يدي الله عز وجل.. عندئذ يقع الحمد موقعه من قلب الإنسان؛ فيعيش حالة شعورية من الخضوع والخشوع.
الكلمة:٣٣
إن المهم هو المنافسة في الدرجات، البعض همته أن يدخل الجنة هذا جيد، ولكنها همة نازلة، أما أن يعيش الأبدية في جوار النبي وآله هذا أمر آخر!.. وعليه، في مواطن الاستجابة؛ فليسأل الإنسان ربه أن يجعله في درجات وفي زمرة النبي وآله (ص)..
الكلمة:٣٤
إن العبد يطلب من ربه في ساعات الاستجابة العافية.. فالإنسان وهو معافى، عليه أن يدعو لإدامة العافية؛ وهذا مؤثر في دفع الأمراض..
الكلمة:٣٥
إن هناك دعوة في روايات أهل البيت (ع) لتكفير السيئة عن طريق الإتيان بالحسنة.. إذ أن هناك فرقا بين إنسان يخطئ فيستغفر الله، وبين إنسان يخطئ ولكنه يتبع السيئة بالحسنة..
الكلمة:٣٦
من يوفق للعمرة أو للحج، فليذهب تحت الميزاب أو إلى الحطيم بين الباب والحجر، وليطلب من الله -عز وجل- أن يبعثه بعثا جديدا، فيقول: يا رب، كما بعثت نبيك -صلوات الله عليه وسلامه- بالرسالة، ابعثني بعثا جديدا، أنا لست بصاحب رسالة، ولكن اجعلني من أتباع هذه الرسالة في بعث جديد..
الكلمة:٣٧
إن المؤمن بهذه الصيغة من المناجاة، يقول: يا ربّ، نفوسنا غير شريفة، نطلب منك أولاً أن تعطيها القابلية، ثم تعمل فيها الفاعلية.. هذه مناجاة فلسفية، لا تبكي؛ ولكنها مناجاة في الصميم..
الكلمة:٣٨
علينا جميعا أن يكون لسان حالنا شباباً وكباراً: “ويلي”!.. هذه العبارة ليست خاصة بكبار السن، حتى الشاب لا بدّ أن يقول هذه العبارة في مناجاة الليل: (ويلي!.. كلما طال عمري، كثرت خطاياي ولم أبك.. أما آن لي أن استحي من ربي)؟!..
الكلمة:٣٩
إن اليقين بكرم الله -تعالى- وحسن الظن به، من دواعي إجابة الدعاء، فقد أمرنا حين الدعاء: أن نظن أن حاجتنا بالباب.. فلنتصور مدى يقين من يرى أن حاجته بالباب، ولا يفصله عنها إلا المفتاح الصغير الذي يفتح به الأبواب الكبيرة.
الكلمة:٤٠
لا ينبغي أن يحصر الإنسان طلبه من الله -تعالى- بالحوائج الكبيرة، فإن الله -تعالى- أمر نبيه موسى (ع) أن يسأله كل ما يحتاج إليه، حتى علف شاته وملح عجينه.. ومن الواضح أن هذا تعويد على كثرة الارتباط بالله تعالى، والرجوع إليه في كل صغيرة وكبيرة؛ لئلا يرى العبد نفسه مستغنيا عن ربه في مرحلة من مراحل حياته، وهذه أولى خطوات الطغيان!..
الكلمة:٤١
ينبغي أن يكون العبد في هيئة مناسبة للدعاء من: التطيب، واستقبال القبلة، والتطهر، ودفع الصدقة، والإقبال بالقلب، والبكاء أو التباكي، وتكرار الدعاء إلى حصول الإجابة، وتقديم الأخوان، والتعميم في الدعاء.. فما المانع أن يدعو العبد ربه بصيغة الجمع، بدلا من صيغة المفرد، وهو لا يكلفه إلا تغيير الضمير في عالم اللغة؟..
الكلمة:٤٢
إن الاستعاذة الحقيقية، ليست مجرد ألفاظ وتمتمات ترد على اللسان وحسب!.. بل على الإنسان أن يتحرك ويهرول ويطرق باب الحصن، ويصرخ ويصرخ ويستنجد، حتى يلج الحصن ويأمن من الوحوش المفترسة؛ وإلا فلو ظل يتمتم في محله لن يجد نفسه إلا في جوفها!..
الكلمة:٤٣
نحن -مع الأسف- لكثرة تكرار شعار الصلوات والأدعية، فإنه لا نعيش الحالة الشعورية، وإنما نكتفي بالحالة الشعارية.. فالإنسان عندما يصلي على النبي (ص)، يجب أن يكون مستحضراً بفكره وبقلبه، بأنه في حالة خطاب مع الله عز وجل، وأنه يخاطب سميعاً بصيراً حكيماً.. وعليه أن يدرك أن عدم الالتفات في الدعاء؛ يعد من سوء الأدب مع الله عز وجل.
الكلمة:٤٤
من وظائفنا في زمان الغيبة: الالتجاء إلى الله -عز وجل- بالدعاء بالثبات على الدين، والسلامة من فتن آخر الزمان، حيث الابتلاء بالشهوات والشبهات.. وهنا أمرنا في زمان الغيبة ببعض الأدعية، ومنها دعاء الغريق، وهو أن يقول المؤمن: (يا الله !.. يا رحمن !.. يا رحيم !.. يا مقلّب القلوب !.. ثبّت قلبي على دينك).. غير أنه لا يعني ذلك الاكتفاء بالدعاء فحسب، وإنما يلزم المؤمن السعي في تحصين نفسه: تكامل في الروح، والفكر، والعقيدة؛ مثله مثل الإنسان الذي يطلب الرزق، ويسعى جاهداً في تحصيله.
الكلمة:٤٥
إن الله -تعالى- يحب من عبده، أن يسأله في كل أموره.. ومن المعلوم أن التعود على ذلك، من موجبات القرب من الله تعالى.. فما المانع لو ألم بالمؤمن حاجة، أن يصلي ركعتين، ويصلي على النبي وآله، ثم يطلب حاجته؛ فإنها تقضى إن شاء الله، كما ورد في الحديث عن الصادق (ع).. وما المانع أيضاً أن يتضرع العبد لمولاه عقيب كل فريضة، ويسأله ما يريد؟.. فالله -تعالى- كريم، وحاشا أن يرد حاجة عبده المؤمن!..
الكلمة:٤٦
لا شك في أن من طلبات المؤمن الكبرى في دعائه، هو أن يزكي ذاته.. فبإمكانه أن يروض نفسه، ويصل إلى مبتغاه بالسبل المشروعة، لا كما يفعل المرتاض في الهند في صومعته المزعجة، حيث يقف على الزجاج والشوك وما شابه ذلك.. أو يضع بذرة في التراب، ويقف في الشمس حتى تنمو هذه البذرة!.. إن الإنسان المؤمن في مكان مريح؛ يحصل على ما يريد.. فهذا موسى(ع) {تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}.. ويطلب من ربه شرح الصدر: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي}.
الكلمة:٤٧
إن الدعاء بصيغة الجمع، هذه الحركة البسيطة، التي لا تكلف الإنسان إلا إضافة حرف واحد بدل أن يقول: (أعطني) يقول: (أعطنا)؛ تفتح عليه آفاقاً من أبواب العطاء والرحمة الإلهية؛ لأنه أشرك إخوانه المؤمنين معه في الدعاء.
الكلمة:٤٨
أين نحن ومضامين دعاء كميل؟… لو كانت هذه الفقرة (وَبِعِزَّتِكَ الَّتي لا يَقُومُ لَها شَيءٌ) شعاراً للأمة الإسلامية؛ لما قاومهم شيء، ولما وقف أمامهم شيء.. مضامين دعاء كميل، أسسٌ لحياة الأمة والفرد معاً.
الكلمة:٤٩
لأن الله -تعالى- بصير بعبده، فيجب على المؤمن أن يدع رب العالمين يدبر أموره.. فمادام الله بصيراً، فهو يعلم أن هذه الشهوة هل تشغل الإنسان عن الله عز وجل؟.. وهل يتحول إلى حب للشهوات، أم أنها شهوة غير ملهية؟.. فإن زوي شيء من متاع الدنيا، فعلى المرء أن لا يقلق لذلك.
الكلمة:٥٠
“إن الله -عز وجل- إذا رأى عبده في مقام المدح والتملق، وإن كان كاذباً؛ يقبله منه.. هو في مقام التملق يقول: (إلهي وربي)!.. هذه الفقرات من دعاء كميل، يصدق من أمير المؤمنين -عليه السلام- وإلا أحدنا يقول: (فَهَبْني يا إلـهي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبّي!.. صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ، فَكَيْفَ اَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ)؛ هذا الكلام كذب صريح لغير أمير المؤمنين وأمثاله.. ولكن الإنسان يتظاهر بهذا الكلام، ليثبت ذلته وتملقه وحبه للدرجات وإن لم يصل إليها، وشعارنا جميعا: أحب الصالحين ولست منهم *** لعل الله يرزقني صلاحا”
الكلمة:٥١
إن المؤمن قبل أن يدعو بدعاء، من المناسب له أن يطالع ويتأمل في ذلك الدعاء: أولا: معرفة الألفاظ المشكلة في الدعاء، كدعاء السمات مثلا، وهو دعاء من الأدعية التي فيها كلمات مشكلة وألفاظ مبهمة.. ودعاء الصباح كذلك من الأدعية التي فيها كلمات تحتاج إلى توضيح، فعليه أولا معرفة الكلمات المشكلة.. ثانيا: معرفة سبك الدعاء، أي من أين يبدأ الدعاء؟.. ومن أين يُختم؟.. وما هو المتن؟.. وما هو الهدف من الدعاء؟..
الكلمة:٥٢
أن يبقى الإنسان معافى إلى ساعة الموت؛ نعمة من النعم، {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ}.. فالإنسان ينكس في العمر لا بأس به، ولكن أن يبتلى بالخرف!.. فسألوا ربكم أن لا يسلب منكم نعمتين، أولها: الالتفات الشعوري إلى الموت، والثانية: أن لا يحتاج إلى معونة الغير في أواخر عمره!..
الكلمة:٥٣
إن عبارة: (اِلـهي وَمَوْلايَ)!.. كلمتان لو قالهما الإنسان في أحلك الظروف، لانتهى الأمر؛ فلا يحتاج إلى دعاء إضافي.. لأنه إذا اعتقد أن الله -عز وجل- مولى له؛ فإن ذلك يعطيه كمال الاطمئنان، وكمال الارتياح.
الكلمة:٥٤
إن على الإنسان في دعاء كميل، أن يطلب من الله -تعالى- أن يعينه على هذه الرعية: رعية الشهوة والغضب، ويعينه أيضاً على تمردها.. فهنالك رعية تتمرد، وهي رعية الشهوة والغضب.. وهنالك سلطان آخر في مقابل سلطان العقل أيضاً، هذا السلطان المنافس يخشى على الرعية منه؛ ألا وهو الشيطان، فهو له دور في تقويض دعائم هذه المملكة الباطنية.
الكلمة:٥٥
إن هناك فرقاً بين أن يطلب الإنسان حاجته من الله ورسوله وأوليائه، وبين إنسان يطلب حاجته من أهل الدنيا، وخصوصا لئام الخلق.. فالإنسان الذي يطلب الحاجة من لئام الخلق، هذا سيء!.. والإنسان الذي يطلب الحاجة من كرام الدنيا، هذا لا بأس به!.. أما الإنسان الذي يطلب حاجته من رب العالمين، فهذا جيد!.. ولكنْ هناك فرق بين أن يطلب الإنسان ربه ويدعوه لأجل قضاء حوائجه، وبين أن يتخذ الإنسان الحاجة والمسكنة وانكسار القلب ذريعة، ليس فقط لقضاء الحوائج، بل أيضا ذريعة للأنس بربه والكلام مع ربه.
الكلمة:٥٦
إن الدعاء للغير من موجبات الاستجابة، ولهذا يقال: إذا أردت أن يقضي الله -عز وجل- لك حاجة، قدم حوائج الإخوان قبل حاجتك.. عن أبي عبد الله (ع): (مَن دعا لأخيه بظهر الغيب، وكّل الله به ملكاً يقول: ولك مثلاه).
الكلمة:٥٧
بدل أن ندعو فقط للخلاص من نار جهنم، لماذا لا ندعو للخلاص من العلل التي تسوقنا إلى نار جهنم؟.. فالإنسان قبل أن يطلب من الله -عز وجل- أن يخلصه من نار جهنم، يطلب أولاً من الله -عز وجل- أن يعينه على ما لا يجعله من الداخلين إلى النار، وهنا الشجاعة والفخر والبطولة!..
الكلمة:٥٨
إن الإمام (ع) في أول دعاء كميل، يبدي معرفته بالله عز وجل، فيسأله: برحمته، وبعزته، وبسلطانه، وبأسمائه، وبعلمه.. فهو يلتفت إلى الرب أولاً، ثم يلتفت إلى نفسه ثانياً، ويذكر أنواع الذنوب في حياة الإنسان.. فإذن، إن المؤمن في دعائه مع رب العالمين، يراعي هذا الترتيب!..
الكلمة:٥٩
يقول (ع): (اَللّهُمَّ!.. اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ)؛ ولكن الإمام لم يذكر ماهية هذه الذنوب، كان بإمكانه أن يقول: (اللهم!.. اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، وهي: عقوق الوالدين، أو النميمة مثلاً).. نحن نعتقد أن نفس الإبهام في آثار الذنوب أمر مطلوب، والإمام لم يذكر ذنباً خاصاً يهتك العصمة، ولا ذنباً خاصا ينزل النقمة.. فالإنسان احتياطاً يحاول أن يجتنب كل هذه الأمور.
الكلمة:٦٠
إن الذنوب على اختلاف أشكالها وألوانها ذنوب مدمرة، يقول الإمام (ع): (اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ)!.. يقال في اللغة العربية: الجمع إذا أضيف له (الـ) فإنه يفيد العموم.. (اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ)؛ أي لا تدع لي ذنباً إلا غفرته.. لعل السبب في أن الإمام لم يذكر هذه الذنوب، حتى يخاف الإنسان من كل ذنب، فيقول: ربما هذا الذنب يحبس الدعاء، وربما نفس الذنب يهتك العصم، ومن الممكن أن نفس الذنب ينزل النقم.. وعليه، فإن المؤمن يظل خائفاً دائماً.
الكلمة:٦١
إن الإمام (ع) في دعاء كميل، ليس في مقام بيان خطبة الجمعة، أو حديث حول المعاصي والذنوب، إنما المقام مقام إجمال.. فإذن، إن الإمام لم يفصل؛ لأن هذا هو المطابق للبلاغة، هو في مقام الدعاء.. وبالتالي يذكر العناوين العامة للذنوب والمعاصي.
الكلمة:٦٢
إن البعض قد يستنكف عن قراءة دعاء كميل ليلة الجمعة، والسبب في ذلك أن وقته ضيق.. فمن قال بأنه عليك أن تقرأ الدعاء من أوله إلى آخره؟.. بإمكانك أن تقرأ قسماً من الدعاء عند ضيق الوقت، مثلاً من فقرة: (اَللّهُمَّ وَمَنْ أرادني بِسُوء فَاَرِدْهُ) إلى آخر دعاء كميل، كلها مضامين عالية.. وكذلك فإن النتيجة والثمرة النهائية، موجودة في هذه الفقرة وما بعد: (وَاجْعَلْ لِساني بِذِكْرِكَ لَهِجَاً، وَقَلْبي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً، وَمُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجابَتِكَ) إلى أن تقول: (وَاجْعَلْني مِنْ أحْسَنِ عَبيدِكَ نَصيباً عِنْدَكَ، وَأَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ، وَأخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ…الخ).
الكلمة:٦٣
إن الدعاء من العناصر المهمة، لصلاح الأبناء.. فالمرأة عندما تتزوج، عليها أن تلهج بهذه الآية: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.. ليس فقط قرة أعين، ليس فقط مؤمن متقٍّ {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، والذي يُكثر من الدعاء صباحاً ومساءً: في تقلباته، في قنوته، في سجوده.. فإن رب العالمين ليس ببخيل، وأنت تطلب طلباً راجحاً لا تطلب مالاً، تطلب من الله -عز وجل- أن يُمد وليه المهدي (عج) بمن يكون له عضداً وناصراً.
الكلمة:٦٤
إن مَن أمكنه أن ينصر الإسلام بعلمه وبلسانه، وأن يكون مرجعاً من مراجع المسلمين؛ ولكنه عدل عن ذلك، وأصبح تاجرا، ليخدم الحوزة والإسلام بماله؛ فهو ما زال في الطريق العام، ولكنه ترك السبيل الأفضل.. فمن المناسب جداً أن يطلب الإنسان من ربه أن يريه أقرب الطرق إليه، وأن يقطع عنه كل شيء يقطعه عنه، وإن كان ذلك الأمر أيضاً محبوباً.. فما دام هذا الخير يصد العبد عن الخير الأعظم، فليس هذا بخير واقعاً.. إنه خيرٌ في حد نفسه، ولكن ليس بالخير المطلق، وليس بذلك الخير الذي ينبغي أن يصبو إليه الإنسان.. وعليه، فإن على الإنسان أن يكون دعاؤه في جوف الليل، وغير جوف الليل، وفي ساعات الاستجابة: (اللهم!.. أرنا الأشياء كما هي).
الكلمة:٦٥
إنه ينبغي للمؤمن الدعاء والإلحاح على الله -تعالى- في أن يهبنا رقة في القلب، ويشرح صدرنا للدين القويم.. كذلك ندعوه -جل شأنه- أن يرزقنا رحمة وتحننا، كما وهبها لأنبيائه (ع): كنبي الله نوح (ع)، الذي دعا لولده وأهله رغم عصيانهم.. وكذلك يحيى (ع)، الذي وهبه الله حنانا ورقة قلب، بفضل أعماله الصالحة، وبره بوالديه، وعدم تكبره وتطاوله على الذات المقدسة.
الكلمة:٦٦
إن الإنسان إذا أراد أن يدعو الله عز وجل، فعليه أن يقطع النظر عن كل أجرٍ، حتى لو كان ذلك الأجر هو الحور والقصور .. فالذي يناجي رب العالمين، عليه أن يعلم أنّ هذه المناجاة هي تفضل إلهي (أن أذنت لي في دعائك ومسألتك)، وهذه المنّة من أعظم المنن الإلهية.. ويوم القيامة ألا يقول الله عز وجل لعبده: {اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ}، أوَ ليس من الممكن أن يُعدّي الله -عز وجل- هذه المعاملة إلى الدنيا؟!.. فمَن يقول: يا الله!.. وهو غير مأذون فينخرس لسانه -مثلا-.. فهل كان الله عاجزاً عن هذه العقوبة؟!.. ولكن أعتى العصاة في الدنيا بإمكانه أن يقول: يا الله!.. في ساعة الحاجة والشدة.
الكلمة:٦٧
إن على المؤمن أن يحاول الاستقلال في المعاش.. فالقلب المضطرب بلقمة العشاء، وبتأدية الديون، وما شابه ذلك.. لا يتوجه بالعبادات.. فعلينا أن نسأل الله -تعالى- العافية، والكفاف، والاستغناء.. ونقول كما في الدعاء: (اللهم!.. لا تحوجني إلى لئام خلقك)!.. فقول العبد: لا تحوجني إلى خلقك، فهذا خطأ غير مقبول.. بل ليقل: لا تحوجني إلى لئام خلقك.
الكلمة:٦٨
إن الإنسان من الممكن أن يقوم بعملٍ يغيظ مؤمناً -فالذي آذى مؤمنٌ، والذي أوذي أيضاً مؤمن- فمن الممكن أن ذلك الذي قد ظلم، يرى بأن حل المشكلة أن يشكو أمرك إلى الله عز وجل.. وعلى كافة المؤمنين والمؤمنات، ألا يستعجلوا بالدعاء على مؤمن يحمل نور ولاية أهل البيت (ع).. ولكنه إذا دعا وأوكل الأمر إلى الله عز وجل، فإن الله سريع الانتقام، ومن الممكن أن يحل عليك غضبٌ لا أول له ولا آخر، فاحذر دعوات المؤمنين، وخاصةً في جوف الليل، وفي صلاة الليل، وخاصةً في الركعة الأخيرة.. إذا رماك مؤمن بسهمٍ من سهام الليل، فاحذر هذا السهم فإنه قاتل.
الكلمة:٦٩
إن المؤمن إذا كانت له حاجة إلى الله عز وجل، فبإمكانه أن يطلب تلك الحاجة بإلحاح.. وفي بعض الحالات، يرى بأنه من الراجح لما هو فيه من الضرورة، أن ينذر نذراً أو دعاء.
الكلمة:٧٠
إن اللاهوية واللاانتماء من أعظم المشاكل!.. فهناك طبقة من الناس يعيشون في بعض المجتمعات لا جنسية لهم، أي لا يحملون وثيقة ذلك البلد، أو أي بلد آخر.. إن هؤلاء -حتى لو كانت أوضاعهم المادية جيدة- يعيشون حالة القلق والاضطراب؛ لأنه لا انتماء لهم.. والإنسان الذي لا انتماء له مع عالم الغيب، كالإنسان الذي لا يحمل جنسية في هذه الأرض، ونتيجته أنه أينما يذهب ينظرون إليه بعين الريبة والشك.. فإذن، الاتصال بالمبدأ الأعلى، أي الارتباط الصادق.. ولكن أن يدعي الإنسان بأنه مرتبطٌ بالله من خلال شعرٍ، أو نثرٍ، أو ادعاء حالة عبادية، فهذا لا ينفع للارتباط الحقيقي.
الكلمة:٧١
إن الاستغفار وِردٌ دائم للمؤمن، إذ أنه قاطعٌ بأنه لا يؤدي حق المولى كما يريده في كل لحظة من لحظات حياته.. وبذلك تنقلب لحظات الحياة عنده إلى لحظات متكررة من التقصير مع الحق أو الخلق أو كليهما، ومن هنا يتعيّن الاستغفار المتواصل، مقترنا بالجدية والإنابة، لا إسقاط التكليف فحسب!..
الكلمة:٧٢
إن المؤمن يسأل الله -عز وجل- أن يجعله من مصاديق صدر هذا الحديث: (من سنّ في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً).. وألا يجعله من مصاديق تتمة الحديث: (ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا).
الكلمة:٧٣
إن المعادلة هي في النظرة الإلهية للأشياء، فلنحاول أن نستجلب هذه النظرة.. نحن في عالم الطبيعة ننكر الطفرة: حيث هناك تدرج، فليس هناك موجود حيواني في فترة زمنية قصيرة، يصبح حيواناً آخر.. ولكن في عالم الأرواح، الطفرة ليست ممكنة، بل هي ثابتة في حياة الأمم، وفي حياة الأفراد.. فموسى (ع) ذهب ليقتبس ناراً لأهله، فرجع نبياً، نودي: {أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.. وكذلك بلقيس جهزت جيشاً لقتال سليمان (ع)، فأصبحت مؤمنة به.. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (كن لما لا ترجو، أرجى منك لما ترجو)!.. وبالتالي، فإن المؤمن يسأل ربه الطفرة في عالم الأرواح، فهذا ممكن جداً، ألم يتب ذلك العاصي لمجرد سماعه هذه الآية الكريمة: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}؟!..