- كلمات قصيرة
- » الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
- » كيفية الامر والنهي
الكلمة:١
إن الغربة التي نعيشها هذه الأيام جميعاً رجالاً ونساءً، طريق معالجتها هو: التغلغل في النفوس، ومحاولة تبديل طريقة الأمر والنهي، والتحكم، وإصدار الأوامر والقرارات؛ إلى طريقة النفوذ في لب العباد.. وعندئذٍ نرى كيف أن جوارح الخلق تنساق إلينا بعد إن ملكنا جوانحها..
الكلمة:٢
يلاحظ أن في روايات أهل البيت (ع) حالة من المنطقية، واستعمال العقل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فالردع يأتي أحياناً من خلال التخويف بعذاب جهنم وما شابه ذلك -وطبعاً هذا يحتاج إلى يقينٍ عالٍ- فإن التذكير بعقاب النار، أو بنعيم الجنة، لا يؤثر في كل الأفراد.. ولكن الأسلوب المنطقي، أسلوبٌ مؤثر لكل ذي لب.
الكلمة:٣
إن أخطاء أولياء الأمر في طريقة الوقوف أمام المنكر تؤجج نار الفتنة، فمن الأخطاء الشائعة: أسلوب الوعظ المباشر المقرون بالزجر، وخاصة فيما لو رأى الطرف الآخر أنه أرقى ثقافة ووعيا من الواعظ؛ فإن الرد التلقائي هو رفض النصيحة، من منطلق رفض الناصح نكاية به!.. وهذه مرحلة خطيرة، حينما يربط الفرد المتمرد بين النصيحة والناصح، فيتحدى الطرف الآخر من خلال رفض قوله وإن كان حقا.. وتزداد المسؤولية في هذا المجال على من ينتسب إلى الدين -ولو لم يكن عالما- فإنها خيانة عظمى للرسالة التي يحملها!..
الكلمة:٤
إن من الأخطاء الشائعة أثناء محاربة المنكر: عدم وضع حدود واضحة بين الحرام والمكروه، وبين الواجب والمستحب.. فإن الردع المماثل في جميع تلك الصور، يذيب الحدود بينها.. فلا بد للمربي الصالح من أن يلقن من بيده من الرعية: أن هناك خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها، ولا بد من إظهار شيء من الحزم في هذا المجال، مقابل اللين فيما ينافي مزاجه من دون أن يصل إلى مستوى الحرام.. ولا ينبغي إنكار حقيقة أن كثيرا من صور الردع والغضب، تعود إلى الذات لا إلى الانتصار لدين الله تعالى.
الكلمة:٥
كم من القبيح أن يرى الإنسان عيوب غيره، ولا يرى عيب نفسه!.. وعليه، فإذا أراد الناصح أن يكون وجودا مؤثرا في المجتمع، فلا بد له من التلطف في القول، فإن الله -تعالى- أمر نبيه موسى (ع) بذلك، مقابل أعتى فراعنة الزمان.. ولكن هل نحن كذلك مع من حولنا، وخاصة مع الأحداث المراهقين؟..
الكلمة:٦
إن مشكلة تربية المراهقين من المشاكل التي تؤرق الكثيرين من المهتمين بأمور التربية.. حيث أن الأولاد يبقون حتى سن معينة، تحت قبضة الوالدين، لكنهما كثيرا ما يسيئان استثمار هذه السيطرة، ليندما بعد خروج الولد عن دائرة قبضتهما: زواجاً، أو هجرة، أو دراسة.. فكم من الحري بهما أن يعطيا للموضوع حقه من التفكير والوقت.. إذ من المعلوم أن الولد الصالح من مصاديق الصدقة الجارية التي تنفعهما بعد الموت.
الكلمة:٧
إن العقائد مسألة تلامس شغاف القلب، وقضية مرتبطة بالجذور الأساسية للإنسان.. وإذا أردنا أن نبحث الأبحاث العقائدية، فلا بد أن نلتفت إلى أن الأمر مرتبط بأعماق الوجود.. فالفقه يختلف عن الأصول، أي فروع الدين تختلف عن أصول الدين!.. إن تمسك الإنسان بالأصول تمسك بليغ، لأن قِوام الدين بالأصول.. ولهذا عندما نريد أن نناقش أية مسألة عقائدية، فلا بد من أن ننفذ إلى قلب الطرف المقابل، ولا نحبذ أساليب الشدة في القول، ومصادرة المطلوب، والتهجم، والبدء بتحطيم المقدسات في نظر الطرف المقابل.. فإذا كان الشخص معتقداً بمقدس خطأًَ، لا بد أولاً أن نرفع القداسة عما يعتقد، ثم نخرج ذلك الأمر من قلبه.. أما إذا كان هو يعتقد بقدسية شيء، فنهاجم هذا الأمر المقدس، من دون أن نزلزل تلك الأصول.. فإن هذا ليس من الأسلوب المنطقي في المجادلة.
الكلمة:٨
ينبغي أن يتعالى أحدُنا في تفاعله العاطفي، إلى تفاعلٍ فكريٍ وعقائديٍ.. إذا نُوقش في مذهبه، يكون كالجبل الأصم، ويناقش بالتي هي أحسن!..
الكلمة:٩
إن من الملاحظ أن الزوج في بعض الأوقات، يعفي نفسه من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحياة الزوجية.. مع أنه ينهى عن المنكر في مواطن كثيرة، ولكن عندما يصل المنكر إلى زوجته، فإنه يترك ذلك: إما إهمالاً؛ لأنه لا يرى لزوجته وجوداً متميزاً، ولا يبالي بارتكابها للمنكر.. وهذه حالة خطيرة جداً!.. أو أنه يخشى من سلبيات الأمر.. فهو يحتاج إليها في أمور كثيرة، وبالتالي لا يحب أن يوتر العلاقة.
الكلمة:١٠
إن قسماً كبيراً من المجتمع ألا وهو الجانب النسائي، لا يمكن لرجال الدين أن يكون لهم دور فاعل فيه.. هذا الدور أُنيط بهذه الطبقة المباركة من المجتمع، هذه الحوزات العلمية النسائية، التي لم تكن متعارفة في الأزمنة السابقة.. فمن بركات السنوات المتأخرة، أنه فُتح لهن المجال للتخصص في أمر الشريعة، وفي هذا الوقت الضيق.. قال رسول الله (ص): (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود كما بدأ غريباً.. فطوبى للغرباء)!.. كلمة “طوبى” كلمة مبهمة، فالنبي –صلى الله عليه وآله وسلم– هنا لم يعين ما تستبطنه هذه الكلمة من بشارات.
الكلمة:١١
لا بد من هذه العناصر الثلاثة في كل مبلغ، يريد أن يبلغ رسالات الله عز وجل: الاستمرار في التبليغ، وكشف الرسالة وإفهام أبعادها، وأن تكون للمبلغ حركة في الباطن؛ وهو ما يسمى بالحركة الأخلاقية أو العرفانية أو التربوية.. فالطبيب ليس ملزماً أن تكون له حركة أخلاقية باطنية، إذ يكفي أن يكون ملماً بمهنته، عارفاً بأسرار علمه.. أما الذي لا يبني باطنه، فهذا الإنسان غير مؤهل لأن يكون من الدعاة إلى الله -عز وجل-.. حتى في آية السراج المنير، {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا}، القرآن الكريم يأتي بكلمة {بِإِذْنِهِ}؛ أي أنت يا رسول الله بما فيك من الملكات، وبما أوتيت من المعجزات، إذا لم تكن مأذوناً في هذا العمل التبليغي -حتى أنت يا رسول الله- سوف لن تكون سراجاً منيرا لهذه الأمة.. أي لابد من وجود ترشيح سماوي في هذا المجال.
الكلمة:١٢
إن في آية النصر، جاء بالعنصر العملي والعلمي: {لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ}؛ إشارة إلى أن التفقه في الدين شرط أساسي في المبلغ.. والمراد بالتفقه هنا، ليس ما يطلق على ما يتناول المعاملات والعبادات.. ولكن التفقه في الدين معنى أشمل، أي معرفة مقاصد الشريعة في كل الحقول، وبما أراده الله -عز وجل-.. فالفقيه الممارس يصل إلى درجة أنه من خلال مجموع الآيات والروايات، يعرف مقاصد الشريعة، وروح الشريعة، ويعلم مزاج الشارع في حقل من الحقول.. أيضا ليتفقهوا في الدين {وَلِيُنذِرُواْ}، إشارة إلى العنصرين: الحركة التبليغية، واستيعاب مقاصد الشريعة.
الكلمة:١٣
إذا أردت أن تنصح أحداً، لابد من تهيئة الأجواء المناسبة.. طالما وعظنا الناس: الزوجة والأولاد وغيرهم، ونحن في حال الغضب.. فالذي ينصح أخاه المؤمن أو أخته المؤمنة أو زوجته وهو في حال الغضب، هذه النصيحة ترتد إليه.. بل قد يجعل الشخص يتحداه في نصيحته!.. فإذن، لابد من تحين الفرص المناسبة.
الكلمة:١٤
يلاحظ أن في روايات أهل البيت (ع) حالة من المنطقية، واستعمال العقل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فالردع يأتي أحياناً من خلال التخويف بعذاب جهنم وما شابه ذلك -وطبعاً هذا يحتاج إلى يقينٍ عالٍ- فإن التذكير بعقاب النار، أو بنعيم الجنة، لا يؤثر في كل الأفراد.. ولكن الأسلوب المنطقي، أسلوبٌ مؤثر لكل ذي لب.
الكلمة:١٥
إن البعض يطرح فكرة الدين للآخرين في ضمن برامج قاسية، وثقيلة، ومعقدة لا تحتمل، وغير عملية.. بينما عليه أن يلبس الدين ثوباً مرغوباً فيه، عندما يقوم بمثل هذا العمل.
الكلمة:١٦
إن هذه هي سياسة الشريعة في طرح الدين في ثوب ميسر جميل، يمكن أن يطاق للجميع: الوقوف عند الشبهة، والإقامة على الفرائض، وترك الحرام، وترك الذنوب.. ولكن ذلك يكون بقول مطلق، وفي مدة مطلقة، في كل الأزمان، لا في زمان دون زمان.. أي ليس في مرحلة من مراحل العمر، وإنما يأخذ الإنسان هذا القرار المصيري، منذ تكليفه إلى لحظات انتقاله إلى المليك الأعلى.. فما أيسرها من معاملة، لمن أراد أن يتقرب إلى ربه!..
الكلمة:١٧
إن هناك شروطاً في الناصح، لابد من مراعاتها.. وهذا الكلام يدخل في علم النفس، والبرمجة اللغوية العصبية، وفن التأثير على الغير.. فالأسلوب القديم الذي يعتمد على إصدار الأوامر: اعمل كذا، ولا تعمل كذا!.. أسلوب الآباء والأجداد، لا ينفع في هذا الزمان.
الكلمة:١٨
ينبغي أن نُشعر الإنسان الذي ننصحه، أننا في مقام النصيحة، لا في مقام التعالي.. فعادة الناصح الواعظ، مستواه أرقى من المتعظ!.. وهذا إحساس غير طيب!.. إن كان عند الناصح الآن فكرة طيبة، كي ينهى عن المنكر، ولكن لعل فيه منكراً أعظم من هذا المنكر!.. فلماذا يتعالى ويتبختر، وكأنه أصبح خطيباً في المسجد؟!..
الكلمة:١٩
إن البعض قد يكون لديه معلومات بسيطة، ولكنه يقول: أنا لست بمستوى النصيحة، أنا إنسان جاهل.. هذا الكلام مجوز؛ لئلا يكون خطيب جمعة، أما عندما يجتمع بالعائلة، فليغتنم الفرصة، ولينقل لهم هذه المعلومات البسيطة.. فزكاة العلم إنفاقه، كل بحسبه