Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن المؤمن عندما يصل إلى مرحلة، لا يرى فيها مؤثراً في الوجود إلا الله؛ فإنه يلقى الله بقلب سليم.. وفسر القلب السليم بأنه: ذلك القلب الذي يلقى الله -عز وجل- وليس فيه شيء أو أحد سواه.. والمؤمن إذا وصل لهذه المرحلة، فقد وصل إلى أعلى درجات السلامة في الباطن..
الكلمة:٢
إن هذا القلب هو الذي سنصطحبه معنا بعد هذه الحياة الدنيا، وبه سيكون الفوز أو الخسران، قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.. نعم، هذا القلب هو الحاكم الذي تأتمر الجوارح بأمره، وبصلاحه يتم صلاحها، كم نحن غافلون عن هذا القلب وقدراته العجيبة!.. ألا ينبغي علينا أن نكتشف هذه الخفايا المختزنة؟!.. أتكون الأرض الجامدة مخبأً لكنوز قيّمة تتصارع عليها الأمم، والقلب -تلك اللطيفة الربانية، أشرف ما خلق الله تعالى- تكون دون ذلك!..
الكلمة:٣
إن من مناشئ الوقيعة والمبالغة في نقد الآخرين: الحالة النفسية المسبقة.. فإن طبيعة من يحمل في قلبه حقدا لأخيه المؤمن، تستلزم الانجرار للحديث الآثم، من منطلق النفس الأمارة بالسوء، التي تجره للشهوة تارة، وللغضب تارة أخرى!.. وتبلغ المشكلة مداها عندما يضفي المتحدث طابعا شرعيا لمقولته، وهو يعلم في أعماق نفسه أنه تبرير مختلق، سولته له نفسه.. وعليه، فإن من مفاتيح الحل: البحث دائما في خفايا أعماق النفس؛ لئلا يجد الإنسان فيها زاوية، اتخذها الشيطان وكرا لبث سمومه!.. ومن هنا كان القلب السليم، غاية منية العارفين طوال التاريخ.
الكلمة:٤
إن القلب السليم -كما نفهم من خلال العبارات: العلمية، والفلسفية، والروائية، والتفسيرية- هو بمثابة الحكم الذي يحكم الوجود الإنساني.. ومن المعلوم أن الإنسان قد يعتقد بفكرة ما، ولكن هذه الفكرة لا تتغلغل إلى مرحلة أخذ القرار في النفس، بل تكون مجرد اعتقاد نظري، لا يتعدى إلى مستوى التنفيذ والعمل بالجوارح، كالمدخنين: فهم يعتقدون بالأضرار السلبية للتدخين، إلا أن هذا الاعتقاد لم يتغلغل إلى الأعماق، ويصل إلى مركز الإرادة وأخذ القرار عند الإنسان، والذي بدوره يصدر الأوامر: تنفيراً، أو تحبيباً في عالم الجوارح.. فإذن، إن كل المشاعر: من الحب، والبغض، والأمل، والرجاء، وغير ذلك.. منقدحة في القلب، وبالتالي فهي تحول على شكل حركة جوارحية.
الكلمة:٥
إن الفيلسوف والعارف كلاهما يريدان وصف الوجود واستكشاف خباياه المترامية، ولكن الأداة مختلفة عند كليهما: فهي عند العارف القلب، وعند الفيلسوف الفكر.. وبعبارة جامعة: العارف يريد أن يفنى في بساط القرب، ويبقى فيه.. بينما الفيلسوف يريد أن يصل إلى خارطة ذهنية موازية لعالم الواقع.
الكلمة:٦
إن من علامات شفافية القلب، وقربه من الله تعالى، وسلامته؛ أن يعيش صاحبه حالة الانصياع الداخلي لأحكام الشريعة.