- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في السجود وآدابه وأحكامه
قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا بن عمّ خير خلق الله، ما معنى السجدة الأولى؟ فقال (عليه السلام): تأويله: اللّهمّ، إنّك منها خلقتني _ يعني من الأرض _ ورفع رأسك: ومنها أخرجتنا، والسجدة الثانية: وإليها تعيدنا، ورفع رأسك من الثانية: ومنها تخرجنا تارة أخرى.
قال الصادق (عليه السلام): ما خسر _ والله _ من أتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرّة واحدة، وما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال شبيهاً بمخادع لنفسه غافل لاهٍ عمّا أعدّ الله للساجدين من أنس العاجل وراحة الآجل.
ولا بعد أبداً عن الله من أحسن تقرّبه في السجود، ولا قرب إليه أبداً من أساء أدبه وضيّع حرمته بتعليق قلبه بسواه في حال سجوده، فاسجد سجود متواضع ذليل علم أنّه خلق من تراب يطأه الخلق، وأنّه ركّب من نطفة يستقذرها كلّ أحد، وكوّن ولم يكن.
وقد جعل الله معنى السجود سبب التقرّب إليه بالقلب والسرّ والروح، فمن قرب منه بعد من غيره، أ لا يرى في الظاهر أنّه لا يستوي حال السجود إلّا بالتواري عن جميع الأشياء، والاحتجاب عن كلّ ما تراه العيون؟ كذلك أراد الله تعالى أمر الباطن، فمن كان قلبه متعلّقاً في صلاته بشيء دون الله فهو قريب من ذلك الشيء بعيد من حقيقة ما أراد الله منه في صلاته، قال الله عزّ وجلّ: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِ﴾.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله عزّ وجلّ: لا أطّلع على قلب عبد فأعلم منه حبّ الإخلاص لطاعتي لوجهي وابتغاء مرضاتي إلّا تولّيت تقويمه وسياسته، ومن اشتغل في صلاته بغيري فهو من المستهزئين بنفسه، ومكتوب اسمه في ديوان الخاسرين.