أحاديث في الظلم الذي تعرضت له الزهراء (س) بعد وفاة رسول الله (ص)، وفي حوار أم سلمة مع الزهراء (س)، وفي حالها بعد وفاة رسول الله (ص)، وفي خطبة السيدة الزهراء التي ألقتها على نساء المهاجرين والأنصار، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٦٧
قال عبد الله بن العبّاس: لمّا حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة بكى حتّى بلّت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الله، ما يبكيك؟ فقال صلى الله عليه وآله: أبكي لذرّيّتي وما تصنع بهم شرار أمّتي من بعدي، كأنّي بفاطمة بنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي: يا أبتاه، فلا يعينها أحد من أمّتي، فسمعت ذلك فاطمة عليها السلام فبكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تبكين يا بنيّة، فقالت عليها السلام: لست أبكي لما يصنع بي من بعدك، ولكنّي أبكي لفراقك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله لها: أبشري يا بنت محمّد بسرعة اللحاق بي، فإنّك أوّل من يلحق بي من أهل بيتي.
المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٥٦
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٦٨
دخلت أمّ سلمة على فاطمة عليها السلام، فقالت لها: كيف أصبحت عن ليلتك يا بنت رسول الله؟ قالت عليها السلام: أصبحت بين كمد وكرب: فقد النبيّ، وظلم الوصيّ، هتك _ والله _ حجابه … .
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٥٦-١٥٧
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٦٩
قال علي عليه السلام: غسّلت النبيّ صلى الله عليه وآله في قميصه، فكانت فاطمة عليها السلام تقول: أرني القميص، فإذا شمّته غشي عليها، فلمّا رأيت ذلك غيّبته ١ .
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٥٧
(١) رواه المجلسي رحمة الله عليه من بعض كتب المناقب ولم یذكر اسمه.
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٠
لمّا قبض النبيّ صلى الله عليه وآله امتنع بلال من الأذان، قال: لا أؤذّن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإنّ فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم: إنّي أشتهي أن أسمع صوت مؤذّن أبي صلى الله عليه وآله بالأذان، فبلغ ذلك بلالاً، فأخذ في الأذان، فلمّا قال: «الله أكبر الله أكبر» ذكرت أباها وأيّامه، فلم تتمالك من البكاء، فلمّا بلغ إلى قوله: «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» شهقت فاطمة عليها السلام وسقطت لوجهها وغشي عليها.
فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال، فقد فارقت ابنة رسول صلى الله عليه وآله الدنيا، وظنّوا أنّها قد ماتت، فقطع أذانه ولم يتمّه، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتمّ الأذان، فلم يفعل، وقال لها: «يا سيّدة النسوان، إنّي أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان»، فأعفته عن ذلك.
المصدر الأصلي: من لا یحضره الفقيه
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٥٧
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧١
قال سويد بن غفلة: لمّا مرضت فاطمة عليها السلام المرضة التي توفّيت فيها، اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها، فقلن لها: كيف أصبحت من علّتك يا ابنة رسول الله؟
فحمدت الله وصلّت على أبيها، ثمّ قالت: أصبحت _ والله _ عائفة ١ لدنياكنّ، قالية ٢ لرجالكنّ، لفظتهم ٣ بعد أن عجمتهم ٤ ، وشنأتهم ٥ بعد أن سبرتهم ٦، فقبحاً لفلول ٧ الحدّ واللعب بعد الجدّ، وقرع الصفاة ٨ ، وصدع القناة، وخطل الآراء، وزلل الأهواء، وبئس ما قدّمت لهم أنفسهم، أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها، وحمّلتهم أوقتها ٩ وشنّت عليهم غارها، فجدعاً ١٠ وعقراً و ﴿بُعداً لِّلقَومِ الظَّالِمِينَ﴾.
ويحهم، أنّى زعزعوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوّة والدلالة، ومهبط الروح الأمين، والطبين ١١ بأمور الدنيا والدين، ﴿أَلَا ذَلِكَ هُوَ الخُسرَانُ المُبِينُ﴾. وما الذي نقموا من أبي الحسن؟ نقموا منه _ والله _ نكير سيفه، وقلّة مبالاته بحتفه، وشدّة وطأته، ونكال وقعته، وتنمّره ١٢ في ذات الله. وتالله، لو مالوا عن المحجّة اللائحة، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة لردّهم إليها، وحملهم عليها، ولسار بهم سيراً سجحاً ١٣ لايكلُم ١٤ خشاشه ١٥ ، ولايكلّ سائره، ولا يملّ راكبه، ولأوردهم منهلاً نميراً صافياً رويّاً، تطفح ١٦ ضفّتاه ١٧ ولا يترنّق ١٨ جانباه، ولأصدرهم بطاناً ١٩ ، ونصح لهم سرّاً وإعلاناً، ولم يكن يحلّي من الغني بطائل، ولا يحظي من الدنيا بنائل، غير ريّ الناهل، وشبعة الكافل، ولبان لهم الزاهد من الراغب، والصادق من الكاذب، ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ﴾، ﴿وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِن هَؤُلَاء سَيُصِيبُهُم سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعجِزِينَ﴾.
ألا هلمّ فاستمع وما عشت أراك الدهر عجباً، وإن تعجب فعجب قولهم، ليت شعري إلى أيّ سناد استندوا؟ وعلى أيّ عماد اعتمدوا؟ وبأيّة عروة تمسّكوا؟ وعلى أيّة ذرّيّة أقدموا واحتنكوا؟ ﴿لَبِئسَ المَولَى وَلَبِئسَ العَشِيرُ﴾، و﴿بِئسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾، استبدلوا _ والله _ الذنابى ٢٠ بالقوادم ٢١ ، والعجز ٢٢ بالكاهل ٢٣؛ فرغماً لمعاطس قوم ﴿يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعًا﴾ ،﴿أَلا إِنَّهُم هُمُ المُفسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشعُرُونَ﴾. ويحهم، ﴿أَفَمَن يَهدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهدَى فَمَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ﴾.
أما لعمري لقد لقحت، فنظرة ريثما تنتج، ثمّ احتلبوا ملء القعب ٢٤ دماً عبيطاً، وذعافاً ٢٥ مبيداً، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون، غبّ ما أسّس الأوّلون، ثمّ طيبوا عن دنياكم أنفساً، واطمئنوا للفتنة جأشاً ٢٦ وأبشروا بسيف صارم، وسطوة معتدٍ غاشم ٢٧ وبهرج ٢٨ شامل، واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيداً، وجمعكم حصيداً؛ فيا حسرة لكم، وأنّى بكم، وقد عميت عليكم:﴿أَنُلزِمُكُمُوهَا وَأَنتُم لَهَا كَارِهُونَ﴾.
قال سويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها عليها السلام على رجالهنّ، فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين، وقالوا: يا سيّدة النساء، لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد، ونحكم العقد، لما عدلنا عنه إلى غيره، فقالت عليها السلام: إليكم عنّي، فلا عذر بعد تعذيركم، ولا أمر بعد تقصيركم.
المصدر الأصلي: الاحتجاج
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٥٨-١٦١
(١) «عَافَ الشيءَ»: كَرِهه. لسان العرب، ج٨، ص٢٦٠.
(٢) «القالیة»: المبغضة. راجع: لسان العرب، ج١٥، ص١٨٨.
(٣) «اللَفْظ»: أن ترمي بشيء كان في فيك. كتاب العين، ج٨، ص١٦١.
(٤) «عَجَم الشيءَ»: عَضّه ليَعْلَم صلابته من خَوَر. لسان العرب، ج١٢، ص٣٨٠.
(٥) «شَنِئَ الشيءَ»: أبْغَضَه. لسان العرب، ج١، ص١٠١.
(٦) «السَبْر»: التجربة. كتاب العين، ج٧، ص٢٥١.
(٧) «فُلول السیف»: ثُلَمُه. لسان العرب، ج١١، ص٥٣٠.
(٨) «الصَفاة»: صخرة مَلْساء. لسان العرب، ج١٤، ص٤٦٤.
(٩) «الأَوْق»: الثِّقَل. لسان العرب، ج١٠، ص١٢.
(١٠) «جَدْعاً لَهُ»: أَلْزَمَه الله الجَدْع، و«الجدع»: القطع البائن. راجع: تاج العروس، ج١١، ص٥٦.
(١١) «الطِبّين»: الفَطن الحاذق. بحار الأنوار، ج٤٣، ص١٦٤.
(١٢) «التنمّر»: الغضب وسوء الخلق. تاج العروس، ج٧، ص٥٦٠.
(١٣) «السُجُح»: السّهلة. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج٢، ص٣٤٢.
(١٤) «یكلِم»: یجرح. كتاب العين، ج٥، ص٣٧٨.
(١٥) «الخِشاش»: الذي يُدخل في عظم أَنف البعير وهو من خَشب. لسان العرب، ج٦، ص٢٨٦.
(١٦) «طَفَحَ النهر» إذا امتلأ. كتاب العين، ج٣، ص١٧٣.
(١٧) «ضفّة الشيء»: جانبه وطرفه. لسان العرب، ج٨، ص٢٠٧.
(١٨) «تَرَنَّقَ»: كَدِر. لسان العرب، ج١٠، ص١٢٧.
(١٩) «البِطان»: ممتئلة البطون. تاج العروس، ج١٨، ص٦٤.
(٢٠) «الذنابی»: موضع منبت الذنب. كتاب العين، ج٨، ص١٨١.
(٢١) «قادِم الإِنسان»: رأْسه، والجمع: «القَوادِم». لسان العرب، ج١٢، ص٤٦٨.
(٢٢) «العَجُز»: مؤخّر الشيء. كتاب العين، ج١، ص٢١٥.
(٢٣) «الكاهل»: مقدّم الظهر. كتاب العين، ج٣، ص٣٧٨.
(٢٤) «القَعْب»: القدح الضخم، الغليظ. لسان العرب، ج١، ص٦٨٣.
(٢٥) «الذُّعَاف»: السم القاتل. تاج العروس، ج١٢ ص٢١٧.
(٢٦) «الجَأْش»: القلب، والنّفس. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج١، ص٢٣٢.
(٢٧) «غاشم»: الظالم والغاصب. لسان العرب، ج١٢، ص٤٣٧.
(٢٨) «البَهْرَج»: الباطل. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج١، ص١٦٦.
(٢) «القالیة»: المبغضة. راجع: لسان العرب، ج١٥، ص١٨٨.
(٣) «اللَفْظ»: أن ترمي بشيء كان في فيك. كتاب العين، ج٨، ص١٦١.
(٤) «عَجَم الشيءَ»: عَضّه ليَعْلَم صلابته من خَوَر. لسان العرب، ج١٢، ص٣٨٠.
(٥) «شَنِئَ الشيءَ»: أبْغَضَه. لسان العرب، ج١، ص١٠١.
(٦) «السَبْر»: التجربة. كتاب العين، ج٧، ص٢٥١.
(٧) «فُلول السیف»: ثُلَمُه. لسان العرب، ج١١، ص٥٣٠.
(٨) «الصَفاة»: صخرة مَلْساء. لسان العرب، ج١٤، ص٤٦٤.
(٩) «الأَوْق»: الثِّقَل. لسان العرب، ج١٠، ص١٢.
(١٠) «جَدْعاً لَهُ»: أَلْزَمَه الله الجَدْع، و«الجدع»: القطع البائن. راجع: تاج العروس، ج١١، ص٥٦.
(١١) «الطِبّين»: الفَطن الحاذق. بحار الأنوار، ج٤٣، ص١٦٤.
(١٢) «التنمّر»: الغضب وسوء الخلق. تاج العروس، ج٧، ص٥٦٠.
(١٣) «السُجُح»: السّهلة. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج٢، ص٣٤٢.
(١٤) «یكلِم»: یجرح. كتاب العين، ج٥، ص٣٧٨.
(١٥) «الخِشاش»: الذي يُدخل في عظم أَنف البعير وهو من خَشب. لسان العرب، ج٦، ص٢٨٦.
(١٦) «طَفَحَ النهر» إذا امتلأ. كتاب العين، ج٣، ص١٧٣.
(١٧) «ضفّة الشيء»: جانبه وطرفه. لسان العرب، ج٨، ص٢٠٧.
(١٨) «تَرَنَّقَ»: كَدِر. لسان العرب، ج١٠، ص١٢٧.
(١٩) «البِطان»: ممتئلة البطون. تاج العروس، ج١٨، ص٦٤.
(٢٠) «الذنابی»: موضع منبت الذنب. كتاب العين، ج٨، ص١٨١.
(٢١) «قادِم الإِنسان»: رأْسه، والجمع: «القَوادِم». لسان العرب، ج١٢، ص٤٦٨.
(٢٢) «العَجُز»: مؤخّر الشيء. كتاب العين، ج١، ص٢١٥.
(٢٣) «الكاهل»: مقدّم الظهر. كتاب العين، ج٣، ص٣٧٨.
(٢٤) «القَعْب»: القدح الضخم، الغليظ. لسان العرب، ج١، ص٦٨٣.
(٢٥) «الذُّعَاف»: السم القاتل. تاج العروس، ج١٢ ص٢١٧.
(٢٦) «الجَأْش»: القلب، والنّفس. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج١، ص٢٣٢.
(٢٧) «غاشم»: الظالم والغاصب. لسان العرب، ج١٢، ص٤٣٧.
(٢٨) «البَهْرَج»: الباطل. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج١، ص١٦٦.
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٢
وروي أنّها عليها السلام قبضت لعشر بقين من جمادى الآخرة، وقد كمل عمرها يوم قبضت ثمانية عشر سنة وخمساً وثمانين يوماً بعد وفاة أبيها، فغسّلها أمير المؤمنين عليه السلام ولم يحضرها غيره والحسن والحسين عليهما السلام وزينب وأمّ كلثوم وفضّة جاريتها وأسماء بنت عميس، وأخرجها إلى البقيع في الليل، ومعه الحسن والحسين عليهما السلام وصلّى عليها، ولم يعلم بها ولا حضر وفاتها ولا صلّى عليها أحد من سائر الناس غيرهم، ودفنها بالروضة وعمّي موضع قبرها.
وأصبح البقيع ليلة دفنت وفيه أربعون قبراً جدداً، وإنّ المسلمين لمّا علموا وفاتها جاءوا إلى البقيع، فوجدوا فيه أربعين قبراً، فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور، فضجّ الناس ولام بعضهم بعضاً وقالوا: لم يخلف نبيّكم فيكم إلّا بنتاً واحدة، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها، ولا تعرفوا قبرها. ثمّ قال ولاة الأمر منهم: هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتّى نجدها، فنصلّي عليها ونزور قبرها.
فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فخرج مغضباً قد احمرّت عيناه، ودرّت أوداجه، وعليه قباه الاصفر الذي كان يلبسه في كلّ كريهة، وهو متوكّئ على سيفه ذي الفقار، حتّى ورد البقيع، فسار إلى الناس النذير، وقالوا: هذا عليّ بن أبي طالب، قد أقبل كما ترونه، يقسم بالله لئن حوّل من هذه القبور حجر ليضعنّ السيف على غابر الآخر.
المصدر الأصلي: دلائل الإمامة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٧٠-١٧١
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٣
قالت سلمى امرأة أبي رافع: مرضت فاطمة عليها السلام، فلمّا كان اليوم الذي ماتت فيه قالت: هيّئي لي ماء، فصببت لها، فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل، ثمّ قالت عليها السلام: ائتيني بثياب جدد، فلبستها، ثمّ أتت البيت الذي كانت فيه، فقالت: افرشي لي في وسطه، ثمّ اضطجعت واستقبلت القبلة، ووضعت يدها تحت خدّها وقالت عليها السلام: إنّي مقبوضة الآن، فلا أكشفنّ، فإنّي قد اغتسلت، قالت: وماتت. فلمّا جاء عليّ عليه السلام أخبرته، فقال عليه السلام: لا تكشف، فحملها يغسّلها.
المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٧٢
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٤
قال النبيّ صلى الله عليه وآله: وأمّا ابنتي فاطمة عليها السلام فإنّها سيّدة نساء العالمين، من الأوّلين والآخرين وهي بضعة منّي، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبيّ، وهي الحوراء الإنسيّة، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله، زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول اللهU لملائكته: يا ملائكتي، انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي، قائمة بين يديّ، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أنّي قد أمّنت شيعتها من النار. وإنّي لمّا رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقّها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمّداه، فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة، مكروبة، باكية، تتذكّر انقطاع الوحي عن بيتها مرّة، وتتذكّر فراقي أخرى، وتستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجّدت بالقرآن، ثمّ ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيّام أبيها عزيزة. فعند ذلك يؤنسها الله تعالی ذكره بالملائكة، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة، ﴿إِنَّ اللّهََ اصطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصطَفَاكِ عَلَى نِسَاء العَالَمِينَ﴾، يا فاطمة، ﴿اقنُتِي لِرَبِّكِ وَاسجُدِي وَاركَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾.
ثمّ يبتدي بها الوجع فتمرض، فيبعث اللهU إليها مريم بنت عمران تمرّضها وتؤنسها في علّتها، فتقول عند ذلك: ياربّ، إنّي قد سئمت الحياة، وتبرّمت بأهل الدنيا، فألحقني بأبي، فيلحقها اللهU بي، فتكون أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم عليّ محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة، فأقول عند ذلك: اللّهمّ العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلّل من أذلّها، وخلّد في نارك من ضرب جنبيها حتّى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين.
المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٧٢-١٧٣
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٥
قال الصادق عليه السلام، عن أبيه: قال جابر بن عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعليّ بن أبي طالب عليه السلام قبل موته بثلاث: سلام عليك يا أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتيّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ١ ركناك، والله خليفتي عليك.
فلمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، قال عليّ عليه السلام: هذا أحد ركنيّ الذي قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله؛ فلمّا ماتت فاطمة عليها السلام قال عليّ عليه السلام: هذا الركن الثاني الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله.
المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٧٣
(١) «انهدّ»: انكسر. لسان العرب، ج٣، ص٤٣٢.
الحديث: ١٠
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٦
قال ورقة بن عبد الله الأزدي: خرجت حاجّاً إلى بيت الله الحرام راجياً لثواب الله ربّ العالمين، فبينما أنا أطوف وإذا أنا بجارية سمراء ومليحة الوجه عذبة الكلام، وهي تنادي بفصاحة منطقها وهي تقول: اللّهمّ ربّ الكعبة الحرام، والحفظة الكرام، وزمزم والمقام، والمشاعر العظام وربّ محمّد خير الأنام، صلّى الله عليه وآله البررة الكرام، أسألك أن تحشرني مع ساداتي الطاهرين، وأبنائهم الغرّ المحجّلين الميامين. ألا فاشهدوا يا جماعة الحجّاج والمعتمرين، أنّ مواليّ خيرة الأخيار، وصفوة الأبرار، والذين علا قدرهم على الأقدار، وارتفع ذكرهم في سائر الأمصار، المرتدّين بالفخّار.
قال ورقة بن عبد الله: فقلت: يا جارية، إنّي لأظنّك من موالي أهل البيت عليهم السلام؟ فقالت: أجل، قلت لها: ومن أنت من مواليهم؟ قالت: أنا فضّة أمة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت محمّد المصطفى صلّى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها، فقلت لها: مرحباً بك وأهلاً وسهلاً، فلقد كنت مشتاقاً إلى كلامك ومنطقك، فأريد منك الساعة أن تجيبیني من مسألة أسألك، فإذا أنت فرغت من الطواف قفي لي عند سوق الطعام حتّى آتيك وأنت مثابة مأجورة، فافترقنا.
فلمّا فرغت من الطواف وأردت الرجوع إلى منزلي، جعلت طريقي على سوق الطعام، وإذا أنا بها جالسة في معزل عن الناس، فأقبلت عليها واعتزلت بها وأهديت إليها هديّة ولم أعتقد أنّها صدقة، ثمّ قلت لها: يا فضّة، أخبريني عن مولاتك فاطمة الزهراء عليها السلام، وما الذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها محمّد صلى الله عليه وآله؟
قال ورقة: فلمّا سمعت كلامي، تغرغرت عيناها بالدموع ثمّ انتحبت نادبة، وقالت: يا ورقة بن عبد الله، هيّجت عليّ حزناً ساكناً، وأشجاناً في فؤادي كانت كامنة، فاسمع الآن ما شاهدت منها: اعلم أنّه لمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله افتجع له الصغير والكبير، وكثر عليه البكاء، وقلّ العزاء، وعظم رزؤه على الأقرباء والأصحاب والأولياء والأحباب والغرباء والأنساب، ولم تلق إلّا كلّ باكٍ وباكية، ونادب ونادبة، ولم يكن في أهل الأرض والأصحاب والأقرباء والأحباب، أشدّ حزناً وأعظم بكاء وانتحاباً من مولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام، وكان حزنها يتجدّد ويزيد، وبكاؤها يشتدّ. فجلست سبعة أيّام لا يهدأ لها أنين، ولا يسكن منها الحنين، كلّ يوم جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الأوّل.
فلمّا كان في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن، فلم تطق صبراً إذ خرجت وصرخت، فكأنّها من فم رسول الله صلى الله عليه وآله تنطق، فتبادرت النسوان، وخرجت الولائد والولدان، وضجّ الناس بالبكاء والنحيب، وجاء الناس من كلّ مكان، وأطفئت المصابيح لكيلا تتبيّن صفحات النساء، وخيّل إلى النسوان أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد قام من قبره، وصارت الناس في دهشة وحيرة لما قد رهقهم، وهي تنادي وتندب أباها: وا أبتاه، وا صفيّاه، وا محمّداه، وا أبا القاسماه، وا ربيع الأرامل واليتامى، من للقبلة والمصلّى؟ ومن لابنتك الوالهة الثكلى؟
ثمّ أقبلت تعثر في أذيالها، وهي لا تبصر شيئاً من عبرتها، ومن تواتر دمعتها حتّى دنت من قبر أبيها محمّد صلى الله عليه وآله، فلمّا نظرت إلى الحجرة، وقع طرفها على المأذنة فقصّرت خطاها، ودام نحيبها وبكاها، إلى أن أغمى عليها، فتبادرت النسوان إليها فنضحن الماء عليها وعلى صدرها وجبينها حتّى أفاقت.
فلمّا أفاقت من غشيتها قامت، وهي تقول: رفعت قوّتي، وخانني جلدي، وشمت بي عدوّي، والكمد قاتلي. يا أبتاه، بقيت والهة وحيدة، وحيرانة فريدة، فقد انخمد صوتى، وانقطع ظهري، وتنغّص عيشي، وتكدّر دهري، فما أجد يا أبتاه، بعدك أنيساً لوحشتي، ولا رادّاً لدمعتي، ولا معيناً لضعفي، فقد فني بعدك محكم التنزيل، ومهبط جبرئيل، ومحلّ ميكائيل، انقلبت بعدك يا أبتاه، الأسباب، وتغلّقت دوني الأبواب، فأنا للدنيا بعدك قالية، وعليك ما تردّدت أنفاسي باكية، لا ينفد شوقي إليك، ولا حزني عليك، ثمّ نادت: يا أبتاه، والبّاه، ثمّ قالت:
إنّ حزني عليك حزن جديد
وفؤادي والله صبّ عنيد
كلّ يوم يزيد فيه شجوني
اكتيابي عليك ليس يبيد
جلّ خطبي فبان عنّي عزائي
فبكائي كلّ وقتٍ جديد
إنّ قلباً عليك يألف صبراً
أو عزاء فإنّه لجليد
ثمّ نادت: يا أبتاه، انقطعت بك الدنيا بأنوارها، وزوّت زهرتها وكانت ببهجتك زاهرة، فقد اسودّ نهارها، فصار يحكي حنادسها رطبها ويابسها، يا أبتاه، لا زلت آسفة عليك إلى التلاق.
يا أبتاه، زال غمضي منذ حقّ الفراق، يا أبتاه، من للأرامل والمساكين؟ ومن للأمّة إلى يوم الدين؟ يا أبتاه، أمسينا بعدك من المستضعفين، يا أبتاه، أصبحت الناس عنّا معرضين، ولقد كنّا بك معظّمين، في الناس غير مستضعفين، فأيّ دمعة لفراقك لا تنهمل؟ وأيّ حزن بعدك عليك لا يتّصل؟ وأيّ جفن بعدك بالنوم يكتحل؟ وأنت ربيع الدين، ونور النبيّين، فكيف للجبال لا تمور؟ وللبحار بعدك لا تغور؟ والأرض كيف لم تتزلزل؟ رميت يا أبتاه، بالخطب الجليل، ولم تكن الرزيّة بالقليل، وطرقت يا أبتاه، بالمصاب العظيم وبالفادح المهول.
بكتك يا أبتاه، الأملاك ووقفت الأفلاك، فمنبرك بعدك مستوحش، ومحرابك خالٍ من مناجاتك، وقبرك فرح بمواراتك، والجنّة مشتاقة إليك وإلى دعائك وصلاتك. يا أبتاه، ما أعظم ظلمة مجالسك! فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلاً عليك، وأثكل أبو الحسن المؤتمن، أبو ولديك الحسن والحسين، وأخوك ووليّك وحبيبك، ومن ربّيته صغيراً وآخيته كبيراً، وأحلى أحبابك وأصحابك إليك، من كان منهم سابقاً ومهاجراً وناصراً، والثكل شاملنا، والبكاء قاتلنا، والأسى لازمنا؛ ثمّ زفرت زفرة، وأنّت أنّة كادت روحها أن تخرج، ثمّ قالت:
قلّ صبري وبان عنّي عزائي
بعد فقدي لخاتم الأنبياء
عين يا عين اسكبي الدمع سحا
ويك لا تبخلي بفيض الدماء
يا رسول الإله يا خيرة الله
وكهف الأيتام والضعفاء
قد بكتك الجبال والوحش جمعا
والطير والأرض بعد بكْي السماء
ثمّ رجعت إلى منزلها، وأخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها، وهي لا ترقأ دمعتها، ولا تهدأ زفرتها واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين عليّ عليه السلام فقالوا له: يا أبا الحسن، إنّ فاطمة عليها السلام تبكي الليل والنهار، فلا أحد منّا يتهنّأ بالنوم في الليل على فرشنا، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا، وإنّا نخبرك أن تسألها إمّا أن تبكي ليلاً أو نهاراً، فقال عليه السلام: حبّاً وكرامة.
فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام حتّى دخل على فاطمة عليها السلام وهي لا تفيق من البكاء ولا ينفع فيها العزاء، فلمّا رأته سكنت هنيئة له، فقال عليه السلام لها: يا بنت رسول الله، إنّ شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إمّا أن تبكين أباك ليلاً وإمّا نهاراً، فقالت عليها السلام: يا أبا الحسن، ما أقلّ مكثي بينهم! وما أقرب مغيّبي من بين أظهرهم! فوالله، لا أسكت ليلاً ولا نهاراً أو ألحق بأبي رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال لها عليّ عليه السلام: افعلي يا بنت رسول الله مابدا لك، ثمّ إنّه بنى لها بيتاً في البقيع نازحاً عن المدينة يسمّى بيت الأحزان، وكانت إذا أصبحت قدّمت الحسن والحسين عليهما السلام أمامها، وخرجت إلى البقيع باكية فلا تزال بين القبور باكية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين عليه السلام إليها وساقها بين يديه إلى منزلها. ولم تزل على ذلك إلى أن مضى لها بعد موت أبيها سبعة وعشرون يوماً، واعتلّت العلّة التي توفّيت فيها، فبقيت إلى يوم الأربعين، وقد صلّى أمير المؤمنين عليه السلام صلاة الظهر، وأقبل يريد المنزل إذا استقبلته الجواري باكيات حزينات، فقال عليه السلام لهنّ: ما الخبر؟ وما لي أراكنّ متغيّرات الوجوه والصور؟ فقلن: يا أمير المؤمنين، أدرك ابنة عمّك الزهراء، ومانظنّك تدركها.
فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام مسرعاً حتّى دخل عليها، وإذا بها ملقاة على فراشها وهو من قباطي مصر، وهي تقبض يميناً وتمدّ شمالاً، فألقى الرداء عن عاتقه والعمامة عن رأسه، وحلّ أزراره، وأقبل حتّى أخذ رأسها وتركه في حجره، وناداها: يا زهراء، فلم تكلّمه، فناداها: يا بنت محمّد المصطفى، فلم تكلّمه، فناداها: يا بنت من حمل الزكاة في طرف ردائه، وبذلها على الفقراء، فلم تكلّمه، فناداها: يا ابنة من صلّى بالملائكة في السماء مثنى مثنى، فلم تكلّمه، فناداها: يا فاطمة، كلّميني فأنا ابن عمّك عليّ بن أبي طالب.
قال: ففتحت عينيها في وجهه ونظرت إليه وبكت وبكى، وقال عليه السلام: ما الذي تجدينه؟ فأنا ابن عمّك عليّ بن أبي طالب، فقالت عليها السلام: يا بن العمّ، إنّي أجد الموت الذي لا بدّ منه ولا محيص عنه، وأنا أعلم أنّك بعدي لا تصبر على قلّة التزويج، فان أنت تزوّجت امرأة اجعل لها يوماً وليلة، واجعل لأولادي يوماً وليلة. يا أبا الحسن، ولا تصح في وجوههما، فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين، فإنّهما بالأمس فقدا جدّهما واليوم يفقدان أمّهما، فالويل لأمّة تقتلهما وتبغضهما ثمّ أنشأت تقول:
ابكني إن بكيت يا خير هادٍ
و اسبل الدمع فهو يوم الفراق
يا قرين البتول أوصيك بالنسل
فقد أصبحا حليف اشتياق
ابكني وابك لليتامى ولا
تنس قتيل العدىّ بطفِّ العراق
فارقوا فأصبحوا يتامى حيارى
يحلف الله هو يوم الفراق
فقال لها عليّ عليه السلام: من أين لك يا بنت رسول الله هذا الخبر والوحي قد انقطع عنّا؟ فقالت عليها السلام: يا أبا الحسن، رقدت الساعة فرأيت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله في قصر من الدرّ الأبيض، فلمّا رآني قال: هلمّي إليّ يا بنيّة، فانّي إليك مشتاق، فقلت: والله، إنّي لأشدّ شوقاً منك إلى لقائك، فقال صلى الله عليه وآله: أنت الليلة عندي، وهو الصادق لما وعد، والموفي لما عاهد. فإذا أنت قرأت يس، فاعلم أنّي قد قضيت نحبي، فغسّلني ولا تكشف عنّي، فانّي طاهرة مطهّرة وليصلّ عليّ معك من أهلي الأدني فالأدنى ومن رزق أجري، وادفنّي ليلاً في قبري، بهذا أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال عليّ عليه السلام: والله، لقد أخذت في أمرها وغسّلتها في قميصها ولم أكشفه عنها، والله، لقد كانت ميمونة طاهرة مطهّرة، ثمّ حنّطتها من فضلة حنوط رسول الله صلى الله عليه وآله وكفّنتها وأدرجتها في أكفانها، فلمّا هممت أن أعقد الرداء ناديت: يا أمّ كلثوم، يا زينب، يا سكينة، يا فضّة، يا حسن، يا حسين، هلمّوا تزوّدوا من أمّكم، فهذا الفراق واللقاء في الجنّة.
فأقبل الحسن والحسين عليهما السلام وهما يناديان: واحسرتا، لا تنطفئ أبداً، من فقد جدّنا محمّد المصطفى صلى الله عليه وآله، وأمّنا فاطمة الزهراء عليها السلام، يا أمّ الحسن يا أم الحسين، إذا لقيت جدّنا محمّد المصطفى فاقرئيه منّا السلام وقولي له: إنّا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا.
فقال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: إنّي أشهد الله أنّها قد حنّت وأنّت ومدّت يديها وضمّتهما إلى صدرها مليّاً، وإذا بهاتف من السماء ينادي: يا أبا الحسن ارفعهما عنها، فلقد أبكيا _ والله _ ملائكة السماوات، فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب … ثمّ حملها على يده وأقبل بها إلى قبر أبيها ونادى: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا نور الله، السلام عليك يا صفوة الله، منّي السلام عليك والتحيّة، واصلة منّي إليك ولديك، ومن ابنتك النازلة عليك بفنائك، وإنّ الوديعة قد استردّت، والرهينة قد أخذت، فوا حزناه على الرسول، ثمّ من بعده على البتول، ولقد اسودّت عليّ الغبراء، وبعدت عنّي الخضراء، فواحزناه ثمّ وا أسفاه.
ثمّ عدل بها على الروضة، فصلّى عليها في أهله وأصحابه ومواليه وأحبّائه وطائفة من المهاجرين والأنصار. ١
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٧٤-١٨٠
(١) وجد العلّامة المجلسي رحمة الله عليه هذه الروایة في بعض الكتب ولم یذكر اسمه، ولكنّه صرّح بأنّ مصدر الروایة لم یكن من الأصول المعتبرة.
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٧
روي أنّها عليها السلام ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين أبوكما الذي كان يكرمكما، ويحملكما مرّة بعد مرّة؟ أين أبوكما الذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما، فلا يدعكما تمشيان على الأرض؟ ولا أراه يفتح هذا الباب أبداً ولا يحملكما على عاتقه، كما لم يزل يفعل بكما.
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨١
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٨
إنّ فاطمة عليها السلام دفنت ليلاً ولم يحضرها إلّا العبّاس وعليّ عليه السلام والمقداد والزبير.
وفي رواياتنا: أنّه صلّى عليها أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام وعقيل وسلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وبريدة.
وفي رواية: والعبّاس وابنه الفضل، وفي رواية: وحذيفة وابن مسعود.
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٣
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٧٩
روي أنّه سوّى قبرها مع الأرض مستوياً، وقالوا: سوّى حواليها قبوراً مزوّرة مقدار سبعة حتّى لا يعرف قبرها، وروي أنّه رشّ أربعين قبراً حتّى لا يبين قبرها من غيره من القبور، فيصلّوا عليها.
المصدر الأصلي: مناقب آل آبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٣
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٠
قال الشیخ الطوسي رحمة الله عليه: الأصوب أنّها مدفونة في دارها أو في الروضة. يؤيّد قوله قول النبيّ صلى الله عليه وآله: «إنّ بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة». وقال صلى الله عليه وآله: «منبري على ترعة من ترع الجنّة» … وقالوا: حدّ الروضة مابين القبر إلى المنبر إلى الأساطين التي تلي صحن المسجد.
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٥
الحديث: ١٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨١
روي أنّها بقيت بعد أبيها أربعين صباحاً، ولمّا حضرتها الوفاة قالت لأسماء: إنّ جبرئيل أتى النبيّ صلى الله عليه وآله لمّا حضرته الوفاة بكافور من الجنّة، فقسّمه أثلاثاً: ثلثاً لنفسه، وثلثاً لعليّ عليه السلام، وثلثاً لي، وكان أربعين درهماً، فقالت: يا أسماء، ائتيني ببقيّة حنوط والدي من موضع كذا وكذا، فضعيه عند رأسي فوضعته، ثمّ تسجّت بثوبها، وقالت: انتظريني هنيهة وادعيني، فإن أجبتك وإلّا فاعلمي أنّي قد قدمت على أبي صلى الله عليه وآله.فانتظرتها هنيهة ثمّ نادتها فلم تجبها، فنادت: يا بنت محمّد المصطفى، يا بنت أكرم من حملته النساء، يا بنت خير من وطئ الحصا، يا بنت من كان من ربّه قاب قوسين أو أدنى، فلم تجبها، فكشفت الثوب عن وجهها، فإذا بها قد فارقت الدنيا، فوقعت عليها تقبّلها وهي تقول: فاطمة، إذا قدمت على أبيك رسول الله صلى الله عليه وآله، فاقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام، فبينا هي كذلك، إذ دخل الحسن والحسين عليهما السلام، فقالا: يا أسماء، ما ينيم أمّنا في هذه الساعة؟ قالت: يا ابني رسول الله، ليست أمّكما نائمة، قد فارقت الدنيا، فوقع عليها الحسن عليه السلام يقبّلها مرة ويقول: يا أمّاه، كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني، قالت: وأقبل الحسين عليه السلام يقبّل رجلها، ويقول: يا أمّاه، أنا ابنك الحسين، كلّميني قبل أن يتصدّع قلبي فأموت.
قالت لهما أسماء: يا ابني رسول الله، انطلقا إلى أبيكما عليّ عليه السلام فأخبراه بموت أمّكما، فخرجا حتّى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء، فابتدرهما جميع الصحابة، فقالوا: ما يبكيكما يا ابني رسول الله؟ لا أبكى الله أعينكما، لعلّكما نظرتما إلى موقف جدّكما فبكيتما شوقاً إليه، فقالا: لا، أ وليس قد ماتت أمّنا فاطمة عليها السلام؟ قال: فوقع عليّ عليه السلام على وجهه، يقول: بمن العزاء يا بنت محمّد؟ كنت بك أتعزّى، ففيم العزاء من بعدك؟ ثمّ قال:
لكلّ اجتماع من خليلين فرقة
وكلّ الذي دون الفراق قليل
و إنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد
دليل على أن لا يدوم خليل
ثمّ قال عليه السلام: يا أسماء، غسّليها وحنّطيها وكفّنيها، قال: فغسّلوها وكفّنوها وحنّطوها وصلّوا عليها ليلاً ودفّنوها بالبقيع وماتت بعد العصر.
المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٦-١٨٧
الحديث: ١٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٢
قالت أمّ سلمی: اشتكت فاطمة عليها السلام شكواها التي قبضت فيه، فكنت أمرّضها، فأصبحت يوماً كأمثل ما رأيتها في شكواها ذلك. وخرج عليّ عليه السلام لبعض حاجته فقالت: يا أمّاه، اسكبي لي غسلاً، فسكبت لها غسلاً، فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، ثمّ قالت: يا أمّاه، أعطيني ثيابي الجدد، فأعطيتها فلبستها، ثمّ قالت: يا أمّاه، قدّمي لي فراشي وسط البيت ففعلت، فاضطجعت واستقبلت القبلة، وجعلت يدها تحت خدّها، ثمّ قالت: يا أمّاه، إنّي مقبوضة الآن، وقد تطهّرت، فلا يكشفنّي أحد، فقبضت مكانها؛ فجاء عليّ عليه السلام فأخبرته.
المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٨
الحديث: ١٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٣
إنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قالت لأسماء: إنّي قد استقبحت ما يصنع بالنساء، أنّه يطرح على المرأة الثوب، فيصفها لمن رأى، فقالت أسماء: يا بنت رسول الله، أنا أريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة، فدعت بجريدة رطبة فحسّنتها ثمّ طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة عليها السلام: ما أحسن هذا وأجمله! لا تعرف به المرأة من الرجل.
المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٨
الحديث: ١٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٤
مرضت فاطمة عليها السلام مرضاً شديداً، ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفّيت، فلمّا نعيت إليها نفسها دعت أمّ أيمن وأسماء بنت عميس، ووجّهت خلف عليّ عليه السلام وأحضرته، فقالت: يا بن عمّ، إنّه قد نعيت إليّ نفسي، وإنّني لا أرى
ما بي، إلّا أنّني لاحق بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي.
قال لها عليّ عليه السلام: أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله، فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت، ثمّ قالت: يا بن عمّ، ما عهدتني كاذبة ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني، فقال عليه السلام: معاذ الله، أنت أعلم بالله، وأبرّ وأتقى وأكرم، وأشدّ خوفاً من الله من أن أوبّخك بمخالفتي. قد عزّ عليّ مفارقتك وتفقّدك، إلّا أنّه أمر لا بدّ منه، والله، جدّدت عليّ مصيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وقد عظمت وفاتك وفقدك، فـ ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعونَ﴾، من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضّها وأحزنها، هذه _ والله _ مصيبة لا عزاء لها، ورزيّة لا خلف لها …
ثمّ قالت: أوصيك يا بن عمّ، أن تتّخذ لي نعشاً فقد رأيت الملائكة صوّروا صورته، فقال لها: صفيه لي، فوصفته فاتّخذه لها، فأوّل نعش عمل على وجه الارض ذاك، وما رأى أحد قبله ولا عمل أحد. ثمّ قالت: أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني وأخذوا حقّي، فإنّهم عدوّي وعدوّ رسول الله صلى الله عليه وآله ولا تترك أن يصلّي عليّ أحد منهم، ولا من أتباعهم، وادفنّي في الليل، إذا هدأت العيون ونامت الأبصار، ثمّ توفّيت _ صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها _.
فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة، واجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخوا صرخة واحدة، كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهنّ، وهنّ يقلن: يا سيّدتاه، يا بنت رسول الله، وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى عليّ عليه السلام: وهو جالس، والحسن والحسين عليهما السلام بين يديه يبكيان، فبكى الناس لبكائهما؛ وخرجت أمّ كلثوم وعليها برقعة وتجرّ ذيلها متجلّلة برداء عليها تسبّجها وهي تقول: يا أبتاه، يا رسول الله، الآن حقّاً فقدناك، فقداً لا لقاء بعده أبداً.
واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجّون وينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلّون عليها، وخرج أبو ذرّ وقال: انصرفوا، فإنّ ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخّر إخراجها في هذه العشيّة، فقام
الناس وانصرفوا.
فلمّا أن هدأت العيون ومضى شطر من الليل، أخرجها عليّ والحسن والحسين عليهم السلام، وعمّار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذرّ وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواصّه، صلّوا عليها ودفنوها في جوف الليل، وسوّى عليّ عليه السلام حواليها قبوراً مزوّرة مقدار سبعة حتّى لا يعرف قبرها؛ وقال بعضهم من الخواصّ: قبرها سُوّي مع الأرض مستوياً، فمسح مسحاً سواء مع الأرض حتّى لا يعرف موضعه.
المصدر الأصلي: روضة الواعظين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨١-١٨٣
الحديث: ١٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٥
قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ أسقاطكم إذا لقوكم يوم القيامة ولم تسمّوهم، يقول السقط لأبيه: أ لا سمّيتني؟ وقد سمّى رسول الله صلى الله عليه وآله محسناً قبل أن يولد.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٥
الحديث: ٢٠
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٦
قال الصادق عليه السلام: عاشت فاطمة عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوماً لم تر كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كلّ جمعة مرّتين: الاثنين والخميس، فتقول: ههنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وههنا كان المشركون.
وفي رواية عن الصادق عليه السلام: أنّها كانت تصلّي هناك وتدعو حتّى ماتت.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٥
الحديث: ٢١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٧
قال الصادق عليه السلام: جاءت فاطمة عليه السلام إلى سارية في المسجد وهي تقول وتخاطب النبيّ صلى الله عليه وآله:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة
لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها
واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب
بيــان:
قال الجزري: «الهنبثة»: واحدة الهنابث، وهي الأمور الشداد المختلفة؛ و«الهنبثة»: الاختلاط في القول؛ و«الخطب» _ بالفتح _: الأمر الذي تقع فيه المخاطبة، والشأن، والحال؛ و«الوابل»: المطر الشديد.
قال الجزري: «الهنبثة»: واحدة الهنابث، وهي الأمور الشداد المختلفة؛ و«الهنبثة»: الاختلاط في القول؛ و«الخطب» _ بالفتح _: الأمر الذي تقع فيه المخاطبة، والشأن، والحال؛ و«الوابل»: المطر الشديد.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٦
الحديث: ٢٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٨
فيما احتجّ به الحسن عليه السلام على معاوية وأصحابه أنّه قال لمغيرة بن شعبة: أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حتّى أدميتها، وألقت ما في بطنها استذلالاً منك لرسول الله صلى الله عليه وآله، ومخالفة منك لأمره وانتهاكاً لحرمته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت سيّدة نساء أهل الجنّة، والله مصيّرك إلى النار.
المصدر الأصلي: الاحتجاج
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٧
الحديث: ٢٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٨٩
فأقبل الناس حتّى دخلوا الدار فكاثروه وألقوا في عنقه حبلاً، فحالت بينهم وبينه فاطمة عليها السلام عند باب البيت، فضربها قنفذ الملعون بالسوط، فماتت حين ماتت وإنّ في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله، فألجأها إلى عضادة بيتها، ودفعها فكسر ضلعها من جنبها، فألقت جنيناً من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتّى ماتت صلّى الله عليها من ذلك شهيدة.
المصدر الأصلي: كتاب سليم بن قيس الهلالي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص١٨٨
الحديث: ٢٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٩٠
قال عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جدّه ١ عليه السلام: أنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله لمّا احتضرت نظرت نظراً حادّاً ثمّ قالت: السلام على جبرئيل، السلام على رسول الله، اللّهمّ، مع رسولك، اللّهمّ، في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام، ثمّ قالت: أ ترون ما أرى؟ فقيل لها ما ترى؟ قالت: هذه مواكب أهل السماوات، وهذا جبرئيل، وهذا رسول الله، ويقول: يا بنيّة، أقدمي فما أمامك خير لك …
وعن زيد بن عليّ عليه السلام: أنّ فاطمة عليه السلام لمّا احتضرت سلّمت على جبرئيل وعلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّمت على ملك الموت، وسمعوا حسّ الملائكة، ووجدوا رائحة طيّبة كأطيب ما يكون من الطيب.
المصدر الأصلي: مصباح الأنوار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص٢٠٠
(١) وهو الإمام المجتبی الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
الحديث: ٢٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٩١
فلمّا نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرّة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقيعك، المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قلّ _ يا رسول الله _ عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء تجلّدي، إلّا أنّ في التأسّي لي بسنّتك والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع التعزّي، ولقد وسّدتك في ملحود قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمّضتك بيديّ، وتولّيت أمرك بنفسي.
نعم، وفي كتاب الله أنعم القبول، ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعونَ﴾، قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست ١ الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء! يا رسول الله، أمّا حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهّد، لايبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم، كمد مقيّح ٢ وهمّ مهيّج، سرعان ما فرّق الله بيننا، وإلى الله أشكو، وستنبّئك ابنتك بتظاهر أمّتك عليّ وعلى هضمها حقّها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً، وستقول: و﴿يَحكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيرُ الحَاكِمِينَ﴾.
سلام عليك يا رسول الله، سلام مودّع لاسئم ولا قالٍ، فان أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين، الصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتلبّث عنده معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة، فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً، ويهتضم حقّها قهراً، ويمنع إرثها جهراً، ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته.
المصدر الأصلي: المجالس للمفيد، الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص٢١١-٢١٢
(١) «الاختلاس»: أخذ الشيء مكابرة. كتاب العين، ج٤، ص١٨٧.
(٢) «كمَد مُقَيِّـح»: حزن شديد يخرج قلبي ويقيحه، أي يوجب سيلان القيح منه. مرآة العقول، ج٥، ص٣٢٨.
(٢) «كمَد مُقَيِّـح»: حزن شديد يخرج قلبي ويقيحه، أي يوجب سيلان القيح منه. مرآة العقول، ج٥، ص٣٢٨.
الحديث: ٢٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٣٩٢
قال ابن عبّاس: رأت فاطمة عليها السلام في منامها النبيّ صلى الله عليه وآله، قالت: فشكوت إليه ما نالنا من بعده، قالت: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: لكم الآخرة التي أعدّت للمتّقين، وإنّك قادمة عليّ عن قريب.
المصدر الأصلي: مصباح الأنوار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٣
، ص٢١٨