أحاديث في قصة النبي يوسف (ع) وما جناه عليه الحب، وفي علة دخوله السجن، وفي معنى قوله سبحانه: (قد شغفها حبا)، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
- جواهر البحار
- » تتمة كتاب النبوة
- » أحاديث في قصص يعقوب ويوسف (ع)
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٧٢
قال الرضا(عليه السلام) في قول الله ﴿وَشَرَوهُ بِثَمَنٍ بَخسٍ دَرَاهِمَ مَعدُودَةٍ﴾: كانت عشرين درهماً.
المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٢٢
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٧٣
عن شعیب العقرقوفي، قال: قال الصادق(عليه السلام)(عليه السلام): إنّ يوسف(عليه السلام) أتاه جبرئيل(عليه السلام)، فقال له: يا يوسف، إنّ ربّ العالمين يقرئك السلام ويقول لك: من جعلك أحسن خلقه؟ فصاح ووضع خدّه على الأرض، ثمّ قال(عليه السلام): أنت يا ربّ، ثمّ قال له: ويقول لك: من حبّبك إلى أبيك دون إخوتك؟ فصاح ووضع خدّه على الأرض، وقال(عليه السلام): أنت يا ربّ، قال: ويقول لك: من أخرجك من الجبّ بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة؟ فصاح ووضع خدّه على الأرض، ثمّ قال(عليه السلام): أنت يا ربّ، قال: فإنّ ربّك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره، فالبث في السجن بضع سنين، فلمّا انقضت المدّة وأذن الله له في دعاء الفرج وضع خدّه على الأرض، ثمّ قال(عليه السلام): اللّهمّ، إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، فإنّي أتوجّه إليك بوجه آبائي الصالحين: إبراهيم(عليه السلام) وإسماعيل(عليه السلام) وإسحاق(عليه السلام) ويعقوب(عليه السلام)، ففرّج الله عنه.
قلت: جعلت فداك، أ ندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال(عليه السلام): ادع بمثله: اللّهمّ، إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، فإنّي أتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة محمّد(صلى الله عليه وآله) وعلي(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) والحسن(عليه السلام) والحسين(عليه السلام)، والأئمّة(عليهم السلام).
بيــان:
قال الطبرسي قدس الله روحه: إنّ الاستعانة بالعباد في دفع المضارّ والتخلّص من المكاره جائز غير منكر ولا قبيح، بل ربما يجب، وكان نبيّنا(صلى الله عليه وآله) يستعين فيما ينوبه بالمهاجرين والأنصار وغيرهم، ولو كان قبيحاً لم يفعله، فلو صحّت هذه الروايات فإنّما عوتب على ترك عادته الجميلة في الصبر والتوكّل على الله سبحانه في كلّ أموره دون غيره وقتاً ما وابتلاء وتشديداً، وإنّما كان يكون قبيحاً لو ترك التوكّل على الله سبحانه واقتصر على غيره، وفي هذا ترغيب في الاعتصام بالله والاستعانة به دون غيره في الشدائد، وإن جاز أيضاً أن يستعان بغيره.
قال الطبرسي قدس الله روحه: إنّ الاستعانة بالعباد في دفع المضارّ والتخلّص من المكاره جائز غير منكر ولا قبيح، بل ربما يجب، وكان نبيّنا(صلى الله عليه وآله) يستعين فيما ينوبه بالمهاجرين والأنصار وغيرهم، ولو كان قبيحاً لم يفعله، فلو صحّت هذه الروايات فإنّما عوتب على ترك عادته الجميلة في الصبر والتوكّل على الله سبحانه في كلّ أموره دون غيره وقتاً ما وابتلاء وتشديداً، وإنّما كان يكون قبيحاً لو ترك التوكّل على الله سبحانه واقتصر على غيره، وفي هذا ترغيب في الاعتصام بالله والاستعانة به دون غيره في الشدائد، وإن جاز أيضاً أن يستعان بغيره.
المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٣٠-٢٣١
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٧٤
قال البیضاوي، في قوله ﴿لاَ تَدخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ﴾: المشهور بين المفسّرين أنّه إنّما قال ذلك لمّا خاف عليهم من العين، وقيل: لمّا اشتهروا بمصر بالحسن والجمال وإكرام الملك لهم خاف عليهم حسد الناس. وقيل: لم يأمن عليهم من أن يخافهم الملك فيحبسهم.
وقيل: أنّه(عليه السلام) كان عالماً بأنّ ملك مصر ولده يوسف(عليه السلام)، إلّا أنّ الله تعالی لم يأذن له في إظهار ذلك، فلمّا بعث أبناءه إليه قال:﴿لاَ تَدخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ﴾، وكان غرضه أن يصل بنيامين إلى يوسف(عليه السلام) في وقت الخلوة، ثمّ إنّ العبد لمّا كان مأموراً بملاحظة الأسباب وعدم الاعتماد عليها والتوكّل على الله، قال أوّلاً ما يلزمه من الحزم والتدبير، ثمّ تبرّأ عن الاعتماد على الأسباب بقوله: ﴿وَمَا أُغنِي عَنكُم مِّنَ اللهِ مِن شَيءٍ﴾؛ ثمّ إنّه تعالی صدّقه على ما ذكره من عدم الاعتماد على الأسباب، بقوله تعالی: ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِن حَيثُ أَمَرَهُم أَبُوهُم﴾ أي من أبواب متفرّقة في البلد ﴿ما كَانَ يُغنِي عَنهُم﴾ رأي يعقوب(عليه السلام) واتّباعهم له ﴿مِنَ اللهِ مِن شَيءٍ﴾ ممّا قضاه عليهم كما قال يعقوب(عليه السلام)، فأخذ بنيامين بوجدان الصواع في رحله، وتضاعفت المصيبة على يعقوب(عليه السلام).
المصدر الأصلي: تفسیر البیضاوي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٣٧-٢٣٨
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٧٥
قال الرضا(عليه السلام): قال السجّان ليوسف(عليه السلام): إنّي لأحبّك، فقال يوسف(عليه السلام): ما أصابني إلّا من الحبّ، إن كان خالتي أحبّتني سرقتني، وإن كان أبي أحبّني فحسدوني إخوتي، وإن كانت امرأة العزيز أحبّتني فحبستني. وشكا يوسف(عليه السلام) في السجن إلى الله، فقال: يا ربّ، بماذا استحققت السجن؟ فأوحى الله إليه: أنت اخترته حين قلت: ﴿رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدعُونَنِي إِلَيهِ﴾، هلّا قلت: العافية أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه؟
المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٤٧
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٧٦
فنزل عليه جبرئيل، فقال له: يا يوسف، أخرج يدك، فأخرجها فخرج من بين أصابعه نور، فقال يوسف(عليه السلام): ما هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذه النبوّة أخرجها الله من صلبك؛ لأنّك لم تقم إلى أبيك، فحطّ الله نوره ومحا النبوّة من صلبه، وجعلها في ولد لاوي أخي يوسف(عليه السلام)، وذلك لأنّهم لمّا أرادوا قتل يوسف(عليه السلام)، قال: ﴿لاَ تَقتُلُوا يُوسُفَ وَأَلقُوهُ فِي غَيَابَةِ الجُبِّ﴾، فشكر الله له ذلك.
ولمّا أرادوا أن يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف(عليه السلام) أخاه، قال: ﴿فَلَن أَبرَحَ الأَرضَ حَتَّىَ يَأذَنَ لِي أَبِي أَو يَحكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيرُ الحَاكِمِينَ﴾، فشكر الله له ذلك، فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وكان موسى(عليه السلام) من ولده، وهو موسى بن عمران بن يهصر بن واهيث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
فقال يعقوب(عليه السلام) لابنه: يا بنيّ، أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي؟ فقال: يا أبت، اعفني من ذلك، قال: أخبرني ببعضه، فقال: يا أبت، إنّهم لمّا أدنوني من الجبّ، قالوا: انزع قميصك، فقلت لهم: يا إخوتي، اتّقوا الله ولا تجرّدوني، فسلّوا عليّ السكّين وقالوا: لئن لم تنزع لنذبحنّك، فنزعت القميص، وألقوني في الجبّ عرياناً، فشهق يعقوب(عليه السلام) شهقة وأغمي عليه، فلمّا أفاق قال: يا بنيّ، حدّثني، فقال: يا أبت، أسألك بإله إبراهيم(عليه السلام) وإسحاق(عليه السلام) ويعقوب(عليه السلام) إلّا أعفيتني، فأعفاه.
ولمّا مات العزيز وذلك في السنين الجدبة، افتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتّى سألت الناس، فقالوا لها: ما يضرّك لو قعدت للعزيز _ وكان يوسف سمّي العزيز _؟ فقالت: أستحيي منه، فلم يزالوا بها حتّى قعدت له، فأقبل يوسف(عليه السلام) في موكبه فقامت إليه وقالت: سبحان الذي جعل الملوك بالمعصية عبيداً وجعل العبيد بالطاعة ملوكاً، فقال لها يوسف(عليه السلام): أنت هاتيك؟ فقالت: نعم _ وكانت اسمها زليخا _ فأمر بها وحوّلت إلى منزله وكانت هرمة، فقال لها يوسف(عليه السلام): أ لست فعلت بي كذا وكذا؟ فقالت: يا نبيّ الله، لا تلمني، فإنّي بليت بثلاثة لم يبل بها أحد، قال(عليه السلام): وما هي؟ قالت: بليت بحبّك ولم يخلق الله في الدنيا لك نظيراً، وبليت بأنّه لم يكن بمصر امرأة أجمل منّي ولا أكثر مالاً منّي نزع عنّي، وبليت بزوج عنّين، فقال لها يوسف(عليه السلام): فما حاجتك؟ قالت: تسأل الله أن يردّ عليّ شبابي، فسأل الله فردّ عليها شبابها فتزوّجها وهي بكر.
المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٥٣
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٧٧
قال الباقر(عليه السلام) في قوله تعالی ﴿قَد شَغَفَهَا حُبًّا﴾: قد حجبها حبّه عن الناس، فلا تعقل غيره.
بيــان:
المشهور بين المفسّرين واللغويين أنّ المراد شقّ شغاف قلبها، وهو حجابه حتّى وصل إلى فؤادها.
المشهور بين المفسّرين واللغويين أنّ المراد شقّ شغاف قلبها، وهو حجابه حتّى وصل إلى فؤادها.
المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٥٣
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٧٨
قال أبو بصیر: قلت للصادق(عليه السلام): ما كان دعاء يوسف(عليه السلام) في الجبّ؟ فإنّا قد اختلفنا فيه، فقال(عليه السلام): إنّ يوسف(عليه السلام) لمّا صار في الجبّ وآيس من الحياة، قال: «اللّهمّ، إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك، فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب لي دعوة، فإنّي أسألك بحقّ الشيخ يعقوب فارحم ضعفه، واجمع بيني وبينه، فقد علمت رقّته عليّ وشوقي إليه».
ثمّ بكى الصادق(عليه السلام)، ثمّ قال وأنا أقول: «اللّهمّ، إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك، فلن ترفع لي إليك صوتاً، فإنّي أسألك بك فليس كمثلك شيء، وأتوجّه إليك بمحمّد(صلى الله عليه وآله) نبيّك نبيّ الرحمة، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله» ثمّ قال الصادق(عليه السلام): قولوا هذا وأكثروا منه، فإنّي كثيراً ما أقوله عند الكرب العظام.
المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٥٦
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٧٩
قال الصادق(عليه السلام): البكّاؤون خمسة: آدم(عليه السلام) ويعقوب(عليه السلام) ويوسف(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) بنت محمّد(صلى الله عليه وآله) وعليّ بن الحسين(عليه السلام).
فأمّا آدم فبكى على الجنّة حتّى صار في خدّيه أمثال الأودية.
وأمّا يعقوب(عليه السلام) فبكى على يوسف(عليه السلام) حتّى ذهب بصره وحتّى قيل له: ﴿تَاللهِ تَفتَأُ تَذكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَو تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ﴾.
وأمّا يوسف(عليه السلام) فبكى على يعقوب(عليه السلام) حتّى تأذّى به أهل السجن، فقالوا له: إمّا أن تبكي الليل وتسكت بالنهار وإمّا أن تبكي النهار وتسكت بالليل، فصالحهم على واحدة منهما.
وأمّا فاطمة(عليها السلام) فبكت على رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتّى تأذّى به أهل المدينة، فقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى المقابر _ مقابر الشهداء _ فتبكي حتّى تنقضي حاجتها ثمّ تنصرف.
وأمّا عليّ بن الحسين(عليه السلام) فبكى على الحسين(عليه السلام) عشرين سنة أو أربعين سنة، ما وضع بين يديه طعام إلّا بكى، حتّى قال له مولىً له: جعلت فداك يا بن رسول الله، إنّي أخاف عليك أن تكون من الجاهلين، قال(عليه السلام): ﴿إِنَّمَا أَشكُو بَثِّي وَحُزنِي إِلَى اللهِ وَأَعلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعلَمُونَ﴾، إنّي ما أذكر مصرع بني فاطمة(عليها السلام) إلّا خنقتني لذلك عبرة.
المصدر الأصلي: الخصال
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٦٤
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٠
قال الصادق(عليه السلام): إنّ يعقوب(عليه السلام) لمّا ذهب منه بنيامين نادى: يا ربّ، أ ما ترحمني؟ أذهبت عينيّ وأذهبت ابنيّ، فأوحى الله تبارك وتعالی إليه: لو أمتّهما لأحييتهما حتّى أجمع بينك وبينهما، ولكن أ ما تذكر الشاة ذبحتها وشويتها، وأكلت وفلان إلى جنبك صائم لم تنله منها شيئاً؟
قال الصادق(عليه السلام): إنّ يعقوب بعد ذلك كان ينادي مناديه كلّ غداة من منزله على فرسخ: ألا من أراد الغداء فليأت آل يعقوب، وإذا أمسى نادى: ألا من أراد العشاء فليأت آل يعقوب.
المصدر الأصلي: المحاسن
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٦٤-٢٦٥
الحديث: ١٠
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨١
قال الصادق(عليه السلام): جاء رجل إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال: يا نبيّ الله، إنّ لي ابنة عمّ قد رضيت جمالها وحسنها ودينها ولكنّها عاقر، فقال(صلى الله عليه وآله): لا تتزوّجها، إنّ يوسف بن يعقوب(عليهما السلام) لقي أخاه، فقال: يا أخي، كيف استطعت أن تتزوّج النساء بعدي؟ فقال: إنّ أبي أمرني وقال: إن استطعت أن تكون لك ذرّيّة تثقل الأرض بالتسبيح فافعل.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٦٦
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٢
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): خير وقت دعوتم الله فيه الأسحار، وتلا هذه الآية في قول يعقوب(عليه السلام): ﴿سَوفَ أَستَغفِرُ لَكُم رَبِّيَ﴾، فقال(صلى الله عليه وآله): أخّرهم إلى السحر.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٦٦
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٣
لمّا قدم يعقوب(عليه السلام) خرج يوسف(عليه السلام) فاستقبله في موكبه، فمرّ بامرأة العزيز وهي تعبد في غرفة لها، فلمّا رأته عرفته فنادته بصوت حزين: أيّها الذاهب، طالما أحزنتني، ما أحسن التقوى! كيف حرّر العبيد؟ وأقبح الخطيئة! كيف عبّدت الأحرار؟
المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٧٠
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٤
قال الصادق(عليه السلام): استأذنت زليخا على يوسف(عليه السلام)، فقيل لها: يا زليخا، إنّا نكره أن نقدّم بك عليه لما كان منك إليه، قالت: إنّي لا أخاف من يخاف الله، فلمّا دخلت قال(عليه السلام) لها: يا زليخا، ما لي أراك قد تغيّر لونك؟ قالت: الحمد للّٰه الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيداً، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكاً، قال لها: يا زليخا، ما الذي دعاك إلى ما كان منك؟ قالت: حسن وجهك يا يوسف، فقال(عليه السلام): كيف لو رأيت نبيّاً يقال له محمّد(صلى الله عليه وآله)؟ يكون في آخر الزمان، أحسن منّي وجهاً، وأحسن منّي خلقاً، وأسمح منّي كفّاً؟ قالت: صدقت، قال(عليه السلام): وكيف علمت أنّي صدقت؟ قالت: لأنّك حين ذكرته وقع حبّه في قلبي، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى يوسف(عليه السلام): أنّها قد صدقت، وإنّي قد أحببتها لحبّها محمّداً(صلى الله عليه وآله)، فأمره الله تبارك وتعالی أن يتزوّجها.
المصدر الأصلي: علل الشرائع
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٢٨١-٢٨٢
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٥
عن بعض أصحابنا، قال: قال الباقر(عليه السلام): أيّ شيء يقول الناس في قول الله عزّ وجلّ: ﴿لَولا أَن رَأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾؟ قلت: يقولون: رأى يعقوب(عليه السلام) عاضّاً على إصبعه، فقال(عليه السلام): لا، ليس كما يقولون، فقلت: فأيّ شيء رأى؟ قال(عليه السلام): لمّا همّت به وهمّ بها قامت إلى صنم معها في البيت، فألقت عليه ثوباً، فقال لها يوسف(عليه السلام): ما صنعت؟ قالت: طرحت عليه ثوباً أستحيي أن يرانا، فقال يوسف(عليه السلام): فأنت تستحيين من صنمك وهو لا يسمع ولا يبصر، ولا أستحيي أنا من ربّي؟
المصدر الأصلي: تفسير العيّاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٣٠١
الحديث: ١٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٦
قال الصادق(عليه السلام): جاء جبرئيل إلى يوسف(عليه السلام) في السجن، قال: قل في دبر كلّ صلاة فريضة: «اللّهمّ اجعل لي فرجاً ومخرجاً، وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب».
المصدر الأصلي: تفسير العيّاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٣٠١
الحديث: ١٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٧
قال الصادق(عليه السلام): لمّا قال یوسف(عليه السلام) للفتى: ﴿اذكُرنِي عِندَ رَبِّكَ﴾، أتاه جبرئيل، فضربه برجله حتّى كشط له عن الأرض السابعة، فقال له: يا يوسف، انظر ماذا ترى؟ قال(عليه السلام): أرى حجراً صغيراً، ففلق الحجر، فقال: ماذا ترى؟ قال(عليه السلام): أرى دودة صغيرة، قال: فمن رازقها؟ قال: الله، قال: فإنّ ربّك يقول: لم أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرض السابعة، أ ظننت أنّي أنساك حتّى تقول للفتى: ﴿اذكُرنِي عِندَ رَبِّكَ﴾؟ لتلبثنّ في السجن بمقالتك هذه بضع سنين، فبكى يوسف(عليه السلام) عند ذلك حتّى بكى لبكائه الحيطان، فتأذّی به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوماً ويسكت يوماً، وكان في اليوم الذي يسكت أسوأ حالاً.
المصدر الأصلي: تفسير العيّاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٣٠٢-٣٠٣
الحديث: ١٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٨
قال جابر: قلت للباقر(عليه السلام): رحمك الله، ما الصبر الجميل؟ فقال(عليه السلام): كان صبر ليس فيه شكوى إلى الناس، إنّ إبراهيم(عليه السلام) بعث يعقوب(عليه السلام) إلى راهب من الرهبان، عابد من العبّاد في حاجة، فلمّا رآه الراهب حسبه إبراهيم(عليه السلام) فوثب إليه، فاعتنقه، ثمّ قال: مرحباً بخليل الرحمن، قال يعقوب(عليه السلام): إنّي لست بإبراهيم(عليه السلام) ولكنّي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فقال له الراهب: فما بلغ بك ما أرى من الكبر؟ قال(عليه السلام): الهمّ والحزن، فما جاوز صغير الباب حتّى أوحى الله إليه أن يا يعقوب، شكوتني إلى العباد؟ فخرّ ساجداً عند عتبة الباب يقول(عليه السلام): ربّ لا أعود، فأوحى الله إليه: أنّي قد غفرتها لك فلا تعودنّ إلى مثلها، فما شكا شيئاً ممّا أصابه من نوائب الدنيا إلّا أنّه قال يوماً: ﴿إِنَّمَا أَشكُو بَثِّي وَحُزنِي إِلَى اللهِ وَأَعلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعلَمُونَ﴾.
المصدر الأصلي: تفسير العيّاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٣١٠
الحديث: ١٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٩
قال الصادق(عليه السلام) في قوله ﴿سَوفَ أَستَغفِرُ لَكُم رَبِّيَ﴾: أخّرهم إلى السحر ليلة الجمعة.
بيــان:
(١) قد حقّقنا في بعض كتبنا أنّ محبّة المقرّبين لأولادهم وأقربائهم وأحبّائهم ليست من جهة الدواعي النفسانية والشهوات البشرية، بل تجرّدوا عن جميع ذلك، وأخلصوا حبّهم وودّهم وإرادتهم للّٰه، فهم ما يحبّون سوى الله تعالی، وحبّهم لغيره تعالی إنّما يرجع إلى حبّهم له، ولذا لم يحبّ يعقوب(عليه السلام) من سائر أولاده مثل ما أحبّ يوسف(عليه السلام)، وهم لجهلهم بسبب حبّه له نسبوه إلى الضلال وقالوا: ﴿نَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ ونحن أحقّ بأن نكون محبوبين له؛ لأنّا أقوياء على تمشية ما يريده من أمور الدنيا، ففرط حبّه ليوسف(عليه السلام) إنّما كان لحبّ الله تعالی له واصطفائه إيّاه، ومحبوب المحبوب محبوب، فإفراطه في حبّ يوسف(عليه السلام) لا ينافي خلوص حبّه لربّه، ولا يخلّ بعلوّ قدره ومنزلته عند سيّده، وسيأتي الكلام في ذلك على وجه أبسط في محلّه، وفيما أوردته كفاية لأولي الألباب. (ص٣٢٥-٣٢٦)
(٢) قال الرازي فی تفسیره: الكلام على ظاهر هذه الآية: ﴿وَلَقَد هَمَّت بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَولا أَن رَّأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾ يقع في مقامين:
المقام الأوّل: أن نقول: لا نسلّم أنّ يوسف(عليه السلام) همّ بها والدليل عليه أنّه تعالی قال: ﴿وَهَمَّ بِهَا لَولا أَن رَّأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾، وجواب «لولا» هاهنا مقدّم وهو كما يقال: قد كنت من الهالكين لولا أخلّصك، وطعن الزجّاج في هذا الجواب من وجهين: الأوّل: أنّ تقدّم جواب «لولا» شاذّ وغير موجود في الكلام الفصيح، الثاني: أنّ «لولا» يجاب باللام، فلو كان الأمر على ما ذكرتم لقال: «لقد همّت به ولهمّ بها»، وذكر غير الزجّاج سؤالاً ثالثاً وهو أنّه لو لم يوجد الهمّ لما بقي لقوله: ﴿لَولا أَن رَأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾ فائدة.
واعلم أنّ ما ذكره الزجّاج بعيد؛ لأنّا نسلّم أنّ تأخير جواب «لولا» حسن جائز إلّا أنّ جوازه لا يمنع من جواز تقديم هذا الجواب، وكيف ونقل عن سيبويه أنّه قال: إنّهم يقدّمون الأهمّ والذي هم بشأنه أعنى، فكان الأمر في جواز التقديم والتأخير مربوطاً بشدّة الاهتمام، فأمّا تعيين بعض الألفاظ بالمنع فذلك ما لا يليق بالحكمة، وأيضاً ذكر جواب «لولا» باللام جائز، أمّا هذا لا يدلّ على أنّ ذكره بغير اللام لا يجوز؛ لأنّا نذكر آية أخرى تدلّ على فساد قول الزجّاج في هذين السؤالين وهو قوله تعالى: ﴿إِن كَادَت لَتُبدِي بِهِ لَولَا أَن رَّبَطنَا عَلَى قَلبِهَا﴾، وأمّا السؤال الثالث وهو أنّه لو لم يوجد الهمّ لم يبق لقوله ﴿لَولا أَن رَأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾ فائدة، فنقول: بل فيه أعظم الفوائد، وهو بيان أنّ ترك الهمّ بها ما كان لعدم رغبته في النساء وعدم قدرته عليهنّ، بل لأجل أنّ دلائل دين الله منعته عن ذلك العمل، ثمّ نقول: الذي يدلّ على أنّ جواب «لولا» ما ذكرناه، أنّ «لولا» يستدعي جواباً، وهذا المذكور يصلح جواباً له، فوجب الحكم بكونه جواباً له.
المقام الثاني: في الكلام على هذه الآية أن نقول: سلّمنا أنّ الهمّ قد حصل، إلّا أنّا نقول: إنّ قوله: ﴿وَهَمَّ بِهَا﴾ لا يمكن حمله على ظاهره؛ لأنّ تعليق الهمّ بذات المرأة محال؛ لأنّ الهمّ من جنس القصد، والقصد لا يتعلّق بالذوات الباقية، فثبت أنّه لا بدّ من إضمار فعل مخصوص يجعل متعلّق ذلك الهمّ، وذلك الفعل غير مذكور، فهم زعموا أنّ ذلك المضمر هو إيقاع الفاحشة، ونحن نضمر شيئاً آخر يغاير ما ذكروه، وبيانه من وجوه:
الأوّل: المراد أنّه همّ بدفعها عن نفسه ومنعها من ذلك القبيح؛ لأنّ الهمّ هو القصد، فوجب أن يحمل في حقّ كلّ واحد على القصد الذي يليق به، فاللائق بالمرأة القصد إلى تحصيل اللذّة والتنعّم والتمتّع، واللائق بالرسول المبعوث إلى الخلق القصد إلى زجر العاصي عن معصيته وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقال: هممت بفلان، أي بضربه ودفعه.
الوجه الثاني في الجواب: أن نفسّر الهمّ بالشهوة، وهذا مستعمل في اللغة الشائعة، يقول القائل فيما لا يشتهيه: ما يهمّني هذا، وفيما يشتهيه: هذا أهمّ الأشياء إليّ، فسمّى الله تعالی شهوة يوسف همّاً، فمعنى الآية: ولقد اشتهته واشتهاها، ولولا أن رأى برهان ربّه لدخل ذلك العمل في الوجود.
الثالث: أن نفسّر الهمّ بحديث النفس، وذلك لأنّ المرأة الفائقة في الحسن والجمال إذا تزيّنت وتهيّأت للرجل الشابّ القويّ فلا بدّ وأن يقع هناك بين الشهوة والحكمة، وبين النفس والعقل مجاذبات ومنازعات، فتارة تقوى داعية الطبيعة والشهوة، وتارة تقوى داعية العقل والحكمة.
فالهمّ عبارة عن جواذب الطبيعة، ورؤية البرهان عبارة عن جواذب العبودية، ومثاله أنّ الرجل الصالح الصائم في الصيف الصائف إذا رأى الجلّاب المبرّد بالثلج، فإنّ طبيعته تحمّله على شربه، إلّا أنّ دينه وهداه يمنعه منه، فهذا لا يدلّ على حصول الذنب، بل كلّما كانت هذه الحالة أشدّ،كانت القوّة في القيام بلوازم العبوديّة أكمل، فقد ظهر بحمد الله صحّة القول الذي ذهبنا إليه. (ص٣٣٠-٣٣٢)
(١) قد حقّقنا في بعض كتبنا أنّ محبّة المقرّبين لأولادهم وأقربائهم وأحبّائهم ليست من جهة الدواعي النفسانية والشهوات البشرية، بل تجرّدوا عن جميع ذلك، وأخلصوا حبّهم وودّهم وإرادتهم للّٰه، فهم ما يحبّون سوى الله تعالی، وحبّهم لغيره تعالی إنّما يرجع إلى حبّهم له، ولذا لم يحبّ يعقوب(عليه السلام) من سائر أولاده مثل ما أحبّ يوسف(عليه السلام)، وهم لجهلهم بسبب حبّه له نسبوه إلى الضلال وقالوا: ﴿نَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ ونحن أحقّ بأن نكون محبوبين له؛ لأنّا أقوياء على تمشية ما يريده من أمور الدنيا، ففرط حبّه ليوسف(عليه السلام) إنّما كان لحبّ الله تعالی له واصطفائه إيّاه، ومحبوب المحبوب محبوب، فإفراطه في حبّ يوسف(عليه السلام) لا ينافي خلوص حبّه لربّه، ولا يخلّ بعلوّ قدره ومنزلته عند سيّده، وسيأتي الكلام في ذلك على وجه أبسط في محلّه، وفيما أوردته كفاية لأولي الألباب. (ص٣٢٥-٣٢٦)
(٢) قال الرازي فی تفسیره: الكلام على ظاهر هذه الآية: ﴿وَلَقَد هَمَّت بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَولا أَن رَّأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾ يقع في مقامين:
المقام الأوّل: أن نقول: لا نسلّم أنّ يوسف(عليه السلام) همّ بها والدليل عليه أنّه تعالی قال: ﴿وَهَمَّ بِهَا لَولا أَن رَّأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾، وجواب «لولا» هاهنا مقدّم وهو كما يقال: قد كنت من الهالكين لولا أخلّصك، وطعن الزجّاج في هذا الجواب من وجهين: الأوّل: أنّ تقدّم جواب «لولا» شاذّ وغير موجود في الكلام الفصيح، الثاني: أنّ «لولا» يجاب باللام، فلو كان الأمر على ما ذكرتم لقال: «لقد همّت به ولهمّ بها»، وذكر غير الزجّاج سؤالاً ثالثاً وهو أنّه لو لم يوجد الهمّ لما بقي لقوله: ﴿لَولا أَن رَأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾ فائدة.
واعلم أنّ ما ذكره الزجّاج بعيد؛ لأنّا نسلّم أنّ تأخير جواب «لولا» حسن جائز إلّا أنّ جوازه لا يمنع من جواز تقديم هذا الجواب، وكيف ونقل عن سيبويه أنّه قال: إنّهم يقدّمون الأهمّ والذي هم بشأنه أعنى، فكان الأمر في جواز التقديم والتأخير مربوطاً بشدّة الاهتمام، فأمّا تعيين بعض الألفاظ بالمنع فذلك ما لا يليق بالحكمة، وأيضاً ذكر جواب «لولا» باللام جائز، أمّا هذا لا يدلّ على أنّ ذكره بغير اللام لا يجوز؛ لأنّا نذكر آية أخرى تدلّ على فساد قول الزجّاج في هذين السؤالين وهو قوله تعالى: ﴿إِن كَادَت لَتُبدِي بِهِ لَولَا أَن رَّبَطنَا عَلَى قَلبِهَا﴾، وأمّا السؤال الثالث وهو أنّه لو لم يوجد الهمّ لم يبق لقوله ﴿لَولا أَن رَأَى بُرهَانَ رَبِّهِ﴾ فائدة، فنقول: بل فيه أعظم الفوائد، وهو بيان أنّ ترك الهمّ بها ما كان لعدم رغبته في النساء وعدم قدرته عليهنّ، بل لأجل أنّ دلائل دين الله منعته عن ذلك العمل، ثمّ نقول: الذي يدلّ على أنّ جواب «لولا» ما ذكرناه، أنّ «لولا» يستدعي جواباً، وهذا المذكور يصلح جواباً له، فوجب الحكم بكونه جواباً له.
المقام الثاني: في الكلام على هذه الآية أن نقول: سلّمنا أنّ الهمّ قد حصل، إلّا أنّا نقول: إنّ قوله: ﴿وَهَمَّ بِهَا﴾ لا يمكن حمله على ظاهره؛ لأنّ تعليق الهمّ بذات المرأة محال؛ لأنّ الهمّ من جنس القصد، والقصد لا يتعلّق بالذوات الباقية، فثبت أنّه لا بدّ من إضمار فعل مخصوص يجعل متعلّق ذلك الهمّ، وذلك الفعل غير مذكور، فهم زعموا أنّ ذلك المضمر هو إيقاع الفاحشة، ونحن نضمر شيئاً آخر يغاير ما ذكروه، وبيانه من وجوه:
الأوّل: المراد أنّه همّ بدفعها عن نفسه ومنعها من ذلك القبيح؛ لأنّ الهمّ هو القصد، فوجب أن يحمل في حقّ كلّ واحد على القصد الذي يليق به، فاللائق بالمرأة القصد إلى تحصيل اللذّة والتنعّم والتمتّع، واللائق بالرسول المبعوث إلى الخلق القصد إلى زجر العاصي عن معصيته وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقال: هممت بفلان، أي بضربه ودفعه.
الوجه الثاني في الجواب: أن نفسّر الهمّ بالشهوة، وهذا مستعمل في اللغة الشائعة، يقول القائل فيما لا يشتهيه: ما يهمّني هذا، وفيما يشتهيه: هذا أهمّ الأشياء إليّ، فسمّى الله تعالی شهوة يوسف همّاً، فمعنى الآية: ولقد اشتهته واشتهاها، ولولا أن رأى برهان ربّه لدخل ذلك العمل في الوجود.
الثالث: أن نفسّر الهمّ بحديث النفس، وذلك لأنّ المرأة الفائقة في الحسن والجمال إذا تزيّنت وتهيّأت للرجل الشابّ القويّ فلا بدّ وأن يقع هناك بين الشهوة والحكمة، وبين النفس والعقل مجاذبات ومنازعات، فتارة تقوى داعية الطبيعة والشهوة، وتارة تقوى داعية العقل والحكمة.
فالهمّ عبارة عن جواذب الطبيعة، ورؤية البرهان عبارة عن جواذب العبودية، ومثاله أنّ الرجل الصالح الصائم في الصيف الصائف إذا رأى الجلّاب المبرّد بالثلج، فإنّ طبيعته تحمّله على شربه، إلّا أنّ دينه وهداه يمنعه منه، فهذا لا يدلّ على حصول الذنب، بل كلّما كانت هذه الحالة أشدّ،كانت القوّة في القيام بلوازم العبوديّة أكمل، فقد ظهر بحمد الله صحّة القول الذي ذهبنا إليه. (ص٣٣٠-٣٣٢)
المصدر الأصلي: تفسير العيّاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٢
، ص٣١٨
تذنیب: قال الشریف المرتضی(رحمة الله عليه) في تنزیه الأنبیاء:
مسألة: فإن قال: فلم أسرف يعقوب(عليه السلام) في الحزن والتهالك وترك التماسك حتّى ابيضّت عيناه من البكاء؟ ومن شأن الأنبياء التجلّد والتصبّر وتحمّل الأثقال، ولولا هذه الحال ما عظمت منازلهم وارتفعت درجاتهم.
الجواب: قيل له: إنّ يعقوب(عليه السلام) بلي وامتحن في ابنه بما لم يمتحن به أحد قبله؛ لأنّ الله تعالی رزقه من يوسف(عليه السلام) أحسن الناس وأجملهم وأكملهم علماً وفضلاً وأدباً وعفافاً، ثمّ أصيب به أعجب مصيبة وأطرفها؛ لأنّه لم يمرض بين يديه مرضاً يؤول إلى الموت فيسلّيه عنه تمريضه له ثمّ يئس منه بالموت، بل فقده فقداً لا يقطع معه على الهلاك فييأس، ولا يجد أمارة على حياته وسلامته فيرجو ويطمع، فكان متردّد الفكر بين يأس وطمع، وهذا أغلظ ما يكون على الإنسان وأنكى لقلبه.
وقد يرد على الإنسان من الحزن ما لا يملك ردّه ولا يقوى على دفعه، ولهذا لم يكن أحد منهيّاً عن مجرّد الحزن والبكاء، وإنّما نهي عن اللطم والنوح وأن يطلق لسانه بما سخط ربّه، وقد بكى نبيّنا(صلى الله عليه وآله) على ابنه إبراهيم عند وفاته وقال(صلى الله عليه وآله): «العين تدمع، والقلب يخشع، ولا نقول ما يسخط الربّ» وهو(صلى الله عليه وآله) القدوة في جميع الآداب والفضائل. على أنّ يعقوب(عليه السلام) إنّما أبدى من حزنه يسيراً من كثير، وكان ما يخفيه ويتصبّر عليه ويغالبه أكثر وأوسع ممّا أظهره، وبعد فإنّ التجلّد على المصائب وكظم الحزن من المندوب إليه، وليس بواجب لازم، وقد يعدل الأنبياء عن كثير من المندوبات. (ص٣٢١-٣٢٥)
مسألة: فإن قال: فلم أسرف يعقوب(عليه السلام) في الحزن والتهالك وترك التماسك حتّى ابيضّت عيناه من البكاء؟ ومن شأن الأنبياء التجلّد والتصبّر وتحمّل الأثقال، ولولا هذه الحال ما عظمت منازلهم وارتفعت درجاتهم.
الجواب: قيل له: إنّ يعقوب(عليه السلام) بلي وامتحن في ابنه بما لم يمتحن به أحد قبله؛ لأنّ الله تعالی رزقه من يوسف(عليه السلام) أحسن الناس وأجملهم وأكملهم علماً وفضلاً وأدباً وعفافاً، ثمّ أصيب به أعجب مصيبة وأطرفها؛ لأنّه لم يمرض بين يديه مرضاً يؤول إلى الموت فيسلّيه عنه تمريضه له ثمّ يئس منه بالموت، بل فقده فقداً لا يقطع معه على الهلاك فييأس، ولا يجد أمارة على حياته وسلامته فيرجو ويطمع، فكان متردّد الفكر بين يأس وطمع، وهذا أغلظ ما يكون على الإنسان وأنكى لقلبه.
وقد يرد على الإنسان من الحزن ما لا يملك ردّه ولا يقوى على دفعه، ولهذا لم يكن أحد منهيّاً عن مجرّد الحزن والبكاء، وإنّما نهي عن اللطم والنوح وأن يطلق لسانه بما سخط ربّه، وقد بكى نبيّنا(صلى الله عليه وآله) على ابنه إبراهيم عند وفاته وقال(صلى الله عليه وآله): «العين تدمع، والقلب يخشع، ولا نقول ما يسخط الربّ» وهو(صلى الله عليه وآله) القدوة في جميع الآداب والفضائل. على أنّ يعقوب(عليه السلام) إنّما أبدى من حزنه يسيراً من كثير، وكان ما يخفيه ويتصبّر عليه ويغالبه أكثر وأوسع ممّا أظهره، وبعد فإنّ التجلّد على المصائب وكظم الحزن من المندوب إليه، وليس بواجب لازم، وقد يعدل الأنبياء عن كثير من المندوبات. (ص٣٢١-٣٢٥)