باب في ذم التشبه بالكفار أورده الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان وذكر الروايات الورادة عن أهل البيت (عليهم السلام) التي تناولت موضوع التشبه بالكفار وكذلك الآيات التي تؤكد على التأسي بالأنبياء والصالحين من أتباعهم دون الأعداء من الكفار وأهل الكتاب.
- مفاتيح الجنان
- » الباقيات الصالحات
- » ذم التشبه بالكفار
الثامن والعشرون: عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: من رأى يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا فقال:
الحَمْدُ لله الَّذِي فَضَّلَنِي عَلَيْكَ بِالاسْلامِ دِينا وَبِالقُرْآنِ كِتابا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّا وَبِعَلِيٍّ إماما وَبِالمُؤْمِنينَ إخْوانا وَبِالكَعْبَةِ قِبْلَةً.
لم يجمع الله بينه وبين الكفّار في جهنم.
أقول: يستفاد من آيات وأحاديث كثيرة أنّ المسلم عليه أن يجتنب عن مودّة الكفار، والتحابب والميل إليهم، والتشبّه بهم وسلوك طريقهم. قال الله تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَأؤُاْ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ العَداوَةُ وَالبَغْضاءُ أَبَداً.
وروى الصدوق عن الصادق (عليه السلام) قال: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء، قل للمؤمنين: لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تسلكوا مسالك أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي. ولذلك نرى المنع في كثير من الأحاديث عن أعمال خاصّة اجتنابا عن التشبّه بالكفار.
كما روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: حُفّوا الشوارب واعفوا اللحى ولا تتشبهوا بالمجوس واليهود. وقال أيضا: إنّ المجوس جزّوا لحاهم ووفّروا شواربهم وإنّا نحن نجزّ الشوارب ونعفي اللحى، ولمّا بلغ دعوة النبي (صلّى الله عليه وآله) الملوك، كتب كسرى إلى عامل اليمن بأذان أن يبعث النبي (صلّى الله عليه وآله) إليه فبعث كاتبه بانويه ورجلاً آخر يقال له خرخسك إليه (صلى الله عليه وآله)، وكانا قد دخلا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما، فكره النظر إليهما وقال ويلكما من أمركما بهذا، قالا أمرنا بهذا ربنا – يعنيان كسرى – فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكن ربي أمرني باعفاء لحيتي وقصّ شاربي، واعلم أن الله تعالى قال في سورة هود: وَلا تَرْكَنُوا إِلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ الله مِنْ أَوَْلياَء ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ، وكلمة الركون فسرها المفسرون بالميل القليل فإذا كان هذا مقتضى الميل الخفيف فكيف الشديد منه، وقال بعضهم: إنّ الرّكون إليهم هو الدخول معهم في ظلمهم، واظهار الرضا بفعلهم، وإبداء الموالاة لهم. وروي عن أهل البيت (عليهم السلام): إنّ الركون هو مودتهم ونصحهم وإطاعتهم.