- ThePlus Audio
كيف نكون ممن يديم ذكر إمام زمانه (عجل الله تعالى له الفرج)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة ذكره (عجل الله فرجه) على الدوام
لا ينبغي للمؤمن أن يخلو قلبه من ذكر إمام زمانه (عج) في ساعة من الساعات خصوصا في ليالي الجمع وأيامها. فيندب إمامه يوم الجمعة ويبكي عليه، وخاصة من كان عند قبر الحسين (ع). فما أجدره بأن يخاطب إمامه (عج) قائلا: أين الطالب بدم المقتول بكربلاء؟ إن هذه الفقرة من دعاء الندبة لا ينبغي أن نقرأها في الدعاء فقط، بل الذي يقرأ هذه الفقرة من الدعاء عند قبر الحسين (ع) تحت القبة وعينه جارية؛ أكاد أقطع أن إمام زمانه (عج) يلتفت إليه احتراماً لجده (ع). يقول (عج): كيف يدعو لي هذا المؤمن تحت قبة الحسين (ع) لفرجي، ولا أدعو لفرجه؟ وكلنا مبتلون في زمان الغيبة، وكل واحد منا يبحث عن فرجه. ألست في ضيق؟ إن الفرج هو في مقابل الضيق، وليس الإمام (عج) هو وحده المبتلى في زمان الغيبة؛ بل جميعنا مبتلون.
اطلب من الله أن يلين قلبك له (عجل الله فرجه)
من الأدعية التي ينبغي أن يلهج بها المنتظر لإمام زمانه (عج) قوله اللهم: (لَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ)[١]. الهج بهذه الدعاء دائما. إننا أسارى بيد الشهوات والشبهات. إن الفكر مبتلى بالشبهة، والقلب مبتلى بالشهوة، فنحن محاصرون من جبهتين. وزماننا هو زمان الفتن الذي يُصبح فيه الإنسان مؤمناً، ويُمسي كافراً. الكثير من الآباء يشكون أبنائهم ويقولون: أصبح أولادنا يشككون في البديهيات، ويسألون: لم الصلاة؟ لم الصيام؟ وإلى آخر ذلك. وهذا الشك يبدأ بالأحكام الشرعية لينتهي بأصول الدين.
لا تنس أهلك وعيالك عند الدعاء له
ومن الأفضل في مثل هذا الزمان أن تقول: اللهم لين قلوبنا، وتقصد بذلك الزوجة والأولاد والأرحام والأمة الإسلامية جميعا. وتعني بهذا الدعاء: اللهم اجعل قلبي بيد مولاي (عج). وهنيئا لمن أصبح قلبه بيد مولاه يتصرف به هو (عج). ولكن كيف يتصرف في قلبك؟ إن أجهزة التحكم من البعد قد حلت المشكلة؛ فبيدك جهاز تحكم تتحكم من خلاله في التلفاز من بعد؛ فتطفئه وتشغله. ولكن الأمر أعظم من هذا المثال. فقد تكون مدبراً، فتدخل إلى الحرم؛ فتنفجر بالبكاء فجأة. من أين جاء هذا التغيير الفجائي؟ إنه تصرف الولي في قلبك. ولعل البعض يدخل إلى الحرم وقد بدرت منه معصية قُبيل ذلك. فقد نظر على سبيل المثال قبل ساعة إلى الحرام، فيدخل إلى الحرم في تلك الحال. هنا الإمام (عج) وكرامة لجده يعطيك نفحة من النفحات، وهذا هو معنى: لين قلوبنا لولي أمرك.
كيف تنساه ولا ينساك؟
ومن الأدعية التي ينبغي أن تلهج بها: (ولاَ تُنْسِنَا ذِكْرَهُ)[٢]. يصل الأمر ببعض المؤمنين أن يذكر إمامه (عج) من الصباح إلى الليل، ويغلب عليه ذكره (عج). فهو يأكل ساعة الإفطار ويدعو لفرجه مثلا. والبعض له محطة عاطفية؛ فهو يفكر في مأدبته، ويقول: يا ليتني كنت على مائدتك، وساعة السحر يدعو له، وفي ليالي القدر – كما ورد ذلك في المفاتيح – يُكثر من قول: اللهم كن لوليك. بل يصل الأمر بالبعض أن يستثمر كل لحظة أو ساعة من ساعات الاستجابة للدعاء له (عج). فهو يذهب تحت المطر ويدعو لفرج وليه، ويدعو له عند هبوب الرياح وعند كل زوال وتحت الميزاب وعند استلام الحجر. إنه يضع رأسه لثوان في الحجر فيدعو فيها لفرج ولي أمره (عج). هل هذا الإنسان منسي عند إمام زمانه (عج)؟
المعرفة الإشراقية
ومن الأدعية التي ينبغي المواظبة عليها في تعقيب الصلوات اليومية، والتي ورد ذكرها في دعاء زمن الغيبة: (اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ)[٣]. إن هذه المعرفة لا تُنال بقراءة كتب السيرة؛ فهي معرفة من نوع آخر. إنها معرفة إشراقية. لقد قرأت الكثير عن الإمام الحسين (ع)، وقرأت مقتله، وكتبت ما كتبت؛ ولكن يأتي إنسان بسيط عامي لا يقرأ ولا يكتب؛ فيقف عند الضريح ويتكلم مع الإمام كلامه مع الحي حقيقة لا تصوراً. إن هذا الإنسان قد عرفه الله حجته، وأصبح له قلب متصل. إذا سألته عن سيرة الإمام الحسين (ع) قال لك: لا أدري. وإن سألته عن كلماته، لم يعرفها، ولكن قلبه يميل إلى مولاه، فبمجرد أن تذكر له اسم المولى تجري دمعته. بعض الناس لم يدخل دورة عقائدية؛ ولكن إذا ذكر الله عز وجل وجلت قلوبهم. هل نحن هكذا؟ هل أذكر الله وأقول مثلا: بسم الله، يتحرك قلبي؟ إن هذا الإنسان قد عرفه رب العالمين نفسه.
دعاء الغريق والنجاة من فتنة وشيكة
لقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (سَتُصِيبُكُمْ شُبْهَةٌ فَتَبْقَوْنَ بِلاَ عَلَمٍ يُرَى وَ لاَ إِمَامٍ هُدًى وَ لاَ يَنْجُو مِنْهَا إِلاَّ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ اَلْغَرِيقِ قُلْتُ كَيْفَ دُعَاءُ اَلْغَرِيقِ قَالَ يَقُولُ يَا اَللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا مُقَلِّبَ اَلْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقُلْتُ يَا اَللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا مُقَلِّبَ اَلْقُلُوبِ وَ اَلْأَبْصَارِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُقَلِّبُ اَلْقُلُوبِ وَ اَلْأَبْصَارِ وَ لَكِنْ قُلْ كَمَا أَقُولُ لَكَ يَا مُقَلِّبَ اَلْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ)[٤].
هنيئاً لمن كان في زمان الإمام الصادق (ع) ويذهب إلى المدينة ويجلس معه؛ ولكننا قد حُرمنا ذلك. إننا في زمان لا علم يُرى ولا إمام هدى، فلابد أن ندعو بهذا الدعاء الذي سماه الإمام دعاء الغريق. إن الغريق لا يقول: النجدة وهو يضحك، ولا يقولها وهو ساه لأنه بعد لحظات يغوص في أعماق الماء ويختنق. كن كالغريق الذي لا ملجأ له ولا منجى إلا هذا الدعاء. إذا ربطت هذا الدعاء بالسجدة الأخيرة فلن تنساه بعد ذلك.
يصل الأمر بالشاب أن يدخل الجامعة فيواجه عشرات الشبهات العقائدية؛ فلا يهتز ويضحك عليهم. إذا أقام لك أحدهم ألف برهان على أن الشمس غير ساطعة، وأنت في وسط النهار؛ ألا تضحك عليه؟
به (عجل الله فرجه) يحيي الله القلوب الميتة
ومن الأدعية: (وَ أَحْيِ بِهِ اَلْقُلُوبَ اَلْمَيْتَةَ)[٥]. إن القلب المدبر قلب ميت وهذه مصيبة في جميع الأحوال وتتأكد هذه المصيبة في يوم عرفة وفي ليلة القدر. فقد تصاب في ليلة القدر بجفاف الدمع وقسوة القلب وهذه كارثة لابد أن تلجأ إلى الله عز وجل منها. توسل قبل تلك الليلة وقل: يا رب، لا تؤدبني بعقوبتك حتى لا يكون قلبي في ليلة القدر كالخرقة البالية.
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
- هنيئا لمن أصبح قلبه بيد مولاه يتصرف به هو (عج). ولكن كيف يتصرف في قلبك؟ إن أجهزة التحكم من البعد قد حلت المشكلة؛ فبيدك جهاز تحكم تتحكم من خلاله في التلفاز من بعد؛ فتطفئه وتشغله. ولكن الأمر أعظم من هذا المثال. فقد تكون مدبراً، فتدخل إلى الحرم؛ فتنفجر بالبكاء فجأة، لأنه تصرف فيه.
- لقد قرأت الكثير عن الإمام الحسين (ع)، وقرأت مقتله، وكتبت ما كتبت؛ ولكن يأتي إنسان بسيط عامي لا يقرأ ولا يكتب؛ فيقف عند الضريح ويتكلم مع الإمام كلامه مع الحي حقيقة لا تصوراً. إن هذا الإنسان قد عرفه الله حجته، وأصبح له قلب متصل، وهذه المعرفة الإشراقية خير من الاكتسابية.