- ThePlus Audio
ما هي أفضل الأوقات التي أضمن فيها الإجابة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
التسديد هو منة من الله عليك
من العبارات التي وردت في دعاء الافتتاح: (وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوَابِ بِمَنِّكَ)[١]، ولابد أن نضع علامة تحت كلمة: (بِمَنِّكَ). ويعني ذلك: أن هذا التسديد لا يكون للجميع وإنما هناك من أوكل الله أمرهم إلى أنفسهم لا يشملهم هذا التسديد والمن من الله سبحانه. ولذلك نطلب من الله سبحانه هذه الأمور الثلاثة المرتبطة بعضها ببعض: اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، ولا تسلب مني صالح ما أعطيتني أبدا ولا تردني إلى سوء استنقذتني منه أبدا. وقد صور لنا القرآن الكريم الإنسان الذي وكله الله إلى نفسه تصويرا مخيفا فقال عز وجل: (وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ)[٢]. تصور إنسانا سقط من قمة جبل هملايا؛ هل يبقى منه شيء؟ سل الله عز وجل أن يمن عليك بهذه الإدارة وبهذا التسديد.
إن أدعية أهل البيت (ع) مليئة بالدروس. إن نكهة يوم عرفة بدعاء الحسين (ع)، ونكهة ليلة الجمعة بدعاء كميل، ونكهة شهر رمضان بدعاء الافتتاح. عندما يسمع أحدنا في أول ليلة من الشهر دعاء الافتتاح من المآذن أو من التلفاز، يفرح قلبه، وتتغير أحواله. والمؤمن في شهر رمضان المبارك بين دعائين عظيمين من تراث أهل البيت (ع)؛ دعاء الافتتاح في أول الليل، ودعاء أبي حمزة في آخره.
ثم نقرأ في دعاء الافتتاح: (وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ اَلرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ اَلْعَفْوِ وَاَلرَّحْمَةِ، وَأَشَدُّ اَلْمُعَاقِبِينَ فِي مَوْضِعِ اَلنَّكَالِ وَاَلنَّقِمَةِ)[٣]. وتأملوا في هذا التوازن؛ فهما ككفتي الميزان. أين أرحم الراحمين من أشد المعاقبين؟ وهو أرحم الراحمين لا مطلقا وإنما في موضع العفو والرحمة.
متى ندعو؟
من موجبات الإجابة معرفة الوقت المناسب للدعاء. من المتعارف أن يقول الخطباء أو قراء العزاء عند اشتداد ذكر المصيبة يوم العاشر أو ليلة العاشر: أين أصحاب الحوائج؟ ولكنني لست من هؤلاء. كيف يطلب الرجل وهو في وسط البكاء على سيد الشهداء (ع) حاجته من الله وهو يقول مثلا: اللهم زوجني. يبكي على سيد الشهداء (ع) ويطلب امرأة؟ لا تجعل طلب الحوائج الشخصية في كل زمان ومكان؛ فللحوائج وقتها الذي ينبغي أن تعرفه.
قل من يؤذن ويقيم قبل أن يصلي، والحال أنهما لا يأخذان من وقت المصلي كثيرا. إن الصلاة من دون الأذان والإقامة صلاة صحيحة ولكن ليس هذا من الأدب. هل تدخل على السلطان من دون استئذان أو تنسيق مع الحاجب؟ هناك أمر مهم لا يأخذ منك الكثير من الوقت؛ حاول أن تقوم به بين الأذان والإقامة. خر لله ساجداً – وهذا مروي في كتبنا عن أمير المؤمنين (ع) – وقل: (رَبِّ لَكَ سَجَدْتُ خَاضِعاً خَاشِعاً ذَلِيلاً)[٤]. هنا يقول رب العالمين: (مَلاَئِكَتِي وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لَأَجْعَلَنَّ مَحَبَّتَهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِيَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَهَيْبَتَهُ فِي قُلُوبِ اَلْمُنَافِقِينَ)[٥].
ماذا لو جعل الله محبتك في قلوب العباد؟
ألا تبحث المحبة؟ إذا أحبتك زوجتك أطاعتك من دون زجر وصوت عال، وإذا أحبك ولدك خضع لك، وإذا أحبك رب العالمل سهل لك عملك وأعطاك إجازة للزيارات مثلا، وإذا أصبحت محبوبا لم تقف معاملاتك وإنما تسير بسهولة. إنك تصلي في اليوم ثلاث مرات صباحا ظهراً ليلاً، فأذن وأقم والتزم بينهما بما ذكرته لك حتى تكسب هذا العطاء العظيم من الله سبحانه. إنك تدعو بهذا الدعاء في اليوم ثلاث مرات، وفي السنة ألف مرة وفي عشر سنوات، عشرة آلاف مرة؛ أفلا تحتمل أن الله سبحانه يستجيب لك في إحدى هذه المرات؟
من موجبات الإجابة اغتنام الساعات المناسبة. إن شهر رمضان هو كسائر الشهور، هلال يبزغ وهلال يغيب ويوم العيد؛ فما الفرق بينه وبين غيره؟ لقد جعل الله عز وجل هذا الشهر، شهر الاستجابة. قد تقول: إنني بحمد الله لي زوجة مطيعة ودار وسيعة ودابة سريعة، وكل موجبات الدنيا مجتمعة لي ولكن هل يكفي هذا؟ أين المقامات في الآخرة، وأين سرعة الحساب؟ أين أن تكون مع النبي وآله (ص)؟ كلنا أصحاب حوائج حتى إمام زماننا (عج) له حاجة وهي فرجه.
في هذه الساعة يعطيك الله حاجتك
هناك ساعتان مهمان من ساعات الاستجابة. لقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (مَنْ قَامَ مِنْ آخِرِ اَللَّيْلِ فَذَكَرَ اَللَّهَ تَنَاثَرَتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ فَإِنْ قَامَ مِنْ آخِرِ اَللَّيْلِ فَتَطَهَّرَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَحَمِدَ اَللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، لَمْ يَسْأَلِ اَللَّهَ شَيْئاً إِلاَّ أَعْطَاهُ إِمَّا أَنْ يُعْطِيَهُ اَلَّذِي يَسْأَلُهُ بِعَيْنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ مَا هُوَخَيْرٌ لَهُ مِنْهُ)[٦]. وهذا الأمر ينفع حتى الذي لا يصلي الليل. فإذا كانت لديك حاجة غداً من معاملة مستعصية أو زواج ولد أو ما شابه، لا تقل: الليل للأولياء؛ فكن أنت في ليلة منهم وقم بهذا العمل وسل الله عز وجل ما تريد.
وقد يدخر الله لك سبحانه ما هو أفضل من حاجتك التي لم تؤتاها. فقد تريد مالاً أو بيتاً بمساحة مائة متر؛ فيعوضك عن ذلك جنة عرضها السماوات والأرض. أين هذا الكوخ البسيط وأين الجنة التي عرضها السماوات والأرض؟ وقد يريد الشاب فتاة جميلة ولكن باطنها ليس جميلا، فيقوم الليل يصلي فلا يُعطى الفتاة؛ ولكن الله سبحانه يعطيه فتاة تنجب له ولياً من أولياء الله أو مرجعاً للتقليد. أين هذه الإجابة مما طلب؟ قدم الطلب وكن مؤدباً، وقدم الطلب ولا تقترح؛ فالحكيم القدير العليم الخبير يعلم ماذا يعطيك. لتُبح لديك عادة قبل أن تتصل بالواسطة أو تدفع الرشاوى مثلا؛ أن تأتي بهاتين الركعتين في جوف الليل بهذه النية.
ساعة الزوال وطريقة الدعاء فيها
ومن هذه الساعات ما روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: كَانَ أَبِي إِذَا طَلَبَ اَلْحَاجَةَ طَلَبَهَا عِنْدَ زَوَالِ اَلشَّمْسِ فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ قَدَّمَ شَيْئاً فَتَصَدَّقَ بِهِ وَشَمَّ شَيْئاً مِنْ طِيبٍ وَرَاحَ إِلَى اَلْمَسْجِدِ وَدَعَا فِي حَاجَتِهِ بِمَا شَاءَ اَللَّهُ)[٧]. فإن كانت لك معاملة مهمة في الوزارة أو في دائرة من الدوائر، سل عن المصلى – عادة في المؤسسات تجد مصلى – وقبل أن تدخل على الوزير أو الوكيل في وقت الزوال الذي هو في حكم جوف الليل فصل ركعتين بعد أن تتصدق وتشم طيبا واطلب حاجتك فإنك ستنالها بإذن الله. إن صلاة المتطيب ضعف صلاة غير المتطيب بسبعين ضعفاً؛ فلماذا تفقد هذه المزية بطيب لا يكلفك ألف دينار؟ وقد تكون آيسا بحسب موازينك؛ ولكن لا تنسى أن الله عز وجل يعطي عباده ما يريد بمنه وكرمه.
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
• إن أدعية أهل البيت (ع) مليئة بالدروس. إن نكهة يوم عرفة بدعاء الحسين (ع)، ونكهة ليلة الجمعة بدعاء كميل، ونكهة شهر رمضان بدعاء الافتتاح. عندما يسمع أحدنا في أول ليلة من الشهر دعاء الافتتاح من المآذن أو من التلفاز، يفرح قلبه، وتتغير أحواله.
• هناك أمر مهم لا يأخذ منك الكثير من الوقت؛ حاول أن تقوم به بين الأذان والإقامة. خر لله ساجداً وقل: (رب لك سجدت خاضعا خاشعا ذليلا) (فلاح السائل ج١ ص١٥٢) . هنا يقول رب العالمين: (ملائكتي وعزتي وجلالي لأجعلن محبته في قلوب عبادي المؤمنين وهيبته في قلوب المنافقين).
• قد يدخر الله لك ما هو أفضل من حاجتك. فقد تريد مالاً أو بيتاً؛ فيعوضك عن ذلك جنة عرضها السماوات والأرض. وقد يريد الشاب فتاة جميلة ولكن باطنها ليس جميلا، فيقوم الليل يصلي فلا يُعطى الفتاة؛ ولكن الله سبحانه يعطيه فتاة تنجب له ولياً من أولياء الله أو مرجعاً للتقليد.