Search
Close this search box.
  • المحافظة على الوقت والزي والهيئة المناسبة عند الصلاة
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

المحافظة على الوقت والزي والهيئة المناسبة عند الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

المحافظة على أوقات الصلاة

لقد فرض الله سبحانه على المسلمين الصلاة وجعل لها وقتا معلوما؛ فقال عز من قائل: (إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا)[١]. يريد الله سبحانه منا أمرين: الأمر الأولى: هو إقامة الصلاة، والأمر الثاني: الصلاة في أول الوقت. بإمكان رب العالمين أن يُلزمنا بالصلاة في أول الوقت، وأن يقول: من لم يصلي الصلاة في أول الوقت كانت صلاته قضاء، ثم عاقبنا كما يُعاقب تارك الصلاة أو المستخف بها؛ فهو رب الأرباب وله أن يفعل ما يشاء. ولكنه لا يفعل ذلك من باب اللطف والعناية. ولو فعل لرأيت عدد العاصين على وجه الأرض أضعاف ما عليه الآن؛ ولكن الله عز وجل جعل الصلاة مخيرة بين الوقتين؛ لا كالصوم والحج. ليس من حقك أن تحج إلا في شهر ذي الحجة لا متى ما شئت؛ بخلاف الصلاة.

حذار من أن يسبقك العمر وأنت أنت

إن كانت الصلاة لا تهمك في مقتبل العمر حيث تكون مشغولا بالشهوات، والغفلات؛ فسيأتي عليك في كبر السن يوما تقل فيه الشهوات، ويقل الاستمتاع؛ فهنيئا لمن جعل متعته طوال عمره في الصلاة والعبادة. والذي قد بلغ من العمر ما بلغ، ولا أعني بذلك كبار السن فقط؛ فمن بلغ الأربعين من العمر ولم يرتب وضعه الباطني، فهو في طريقه إلى الخسران.

لا فرق بين الواجب والمستحب عند المؤمن

ثم إن المؤمن يصل إلى درجة من درجات الكمال؛ لا يفرق كثيرا بين الواجب والمستحب. إذ أن الواجب مطلوب لله عز وجل والمستحب مطلوب له. فهو عينه على رغبة مولاه، وعلى مراد المولى، لا على النار وموجبات الدخول فيها. والفرق بين الواجب والمستحب؛ هو أن تارك الواجب يعاقب، وتارك المستحب لا يُعاقب، والفرق بين الحرام والمكروه، هو أن فاعل الحرام يعاقب، وفاعل المكروه متروك.

ولكن المؤمن لا يبني أعماله على ما يوجب له العقاب فعله أو تركه؛ وإنما يبحث عما يرضي ربه. وبذلك تُصبح له الصلاة جماعة كصلاة الفريضة، فيكفي عنده أن الله سبحانه يُحب أن يراه مصلياً جماعة في المسجد. ويستيقظ مثلا عند الفجر تاركا لذيذ النوم وقد يكون الفجر ذلك، فجر ليلة زفافه ويقول: إنني أريد أن أصلي صلاة يريدها ربي، كاملة بحدودها وآدابها. فمن وصل إلى هذه الدرجة فقد بلغ مرتبة من الكمال.

فضل الصلاة في أول الوقت

والغريب أن أحدنا في حياته اليومية يراعي هذه القاعدة. تصور أنك ضيف عند إنسان كبير في المجتمع أو عند تاجر أو أمير؛ فطلبت منه ماء لتشرب. فبدل أن يأتيك بماء بارد، أتاك بماء حار في الصيف من الأنبوب. ماذا ستقول عنه؟ إن الضيف إذا طلب منك ماء؛ فيكفي أصل الماء؛ ولكنك لا تكتفي بذلك، وتبرد الماء له وتجعله في إناء نظيف على طبق فاخر، إن لم يكن معه أمورا أخرى. فنحن في ضيافة البشر لا نأتي بالواجب، وإنما نأتي بالواجب والمستحبات. وكذلك الأمر في الولائم؛ حيث تكفي قطعة خبز لسد جوع الضيوف؛ ولكننا ماذا نصنع لهم؟ ألا نعد لهم من ألوان الطعام والشراب تكريما لهم؟

وما يضرنا لو كنا بهذه المثابة في صلواتنا؟ لماذا لا نأتي بالمستحبات مع الواجب؟ إن المستحبات هي مما تجبر النقص في الواجبات. ولماذا لا تكون هذه الصلوات في الأوقات التي حددها الله لنا سبحانه؟ إن الصلوات في غير وقتها كالماء الذي تطلبه في الصيف فيأتيك ساخنا. تخيل في الصيف الحار أن تطلب من صاحب البيت ماء فيأتيك بماء ساخن. ومن الممكن أن يعتبر أحدنا ذلك قلة احترام ويخرج من بيته.

كيف تسمع النداء ثم تبقى جالسا؟

ثم إن من يسمع النداء رب العالمين ويسمع الأذان، ثم لا يلبي؛ فكأنه في مقام العمل يقول: يا رب، إنني غير مكترث بالمثول بين يديك. لو أنك دعوت إنساناً إلى عرس ابنك وخاصة من الأرحام؛ كيف سيكون موقفك منه إن لم يكن له عذر؟ بالطبع إذا لم يحضر الرجل في مجالسك حزنا كانت أو فرحا، تتأكد أنه غير مكترث بك ولا يقيم لك ولا لمناسباتك وزنا.

فكيف إذا كان الرجل جار المكان الذي أقيمت فيه المراسم؟ إننا في مقام العمل عندما نستمع إلى الأذان ولا نتحرك؛ كأننا نقول: يا رب، إنني سمعت صوت الأذان وأنا فارغ؛ ولكن مشاهدة التلفاز مقدم عليك، أو لقائي مع صاحبي مقدم على اللقاء بك. وترى الرجل يجلس في المقهى والدخان يخرج من أنفه وفمه، ويحتسي القهوة وهو يسمع الأذان ولا يبالي؛ أي الدخان والجلوس مع الأصحاب أحب إليه من الحديث مع رب العالمين؛ فهل لهذا الإنسان وزن عند الله.

هل يمنعك العمل عن الصلاة في أول الوقت؟

ثم نحن بحمدالله في مؤسساتنا وفي بلداننا الإسلامية لا نجد من يمنعنا من الصلاة في أول الوقت في كثير من الأحيان. بل إننا نجد في الوزارات والمطارات، وحتى بعض المطارات الأجنبية مصلى للمسلمين. فهل يبقى للمؤمن عذر بعد ذلك؟ وللأسف الشديد نجد من الناس من قد لا يصلي فريضة في أول الوقت. فتراه في العمل يذهب زميله للصلاة وهو يستغل تلك الفترة للاتصال بهذا وذاك أو بقراءة الأباطيل، ثم يذهب إلى المنزل منهكا لا مزاج له؛ فيصلي الصلاة التي وصفها النبي (ص) نقرا كنقر الغراب.

ما هو الزي المناسب للمصلي؟

ومن الأمور التي ينبغي أن يهت بها المصلي هو اللباس. إن أصحاب كل مهنة والعساكر، وحتى الذي ينظف الطرقات له زي خاص به. هذا ولكل أمة وطائفة زيها. فعلى سبيل المثال إننا نرى شيوخ العشائر يظهرون بثيابهم المتعارفة؛ ولكنهم في المراسيم يتزين أحدهم ويقول: إنني في وضع يُطلب مني أن أظهر بمظهر مميز. فما هو الزي المناسب لنا في وقت الصلاة؟ حاول ألا تصلي وأنت في ثياب النوم؛ فهذا عدم اكتراث بمن تواجهه. إننا نرى في موسم الحج والعمرة في الأيام الحارة؛ بعض الطائفين يأتي بثياب خفيفة لا يقابل بها أحقر الناس؛ فلا تصلي بهذه الهيئة؛ بل تزين، وتطيب.

البعض منا يتزين في المسجد لا لله، وإنما لأصحابه، والدليل أنه يصلي صلاة الفجر في المنزل بثياب النوم؛ فإذا كان ارتدائه لتلك الثياب لله، فاللقاء في الفجر هو اللقاء نفسه مع الله سبحانه في الظهر والعصر وفي غير ذلك من الأوقات. أليس اللقاء هو اللقاء؟ أليست الصلاة هي الصلاة؟ فلماذا تصلي بفم تخرج من رائحة كريه، وبثياب النوم، وبوضع لا يليق بلقاء الله عز وجل؟ إن بعض كبار الأولياء له في المنزل ثوب خاص بالصلاة ناهيك عن مكان الصلاة وغير ذلك. لقد روي عن إمامنا الصادق (ع) أنه قال: (قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ اَلْجَمَالَ وَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ اَلنِّعْمَةِ عَلَى عَبْدِهِ)[٢]. وتتمسك بعض النساء بهذا الحديث لتظهر زينتها للآخرين؛ ولكنها تغفل عن أن إظهار الجمال يكون بما يحبه الجميل، لا بما يبغضه.

أهمية التطيب عند الصلاة

ومن الممكن أن يلبس المعصوم ثوباً خلقا، كما استحى إمامنا أمير المؤمنين (ع) من راقع ثوبه؛ ولكننا لم نعهد أن الإمام كان يظهر بمظهر غير مناسب أو في زي غير نظيف. كيف يكون ذلك وقد روي عنهم: (اَنَّ الثَّوبَ يُسَبِّحُ، فَاِذا اَتَّسَخَ انْقَطَعَ تَسْبيحُهُ)[٣]، ولا عجب من ذلك فكل شيء يُسبح ولكننا لا نفقه تسبيحهم. فلا تذهب إلى المسجد إلا وأنت متطيب بأفضل الطيب والبخور؛ فقد كان النبي (ص) كان يُنفق على الطيب أكثر مما كان ينفق على الطعام. فلا سرف في أن تبالغ في الطيب. وعندما تصلي بهذه الحالة سترى في صلاتك لوناً مميزاً.

[١] سورة النساء: ١٠٣.
[٢] الکافي  ج٦ ص٤٣٨.
[٣] كنزالعمال، ح ٢٦٠٠٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • المؤمن لا يبني أعماله على ما يوجب له العقاب فعله أو تركه؛ وإنما يبحث عما يرضي ربه. وبذلك تُصبح له الصلاة جماعة كصلاة الفريضة، فيكفي عنده أن الله سبحانه يُحب أن يراه مصلياً جماعة في المسجد.
  • من الممكن أن يلبس المعصوم ثوباً خلقا، كما استحى إمامنا أمير المؤمنين (ع) من راقع ثوبه؛ ولكننا لم نعهد أن الإمام كان يظهر بمظهر غير مناسب أو في زي غير نظيف. كيف يكون ذلك وقد روي عنهم: (اَنَّ الثَّوبَ يُسَبِّحُ، فَاِذا اَتَّسَخَ انْقَطَعَ تَسْبيحُهُ)؟
Layer-5.png