Search
Close this search box.
  • أدعية الوضوء الفائتة وحجم خسارتنا إلى الآن…!
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

أدعية الوضوء الفائتة وحجم خسارتنا إلى الآن…!

بسم الله الرحمن الرحيم

التأمل في أدعية الوضوء وبركات ذلك

لقد وردت في الروايات الشريفة أدعية خاصة بالوضوء؛ لو تأمل المؤمن مضامينها لجرت دمعته. وهنيئاً لمن امتزجت دمعته مع ماء الوضوء؛ كما كان أمير المؤمنين (ع) يتوضأ. من هذه الأدعية: (اَللَّهُمَّ لَقِّنِّي حُجَّتِي يَوْمَ أَلْقَاكَ)[١]. إن الرجل ليؤمر به يوم القيامة إلى القيامة إلى النار، فيقول كلمة تعفيه من دخول النار، وهي: يا رب، ما كان هكذا ظني بك. إنني في دار الدنيا كنت أمني نفسي بالحور والقصور ولحم طير مما يشتهون، وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، والآن يكون شغلي مع الزقوم والضريع؟ وهذا تلقين من الله سبحانه لهذا العبد؛ فهذا المعنى لا يخطر ببال كل أحد. فهو يدخل بتوقعه هذا، وكأنه استجيب له هذا الدعاء: (اَللَّهُمَّ لَقِّنِّي حُجَّتِي يَوْمَ أَلْقَاكَ).

من نعم الله؛ انطلاق اللسان بالذكر والشكر

ويقول الإمام أمير المؤمنين (ع) في تكملة هذا الدعاء: (وَأَطْلِقْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ)[٢]. وإننا لنتأمل في حياة بعض المؤمنين؛ فلا نجد تكلفاً عندهم في الذكر، بل العكس من ذلك. إن البعض منهم عندما يسكت فترة من الزمن حيث يُبتلى بغافل يشغله بالحديث يسأم منه ومن محادثته ويشعر بالعذاب جراء ذلك؛ لأنه يشغله عن الذكر. إنه عندما يضطر أن يعاشر الغافلين أحيانا؛ يشعر بحالة من حالات الاختناق. ولهذا نرى أن المؤمن المراقب يلهج بذكر الله عز وجل بين وقت وآخر؛ ليخفف ما في جوفه من هذا الكبت والتبرم الباطني.

لماذا يثقل اللسان عن الذكر؟

ومن لم يُطلق الله لسانه بالذكر يعاني كثيرا ولا تجري على لسانه الأذكار والأوراد بسهولة. إننا نلاحظ أن البعض ينشغل بقراءة إنا أنزلناه في يوم الجمعة، أو ينشغل بقراءة هذه السورة ألف مرة في ليلة القدر؛ وكأن الوقت يُطوى له، فينتهي منها بسرعة. وترى في المقابل من يريد أن يقرأ هذه السورة عشر مرات فيتلعثم ويثقل لسانه، وكأن جبلا على رأسه. لأن الأول يلتذ بالذكر وهذا يستثقل الذكر.

للموالين؛ أفضل الأذكار وأعظمها

ثم إن المؤمن يبحث عن أكثر الأذكار فائدة وأجرا كتسبيحات مولاتنا فاطمة (س). أي مؤمن في قلبه حب النبي وآله (ص)؛ يطاوعه قلبه أن يقوم من مصلاه من دون أن يذكر الله بتسبيحات مولاتنا فاطمة (س). ما الذي ورائك؟ الآن قد أتيت بالصلاة نقرا كنقر الغراب؛ ولكن تمهل بعد الصلاة، وقم بهذه التسبيحات على أقل التقادير. ترى البعض تثقل عليه حتى هذه التسبيحات التي لا تأخذ من وقته إلا الدقائق القليلة، ثم بعد ذلك يجلس أمام التلفاز أربع ساعات ليشاهد كل ما هب ودب. إن هذا الإنسان محبوس عن الذكر لسانه.

دعاء الاستنشاق

ثم استنشق إمامنا (ع) – أدخل الماء في أنفه – وقال: (اَللَّهُمَّ لاَ تُحَرِّمْ عَلَيَّ رِيحَ اَلْجَنَّةِ وَاِجْعَلْنِي مِمَّنْ يَشَمُّ رِيحَهَا وَرَوْحَهَا وَرَيْحَانَهَا وَطِيبَهَا)[٣]. ولكن ما هو الفرق بين الريح والروح؟ إن الريح هو مسك الجنة ونحن لا نعلم كيف هو؛ فإذا كان خمر الجنة يُنعش من دون سكر؛ فكيف بطيبها؟ أما الروح – والله العالم – هو باطن الجنة، ونعيمها غير المحسوس. فالروائح تُشم، ولكن هناك روح في الجنة لا يُدرك بالحواس ولعله الرضوان الذي قال عنه سبحانه: (وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ)[٤].

دعاء غسل الوجه واليدين

ثم غسل إمامنا (ع) وجهه وقال: (اَللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ اَلْوُجُوهُ وَلاَ تُسَوِّدْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ فِيهِ اَلْوُجُوهُ)[٥]. وهنا انتقل الإمام (ع) مرة أخرى إلى عرصات القيامة. فظاهر الأمر وضوء وباطنه ذكر لعرصات القيامة. ثم غسل يده اليمنى وقال (ع): (اَللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَاَلْخُلْدَ فِي اَلْجِنَانِ بِيَسَارِي وَحَاسِبْنِي حِسٰاباً يَسِيراً)، وغسل يده اليسرى وقال: (اَللَّهُمَّ لاَ تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي). ولا أريد أن أفصل؛ فمن أراد التفصيل فليراجع كتب الدعاء.

ثواب لا يُمكن أن تتصوره

ثم قال الإمام (ع) بعد الانتهاء من الوضوء: (يَا مُحَمَّدُ مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي وَقَالَ مِثْلَ قَوْلِي خَلَقَ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكاً يُسَبِّحُهُ وَيُقَدِّسُهُ وَيُكَبِّرُهُ وَيَكْتُبُ اَللَّهُ لَهُ ثَوَابَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ)[٦]. وهذا الأدعية التي ذكرها الإمام (ع) يأتي بها الإنسان وهو في أثناء الغسل والمسح؛ فهي لا تستغرق منه وقتا زائدا عن وقت الوضوء ولكن الأجر أجر عظيم. كم فوتنا إلى يومنا هذا من الأجر الكبير السهل هذا؟

هل تستكثر على كرم رب العالمين الذي إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون؟ لدى الله سبحانه الكثير من الملائكة التي ملأت السماوات والأرض، من ملائكة الأمطار، وملائكة الرياح، وملائكة الحبوب والثمار؛ أضف إليها ملائكة الوضوء. فصمم أن تتوضأ من الآن فصاعدا؛ وضوء علوياً. لا تستغرب هذه الأجور؛ فهي من باب التفضل، والله عز وجل واسع كريم. إنك تعبده في دار الدنيا أربعين عاما فيُعطيك جنة الخلد أبد الآبدين. فأين الأبدية من السنوات الخمس والأربعين؟ ولهذا رأيت بعض المؤمنين قد جعل هذا الدعاء أمام المرآة في المنزل وستحفظه لاحقا إن أدمنته.

أغسال ضائعة…!

وكم اغتسلت بلا نية أيضا؟ كم دخلت الحمام في غير الجمعة والجنابة، وجلست ساعة أو نصف الساعة أو ربع الساعة من دون نية؟ هذا والبعض مقيد بالاستحمام في اليوم مرة قبل العمل أو بعده؛ فلماذ يفوت على نفسه هذه الفرصة الذهبية؟ والغريب أننا نجد أن هذا الغسل داخل في تركيبة الأعمال دخولاً غريباً؛ كما سورة والحمد والتوحيد وسورة القدر الداخلة في تركيبة الصلوات اليومية.

من هذه الموراد طلب الحاجة. فالإنسان الذي له حاجة، يستحب له الغسل قبل الطلب. ولقد كان أمير المؤمنين (ع) يغتسل في الليالي الباردة طلباً للنشاط في صلاة الليل. ومنها أنه يُستحب لك إذا ظُلمت؛ أن تغتسل وتصلي ركعتين ثم تدعو على من ظلمك.

زيارة سهلة للحسين (عليه السلام) على طريقة الإمام الصادق (عليه السلام)

وبإمكانك إذا دخلت الحمام أن تغتسل غسل زيارة الحسين (ع) في غير الجمعة والجنابة؛ وأن تعمل بعد ذلك بوصية إمامك الصادق (ع) التي أوصى بها سديرا، وهي: (مَا عَلَيْكَ يَا سَدِيرُ أَنْ تَزُورَ قَبْرَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَرَاسِخَ كَثِيرَةً فَقَالَ لِي اِصْعَدْ فَوْقَ سَطْحِكَ ثُمَّ تَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ ثُمَّ اُنْحُ نَحْوَاَلْقَبْرِ وَتَقُولُ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اَللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ تُكْتَبُ لَكَ زَوْرَةٌ وَاَلزَّوْرَةُ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ قَالَ سَدِيرٌ فَرُبَّمَا فَعَلْتُ فِي اَلشَّهْرِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً)[٧]. وكلما اشتاق الإنسان لزيارة الحسين (ع) عمل بهذه الرواية.

[١] بحار الأنوار  ج٧٧ ص٣١٨.
[٢] جامع الأخبار  ج١ ص٦٣.
[٣] جامع الأخبار  ج١ ص٦٣.
[٤] سورة التوبة: ٧٢.
[٥] جامع الأخبار  ج١ ص٦٣.
[٦] جامع الأخبار  ج١ ص٦٣.
[٧] الکافي  ج٤ ص٥٨٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن أدعية الوضوء التي وردت عن الإمام أمير المؤمنين (ع) يستطيع أن يأتي بها الإنسان وهو في أثناء الغسل والمسح؛ فهي لا تأخذ منه وقتا زائدا عن وقت الوضوء ولكن الأجر أجر عظيم. كم فوتنا إلى يومنا هذا من الأجر الكبير السهل هذا؟
Layer-5.png