Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

مظاهر عظمة السيدة زينب (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

شخصية سيدتنا زينب الكبرى (عليها السلام)

من الشخصيات النسائية المتميزة في تاريخ البشرية –  لا أقول في تاريخ الإسلام فحسب – سيدتنا زينب الكبرى (ع). إن هذه السيدة لا نعرفها إلا من خلال صبرها في كربلاء وخطبها، وهي ليست كثيرة بالنسبة إلى عمرها وما كان منها في أرض المدينة مثلا بعد استشهاد أخيها لا يعدو سنة من عمرها. ولكن هذه لم تكن هذه العظمة وليدة كربلاء وإنما قبل ذلك. إننا نعلم أن ما يصدر من الإنسان من المواقف، ومن الأعمال؛ إنما هي انعكاس للمزايا الباطنية. إن صبر زينب (ع) وصبرها في يوم عاشوراء وحديثها في الكوفة وفي الشام لم يكن أمراً حادثاً وانما انعكاس لما كانت عليه من الملكات والسجايا.

رعاية المعصومين لها

أولا: لا ننسى دور المعصوم. إن المعصوم إإذا توجه إلى أحد واختصه منه بنظرة ولائية أو معصومية أو ما شئت فعبر؛ فسيكون لها دور بليغ في تسريع عملية التكامل. ومثاله في عالم الزراعة قوله تعالى: (فأذا فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)[١]. إن بعض النباتات تنمو من دون مطر؛ ولكن إذا جاء المطر تزاد سرعة النمو. فمن الممكن أن الإنسان ينمو لوحده نمواً متعارفاً ولكن النظرة الولائية لها دور في مضاعفة النمو والله يقول: (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَالله)[٢].

رعاية النبي لها

إن هذه السيدة ولدت في حياة جدها النبي الأكرم (ص)، والنبي (ص) متصل بالسماء وبأخبار الغيب وباللوح المحفوظ الذي فيه أخبار ما كان وما يكون. إن النبي (ص) والوصي لهما علاقة بالعرش؛ فإما أن تكون المعلومات كلها نازلة و يطلع عليها متى ما أراد، و هذا بحث آخر. فهناك كلام في هل أن العلم اللدني حاضر عند المعصوم أو إذا شاء علم؟ ولنتيجة واحدة. والنبي الأكرم (ص) يعلم عاقبة هذه البنت. إنه كان يقول: (حُسَيْنٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنِ)[٣]؛ أي الحسين (ع) من ذريته ومن نسله فهو ابنه، ولكن أنا من حسين؛ أي بقاء الرسالة من الحسين (ع)، والنبي (ص) يعلم أن هذا البقاء بمعونة أخته زينب. إن النهضة الحسينية حسينية الحدوث وزينبية البقاء. فلا نستبعد؛ بل هو القول الصحيح أن بقاء الرسالة من الحسين وزينب (ع).

حق السيدة زينب (عليها السلام) على الناس

إن كل مسلم على وجه الأرض عليه أن يكون ممنوناً للحركة الحسينية؛ فلو بقي الحكم الأموي على حاله لكان للإسلام وضع آخر. بل إن من العوامل الظاهرية لبقاء إمامنا زين العابدين (ع) هي زينب (ع). فهي لها حق الحياة على بن أخيها زين العابدين (ع). فعندما أراد الطاغية أن يقتل الإمام: رأينا كيف أن زينب (ع) وقفت ذلك الموقف. إن هذه السيدة قد حظيت بنظرة جدها المباركة.

ثانيا: لما ولد الحسين (ع) يبدو أن ولادته كانت مقترنة بالبكاء على شهادته. إنني لا أستبعد أنه عندما ولدت هذه السيدة بكى عليها حتى أبواها؛ أعني أمير المؤمنين (ع) والزهراء (ع)؛ فهم ينظرون إلى هذه البنت البريئة ويعلمون أنها ستسبى من بلد إلى بلد، فمن الطبيعي أن تنتابهما حالة من الحزن والبكاء.

إنها عاشت في كنف النبي (ص) والزهراء وعلي ثم الحسنين (ع). أي كانت عين أصحاب الكساء عليها وهم قد رعوا هذه السيدة الجليلة. بالطبع إن ما نقوله لا يعني الجبر؛ بل إننا نقول: لأنها حظيت بالنظرة الكريمة وكانت لها القابلية أصبحت على ما أصبحت عليه. وكل هذه البركات والنظرات المباركة ثمرتها الصبر الزينبي في يوم عاشوراء.

جبل الصبر أم الرضا؟

إن اسم زينب مقترن بالصبر؛ هذا ما يقولونه على المنابر. إنها جبل الصبر، وما شابه ذلك. إلا أنني أقول: إن مرتبة الصبر مرتبة عالية؛ ولكن الأعلى من مرتبة الصبر هو الرضا بما جرى. تارة يصبر الإنسان على المصيبة لأنه لا حل أمامه إلا الصبر، ولا فائدة من الفرار والجزع. وهنا العقل يقول: هذه مرتبة جيدة. ولكن هذه السيدة ارتقت من الصبر إلى الرضا؛ أي طابقت مشيئتها مشيئة رب العالمين. إن هذا الذي نذكره ويذكره الجميع وتلهج به الألسنة من قولها: رأيت إلا جميلاً؛ هو ليس من باب المجاملة وليست هي قطعة نثر أو نظم، وإنما هذه السيدة – حقيقة –  رأت القتل جميلا. لأن الله عز وجل شاء ذلك.

ثم هي بالإضافة إلى الرضا بقضاء الله عز وجل؛ كانت لها حالاتها الروحية المتألقة. لقد وصل إلينا خبر صلاتها ليلة الحادي عشر، ولكن تخيل ماذا صنعت بعد ؟ هل تستبعد أنها تصلي صلاة الليل وهي راكبة على عجف النياق وترى أمامها رأس أخيها؟ ها هذا المقام هين؟ إن ملائكة العرش كيف صورت امرأة أسيرة على نوق بغير وطاء تنظر إلى رأس أخيها وهي تقول: الله أكبر، وتلهج بحمد الله وتسبيحه؟ هذه لمحة عابرة من مقاماتها (ع).

[١] سورة الحج: ٥.
[٢] سورة البقرة: ٢٦١.
[٣] كشف الغمة  ج٢ ص٦١.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن اسم زينب مقترن بالصبر فهي جبل الصبر. إلا أنني أقول: إن مرتبة الصبر مرتبة عالية؛ ولكن الأعلى من مرتبة الصبر هو الرضا بما جرى. تارة يصبر الإنسان على المصيبة لأنه لا حل أمامه إلا الصبر. ولكن هذه السيدة ارتقت من الصبر إلى الرضا؛ أي طابقت مشيئتها مشيئة رب العالمين.
  • إن كل مسلم على وجه الأرض عليه أن يكون ممنوناً للحركة الحسينية؛ فلو بقي الحكم الأموي على حاله لكان للإسلام وضع آخر. بل إن من العوامل الظاهرية لبقاء زين العابدين هي زينب. فهي لها حق الحياة على بن أخيها. فعندما أراد الطاغية أن يقتل الإمام: رأينا كيف أن زينب (ع) وقفت ذلك الموقف.
Layer-5.png