Search
Close this search box.
  • مناقب السيدة الزهراء (ع) ومنزلتها عند أبيها المصطفى (ع)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

مناقب السيدة الزهراء (ع) ومنزلتها عند أبيها المصطفى (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

مناقب الزهراء (سلام الله عليها)

حديثنا عن الزهراء (ع) ومناقبها وموقعها من النبي الأكرم (ص). إن النبي الأكرم (ص) مرتبط بعالم الغيب في كل ما يصدر منه من أقوال وأفعال ومشاعر. ويكون رضاه رضى الله عز وجل، وغضبه غضب الله عز وجل. وصحيح أن له مشاعر الأبوة تجاه فاطمة (ع) ولكنها مشاعر أيضا مرتبطة بعالم الغيب.

مكانة الزهراء (سلام الله عليها) عند النبي (صلى الله عليه وآله)

إن هذا التقدير النبوي للزهراء (ع) لم يتفق لامرأة في حياته (ص). من الطبيعي أن يكون لسيدة نساء العالمين معاملة لا تشبهها معاملة. وعندما نزل قوله تعالى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا)[١]، كان البعض ينادي النبي (ص) باسمه ولم يكن يقدر النبي (ص) ولا يخاطبه برسول الله. تقول الرواية: (قالت فاطمة عليها السّلام : لمّا نزلت: لاٰ تَجْعَلُوا دُعٰاءَ اَلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعٰاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً  ،هبت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أن أقول له: يا أبة، فكنت أقول: يا رسول اللّه ، فأعرض عنّي مرّة أو اثنتين أو ثلاثا، ثمّ أقبل عليّ فقال: يا فاطمة ! إنّها لم تنزل فيك، ولا في أهلك، ولا في نسلك، أنت منّي وأنا منك؛ إنّما نزلت في أهل الجفاء و الغلظة من قريش أصحاب البذخ و الكبر؛ قولي: يا أبة ،فإنّها أحيى للقلب، و أرضى للربّ)[٢].

إعراض تربوي

ولكن كيف يعرض عن حبيبته فاطمة؟ إن هذا الإعراض بالطبع كان مقدمة لبيان منقبة لها، وملاطفة لها. وتعبيره: أنت مني وأنا منك تعبير من التعبيرات التي وردت في حق الحسين (ع) ولكن القاعدة هي القاعدة. وواضح أن الزهراء (ع) هي ابنته، وأنا منك هي بنفس التوجيه الذي ورد في قوله: وأنا من حسين. إن بقاء الرسالة وبقاء هذا الدين إنما كان بفضل هذه الدماء الزاكية، وكلها مرتبطة بأمهم الزهراء (س).

زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) للزهراء (سلام الله عليها)

إن النبي الأكرم كان يزور فاطمة (ع) كثيرا. ولم ينقل لنا التاريخ ولا الروايات ما كان يجري بين الوالد والبنت، فهي أسرار بينهما كما كانت هناك خلوات وأسرار بين أمير المؤمنين (ع) والنبي (ص) حتى علمه ألف باب من العلم.

أيضا عندما كان النبي يجلس مع الزهراء (ع)؛ كان يدور بينهما ما يدور. ونحن لا نعلم ما هي الأسرار الفاطمية والنبوية. ولكن لا بأس أن نشير إلى ظاهرة مادية. نحن عندما يزورنا وجيه من وجهاء البلد؛ نقدم له ضيافة معتبرة من وليمة إلى آخره؛ ولكن تخيل النبي (ص) قد دخل على الزهراء؛ خاتم الأنبياء على سيدة النساء، ويا له من لقاء مميز. فما هي الضيافة؟ إنها كسرة يابسة من خبز شعير. أولا كسرة خبز لا خبزة كاملة ويابسة غير طرية وليس من القمح وإنما من الشعير. فأفطر عليها النبي (ص) ويبدو أنه كان صائما.

رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجوع ثلاثة أيام

تقول الرواية أن النبي قال (ص) بعد أن تناول الكسرة: (يَا بُنَيَّةِ هَذَا أَوَّلُ خُبْزٍ أَكَلَ أَبُوكِ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامِ فَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ تَبْكِي وَرَسُولُ اَللَّهِ يَمْسَحُ وَجْهَهَا بِيَدِهِ)[٣]. إن من يسمع هذا الحديث قد يتأثر وينكسر قلبه على النبي (ص) وعلى الزهراء (س)؛ ففكيف بحال فاطمة (س) وهي تشهد الحدث كما يقال حياً. إن رب العالمين قد ابتلاهم بالفقر للاعتبار. وماذا فعل هذا المنظر بملائكة السماوات؟

وأخيراً ننقل هذه الرواية من كتاب المناقب: (كَانَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِذَا أَرَادَ سَفَراً كَانَ آخِرَ اَلنَّاسِ عَهْداً بِفَاطِمَةَ وَإِذَا قَدِمَ كَانَ أَوَّلَ اَلنَّاسِ عَهْداً بِفَاطِمَةَ)[٤]. إنه كان يودع الأصحاب والزوجات وإلى آخره، ولكن آخر من يودع هي الزهراء (ع). ويدل ذلك على ماذا؟ إذا أتيت من سفر ولك عشرة من الأولاد وخصصت أحدهم بالزيارة ألا يدل ذلك على كمال الشوق؟ إن النبي (ص) وهو في السفر وفي الغزوة أو في الحجة شوقه إلى الزهراء.

لقاء النبي بها (سلام الله عليهما) عند الرجوع من السفر

من المفروض أن يرجع من السفر ويستقر في المنزل وتأتي البنت هي لتزور أباها. هذا وإننا نلاحظ أن الوالد إن أتى من السفر فلم يزره  أولاده عاتبهم وقال: ما هذه الجفوة؟ يقول البعض من العلماء: لو لم يكن لها عند الله فضل عظيم لم يكن رسول الله (ص) يفعل معها ذلك. لقد أمر الله بتعظيم الوالد فكيف إذا كان رسول الله (ص)؟ ولكن النبي كسر هذه القاعدة ويبدو أن هذا كان ديدن النبي (ص) لا في مرة ومرتين وإنما دائما.

[١] سورة نور: ٦٣.
[٢] عوالم العلوم  ج١١ ص٩٨.
[٣] بحار الأنوار  ج٤٣ ص٤٠.
[٤] المناقب  ج٣ ص٣٣٣.
Layer-5.png