- ThePlus Audio
أهمية الاستغفار في حياة المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم الصلاة على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين
لا يخلو المؤمن من هذه الحالات..!
إنَّ الاستغفار هو ورد المؤمن الدائم وقلَّ ما يخلو دعاء أو مناجاة من الاستغفار بين يدي الله سبحانه وتعالى، والسبب في ذلك هو أنَّ المؤمن في حياته أو الإنسان بشكل مطلق يعيش سلبيتين؛ سلبية المعصية وسلبية الغفلة عن ذكر الله عز وجل، فالإنسان إما أن يكون مطيعاً في أحسن الأحوال وإما أن يكون عاصياً أو غافلاً، والغفلة ليست معصية والإنسان الغافل المنشغل باللذات المباحة من قبيل لذة النساء والطعام والشراب لا يرتكب منكراً ولا حراماً ولكنه يعيش حالة من حالات الغفلة عن الله عز وجل أثناء انشغاله بالمباحات، والقرآن الكريم يقول بصريح القول: (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)[١]، إنَّ الإنسان الجائع عندما يجلس على المائدة ويأكل بنهم أو الشاب في ليلة الزفاف من الطبيعي أن يستغرقا في عالم الشهوات حتى المباحة منها، ولهذا من الحسن أن يعود الإنسان إلى نفسه بعد انتهاء الشهوة وانقضاء اللذة ويستغفر الله عز وجل من غفلته.
حتى النبي (صلى الله عليه وآله) كان يستغفر الله عز وجل..!
ولذلك النبي الأكرم (ص) كان يقول: (إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً)[٢]، ولم يكن على وجه الأرض من هو أشد مراقبة لله عز وجل منه (ص)، والآن مما كان استغفار النبي (ص) وكيف؛ هذا الأمر متروك له (ص)، ولكن لو أردنا التأسي بالنبي (ص)؛ فعلينا الاستغفار في جميع المناسبات.
كيفية استغفار لمن يريد أن يفتح صفحة جديدة في حياته
ومن أفضل أوقات الاستغفار هو عقيب الصلاة الواجبة، ولهذا نرى استحباب الاستغفار سبعين مرة بعد صلاة العصر، وينصح العلماء من قام بمعصية كبيرة أو غلطة غير متوقعة أو أراد أن يفتح صفحة جديدة في حياته أن يغتسل غسل التوبة قربة إلى الله عز وجل، ولا بأس بأن يعيش حالة الاستغفار أثناء غسله؛ فيتذكر عند صب الماء البارد على رأسه ذلك اليوم الذي يصب الحميم على رؤوس العصاة، ويتذكر وهو عريان في الحمام؛ خروجه عريانا من قبره وبعثه عرياناً يوم القيامة وذليلاُ قد تهرئت الأكفان وليس ثم ما يستر عورته، ولو تم الغسل بهذه الكيفية لشعر بالإنابة والخشوع ولعله يغتسل والدموع تجري على خديه، ثم يصلي بعد ذلك ركعتين في جوف الليل ويسجد بعدها ويقول: استغفر الله ربي وأتوب إليه سبعين مرة.
حسنات الأبرار، سيئات المقربين
وهذا استغفار جيد بعد ارتكاب المعاصي الكبيرة، ونحن لا نعني بالمعاصي الكبيرة الكبائر من الذنوب فحسب، بل إنَّ حسنات الأبرار سيئات المقربين، وقد يشعر المؤمن في بعض الحالات عند خوضه في ما لا يعنيه شعور من ارتكب الفاحشة، لأنه يعلم أن الله عز وجل يراه ولذلك يرى المعصية الصغيرة كبيرة من الكبائر، وقد ورد في الأثر: (لاَ تَنْظُرْ إِلَى صِغَرِ اَلْخَطِيئَةِ وَ لَكِنِ اُنْظُرْ إِلَى مَنْ عَصَيْتَ)[٣]، لقد عصيت جبار السماوات والأرض.
هل هناك علامة لقبول التوبة؟
هناك مجموعة من العلامات نستشف منها أنَّ التوبة قد قبلت، والتي منها: الشعور بالخفة والنشاط وكأن الإنسان قد أزاح أن ظهره ثقلاً كبيراً، ويشعر الإنسان ببرد وحلاوة المغفرة يعرفها بالوجدان، والعلامة الأخرى: هي الشعور بالندامة العميقة التي تجعله يكره المعصية، لا أن يميل إليها ثم يتراجع عنها بل يرى قبح المعصية فلا يدنو منها على الإطلاق؛ إذ أنَّ هناك من يستلذ بالغيبة، أما المؤمن فيصل إلى مرحلة يرى ملكوت الغيبة وأنها أكل للميتة؛ فلا يفكر فيها أبداً، ولذلك قيل: أنَّ أفضل علامة تدل على قبول التوبة؛ هي عدم ميل المؤمن إلى تلك المعصية والشعور بالبغض والكراهية تجاه تلك المعصية؛ إذ أنَّ الإنسان قد يندم على معصية ولكنه يميل في باطنه إلى أن يعيد الكرة، وأما علامة التوبة المقبولة في ساحة الحياة هي عدم مزاولة المعصية؛ فإذا مرت على الإنسان فترة من الزمن لم يعد فيها إلى تلك المعصية فليعلم أن الله عز وجل قد غفر له ذنبه، وقد يعيش البعض بعد الاستغفار والندامة هاجس الغضب والانتقام الإلهي وهذا يأس من رحمة الله عز وجل ولا وجه له وهي حالة غير صحية.
ماذا نفعل مع القلب القاسي؟
ولا بأس بالإنسان الذي يجد في قلبه قساوة أو يعيش حالة العبثية واللهو والغفلة في ليلة من ليالي القدر المباركة، أو في الطواف حول البيت، أو في وقفة من وقفات عرفة أو أمام مشهد من مشاهد الأئمة (ع)؛ أن يذكر نفسه بمعاصيه السابقة حتى يبدأ حركة جديدة مع الله عز وجل؛ إذ أنَّ البعض يحركه تذكر النعم الإلهية والبعض الآخر يحركه تذكر المعاصي، وما دامت هذه الذكرى والتذكرة تحركك للتوبة فأكرم بها وأنعم.
إنَّ الإنسان سواء أذنب أم لم يذنب، عليه أن يتخذ من الاستغفار ورداً له واستغفار واحد مع حضور القلب خير من ألف استغفار وأنت لا تعيش حالة الندامة والغفلة عن الله عز وجل.
خلاصة المحاضرة
- إنَّ الإنسان سواء أذنب أم لم يذنب، عليه أن يتخذ من الاستغفار ورداً له واستغفار واحد مع حضور القلب خير من ألف استغفار وأنت لا تعيش حالة الندامة والغفلة عن الله عز وجل.