- ThePlus Audio
علي بن جعفر (عليه السلام) وقمة الأدب في التعامل مع الإمام
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
إنَّ في حياة أئمتنا (ع) نرى وجود طبقة من الرواة ومن أصحابهم (ع) لهم مواقف تمثل كمال الأدب تجاه الإمام، ونرى في المقابل وجود البعض ممن صدرت منه مواقف وكلمات لا تليق بشأن الأئمة (ع)؛ كبعض الحسنيين الذين أساءوا التصرف مع الأئمة (ع).
ولكن انظروا إلى هذه العينة المباركة نتعلم منه كيفية التأسي بالإمام، وعندما أقول الإمام أعني حقيقة الإمام الباقية على مر الدهور وإذا أمرنا بالتأدب معهم فهذا الأمر يسري في زماننا هذا أيضاً.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ – وله مقام ينسب إليه في بلدة قم وله شخصية مستقلة في كتب الرجال – جَالِساً بِالْمَدِينَةِ وَكُنْتُ أَقَمْتُ عِنْدَهُ سَنَتَيْنِ – ولاحظا هنا عبارة أقمت عنده سنتين وينقل الرواي عن علي بن جعفر في سنتين ما رواه عن الإمام الكاظم، وكان علي بن جعفر قد عاش إلى زمان الإمام الجواد (ع) – أَكْتُبُ عَنْهُ مَا يَسْمَعُ مِنْ أَخِيهِ يَعْنِي أَبَا اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اَلْمَسْجِدَ مَسْجِدَ اَلرَّسُولِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ – وتصوروا فارق السن بينهما – فَوَثَبَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ بِلاَ حِذَاءٍ وَلاَ رِدَاءٍ فَقَبَّلَ يَدَهُ وَعَظَّمَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَا عَمِّ اِجْلِسْ رَحِمَكَ اَللَّهُ – وكأن الإمام (ع) قد خجل من هذ التعظيم إذ خرج عليه بلا حذاء ولا رداء وقبل يد الإمام – فَقَالَ يَا سَيِّدِي كَيْفَ أَجْلِسُ وَأَنْتَ قَائِمٌ – كيف اجلس وأنت إمام العصر قائم – فَلَمَّا رَجَعَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى مَجْلِسِهِ جَعَلَ أَصْحَابُهُ يُوَبِّخُونَهُ وَيَقُولُونَ أَنْتَ عَمُّ أَبِيهِ وَأَنْتَ تَفْعَلُ بِهِ هَذَا اَلْفِعْلَ فَقَالَ – وهذه العبارة أطلقها منذ مئات السنين في مسجد جده رسول الله (ص) ونحن نتلوا هذه الفضيلة منه وهذا هو الخلود – اُسْكُتُوا إِذَا كَانَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ لَمْ يُؤَهِّلْ هَذِهِ اَلشَّيْبَةَ وَأَهَّلَ هَذَا اَلْفَتَى وَوَضَعَهُ حَيْثُ وَضَعَهُ أُنْكِرُ فَضْلَهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّا تَقُولُونَ بَلْ أَنَا لَهُ عَبْدٌ.[١]
وقد يستغرب أحدنا عندما يسمع كلمة العبد، والحال أننا نستعمل كلمة رب البيت ورب الأسرة في حياتنا اليومية؛ فإذا كان هناك رب فثم عبيد وهم الأولاد والصغار الذين يطيعون أياهم ويسمعون كلامه، وهنا العبودية بمعنى الطاعة والإحترام بمعنى الامتثال كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)[٢]، وليست العبودية هنا بمعنى التأليه وإنما هي بمعنى الطاعة فلا ضير أن يقول علي بن جعفر (ع): أنا عبد من عبيد أبي جعفر الجواد (ع) وهي الكلمة نفسها التي قالها أمير المؤمنين (ع) بالنسبة إلى النبي (ص).