- ThePlus Audio
إجابة على بعض الأسئلة التي وصلت إلى الشيخ حبيب الكاظمي
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم الصلاة على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين
ما هو السبب أو الحكمة التي جعلت أكثر من نبي أو رسول يسألون الله عز وجل أن ينزل العقوبة على أقوامهم؟
نحن نعلم أنَّ قيمة الإنسان بإنسانيته، والقرآن الكريم يصف الإنسان البعيد عن منهج الله سبحانه كالمنافقين والكافرين بالخشب تارة – اعتبرهم القرآن الكريم جماداً – وبالأنعام السائمة تارة أخرى؛ بل أنَّه جعلهم أضل من ذلك، ونستنتج من ذلك أنَّ الإنسان له قيمة واحترام عند الله عز وجل ما حافظ على إنسانيته، أما إذا تحول إلى خشب أو إلى جماد، هل سيأسف أحد على احتراق خشبة؟ خاصة إذا كانت الخشبة هذه من الخشب التي لا نفع فيها وليس من الخشب الذي ينتفع به الإنسان ويحتفظ به، وإذا ما وصل الإنسان إلى درجة يكون فيها عدمه خير من وجوده؛ فعندئذ تنزل العقوبات بهم ولا ضير في ذلك، وكذلك من أهداف الأنبياء بالدعاء على الأمم المنحرفة بالهلاك – وإنما الدعاء بالهلاك يكون على أمة محددة كقوم لوط – اعتبار سائر الأمم بمصير هؤلاء المنحرفين، إذ أنَّه من الطبيعي أن تعيش عدة أمم في زمان واحد، وقد كان الله عز وجل يبعث أكثر من رسول في زمان واحد إلى حضارات متعددة، ومدن مختلفة، وعندما يسمع أهل اليمن أو فارس أو الروم بنزول العذاب على قوم لوط؛ بالطبع أنَّ ذلك سيكون من موجبات قوة الدعوة عند سائر الأنبياء، إذ أنَّ الخبر سينتشر في زمانهم وسيسجل في التاريخ وينقل إلى الأمم التي تأتي بعد ذلك وتسمع عن غرق الأمة الفلانية وهلاك آخرين وخسف كخسف قارون تعرضت لها الأمم من قبلهم، وهذه من الأمور التي توجب رجحان الدعاء على هلاك بعض الأقوام.
ألا يمكن اعتبار عدم تفريق النبي (صلى الله عليه وآله) بين فاطمة بنت أسد وبين أبي طالب من القرائن التي تدل على عدم شركه (عليه السلام)، بمعنى أن الرجل تبين منه زوجته المسلمة إن كان كافراً أو بقي على كفره؟
نعم، بعد تسلمينا بإسلام فاطمة بنت أسد نستطيع القول بأنَّ الزوج لو لم يكن مسلماً لفرق النبي (ص) بينهما.
نحن نعلم أن الأئمة (عليهم السلام) هم ورثة الأنبياء، فهل إذا تعرض الأئمة (عليهم السلام) لمثل ما تعرض له الأنبياء من المحن، كانوا يتصرفون كما تصرف الأنبياء أم أنَّ تصرفهم سيكون أفضل من ذلك؟
إنهم ورثة الأنبياء في الموقع والمقام والعلم وليس في التصرفات الفردية، إنَّ ما وقع على الإمام الحسين (ع) في يوم عاشوراء في الحقيقة من المواقف التي تستحق الدعوة البليغة من سيد الشهداء بهلاك هؤلاء القوم ونزول العذاب السريع عليهم، ولكنه (ع) تأسى بجده المصطفى (ص) حينما خير بين إهلاك قريش أو إبقائهم وقل مقولته الشهيرة تلك: (اَللَّهُمَّ اِهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)[١]، فأوكل (ع) أمر الانتقام الشامل العام والإبادة الجور الظلم إلى ولدهم المهدي (عج) عندما يخرج ليحقق جميع رسالات الأنبياء (ع).
الا یمکن اعتبار سیر النبي یونس الی بطن الحوت ترتیبٌ الهي لبناء ذات النبي لیصل الی درجة الأجتباء؟
ألا يمكن اعتبار دخول النبي يونس (عليه السلام) إلى بطن الحوت؛ ترتيب إلهي لبناء ذات النبي (ع) وإيصاله إلى درجة الاجتباء؟
نحن لا نقول: أنَّ الله عز وجل قد ورط يونس (ع) عمداً حتى يجتبيه، بل نقول: إنَّ الله سبحانه لم يكن يرغب في أكل آدم من الشجرة المنهية، وهذا أمر واضح، ولكنَّه قد أكل وقصر حتى أخرج من الجنة، وقد رأف به الله عز وجل ولقنه الكلمات التي تاب الله عليه من خلالها، وأعطاه الشريعة؛ إذ أنَّ الشريعة لم تهبط عليهم هكذا جزافاً، إنَّما الشريعة منة إلهية وهي طريق الوصول إليه عز وجل، إنَّ الله عز وجل لا يرضى لعباده الانحراف وارتكاب المنكر، ولكن لو أوقع المؤمن نفسه في الخطأ؛ فإنَّ الله عز وجل يتدارك الموقف فيتوب عليه ليتوب.