العشق الإلهي في دعاء كميل

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
السلام علیکم اخواني اخواتي جمیعا ورحمة الله وبرکاته

نتکلم هذه اللیلة عن بعض الفقرات من دعاء امیرالمؤمنین صلوات الله وسلامه علیه؛ من الواضح لو دار الأمر بین قرائة دعاء کمیل هکذا قرائة بلا تفاعل وبین التأمل في فقرة من الفقرات بتأمل بما یورث الخشوع والخشیة هل من البعید أن نقول أن التأمل في فقرة بما یورث الخشیة خیر من القرائة التي لا خشیة فیها ولطالما قلنا اخواني اخواتي أنه فرق شاسع وأُکد علی كلمة شاسع بین قرائة الدعاء وبین الدعاء بتلك الألفاظ فرق بین القرائة هذه من صفات اللسان وبین الدعاء هذا من صفات القلب ومن الممکن أن یدعوا احدنا بقلبه من دون تلفظ! تری مؤمناً في زاویة المسجد تراه من بعید ودموعه علی خدیه هذا ماذا یصنع؟ یناجي ربه مناجات خفیة إذ نادی ربه نداءً خفیا القرآن الکریم یدعونا أن ندعوا الله في أنفسنا تضرعاً اذاً علیکم بالتضرع معه لفظ أم لم یکن معه لفظ طبعا ما أحسن الدعاء واللفظ اذا اجتمعا.
بعد هذه المقدمة الموجزة حقیقتا هذه الفقرات من دعاء امیرالمؤمنین علیه السلام أقل ما نقول عنها بأنها مذهلة قل من تأمل في هذه الفقرات نقرأها في کل لیلة جمعة ولکن انظروا الی العشق الالهي في قلب امیرالمؤمنین، أين تجد نظیراً لهذا العشق في غیر قلب حبیبه وأخيه المصطفی محمد صلی الله علیه وآله وسلم؟ تقریبا في منتصف دعاء کمیل هکذا دعاء امیرالمؤمنین اللحن لحن حبي عشقي غرامي ما شئت فعبر یقول امامنا یا الهي وربي وسيدي ومولاي لإي الأمور الیك أشکوا ولما منها أضج وابكي یقول في نار جهنم هناك نوعان من العذاب انا أبكي لأيهما؟ اول العذاب الیم العذای وشدته طول البلاء ومدته في محاکم الدنیا هکذا عندما یُسجن انسان یُحکم علیه بالسجن عادة یقال له أنت محکوم سنة سنتین ثلاث سنوات السجن ثقیل ولکن الذي یخفف الأمر أن السنوات محدودة ولکن اذا حُکم علیه بالسجن المؤبد کما یعبر طبعا تعبیر المؤبد تعبیر غیر صحیح الدنیا لیست مؤدبة قل سجن الی الموت لو أن السجین اُدخل السجن وقیل له هذا الحبس بین یوم وبین المؤبد هذا کم یعیش من العذاب في السجن لم؟ لأنه لا یعلم متی الخلاص! انا لم اری في روایة أن الانسان عندما یدخل نار جهنم مثلا یقال مدة بقائك في جهنم مثلا خمسة آلاف سنة عشرة آلاف سنة طبعا العدد مهول ولکن لو قیل ایضا هان الخطب قلیلاً انسان یدخل نار جهنم ولا یعلم أن بقائه سنة أو ألف سنة هذا کم یعیش من العذاب اذاً هذا شق من عذاب جهنم یوم القیامة ولکن امیرالمؤمنین یقول الهي وسیدي ومولاي وربي صبرت علی عذابك الآن هب انني صبرت جدلاً علی عذابك لأنه یقول وهبني صبرت یعني هکذا لنفترض أنني صبرت فکیف أصبر علی فراقك یارب عذاب جهنم في کفة وفراقك سیدي في کفه! في نار جهنم لیس هنالك الرضوان! الرضوان في الجنة سلام علیکم السلام الالهي في الجنة لا في النار یارب کیف اتحمل فراقك؟ عدم تحمل الفراق عند من؟ عند المحب وفي قضیتنا المحب هو صاحب العذاب یا له من حب! انسان له هذه المحبة لمن أدخله نار جهنم الهي لو أدخلتني النار أعلمت أهلها إني أحبك. وهبني صبرت علی حر نارك فکیف اصبر علی النظر الی کرامتك الی أن قول لئن ترکتني ناطقا نار جهنم تحرق الألسن لیس من المعلوم أن اهل جهنم یتکلمون براحة هذا الوجه یشتعل ناراً کیف یتکلم بلسان متفحم؟ یقول یارب لو ترکتني ناطقاً لأضجن الیك بین أهلها ضجیج الآملین ولأصرخن ولأبکین ولأنادینك ماذا اقول؟ أين کنت یا ولي المؤمنين یا غایة آمال العارفین یا غیاث المستغیثین یا حبیب قلوب الصادقین یعني یارب هذه المناجات کنت اناجیك بها في دار الدنیا وانا بین اهلي في راحة تامة يارب لو أذنت لي في نار جهنم لأناجینك بهذه الفقرات ایضا.
کلمة أخيرة امیر المؤمنین یشیر اشارة أنه نحن لسنا من الصادقین یا حبیب قلوب الصادقین من کان صادقاً مع الله عزوجل رُزق الحب الالهي المدعي لا یُعطی شیئا من هذا الحب ومن هذا الود، الآن کم من الثقیل کم من الفاجعة صاحب هذه الکلمات هذا الحب الالهي في شهر رمضان المبارك تخضب شیبته بدم رأسه ما الذي جناه امیرالمؤمنین؟ أولا یحق أن یقال أنه أعظم مظلوم في التأريخ بهذه المعرفة طوال سنوات الحکومة وهو یقاتل هنا وهناك القاسطین والمارقین والناکثین وصل الی درجة تمنی الموت بعدها صبرت وفي العین قذی وفي الحلق شجی.

اللهم احشرنا في زمرته یوم لقائك اللهم اسقنا من حوضه شربة هنیئة لا نضمأ بعده ابدا لا تجمع بیننا وبین اعدائه في الدنیا والآخرة طرفة عین ابدا انك علی کل شيء قدیر والفاتحة مع الصلوات.