- ThePlus Audio
مصحف فاطمة (سلام الله عليها)
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو مصحف فاطمة (سلام الله عليها)؟
كثر الحديث عن مصحف خاص بالسيدة الزهراء (س) بين فرق المسلمين يسمى بمصحف فاطمة (س). وقد قام البعض بالتشهير وإطلاق الادعاءات التي لا تستند لأي منطق علمي؛ وقالوا أنه مصحف غير المصحف القرآني المتداول بين المسلمين. والحال أن كلمة المصحف في اللغة هو الجامع للكتب، والذي يضم بين دفتيه مجموعة من الأوراق ولا يعني بالضرورة القرآن الكريم. وإنما سمي القرآن الكريم مصحفا لأنه كذلك ويسمى أيضا بالكتاب. والكتاب في حد نفسه ليس لفظا مقدسا وإنما هو لفظ جامع لمعان مختلفة.
هل مصحف فاطمة (س) مصحف قرآني؟
وليس هناك دليل على أن مصحف فاطمة (س) كان مصحفا في مقابل القرآن الكريم. وأنى يكون ذلك والله سبحانه يقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[١]. وهذا وعد من الله سبحانه بحفظ القرآن الكريم في كل دهر وزمان. وقد قال سبحانه: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)[٢] وهذه الآية تدل بوضوح على صيانة القرآن من التحريف زيادة أو نقصانا، ولو كان كذلك لم يصح الاستدلال به والتمسك بظهور آياته ولم يكن القرآن يفسر بعضه بعضا ويرجع متشابهه إلى محكمه ولا كان العام يقيد بالخاص ولم يكن للمطلق ما يقيده..! بل إن الأئمة (ع) تمسكوا بظواهر القرآن الكريم واستدلوا به. وعلى ذلك سار العلماء من بعدهم واستنبطوا الأحكام الفقهية من آياته.
ولم يكن مصحف فاطمة (س) قرآنا أو فيه شيء من القرآن الكريم. وقد قال الإمام الصادق (ع) عن هذا المصحف: (واَللهِ مَا فِيهِ مِنْ قُرْآنِكُمْ حَرْفٌ وَاحِدٌ)[٣]. وإنما هو كتاب كان في يد السيدة الزهراء (س). فبعد وفاة النبي (ص) دخل عليها من الحزن والغم، ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى؛ فأنزل الله تعالى عليها جبرئيل يحدثها ويؤنسها وكان أمير المؤمنين (ع) يكتب لها ذلك.
هل نزل جبرئيل على السيدة الزهراء (سلام الله عليها)؟
ولم يكن جبرئيل (ع) من الملائكة الذين ينزلون على غير الأنبياء (ع) إلا أن يكون الذي ينزل عليه ولي من أولياء الله العظام وفي مرتبة الذين كان ينزل عليهم من الأنبياء (ع)؛ وقد كانت السيدة الزهراء (س) بهذه العظمة. وكان الأمين جبرئيل (ع) يخبرها بالأحداث تكون من بعدها وكان يبشرها؛ ولم يكن ذلك ليخالف أصلا عقليا أو نصا قرآنيا. إن النبي (ص) ذكر أنه لا نبي بعده وليس هذا مانع من نزول جبرئيل بوصية من الوصايا أو بأمر على المعصومين من بعد النبي (ص)؛ فلم يكن نزوله بالتشريع والرسالة كما ذكرنا.
ولو كان لأهل البيت (ع) قرآنا غير هذا القرآن الذي بأيدينا؛ لما لجأ الحكام والطواغيت إلى اعتقالهم وسمهم ونفيهم وإيداعهم في السجون. وكان يكفي إصدار مرسوم من قبل الحاكم بكفر من يعتقد بوجود قرآن غير هذا القرآن. وقد رأينا كيف عومل من اعتقد بخلق القرآن أو حدوثه من قبل هؤلاء الطواغيت قتلا وتشريدا؛ فكيف إذا وصل الأمر لتبني فكرة وجود قرآن يختلف عن القرآن المتداول بين المسلمين؟ فلو كان هذا الأمر في حياة أئمتنا (ع)؛ لاشتهر أمره، ولكانت هناك رغبة من الخصوم في ترويج هذه المقولة. فعلى سبيل المثال كان الإمام علي عليه السلام متهما بدم عثمان، فلو كان (ع) يعتقد بأن هناك قرآناً زائداً أو ناقصاً أو محرّفاً؛ لكانت هذه التهمة أكثر تأثيراً في إسقاط علي (ع) من أعين الناس، ولكانت أكبر تهمة يمكن أن يستعملها معاوية وغيره ضده (ع).
فإذن، إن مصحف فاطمة: هو كتاب علمي، فيه إخبار بأخبار المستقبل، وبإلهام من الله عز وجل. وإن كان ملهمه ملك خاص باسم معين. وهو أمر جلي لمن أراد التحقيق المنزه عن العصبية والجهل. وأما المكابر والمعاند؛ فالأفضل أن نوكل أمره إلى ربه، ليحاسبه حساباً عسيراً يوم القيامة، إذا وضعت الموازين القسط، وإلا فهذه رواياتنا ومنطق علماؤنا فليرجع إليها.
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
- إن مصحف فاطمة (س) كان مما نزل به جبرئيل (ع) على السيدة الزهراء (س) وذلك بعد استشهاد النبي (ص) يؤنسها بذلك ويدخل السرور على قلبها لما دخلها من الحزن والغم لفراق رسول الله (ص) وتتابع نزول المصائب عليها، وكان يحتوي على على بعض الإخبارات الغيبية ولم يكن فيه شيء من القرآن الكريم.