- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصوم
- » أحاديث في فضائل شهر رجب وصيامه
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا إنّ رجب شهر الله الأصمّ، وهو شهر عظيم، وإنّما سمّي الأصمّ؛ لأنّه لا يقارنه شهر من الشهور حرمة وفضلاً عند الله تبارك وتعالى، وكان أهل الجاهلية يعظّمونه في جاهليتها، فلمّا جاء الاسلام لم يزدد إلّا تعظيماً وفضلاً، ألا إنّ رجب وشعبان شهراي، وشهر رمضان شهر أمّتي، ألا فمن صام من رجب يوماً إيماناً واحتساباً استوجب رضوان الله الأكبر، وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب الله، وأغلق عنه باباً من أبواب النار، ولو أعطى مثل الأرض ذهباً ما كان بأفضل من صومه، ولا يستكمل أجره بشيء من الدنيا دون الحسنات إذا أخلصه لله عزّ وجلّ، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات، إن دعا بشيء في عاجل الدنيا أعطاه الله عزّ وجلّ، وإلّا ادّخر له من الخير أفضل ممّا دعا به داعٍ من أوليائه وأحبّائه وأصفيائه … .
قيل: يا نبيّ الله، فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو لعلّة كانت به، أو امرأة غير طاهر، يصنع ماذا لينال ما وصفته؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يتصدّق كلّ يوم برغيف على المساكين، والذي نفسي بيده، إنّه إذا تصدّق بهذه الصدقة كلّ يوم نال ما وصفت وأكثر، إنّه لو اجتمع جميع الخلائق كلّهم من أهل السماوات والأرض على أن يقدّروا قدر ثوابه، ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات، قيل: يا رسول الله، فمن لم يقدر على هذه الصدقة، يصنع ماذا لينال ما وصفت؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يسبّح الله عزّ وجلّ كلّ يوم من رجب إلى تمام ثلاثين يوماً بهذا التسبيح مائة مرّة: «سبحان الإله الجليل، سبحان من لاينبغي التسبيح إلّا له، سبحان الأعزّ الأكرم، سبحان من لبس العزّ وهو له أهل».
قال سالم: دخلت على الصادق (عليه السلام) في رجب وقد بقيت منه أيّام، فلمّا نظر إليّ قال لي: يا سالم، هل صمت في هذا الشهر شيئاً؟ قلت: لا، والله، يا بن رسول الله، فقال (عليه السلام) لي: لقد فاتك من الثواب ما لم يعلم مبلغه إلّا الله عزّ وجلّ، إنّ هذا شهر قد فضّله الله وعظّم حرمته، وأوجب للصائمين فيه كرامته، فقلت له: يا بن رسول الله، فإن صمت ممّا بقي شيئاً هل أنال فوزاً ببعض ثواب الصائمين فيه؟ فقال (عليه السلام): يا سالم، من صام يوماً من آخر هذا الشهر، كان ذلك أماناً من شدّة سكرات الموت، وأماناً له من هول المطّلع وعذاب القبر، ومن صام يومين من آخر هذا الشهر كان له بذلك جوازاً على الصراط، ومن صام ثلاثة أيّام من آخر هذا الشهر أمن يوم الفزع الأكبر من أهواله وشدائده، وأعطي براءة من النار.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من صام أوّل يوم من رجب وجبت له الجنّة.
قال الباقر (عليه السلام): من صام سبعة أيّام من رجب أجازه الله على الصراط، وأجاره من النار، وأوجب له غرفات الجنان.
قال الصادق (عليه السلام): من صام يوم سبعة وعشرين من رجب، كتب الله له أجر صيام سبعين سنة.
قال الصادق (عليه السلام): لا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب، فإنّه اليوم الذي نزلت فيه النبوّة على محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وثوابه مثل ستّين شهراً لكم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): رجب شهر الله الأصبّ، يصبّ الله فيه الرحمة على عباده، وشهر شعبان تشعّب فيه الخيرات … .
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعجبه أن يفرّغ الرجل أربع ليال من السنة: أوّل ليلة من رجب، وليلة النحر، وليلة الفطر، وليلة النصف من شعبان.
كتب الحميري إلى القائم (عليه السلام): إنّ قبلنا مشايخ وعجائز يصومون رجب ثلاثين سنة وأكثر، ويصلّون شهر شعبان بشهر رمضان، وروى لهم بعض أصحابنا أنّ صومه معصية، فأجاب (عليه السلام): قال الفقيه: يصوم منه أيّاماً إلى خمسة عشر يوماً، ثمّ يقطعه إلّا أن يصومه عن الثلاثة الأيّام الفائتة للحديث: أنّ نعم شهر القضاء رجب.
قال الكاظم (عليه السلام): رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيّئات، من صام يوماً من رجب تباعدت عنه النار مسيرة مائة سنة، ومن صام ثلاثة أيّام وجبت له الجنّة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): رجب شهر الاستغفار لأمّتي أكثروا فيه الاستغفار، فإنّه غفور رحيم، وشعبان شهري، استكثروا في رجب من قول «أستغفر الله»، وسلوا الله الإقالة والتوبة فيما مضى، والعصمة فيما بقي من آجالكم، وسمّي شهر رجب شهر الله «الأصبّ»؛ لأنّ الرحمة على أمّتي تصبّ صبّاً فيه، ويقال: «الأصمّ»؛ لأنّه نهی فيه عن قتال المشركين، وهو من الشهور الحرم.
قال الصادق (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: أين الرجبيون؟ فيقوم أناس يضيء وجوههم لأهل الجمع على رؤوسهم تيجان الملك، مكلّلة بالدرّ والياقوت، مع كلّ واحد منهم ألف ملك عن يمينه وألف ملك عن يساره، ويقولون: هنيئاً لك كرامة الله عزّ وجلّ يا عبد الله، فيأتي النداء من عند الله جلّ جلاله: عبادي وإمائي، وعزّتي وجلالي، لأكرمنّ مثواكم، ولأجزلنّ عطاياكم، ولأوتينّكم﴿مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدينَ فيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلينَ﴾، إنّكم تطوّعتم بالصوم لي في شهر عظّمت حرمته وأوجبت حقّه، ملائكتي، أدخلوا عبادي وإمائي الجنّة.
ثمّ قال الصادق (عليه السلام): هذا لمن صام من رجب شيئاً ولو يوماً واحداً في أوّله أو وسطه أو آخره.
عن الصادقين(عليهم السلام): إنّ الصدقة على مسكين بمدّ من الطعام، يقوم مقام يوم من مندوبات الصيام، وروي عوض عن يوم الصوم درهم.
قال السيّد ابن طاوس (رحمه الله): ولعلّ التفاوت بحسب سعة اليسار ودرجات الاقتدار، وسيأتي رواية في أواخر رجب أنّه يتصدّق عن كلّ يوم منه برغيف عوضاً عن الصوم الشريف، ولعلّه لأهل الإقتار تخفيفاً للتكليف، وقد مرّ عوض لأهل الإعسار في خبر أبي سعيد الخدري من التسبيحات، فلا ينبغي للموسر أن يترك الاستظهار بإطعام مسكين عن كلّ يوم من أيّام الصيام المندوبات، ويقتصر على التسبيحات، بل يتصدّق ويسبّح احتياطاً للعبادات.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوّله وفي وسطه وفي آخره، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه.