أقول: عند قبر العسكريّين (عليهما السلام) على المشهور قبور عصبة من السادة العظام منهم حسين ابن الإمام علي النقي (عليه السلام) وإنّي لم أقف على حال الحسين هذا وقوفاً، ويبدو لي أنّه من أعاظم السادة وأجلّائهم فقد استفدت من بعض الأحاديث أنّه كان يعبّر عن مولانا الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وأخيه الحسين هذا بالسّبطين تشبيهاً لهما بسبطي نبيّ الرحمة جدّيهما الإمامين الحسن والحسين (عليهم السلام).
وقد ورد في حديث أبي الطيب: أنّ صوت الحجة (صلوات الله عليه) كان يشبه صوت الحسين (عليه السلام).
والفقيه المحدّث الحكيم السيد أحمد الاردكاني اليزدي قال في كتاب (شجرة الأولياء) عند ذكره أولاد الإمام علي النقي (عليه السلام): إنّ ابنه الحسين كان من الزهّاد والعبّاد وكان يقرّ لأخيه بالإمامة ولعلّ المتتبّع البصير يعثر على غير ما وقفنا عليه ممّا يؤمي إلى فضله وجلاله.
واعلم أيضاً أنّ للسيد محمد ابن الإمام علي النقي (عليه السلام) مزار مشهور قرب قرية (بلد) وهو معروف بالفضل والجلال وبما يبديه من الكرامات الخارقة للعادات، ويتشرّف زيارته عامة الخلائق ينذرون له النذور ويهدون إليه الهدايا الكثيرة ويسألون عنده حوائجهم. والعرب في تلك المنطقة تهابه وتخشاه وتحسب له الحساب. وقد برز منه كما يحكى كرامات كثيرة لا يسع المقام ذكرها ويكفيه فضلاً وشرفاً أنّه كان أهلاً للإمامة وكان أكبر أولاد الإمام الهادي (عليه السلام) وقد شقّ جيبه في عزائه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
وكان شيخنا ثقة الإسلام النوري نوّر الله مرقده يعتقد في زيارته اعتقاداً راسخاً وهو قد سعى لتعمير بقعته الشريفة وضريحه وكتب على ضريحه الشريف هذا مرقد السيد الجليل أبي جعفر محمد ابن الإمام أبي الحسن علي الهادي (عليه السلام) عظيم الشأن جليل القدر وكانت الشيعة تزعم أنّه الإمام بعد أبيه (عليه السلام) فلمّا توفى نصّ أبوه على أخيه أبي محمد الزّكي (عليه السلام) وقال له: «أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً».
خلّفه أبوه في المدينة طفلاً وقدم عليه في سامراء مشتداً ونهض إلى الرجوع إلى الحجاز ولما بلغ (بلد) على تسعة فراسخ مرض وتوفي ومشهده هناك. ولمّا توفي شق أبو محمد (عليه السلام) عليه ثوبه وقال في جواب من عابه عليه: «قد شق موسى على أخيه هارون» وكانت وفاته في حدود اثنين وخمسين بعد المائتين.
وعلى أيّ حال فإذا شئت أن تودّع العسكريّين (عليهما السلام) فقف على القبر الطاهر وقل:
السَّلامُ عَلَيكُما يا وَلِيَّي اللهِ استَودِعُكُما اللهُ وَأقرَأُ عَلَيكُما السَّلامُ، آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئتُما بِهِ وَدَلَلتُما عَلَيهِ، اللهُمَّ اكتُبنا مَعَ الشَّاهِدِينَ اللهُمَّ لا تَجعَلهُ آخِرَ العَهدِ مِن زيارَتي إياهُما وَارزُقني العَودَ إلَيهِما وَاحشُرني مَعَهُما وَمَعَ آبائِهِما الطَّاهِرِينَ وَالقائِمِ الحُجَّةِ مِن ذُرِّيَّتِهِما يا أرحَمَ الرَّاحِمِينَ.