• ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

کیف نتخلص من إدمان الإباحية؟

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال يطرحه الكثير من الشباب علي

من الأسئلة التي يطرحها الشباب كثيرا، تلك الأسئلة التي تتعلق بمواقع الإنترنت وتصفح تلك المواقع بما لا يرضي الله سبحانه. يقول أحدهم: إنني أستخدم النت الكثير ولكن استعمالي لها ينتهي بتصفح المواقع المحرمة – الإباحية – وكلما أحاول الابتعاد عنها أجد نفسي فيها مرة أخرى، فما هو الحل لشخص انطوائي مثلي ولكنه يحب القراءة خاصة الكتب الدينية والعلمية؟

إنني أجيب عادة على هذه الأسئلة وقلبي يملأه الأسى وأشعر بأسف شديد لإنسان أراده الله عز وجل أن يكون خليفته في الأرض، فإذا به ينزل إلى أسفل سافلين وإلى هذه المستويات التي يخجل الإنسان من الحديث عنها.

كيف تقبل أن تكون شر هذين الرجلين؟

تصور في زقاق واحد رجلا قد يكون حديث العهد بالإيمان أو من التائبين حديثا وهو جوف الليل يضج ويبكي وقد صف أقدامه يرتل القرآن ترتيلا ورجلا قد يكون من رواد المساجد وممن تربى في الأجواء الإيمانية يقضي أوقاته بتصفح هذه المواقع. ولا أصف هذا المتصفح بالمخذول فحسب؛ بل إن عمله ينبئ عن سفاهة وسخافة.

لماذا لا تلهو بما أحل الله لك؟

إن روايات أهل البيت (ع) تبين لنا؛ أن الله عز وجل لا يؤاخذ العبد إذا كان يلهو مع زوجته. فهنالك صورة من صور الاستمتاع المحلل مسموح به وإن كان يُعد نوعا من أنواع الالتهاء عن الله عز وجل. ولكن كيف نصنف هذا الالتهاء بهذه المواقع؟ تارة يلتهي الإنسان بما له وجود خارجية كالمرأة التي تُدخل على الإنسان السرور بشيء من المتع المحللة، وتارة يلتهي بما ليس له وجود في الخارج. كيف لنا أن نصف هذه الصور والأفلام؟ أليست هي ذبذبات كهروبائية تزول بمجرد انطفاء التلفاز أو الشاشة؟ والأمر ذاته في المجلات الإباحية التي هي ليست إلا أوراق ملونة.

ما هذا الالتهاء الذي ليس يجني الإنسان منه زواجا ولا إنجابا ولا تقربا ولا حديثا؟ إن التلفاز وهذه الهواتف المحمولة هي بمثابة الصنم الذي يُعبد لما روي: (مَنْ أَصْغَى إِلَى نَاطِقٍ فَقَدْ عَبَدَهُ فَإِنْ كَانَ اَلنَّاطِقُ عَنِ اَللَّهِ فَقَدْ عَبَدَ اَللَّهَ وَإِنْ كَانَ اَلنَّاطِقُ عَنْ إِبْلِيسَ ، فَقَدْ عَبَدَ إِبْلِيسَ)[١].

لا تفتح الهاتف ولا التلفاز في مثل هذه الحالات…!

إن المؤمن موجود هادف ولا يدخل في شيء لا يرتجي منه نفعا؛ بل يتضرر منه في دنيه ودنياه. لابد وأن يرى الإنسان الوضع الذي هو فيه قبل أن يفتح هذا الجهاز. هل رجع من السوق لتوه وقد نظر إلى النساء فيه؟ هل هو في جوف الليل؟ هل أكثر من الطعام الذي يثير الشهوة مثلا؟ هل جالس أهل الشهوات قبل ذلك؟ فإذا كان يصدق عليه حال من هذه الأحوال، فلا يفتح الجهاز، فمن الطبيعي أن تخونه إرادته في مثل هذه الحالات. وإذا به يتحكم بالتلفاز من بعد، ليتحكم به الشيطان من قرب ويلعب به لعب الصبيان بالكرة. إذا كنت في البحر وصادفتك دوامة، هل تقترب منها أم ترجع إلى الساحل حيث الأمان؟

عتبي على الوالدين…!

وإنني أعتب كثيرا على بعض أولياء الأمر الذين يجعلون هذه الأدوات التي هي بوابة إلى الحرام بيد أولادهم تحت عنوان التعريف بالتقنيات الجديدة وتحت عنوان الحداثة ومواكبة العصر وإلى آخر ذلك. كيف يُمكن الشاب المراهق من هذه الأجهزة من دون مراقبة؟ لماذا لا تجعل هذا الجهاز في وسط المنزل أمام الجميع؟ لماذا توفر له الخلوة بهذه الأجهزة من دون أن تسطيع مراقبته؟

تتمنى لو وُلدت في القرون ما قبل التكنولوجيا…!

هذا والبعض يشكر الله عز وجل على أنه ولد في القرن الواحد والعشرين أو أواخر القرن العشرين معللا ذلك بما أتاحه هذا القرن من وسائل الرائحة التي كانت معدومة في الأزمنة السابقة التي كان يعاني فيها الناس كثيرا من أجل توفير أبسط أسباب الراحة. ومن يدري لعله يوم القيامة يتمنى لو أنه وُلد في الأزمنة الغابرة ولم يكن يعرف هذه المواقع ولا ما أتاحته التكنولوجيا الحديثة من أسباب الوصول إلى الحرام، ولكان في ذلك الزمان أقرب إلى النجاة منه في هذا الزمن.

من أمراض الإدمان على الإباحية

ثم إن الإدمان على هذه المحرمات يؤدي تدريجيا إلى الانطوائية وهو الأمر الذي قد ابتلي به السائل. فهو عندما يخلو بنفسه في غرفته ويتصفح هذه المواقع ويقلب الفضائيات، لا يحب مواجهة أحد ولا أن يلتقي بالناس حتى أبويه. لأن هواه في ما يشاهده وتشغله المشاهدة كثيرا حيث لا تدع له مجالا لأي عمل آخر.

إنني كنت أعتقد سابقاً أن ترك المحرمات هين ولو بعد فترة طويلة؛ ولكن تبين لي من خلال مراجعة العصاة لي، أن البعض منها تتحول إلى إدمان حيث يظل يعاني منها حتى بعد الزواج. راسلتني ذات يوم امرأة وقالت: زوجي كان ينظر إلى هذه الأفلام عندما كان أعزبا ولكنه استمر في عادته حتى بعد أن تزوج. مع العلم أني لا أقصر بشيء من واجباتي تجاهه. تزوج الرجل وأمامه امراة محللة بجمالها وكمالها، ولكنه بقي رهين هذه العادة القبيحة المحرمة.

قد تصل إلى مرحلة اللارجعة…!

يبدوا أن الحرام لا يتغلغل إلى أعماق النفس ولا يُسلب الإنسان إرادته إلا بعد فترة طويلة. فقد يرفع الله سبحانه الحصانة عنه ويقع في فخ النفس والشيطان ويكون كمن قال عنهم سبحانه: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[٢]. باختصار أقول لمن يُدمن هذا الحرام: انته من هذا الفعل القبيح وأقلع عنه قبل أن تصل إلى درجة الختم على القلب، عندها لا تستطيع الانفكاك من أغلال هذه المعصية التي وضعتها في عنقك بإرادتك. وحذار من أن تبلغ الأربعين وأنت مشغوف بها ومدمن عليها لما روي: (إِذَا بَلَغَ اَلرَّجُلُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ قَبَّلَ اَلشَّيْطَانُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ: هَذَا وَجْهٌ لاَ يُفْلِحُ)[٣].

[١] وسائل الشیعة  ج٢٧ ص١٢٨.
[٢] سورة المجادلة: ١٩.
[٣] مشکاة الأنوار  ج١ ص١٦٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

Layer-5.png