- ThePlus Audio
وقفة في سيرة العظيم أبي طالب (عليه السلام)
بسم الله الرحمن الرحيم
شخصية أبو طالب (عليه السلام)
إن من الشخصيات العظيمة في الإسلام شخصية أبو طالب (ع) والد أمير المؤمنين (ع) (ع) وجد أئمة الهدى (ع). إنني أغبط هذه الشخصية. تصور عندما يأتي يوم القيامة وأئمة أهل البيت (ع) ينظرون إلى جدهم أبي طالب نظرة العظمة؛ باعتباره هو الجد بعد النبي (ص).
إن هذه الشخصية هي من الشخصيات التي ظُلمت في التأريخ. لقد ظُلم أمير المؤمنين (ع) عدد الحجر والمدر، ولأنه (ع) من صلب أبي طالب لحقه ما لحقه من هذه التهم التي لا يسع الإنسان أن يذكرها لقبحها؛ فمن أراد الاطلاع فليراجع كتب التأريخ. ولكن علاقة النبي بأبي طالب علاقة غير طبيعية؛ فلم يكن اختياره من قبل رب العالمين عبثاً وجزافاً أو صدفة، وإنما اختار أبا طالب (ع) ليكون كفيلاً للنبي الأعظم (ص) اختيارا.
وصية عبدالمطلب بمحمد (صلى الله عليه وآله)
هناك نقل تأريخي لطيف، وهو: (لَمَّا حَضَرَتْ عَبْدَ اَلْمُطَّلِبِ اَلْوَفَاةُ دَعَا اِبْنَهُ أَبَا طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ قَدْ عَلِمْتَ شِدَّةَ حُبِّي لِمُحَمَّدٍ وَوَجْدِي بِهِ اُنْظُرْ كَيْفَ تَحْفَظُنِي فِيهِ قَالَ أَبُو طَالِبٍ يَا أَبَهْ لاَ تُوصِنِي بِمُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ اِبْنِي وَاِبْنُ أَخِي فَلَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اَلْمُطَّلِبِ كَانَ أَبُو طَالِبٍ يُؤْثِرُهُ بِالنَّفَقَةِ وَاَلْكِسْوَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى جَمِيعِ أَهْلِهِ)[١]. لقد كان النبي (ص) حفيده ونحن نعلم الأنبياء في صغرهم كانت لهم مزايا؛ فحتى الإنسان العادي عندما كان ينظر إلى النبي وهو صغير أو إلى أئمة أهل البيت وهم صغار كان يجد فيهم سماتا وخصوصيات تختلف عن غيرهم. والوجد في اللغة يعني الحب الزائد.
تعلق أبي طالب (عليه السلام) بالنبي (صلى الله عليه وآله)
إن هذا التعلق الشديد بالنبي (ص) من أين يأتي؟ ألا يأتي من باب المسانخة والاتصال الروحي بينهما؟ بل هناك حادثة طريفة أخرى تُبين لنا شدة هذا الحب وهي: أنه عندما أراد أن يخرج أبو طالب (ع) للتجارة إلى الشام تعلق النبي (ص) به فرق له أبو طالب (ع) وأخرجه في سفره إلى الشام. لقد ذهب المبي (ص) تارة إلى الشام مع أبي طالب، وتارة مع ميسرة على أموال خديجة، وقد صارت الشام متبركة بهذه السفرة النبوية.
إن النبي الأكرم أوفى الأوفياء ولم يكن ينسى إحسان أحد أبداً، والذين كان لهم حق على النبي (ص) هم الزوجان أبو طالب (ع) وزوجته فاطمة بنت أسد والدة أمير المؤمنين (ع). يقال: عندما توفيت فاطمة بنت أسد، قال النبي (ص): اليوم ماتت أمي؛ أي كأنه بفقد فاطمة بنت أسد (س) فقد أمه آمنة مرة أخرى؛ فكفنها بقمصيه، و هذا يعني أنه كان يُكن احتراماً شديداً لهذه العائلة من الأب والأم والولد.
رواية تبين فضله العظيم
هناك الكثير من النصوص والأشعار التي قالها أبو طالب (ع)، وإلى آخره يتبين من خلالها فضله (ع)، وقد كتب البعض من الماضين كتاباً في هذا المجال أسماه إيمان أبي طالب (ع)؛ إلا أن هناك نص ينبغي لكل مسلم أن يطلع عليه، وهو قول النبي (ص): (مَا نَالَ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئاً حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ)[٢]. لقد كان أبو طالب (ع) وجيه قومه فلم يكونوا يطالون على النبي (ص) كما تطاولوا عليه بعد موت أبي طالب (ع).
أبو طالب (عليه السلام) في كلمات الأمير (عليه السلام)
رأيت نصاً طريفاً عن أمير المؤمنين (ع) يذكر فيه أن أباه ساد بالرغم من فقره. فعادة ما يكون السؤدد والسيادة مقترنان بالغنى والثروة؛ صار أبو طالب (ع) سيد قومه وهو فقير. بالطبع لم يستمر هذا الفقر؛ فكا ذكرنا كانت له تجارته إلى الشام. أنه عندما توفى أبو طالب (ع)، والسيدة خديجة (ع) سمي ذلك العام عام الحزن. فقد اجتمعت الهموم على النبي الأعظم (ص) وصار هذا القلب الكبير مهموما وقد تحمل الكثير من الأذى من قومه، بالإضافة إلى ما عاناه في شعب أبي طالب وقد جائه الخطاب من عالم الغيب بعد رحيل أبي طالب: (يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ اَلسَّلاَمَ وَيَقُولُ لَكَ اُخْرُجْ مِنْ مَكَّةَ فَقَدْ مَاتَ نَاصِرُكَ)[٣].
استغفار النبي (صلى الله عليه وآله) وشفاعته لأبي طالب
لابن أبي الحديد كلمة يقول فيها: كأن النبي (ص) يعلم ماذا يجري بعده وماذا تجري من الظلامة على أبي طالب في إنكار إسلامه وإيمانه، ولذلك قال عندما دفنه: (أَمَ وَاَللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَلَأَشْفَعَنَّ فِيكَ شَفَاعَةً يَعْجَبُ لَهَا اَلثَّقَلاَنِ)[٤]. ويكفي في وجاهته ما أنجب من هذه الذرية الطاهرة كأمثال علي أمير المؤمنين وجعفر (عليهما السلام).
خلاصة المحاضرة
- رأيت نصاً طريفاً عن أمير المؤمنين (ع) يذكر فيه أن أباه ساد بالرغم من فقره. فعادة ما يكون السؤدد والسيادة مقترنان بالغنى والثروة؛ صار أبو طالب (ع) سيد قومه وهو فقير.