Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

هل يدعو الإمام صاحب العصر (عج) لفرجه؟

بسم الله الرحمن الرحيم

هل لديك محطة مهدوية في يومك وليلتك؟

لابد أن تكون للمؤمن محطة مهدوية في يومه وليلته، سواء كانت في قنوت صلواته أم في جوف ليله؛ يدعو فيها لفرجه، فضلا عن يوم الجمعة الذي يندبه بدعاء الندبة، وفضلا عن دعاء العهد في كل صباح. ومن الأمور التي يجدر بالمؤمن أن يهتم بها، هو الدعاء بما أثر عن الإمام المهدي (عج) وقد جمعها البعض في صحيفة أسماها؛ الصحيفة المهدوية. ولا ينبغي أن يدعو بهذه الأدعية غير ناظر إلى المعاني وإنما عليه التدبر والتأمل في مضامين هذه الأدعية الشريفة. إننا نريد أن ننتقل من اللفظ إلى المعنى وأن نقرأ ما بين السطور. هنالك مشاعر ومعاني خلف الألفاظ، ومن يعرف فقه الحديث أو من له بصيرة في فهم الروايات ينتقل من اللفظ إلى المعاني العميقة ولا يكتفي بالمعاني الظاهرية.

الهم الذي يحمله الإمام المنتظر (عجل الله فرجه) في قلبه

إن إمامنا (عج) هو في زمرة البكائين والدعائين وإن لم يرد نص في ذلك. لماذا ورد في وصف النبي إبراهيم: (إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّـٰهࣱ مُّنِيبࣱ)[١]؛ أي كثير التأوه لأنه كان يرى حال أمته وهو حال الأنبياء جميعا حيث كانت تغلب عليهم الصفة الشكوى والتأذي والتذمر مما يجري على الأمة؛ فالغالبية لا تعقل كما قال سبحانه: (بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ)[٢]، ولا تعلم: (وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ)[٣]، ولا تشكر: (وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ)[٤]. ولهذا ترى الدعاة من الأنبياء والأوصياء ومن بعدهم من المصلحين يعيشون هماً وغماً متواصلا؛ لا يجعلهم يهنئون كثيرا بمتاع الدنيا. فإذا رأيت إنسانا غافلا يضحك كثيرا ويستمتع كثيرا، ويلتذ كثيرا؛ فتلك أمارة سلبية. نعم، لقد قال سبحانه: (قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ)[٥]؛ ولكن الذي يحمل هم الأمة، ترى في قلبه خيطا من الهم لا يفارقه أبدا.

إن الإمام (عج) يحمل الهم في قلبه بأعظم صورة؛ فأكثر من ألف عام وهو يشاهد المآسي والكوارث والمجاز التي تحل بهذه الأمة. أين قراءة الأحداث التاريخية المهولة من الحرق والنهب والسلب إلى آخره التي تعرض لها المسلمون من أين يشاهدها الإنسان بعينه؟ إن الإمام (عج) قد شاهد كل هذه المحن ورأها بعينه وعاشها بجميع مشاعره. وإن لم يشهدها بعينه، فإن علمه علم حضوري؛ أي يرى الأمور كما هي. كيف لا وهو عين الله الناظرة؟

شبيه عيسى بن مريم (عليهما السلام)

إن للإمام شبه بعيسى (ع) الذي كلم الناس في المهد؛ فهو تكلم بعد الولادة. ومن العجائب أن يصلي النبي عيسى (ع) الذي تكلم في المهد؛ خلف إمامنا (عج) الذي تكلم في المهد أيضا. وقد رفع الله عيسى (ع) إليه بنص القرآن الكريم وكذلك غاب إمامنا عن الأنظار وهذه صفة مشتركة أخرى.

على هذه العبارة يركز إمامنا في أدعيته

من الأمور التي يركز عليها إمامنا (عج) في أدعيته، إنجاز الوعد. فقد ورد في بعض هذه الأدعية: (اَللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي)[٦]، وكأنه يطلب من الله عز وجل أن يقرب موعد الفرج. ومما ورد في هذه الأدعية مخاطبة الإمام (عج) ربه بأن يُعمل البداء ويقرب الفرج في قوله: (فإنك تمحو ما تشاء وتُثبت). إن القوانين تخضع لإرادة رب العالمين ومنها زمان الفرج، ولا يقيده ولا يلزمه شيء؛ وبإمكانه أن يعجل الفرج إذا شاء.

يدعو الإمام (عجل الله فرجه) لكي يجمع الله له أصحابه

ثم إن الإمام (عج) يطلب من الله سبحانه بعد طلبه تعجيل الفرج؛ أن يجمع له أصحابه: (أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي وَاِجْمَعْ لِي أَصْحَابِي وَصَبِّرْهُمْ وَاُنْصُرْنِي عَلَى أَعْدَائِكَ وَأَعْدَاءِ رَسُولِكَ وَلاَ تُخَيِّبْ دَعْوَتِي فَإِنِّي عَبْدُكَ اِبْنُ عَبْدِكَ وَاِبْنُ أَمَتِكَ أَسِيرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ)[٧]. لو تأمل المتأمل في هذا الدعاء؛ تبين له أن الإمام (عج) لا يعتمد على الإعجاز لكي يظهر أمره. إنه ينتظر العدة والعدد والقادة الذين هم بعدد أهل بدر ثلاث مئة وثلاثة عشر، وهناك طبقة أخرى من الأصحاب عددهم عشرة آلاف يبدو من الروايات أنهم ليسوا في مصاف القادة ولكنهم من المخلصين له.

الصبر من لوازم نصرة الإمام (عجل الله فرجه)

ثم إن الإمام (عج) يطلب الصبر لأصحابه، لأنه يعلم أن نصرتهم له نصرة مكلفة، وهي بحاجة إلى مجاهدة في الطريق ذات الشوكة الذي سيسلكه الإمام (عج) معهم. ومما ورد في هذا الدعاء مما يثير العبرة قوله (عج): (أَسِيرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ)؛ أي أنني كالسجين في زمن الغيبة لا أستطيع الخروج من سجني إلا بإذنك. إنه (عج) يرى نفسه في الأرض الواسعة الرحبة؛ كالأسير والسجين، ولهذا نقول في دعاء الفرج: حتى تسكنه أرضك طوعا؛ فهو الآن ساكن في الأرض ولكن بغير طواعية. إن الأسير يسكن السجن ولكن لا طوعا؛ بل كرها؛ فإذا خرج من سجنه نقول، ذهب إلى منزله طوعاً، وعندها يجتمع مع أهله وأولاده.

تسليم الإمام (عجل الله فرجه) وخضوعه لربه

ثم يخاطب الإمام ربه قائلا: (سَيِّدِي أَنْتَ اَلَّذِي مَنَنْتَ عَلَيَّ بِهَذَا اَلْمَقَامِ وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَيَّ دُونَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُنْجِزَ لِي مَا وَعَدْتَنِي إِنَّكَ أَنْتَ اَلصَّادِقُ وَلاٰ تُخْلِفُ اَلْمِيعٰادَ  وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[٨]. فما أجدر بالمؤمن كلما رق قلبه في مشهد من مشاهد أهل البيت (ع) أو تحت قبة الحسين (ع) أن يدعو بالفرج لإمام زمانه (عج) وأن يطلب من الله تنجيز ما وعده وأن يجمع له أصاحبه وأن يكون من أصاحبه المقربين.

[١] سورة هود: ٧٥.
[٢] سورة العنكبوت: ٦٣.
[٣] سورة الدخان: ٣٩.
[٤] سورة النمل: ٧٣.
[٥] سورة الأعراف: ٣٢.
[٦] كمال الدين  ج٢ ص٤٤٠.
[٧] مهج الدعوات  ج١ ص٦٨.
[٨] مهج الدعوات  ج١ ص٦٨.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن المهدي (عج) يرى نفسه في الأرض الواسعة الرحبة؛ كالأسير والسجين، ولهذا نقول في دعاء الفرج: حتى تسكنه أرضك طوعا؛ فهو الآن ساكن في الأرض ولكن بغير طواعية. إن الأسير يسكن السجن ولكن لا طوعا؛ بل كرها؛ فإذا خرج من سجنه نقول، ذهب إلى منزله طوعاً، وعندها يجتمع مع أهله وأولاده.
  • من الأمور الملفتة في دعاء الإمام المهدي (عج) هو أنه يطلب من الله سبحانه أن يجمع له أصحابه وأن يصبرهم كذلك. إن الإمام (عج) يطلب الصبر لأصحابه، لأنه يعلم أن نصرتهم له نصرة مكلفة، وهي بحاجة إلى مجاهدة في الطريق ذات الشوكة الذي سيسلكه الإمام (عج) معهم.
Layer-5.png