Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

هل تعلم تأويل: حي على خير العمل؟

بسم الله الرحمن الرحيم

هل استلمت الرسالة؟

من الأمور التي يهتم بها المؤمن وتعينه على القيام بصلاة خاشعة؛ هو الاهتمام بالمقدمات والتي منها الأذان والإقامة. إن المؤمن في الأذان وبعد الإقرار بوحدانية الله عز وجل، ووحدانية الأفعال ووحدانية الحاكمية، يلهج بالشهادة الثانية ويشهد لنبي الرحمة (ص) بالنبوة قائلا: أشهد أن محمدا رسول الله، وهي من الشهادات العظيمة التي تحمل معاني كثيرة. أي أن رسول الله (ص) هو رسول والرسول له رسالة، والرسالة مرتبطة بالمرسل، والمؤمن يلتزم بهذه الشهادة وما يستتبعها من لوازم. عندما يأتي من يدعوك إلى المحكمة؛ يعطيك ورقة ويقول لك: وقع على أننا أبلغناك الرسالة. فإذا ما قلت: لم تبلغني الرسالة أخرج لك التوقيع.

فأنت عندما تقول: يا رب، إنني قبلت رسالة النبي (ص) ووصلتني الحجة. إن المؤمن يقولها باستحياء وكأنه يخاطب النبي (ص) قائلا: يا رسول الله، لقد بلغتني الرسالة من خلال القرآن والسنة وإن لم أكن ممن التزم بها كما ينبغي. ثم اعلم أن المرسل والرسول والرسالة كلها حجة عليك.

ثم بعد ذلك نشهد بولاية أمير المؤمنين (ع)، قائلين: أشهد أن عليا ولي الله. وهذه الشهادة أيضا هي من لوازم الإدانة؛ فأنت الذي تدعي أن أمير المؤمنين (ع) هو أميرك؛ أين امتثالك لهذا الأمير، وأين اتباعك لنهجه في الحياة؟

هؤلاء هم من يسارعون إلى الصلاة

بعد ذلك تقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح. إن المؤذن عندما يؤذن أمام الناس يقول لهم: أيها الناس هلموا إلى الصلاة، وأنت عندما تؤذن في الصحراء لوحدك تقول لنفسك: حي أي أقبلي وعجلي على الصلاة بين يدي الله عز وجل. وكأن هذه العبارة تشير إلى وجود شوق يدعو المؤمن إلى الإسراع بإقامة الصلاة. وكأن هذه العبارة تقول: أيها المؤمنون، اشتاقوا إلى لقاء الله، ويا أيتها النفس الأمارة أو اللوامة أو المطمئنة على اختلافها، هلمي إلى الصلاة بين يدي الله عز وجل.

ولا يُسارع إلا من يحمل في قلبه شوقا إلى لقاء الله عز وجل. إن حي على الفلاح تشير إلى قوله تعالى: (قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ)[١]. وقد ذكر الله سبحانه الخشوع في الصلاة على المحافظة عليها. وومن يعلم اللغة العربية يعلم الفرق بين صفة الفعل وصفة الفاعل؛ فلم يقل سبحانه: يخشعون وإنما قال: خاشعون ليشير إلى حقيقية معينة وهي: أن هؤلاء دائمي الخشوع في الصلاة، وليست خشيتهم هذه عرضية تأتي بين وقت وآخر. ومن لم يخشع فليس بفالح، ومن لم يكن فالحاً، هو في خسر مستمر.

لماذا رفعت العامة عبارة حي على خير العمل من الأذان؟

ثم نقول: حي على خير العمل. لماذا منع القوم هذه العبارة ورفعوها من الأذان؟ هل هذه العبارة تتعارض مع منادي الجهاد؟ إذا نودي للجهاد سارع المؤمنون إلى الجهاد ولم تقف هذه العبارة مانعا أمامهم. بل لو أن المؤذن كان يقول: حي على خير العمل وكان هناك أمامنا من يغرق؛ فخير العمل في ذلك الوقت إنقاذ ذلك الغريق. لا منافاة بين هذه العبارة العامة وبين غيرها من الأعمال. ففي غير موارد الوجوب وموارد التزاحم كإنقاذ الغريق مثلا تكون الصلاة خير العمل.

تضحك على من؟!

فمن يسمع المؤذن يقول: حي على خير العمل وهو مشغول بقراءة الصحيفة أو مشغول أمام التلفاز أو بلعبة من الأعاب الباطلة، يكون ممن يعتقد بهذه العبارة؟ والمضحك أن هذا الإنسان الذي كان ينظر إلى اللهو واللعب؛ يصلي بعد ساعة أو بعد ساعتين فيقول: حي على خير العمل؟ تضحك على من؟ لو كانت الصلاة خير العمل ما انشغلت عنها. لا بأس بذلك، أذن وأقم؛ ولكن عندما تقول: حي على خير العمل، طأطأ برأسك. ولا مانع من أن تقطع الأذان والإقامة وتناجي ربك مناجاة قلبية، وتقول: يا رب، أي عمل؟ إنني قبل قليل كنت منشغلاً باللهو واللعب، وأنا خجل منك يا رب العالمين. فمن لم يقدم الصلاة على غيرها من الأعمال؛ كأنه في مقام العمل يقول: يا رب، الصلاة ليست خير العمل شئت أم أبيت…!

تأويل الإمام الصادق (عليه السلام) لخير العمل

وهناك تأويل في روايات أهل البيت (ع) لخير العمل، فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (خَيْرُ اَلْعَمَلِ اَلْوَلاَيَةُ)[٢]. وهذا الخروج عن الظاهر لا يحق لأحد من المخلوقين إلا اللهه ورسوله والأئمة من ولده (ص). كيف لا يكون الأمر كذلك، ونحن بولايتهم قد عرفنا الصلاة. قرنان ونصف القرن؛ من أول الهجرة إلى قرابة مئتين وستين من الهجرة وأئمة أهل البيت (ع) يرفدون هذه الأمة بكلماتهم.

تخيل حال الأمة من دون الولاية

تخيل حال الأمة لو كان يحكمها المأمون العباسي ولم يكن الرضا (ع) أو كان هشام من دون إمامنا زين العابدين (ع) أو كان هارون من دون إمامنا موسى بن جعفر (ع). هؤلاء الحكام الذين تنكروا لكل القيم والمفاهيم الدينية. تخيل أن أحدهم كان ينظر إلى السحابة ويقول: شرقي أو غربي فأينما تمطرين يأتين خراجك، وكانت ثلة مسترسلة في اللهو والشهوة إلى أبعد الحدود. ولقد كانت الولاية هي صمام الأمان ومرجع المؤمنين الذي منهم أخذوا معالم دينهم؛ فلولا ولايتهم ما كان الحج حجاً، وما كان الصيام صياماً، وليكابر من يكابر.

في رواية أخرى يقول (ع): (خَيْرُ اَلْعَمَلِ بِرُّ فَاطِمَةَ وَ وُلْدِهَا)[٣]. فتذكر ولايتهم عند الأذان والإقامة، وعندما تتشهد بالولاية أثبت للعالم أنك على خط أمير المؤمنين (ع). عندما تقول: حي على خير العمل وأنت المستفرد من بين المسلمين بهذا النداء، قل ذلك وأنت مفتخر بأن بولايتهم تُقبل الطاعة المفترضة. ثم تختم الأذان الذي بدأته بالتكبير، بالتكبير.

سر تكرار التكبير في الصلاة

وقبل أن تكبر تكبيرة الإحرام هيئ نفسك لهذه التكبيرة. بدأت الأذان والإقامة بالتكبير، وختمتهما بالتكبير، وقبل تكبيرة الإحرام يُستحب لك الإتيان بست تكبيرات، وفي الصلاة قبل الركوع وبعد الركوع وقبل السجود وبعد السجود وبعد الفراغ من الصلاة تقول: الله أكبر. إن هذه الحقيقة لو تغلغت في وجودك؛ لرأيت ما سواه حقيراً صغيرا. هنيئا لمن تجلى رب العالمين في وجوده، ورأى ربه في نفسه عظيما فصغر ما دونه في عينه.

إفراغ القلب من غير الله سبحانه

لم يخاف أحدنا من الآخرين؟ ولماذا يرجوهم ويهابهم ويراعيهم؟ إن كل هذه المعاني الشركية ناتجة من أن الله عز وجل لم يملأ شراشر وجودك. إذا تهيأت لك فرصة للمناجاة عند الحجر أو عند الركن اليماني أو عند باب الكعبة أو كنت عند الحسين (ع) في حائره أو كنت في روضة النبي (ص) وأدركتك الرقة وجرت الدمعة بعد الدعاء بالفرج لولي أمرك، قل: يا رب، عرفني نفسك. املأ هذا القلب الخاوي بحبك، فقد عشت عمراً مع الأغيار وبالأباطيل، لم أعرف إلا جدران المنزل والزوجة والأولاد وهذه الدابة التي أركبها. لقد عشت دهرا وأنا غافل وأنا أعمى البصيرة؛ فافتح لي أبواب رحمتك. والصلاة مفتاح لكل قرب. اعزم على أن تجعل الصلاة لقاء الله عز وجل، واقتن الكتب المؤلفة حول الصلاة الخاشعة، واستمع للدورات التي أقيمت حول الصلاة الخاشعة أو لا؛ فاقرأ الآيات المتعلقة بالصلاة الخاشعة.

[١] سورة المؤمنون: ١-٢.
[٢] بحار الأنوار  ج٨١ ص١٣٤.
[٣] بحار الأنوار  ج٤٣ ص٤٤.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • بدأت الأذان والإقامة بالتكبير، وختمتهما بالتكبير، وقبل تكبيرة الإحرام يُستحب لك الإتيان بست تكبيرات، وفي الصلاة قبل الركوع وبعد الركوع وقبل السجود وبعد السجود وبعد الفراغ من الصلاة تقول: الله أكبر. إن هذه الحقيقة لو تغلغت في وجودك؛ لرأيت ما سواه حقيراً صغيرا.
  • تخيل حال الأمة لو كان يحكمها المأمون العباسي ولم يكن الرضا (ع) أو كان هشام من دون إمامنا زين العابدين (ع) أو كان هارون من دون إمامنا موسى بن جعفر (ع). هؤلاء الحكام الذين تنكروا لكل القيم والمفاهيم الدينية.
Layer-5.png