- ThePlus Audio
هل البسلمة جزء من السورة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة البسملة أو حذفها في الصلوات
إن قراءة البسملة أو حذفها من المسائل المختلف عليها بين فرق المسلمين؛ إذ نلاحظ البعض يحذف البسلمة عند قراءة القرآن وحتى عند قراءة الفاتحة أثناء الصلاة، فما هو الموقف الصحيح من هذه المسألة؟
البسملة من علامات المؤمنين
إن البسلمة من سمات المؤمن المتعبد الموحد لله عز وجل. وقد ورد في الروايات الشريفة: (كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُذْكَرْ «بِسْمِ اَللَّهِ» فِيهِ فَهُوَ أَبْتَرُ)[١]؛ أي ناقص لانقطاع صلته بالله عز وجل. ولا ينبغي للمؤمن أن يقوم بعمل دون ربطه بالله سبحانه ولو بمجرد القول والادعاء؛ فإن الله عز وجل يرضى منه بذلك.
الاستئذان من المولى قبل التصرف في الوجود..!
ومن الأمور التي يستحب التسمية فيها تناول الطعام. فهو وإن كان أمرا غريزيا إلا أن الروايات تؤكد على استحباب البسملة قبل الطعام؛ فبذلك يظهر الإنسان بمظهر المتذكر لنعم ربه. ويقول أهل المعرفة: أن أكلي وشربي وجلوسي وقيامي وأي فعل أقوم به إذا لم يبدأ بالبسملة فهو نوع من أنواع التصرف في ملك المولى من دون استئذان. فالأرض وما عليها هي ملك لله عز وجل، ولابد قبل أن فعل نقوم به عليها أن نذكر اسم الله ونقول: بسم الله؛ أي يا رب استئذنك. والله سبحانه أجل من أن يشترط شروطا قاسية بعد البسملة؛ فهي تكفي للاستئذان منه سبحانه.
البسملة في روايات أهل البيت (عليهم السلام)
وبعد ذلك، ألا يمكن اعتبار السور القرآنية من الأمور ذوي البال التي تتطلب البسملة عند قراءتها؟ وليست بالتأكيد أقل من الطعام والشراب، فلماذا نحذف هذه الآية العظيمة من كتاب الله عز وجل؟ وقد روي عن الإمام الصادق (ع) قلما يستعمله الإمام إلا في المواطن التي يخشى فيه من التلاعي بالدين وإدخال ما ليس فيه؛ فيه؛ أي في مواطن البدع والتحريف وهو: (مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اَللَّهُ عَمَدُوا إِلَى أَعْظَمِ آيَةٍ فِي كِتَابِ اَللَّهِ، فَزَعَمُوا أَنَّهَا بِدْعَةٌ إِذَا أَظْهَرُوهَا، وَهِيَ «بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ »)[٢]. وعن الباقر (ع) أنه قال: (سَرَقُوا أَكْرَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اَللَّهِ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ)[٣]. وروي عن أمير المؤمنين (ع): (قُولُوا عِنْدَ اِفْتِتَاحِ كُلِّ أَمْرٍ صَغِيرٍ وَعَظِيمٍ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ)[٤]. وعن الرضا (ع) أنه قال: (إِنَّ «بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ» أَقْرَبُ إِلَى اِسْمِ اَللَّهِ اَلْأَعْظَمِ مِنْ سَوَادِ اَلْعَيْنِ إِلَى بَيَاضِهَا)[٥]. وقد كان النبي (ص) يعتبرها آية من كتاب الله عز وجل بحسب الروايات المنقولة عن أهل البيت (ع).
البسملة في روايات أهل السنة
ومن الغريب أن نجد ما ذكرنا قد ورد في كتب العامة؛ ففي كتاب الدارقطني عن أبي هريرة قال: قال النبي (ص): (إذا قرأتم الحمد، فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم؛ فإنها أم القرآن والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها). وفي صحيح مسلم، عن أنس عن النبي (ص) قال: (أنزلت على أنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم). وعن أبي داوود عن ابن عباس قال: إن رسول الله (ص) كان لا يعرف فصل السورة – وفي رواية انقضاء السورة – حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم)؛ أي يعلم انتهاء السورة وبداية سورة جديدة من نزول بسم الله الرحمن الرحيم عليه.
لماذا الإصرار على ترك هذه الآية؟
وكما تبين لنا من خلال روايات أهل البيت (ع) وما نقل في كتب سائر الفرق من المسلمين أن البسملة تدور بين الجواز والوجوب والاستحباب. فلماذا هذا التعمد في ترك أعظم آية في كتاب الله عز وجل بحسب تعبير الإمام الصادق (ع). وحتى في عرف المسلمين الأوائل وفي مرتكزاتهم كانت البسملة جزء من السورة ولذلك كانت سورة البراءة سورة مميزة عندهم لعدم ابتداءها بالبسملة كسائر السور. وقد عللوا ذلك بأن البراءة لا تتناسب والرحمة الإلهية. وهي السورة الوحيدة التي حذفت منها البسملة في القرآن الكريم.
خلاصة المحاضرة
- إن البسملة هي أعظم آية من كتاب الله عز وجل بحسب الرويات الواردة عن أهل البيت (ع)، وقد حثوا كثيرا على ابتداء كل أمر ذي بال بها والجهر بها في الصلوات. ولكن العامة من أهل السنة خالفوا أهل البيت (ع) في ذلك؛ فلم يظهروها في صلواتهم ولم يعطوها حقها التي تستحقه.