• ThePlus Audio
Layer-5-1.png

هكذا تكون التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

ما أنت فاعل برسائل الله عز وجل؟

لو تأمل كل واحد منا في علاقته بالقرآن الكريم، وجد أنها لا ترقى إلا المستوى المطلوب، خاصة في غير شهر رمضان المبارك. ولذا يبنغي أن يكون الشهر الكريم، محطة تصالح مع كتاب الله عز وجل. فمن يجفو القرآن الكريم، فلا ريب أنه يجفو صاحبه ومنزله رب العالمين.

لو أتتك رسالة من مرجع من مراجع التقليد مثلا، ولو جواب استفتاء، ثم أخذت الرسالة ورميتها جانباً أو لم تفتحها أو فتحتها وقرأتها قراءة عابرة من دون تدبر، فأنت في العرف، قد أسأت الأدب مع صاحب الرسالة ولم تحترمه. وكذلك الأمر في القرآن الكريم إذ يُعد رسالة من الله سبحانه إلى العباد. فمتوهم من يدعي الحب الإلهي والقرب ويبحث عن الخشوع والوصال والمقامات وليست له علاقة متميزة بالكتاب.

ارتباط العلماء بالقرآن الكريم

وإذا تأملنا في سيرة العلماء، وجدنا ارتباطا وثيقا بينهم وبين كتاب الله عز وجل. كان أحد مراجعنا العظام، يتلو القرآن في فترات استراحته بين المراجعة والأخرى. فكان يملأ فراغه في ساعات الليل والنهار بتلاوة القرآن الكريم.

استخدام الوسائل الحديثة للأنس بكلام الله

هذا ومن لم يستطع القراءة لسبب من الأسباب، فقد أتاح له التقدم التكنولوجي فرصة الاستماع إلى القرآن الكريم في جميع الأحوال. إن وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية اليوم سلاح ذو حدين؛ فكما يُمكن تسخيرها لنشر الفساد في الأرض، كذلك يُمكن الاستفادة منها في سبيل الخير. فبإمكان المسافر اليوم، أن يستمع في ساعات السفر الطويلة إلى القرآن الكريم باستخدام هذه الأدوات الحديثة، بدل أن يكون ساهيا لاهيا طوال السفر ينظر إلى السماء وإلى المناظر حوله تارة، أو يخوض في الباطل تارة. بل قد نجد الرجل يتفاعل بالاستماع أكثر من تفاعله عند القراءة؛ فهو يتثمر الأجواء الهادئة والمناظر الجميلة للاستماع إلى القرآن الكريم والتدبر في معانيه ومضامينه.

آيات التشريع وفرصة الشهر الفضيل

وقد أتاح لنا شهر رمضان المبارك الاستمتاع بهذا الرحيق المختوم، وبأعظم الآيات الإلهية في هذا الوجود. إن القرآن الكريم آيات تشريعية والشمس والقمر والجبال وما ذرأ الله في هذا العالم آيات تكوينية. إننا ننظر إلى الشمس والقمر ونعلم من خلاهما أن لهما صانعا حكميا، وننظر في كتاب الله عز وجل ونستلهم منه الكثير من المعاني والعبر التي تنفعنا في حياتنا.

ماذا نعمل في هذا الشهر الكريم لنستمتع بهذا الرحيق المختوم؟

أولا: الإكثار من التلاوة. قد نتفاجئ بالبعض عندما نسألهم في شهر رمضان المبارك عن الأجزاء التي ختمهما في هذا الشهر، فندهم متساهلين متكاسلين إلى درجة أنهم لم يختموا جزء واحدا وقد مضى من الشهر نصفه.

الشيطان وخوفه من تلاوتك…!

لابد الإشارة عند الحديث عن تلاوة القرآن الكريم الذي يعد من أفضل الأعمال الإلهية، أن الشيطان يسخط على القارئ فيمنعه بشتى الوسائل من التلاوة. إن قراءة القرآن كالصلاة كبيرة تخالف المزاج، ولكن لا ينبغي أن يستسلم المؤمن لوساوس النفس والشيطان ويجاهد في قراءة أكبر عدد من السور والآيات. ثق عندما تفتح المصحف الشريف، فإن الشيطان يحوم حول قلبك، لصدك عن تلاوة القرآن الكريم. ولذا قال عز من قائل: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[١]؛ فالشيطان يحوم حول قلبك عند مزاولة كل عمل يُقربك إلى الله عز وجل، وهو أمر يعترف به الجميع. وتجد هذا الحومان على سبيل المثال عند تكبيرة الإحرام، فتتذكر في الصلاة حتى ما نسيته، وتأتيك الخواطر من كل حدب وصوب حتى خواطر الطفولة…!

بعبارة أخرى: للشيطان دور بل إصرار على أن يشغلك عن هذه الأعمال التي تقربك إلى الله زلفى. ومثال آخر على محاولة الشيطان صدك عن عمل الخير، ما روي عن أئمة أهل البيت (ع) في استحباب استعجال البر ودفع الصدقات. فإذا ما نويت دفع مبلغ من المال صدقة أو أردت وقف شيء في سبيل الله أو الوصية بالثلث أو القيام بمشروع خيري، يأتيك الشيطان ليقول لك: ادخر هذا المال لك ولورثتك مثلا.

وقد وقع ما يُشبه هذا في زمان رسول الله (ص) مع بعض المجاهدين الذين كانوا يودون الخروج للجهاد مع رسول الله (ص) فتقف أمامهم الزوجات والأولاد، قائلين: إلى أين يا حمانا؟ ويثبطونهم عن المضي في مسيرهم أو يثبطونهم عن الإنفاق في سبيل الله عز وجل. ولهذا عبر القرآن الكريم عن هؤلاء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)[٢].

لا تستسلم للتثاقل الذي سرعان ما يستحيل نشاطا…!

فإذا فتحت كتاب الله عز وجل ووجدت في نفسك تثاقلاً كالذي تجده عند الصلاة بين يدي الله عز وجل؛ فلا تستسلم للتثاقل الأولي، وامض في التلاوة لحين استحصال النشاط. إن صلاة الليل ثقيلة عليك، ولكن بمجرد أن تقوم من فراشك؛ ترى في نفسك قوة، فإذا توضأت تضاعفت القوة، وإذا صليت ركعتي النافلة، تصاعفت القوة إلى أن تكمل النوافل الثمان. فإذا قمت إلى الشفع والوتر لا يختفي الثقل فحسب؛ بل ترى خفة ونشاطا وحلاوة. فإذا كنت تصلي متناعسا النوافل الثمان، ترى في نفسك خشوعا في الشفع والوتر وقد تجري عبرتك عند ذلك.

خادع النفس عند التلاوة

فلا تستسلم واعلم أن الخطوة الأولى ثقيلة على النفس، فإذا ما تتابعت الخطوات هان الأمر، واستمتعت في نهاية المطاف. ولهذا وردت في الروايات الشريفة، دعوة إلى مخادعة النفس، فقد روي: (خَادِعْ نَفْسَكَ عَنِ اَلْعِبَادَةِ)[٣]. فخادع النفس المتثاقلة عند تلاوة القرآن الكريم وقل لها: يا نفس، هي صفحتين لا أكثر، فإذا شرعت في التلاوة أتاك شوق يجعلك تقرأ الجزء والجزئين من دون كلل أو ملل. وقد نرى أحيانا الطفل يقرأ خمسة أجزاء في مقام حفظ القرآن الكريم، ويحفظه في صغره من الفاتحة إلى الناس. ويُتقن حفظه إلى درجه يحفظ الصحفة والآية ويستطيع قراءة السورة عكسيا وكأن الآيات الإلهية أصبحت كالعجين بين يديه…! طفل لم يبلغ الحلم لازال يلعب ببعض ألعابه، ولكنه توجه إلى القرآن، فمنحه الله عز وجل، فكيف بي أنا وأنت؟!

لا مقام من دون إصرار

إذا لم تطلب ولم تكن مصراً في الطلب، لا تصل إلى مقام. ألست تقرأ في دعاء كميل المروي عن أمير المؤمنين (ع): (يا حبيب قلوب الصادقين)؟ فكيف تريد أن تكون حبيب الله من غير أن تكون صادقاً؟ هذا ويريد البعض في شهر رمضان أن يصل إلى مقامات العارفين، فيقول: لقد صمت شهراً كاملاً وأنا أعمل تحت الشمس الحارقة وأصل إلى ساعة الإفطار أشبه بالمحتضر وأقمت ليالي القدر تحت قبة الحسين (ع) أو في محضر الإمامين الجوادين (ع)، فلماذا لا أجد تميزا بعد هذا الشهر؟ أين الجائزة؟ أين ثمرة هذه الأعمال؟ بل قد يُبتلى كالكثير من المؤمنين بإدبار في شهر شوال.

كيف تعطش وقد أقمت بجوار النهر شهرا؟!

وأقول لهؤلاء: إنك بمثابة رجل ذهب إلى النهر وبقي في النهر شهرا كاملا، ولكنه لم يشرب منه شيئا. فكونك في شهر رمضان المبارك، لا يعني أنك شربت من رحيق هذا الشهر. وكونك أدخلت جسمك في المشاهد، فهذا لا يلازم بالضرورة إدخال روحك في زمرة الأرواح الطاهرة؛ فالأمر يحتاج إلى جهد آخر. لابد أن تسعى في هذا الشهر المبارك أن تصل إلى مرحلة من مراحل الأنس والإحساس بمحضرية الله عز وجل. فإذا وصلت إلى هذه الدرجة التي ترى فيها نفسك بين يدي الله عز وجل، فلن يختلف الأمر عندك في مشهد من مشاهد أهل البيت (ع) كنت، أو في القطب الشمالي؛ فالعين الناظرة هي هي، ومن تناجيه هو هو. نعم، لا ريب في أنك ستتألق أكثر في المشاهد المشرفة ولكنك متألق في جميع الأحوال، محافظا على أصل العلاقة في كل الحالات.

وأقول عودا على بدء: إن التلاوة ثقيلة على النفس، ولكن بمجرد أن تبدأ بالتلاوة، تستذوقها وتستمر فيها. وقد سمعت من يدعي حقا لا باطلاً – لعل الأمر يتصل بالغيب – أنه يجد عند قراءة القرآن حلاوة في فمه كالعسل. فالتلاوة لا يصل أثرها إلى القلب فحسب؛ بل حتى إلى البدن والجوارح.

دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) والحث على التدبر

لو تأملنا دعاء الإمام الصادق (ع) عند تلاوة القرآن الكريم، وجدناه مليئا بالتدبر، فهو (ع) يحثنا من خلال هذا الدعاء على التدبر الذي لا فائدة للتلاوة من دونه، كما أن العبادة من دون تفقه، لا فائدة فيها. ولا يقولن قائل: لأدع التلاوة إذا لم أنتفع بالتلاوة من دون تدبر، وهذا خطأ بالتأكيد. فالمراد بعدم الفائدة، الحرمان من الفائدة العظمى، وهو يشبه ما روي عن النبي الأكرم (ص): (لاَ صَلاَةَ لِجَارِ اَلْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي اَلْمَسْجِدِ)[٤]، فلم يفتي الفقهاء ببطلان صلاة جار المسجد في البيت، ولكنها صلاة غير كاملة. فالتلاوة الكاملة التامة هي التلاوة التي تكون بتدبر في كلمات الله عز وجل وتمعن في آياته.

كيف أتدبر ولست مفسرا؟

وهنا قد يسأل سائل فيقول: إنني لا أملك ثقافة قرآنية ولست متخصصا في التفسير، فكيف أتدبر القرآن الكريم؟ فنقول: اجمع بين التلاوة والتفسير. ترى الرجل يقرأ القرآن دهراً وهو لا يعلم معاني المفردات التي يقرأها، وهو أول خطوة في طريق التدبر. لا تشغل نفسك في البداية بالتفاسير المعمقة ولكن ابدأ بفهم المفردات وابحث عن معاني الآيات التي تقرأها كثيرا كالصمد والغاسق والوقب وأمثالها. فلا تميز في تلاوة القرآن الكريم من دون أن تكون لك إلمامة بمفردات القرآن.

مناجاة عند التلاوة

ما المانع من أن تناجي ربك عند تلاوة القرآن الكريم مناجاة مختصرة. لا أطلب منك أن يُغمى عليك مثلا ولكن ما المنع من أن تقول قبل التلاوة: يا رب، هذا كتابك بين يدي، فوفقني لفهم كتابك كما تحب وترضى. لا يكن الجاهلي أفضل منك في فهم القرآن الكريم…! إنهم كانوا يعرفون العربية، وهم أصحاب المعلقات السبع، وهم بالرغم من أنهم كانوا يأدون البنات ويأتون المنكرات، كانوا يشعرون بحلاوة القرآن، ولذا قال قائلهم: إن فيه لحلاوة. إن هذا المنكوس كان يفهم القرآن إجمالاً، ولهذا منعوا الناس من استماع القرآن من النبي الأكرم (ص)، وكانوا يصفونه بالساحر لعظيم تأثيره في النفوس. إنهم سُحروا ببلاغة القرآن الكريم.

قد تفهم من الآية ما لم يخطر لمفسر ببال

فلا تيأس من روح الله عز وجل وأمعن الفكر في الآيات الشريفة، فلعل الله عز وجل يمن عليك بالمعاني التي لم يصل إليها قبلك أحد. إنه ليأتيني االبعض من المؤمنين في صلاة الجماعة في المسجد قائلا: يا فلان، لقد فهمت من هذه الآية، هذا المعنى، فأقول له: هل سمعته من أحد؟ فيقول لي: كلا، بل هو فهمي لهذه الآية. ولو راجعت التفاسير لم تجد المعنى قد مر على خاطر مفسر، وقد مر على خاطر رجل من عامة الناس لا ترى له وزنا في الظاهر. وغني عن الذكر ذلك الرجل الذي حفظ القرآن بكرامة، فكان يعطى كتاباً غير القرآن الكريم على أنه هو القرآن من باب المزاح مثلا، فيقول: ليس هذا كتاب الله عز وجل، ولكنني أرى بين السطور نورا يقصد الآيات التي وردت في ذلك الكتاب. نعم، إن الله قادر على أن يرفع الحجاب عن البعض، فيرى نور القرآن ويستطعم لذيذ  معانيه.

ولتكن لك محطة أنس بالقرآن الكريم في جوف الليل طوال العام. إننا عندما نتحدث عن جوف الليل، تتبادر إلى الذهن، صلاة الليل فقط، والحال أن جوف الليل محطة لفقرات ثلاث أعبر عنها بالمثلث الذهبي الذي له ثلاثة أضلع؛ قيام الليل ولو بأن يكتفي بركعتي الشفع وبالوتر، وتلاوة القرآن الكريم، والتفكر من أين؟ وفي أين؟ وإلى أين؟

فإذا كنت شابا في عنفوان الشباب لم توفق لصلاة الليل جزاك الله خيرا، فاكتف بالكف عن محارم الله عز وجل؛ ولكن إن وفقت يوما للقيام وصرت ولياً لله عز وجل، وعشقت العبادة في جوف الليل، فالزم هذا المثلث الذهبي.

صلاة من دون مقبلات….!

وبإمكانك أن تبدأ قيام الليل بالاكتفاء بالشفع والوتر وهي لا تستغرق أكثر من خمس دقائق قبل أذان الفجر. لا بأس في أن تبدأ صلاة الليل ناقصة، فأكملها شيئا فشيئا ثم زينها بآدابها التي منها: أن تقوم من مقامك فتنظر إلى السماء وتقرأ قول الله عز وجل: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)[٥]، وأن تستغفر للمؤمنين وتطلب من الله العفو، وهي مكملات إن صح التعبير.

أفضل وقت للتلاوة

أما الضلع الثاني الذي ذكرناه؛ تلاوة القرآن. لقد ورد في وصف المتقين: (أَمَّا اَللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالُونَ لِأَجْزَاءِ اَلْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهُ تَرْتِيلاً)[٦]. فإذا أدمنت تلاوة القرآن في جوف الليل، فستنكشف لك بعض الحقائق بعد فترة وتعلم بعض الأمور حول القرآن الكريم لا يُمكن أن تعلمها إلا في الأسحار. قد لا تستطيع التركيز في النهار لكثرة الضجيج من حولك ولصوت لعب الأطفال والتلفاز وما شابه ذلك؛ ولكن في جوف الليل قد هدأت الأصوات وسكنت الحركات وخلى كل حبيب بحبيبه. فخذ صمة كتاب الله عز وجل وقل: يا رب، علمني من كتابك شيئاً.

بهذا التفكير غير مجرى الحياة

أما الضلع الثالث قلة هم الموفقون له. كثير هم أصحاب الليل وأصحاب القرآن في جوف الليل، ولكن قليل المتأملون المتفكرون في جوف الليل. ما المانع من أن تفكر وأنت ساجد أو قائم أو حتى مستلق في مبدأك ومعادك؟ فكر في أن هذه الشيبة الأولى في لحيتك أو رأسك، نذير الموت. فهل أعددت له العدة؟ فكر في الفرق بين صيامك في هذه السنة والسنة الماضية؟ هل لا زال امتناع عن الأكل والشرب إلى الليل وانتهى الأمر؟ هل تحسنت تلاوتك للقرآن الكريم في هذه السنة؟ هل ازدتت تدبرا في كتاب الله؟ إن هذا التفكير في جوف الليل يدفعك إلى الأمام ويغير مجرى حياتك.

هب لي ثلاثا قبل هذه الثلاثة

وقبل أن تصلي صلاة الليل، سل الله قائلا: يا رب، ارزقني الخشوع، وقبل أن تقرأ القرآن، قل: يا رب، هب لي التدبر، وقبل التفكر قل: يا رب، هب لي التسديد، فكما روي: (إِذَا أَرَادَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً فَقَّهَهُ فِي اَلدِّينِ وَزَهَّدَهُ فِي اَلدُّنْيَا وَبَصَّرَهُ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ)[٧]. لا داعي لكي يذهب أحدنا يمنة ويسرة إلى الأماكن النائية وإلى فلان وعلان ممن يدعي معرفة الغيب وأنه طبيب النفوس، فأنت أبصر الناس بنفسك. إذا ابتليت بمرض تظل تراجع المختبرات والأطباء وتدفع الأموال الطائلة إلى أن يتم تشخيص المرض، فإذا شُخص المرض انتهى الأمر، فعندها لا تحتاج إلا إلى وصفة دواء من الطب وشفاء من الله عز وجل. وكذلك الأمر في عالم الأرواح؛ فإذا شخصت المرض وعلمت أنك مريض، فقد وُفقت للعلاج بإذن الله عز وجل.

[١] سورة النحل: ٩٨.
[٢] سورة التغابن: ١٤.
[٣] عیون الحکم  ج١ ص٢٤٢.
[٤] المجازات النبویة  ج١ ص١١٧.
[٥] سورة آل عمران: ١٩٠.
[٦] بحار الأنوار  ج٧٥ ص٢٨.
[٧] مستدرك الوسائل  ج١٢ ص٤٢.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • لو تأمل كل واحد منا في علاقته بالقرآن الكريم، وجد أنها لا ترقى إلا المستوى المطلوب، خاصة في غير شهر رمضان المبارك. ولذا يبنغي أن يكون الشهر الكريم، محطة تصالح مع كتاب الله عز وجل. فمن يجفو القرآن الكريم، فلا ريب أنه يجفو صاحبه ومنزله رب العالمين.
  • لو أتتك رسالة من مرجع من مراجع التقليد مثلا، ولو جواب استفتاء، ثم أخذت الرسالة ورميتها جانباً أو لم تفتحها أو فتحتها وقرأتها قراءة عابرة من دون تدبر، فأنت في العرف، قد أسأت الأدب مع صاحب الرسالة ولم تحترمه. وكذلك الأمر في القرآن الكريم إذ يُعد رسالة من الله سبحانه إلى العباد.
  • من لم يستطع التلاوة لسبب من الأسباب، فقد أتاح له التقدم التكنولوجي فرصة الاستماع إلى القرآن الكريم في جميع الأحوال. فبإمكان المسافر أن يستمع إلى القرآن الكريم باستخدام هذه الأدوات الحديثة، بدل أن يكون ساهيا لاهيا ينظر إلى السماء وإلى المناظر حوله تارة، ويخوض في الباطل تارة.
  • إذا أدمنت تلاوة القرآن في جوف الليل، فستنكشف لك بعض الحقائق بعد فترة وتعلم بعض الأمور التي لا يُمكن أن تعلمها إلا في الأسحار. قد لا تستطيع التركيز في النهار لكثرة الضجيج من حولك ولصوت لعب الأطفال والتلفاز وما شابه ذلك؛ ولكن الفرصة متاحة في جوف الليل.
Layer-5.png