- ThePlus Audio
هذه هي العائلة النموذجية التي نبحث عنها…!
بسم الله الرحمن الرحيم
الإتباع والولاية
إنَّ الاتباع والولاية على قسمين:
الأول: الاتباع الظاهري الادعائي: هو أن يتولى الإنسان محبوبا في حياته ويتبعه إتباع ادعائي وعاطفي.
الثاني: إتباع واقعي حقيقي، هو عبارة عن الاقتفاء بآثار المحبوب: بقوله وفعله؛ ولهذا فإنَّ إبراهيم الخليل (عليه السلام) يقول في كلمة معبرة: (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)[١].. فالانتماء والاتباع والالتحاق بالطرف الآخر، متوقف على ما تقدم.
علي وفاطمة وذريتهما (عليهما السلام) العائلة النموذجية
وكتطبيق عملي على ما تقدم من القسمين، نسلط الضوء على عينة من حياة مولاتنا فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها) – من منا لا يحب أن ينادى يوم القيامة بالفاطمي؟!- حيث تأتي في عرصات القيامة، ليُظهر الله (عز وجل) جلالها وكرامتها لدى الخلائق، بعد أن كانت مجهولة القدر، ومخفية القبر في هذه الحياة الدنيا ولو أراد الإنسان أن ينظر إلى تاريخ البشرية، ويحاول أن يستخلص أسعد عائلة على لوحة الوجود، لما تجاوز حياة علي وفاطمة، ولا شك أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خير من علي (عليه السلام)، ولكن لا تُقاس أم فاطمة (عليها السلام) بها، وكما هو معلوم أنه لم يكن في عائلة النبي (صلى الله عليه وآله) ذرية الحسن والحسين (عليهما السلام)، فإذن أن العائلة النموذجية طوال التاريخ من لدن خلق آدم إلى قيام الساعة، هي هذه العائلة المباركة، المتمثلة بأربعة أخماس أهل البيت، الذين شملهم حديث الكساء؛ وهم الحسن والحسين وأبواهما (عليهم السلام)، وهم يشكلون أربعة أركان من أركان هذا الوجود.
فمعنى إتباع هذه العائلة المباركة هو أن يتأسى بها الإنسان ومن نقاط التأسي في حياة فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها)، البساطة في المعيشة، فمع الأسف نحن نخلط بين البساطة في المعيشة وبين الإكثار من الملهيات في الحياة الزوجية، إنَّ الزوجين يظنان أنهما عندما يكثران من أثاث المنزل وزخرفة المنزل، تكون ألفة وانسجام بينهما إذ يتصوران بأنَّ هنالك علاقة طردية بين زينة المنزل وبين الألفة فيما بينهما، ونحن نقول في أفضل التقادير: أنَّ الألفة تتحقق بينهما وبين الزينة، لا بينهما، فعندما يوضع تمثال جميل أو مزهرية جميلة في المنزل، فإنه سيكون هنالك في أفضل الحالات انشداد منهما إلى ذلك المتاع، فأين الأثر النفسي؟ وهل تتحقق بذلك الألفة؟ الجواب لا أبداً، بل قد يتحقق شيء من التباعد فإذن، إنَّ الحديث المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا)[٢]، لو حُكّم في حياتنا، لقضينا على ظاهرة تأخر الزواج والعنوسة وما شابه ذلك.
الحذر من طبيعة المقارنة في حياة الإنسان
إن من نقاط السعادة في حياة هذه العائلة كذلك، أن علياً (عليه السلام) رغم أن فاطمة (عليها السلام) معصومة، إلا أنه هيأ لها الأجواء التي تغنيها عن تخطي رقاب الرجال، كما صرحت فاطمة (سلام الله عليها) بذلك.
وهنا قضية مهمة وحساسة، فطبيعة الإنسان طبيعة تغلب عليها المقارنة، فالإنسان عندما يسافر إلى بلد جميل، ثم إلى بلد جميل آخر، فإنه -شاء أم أبى- سيقارن بين البلدين، ثم يحكم أنّ هذه البلاد أجمل من هذه البلاد، فطبيعة الإنسان قائمة على أساس التفاضل والموازنة والحكم والرجل عندما يرى في حياته صوراً جميلة من النساء – الأمر يمكن أن يكون تلقائي، وغير اختياري- فإنه سيحكم على أنَّ هذه أجمل من زوجته، فإذا كانت جامعة لبعض صفات الكمال أيضاً – أي جمال وكمال- فمن الطبيعي أنَّ المرأة ستبدو باهتة في نظر زوجه. وهكذا العكس، فإنَّ المرأة أيضاً عندما ترى من الرجال من هو أكثر وسامة وأناقة وعلماً ولباقة، وخاصة أنَّ الإنسان في العلاقات الاجتماعية، يتكلف أفضل الصور في التعامل، فمن الطبيعي أنَّ المرأة عندما ترى الصور المختلفة، فإنها ستقارن وبالتالي، عندما تعود إلى عشها الزوجي، فإنها ستنظر إلى الزوج -شاءت أم أبت- بنظرة أخرى، فيها شيء من التصغير ولهذا السياسة الشرعية قائمة، على أن يجعل الإنسان نظرته محصورة على المحارم، وهذا معنى غض البصر، والإسلام لم يدعُ إلى غض البصر، ليكون الأمر مستحيلاً أو صعباً، وإنما دعا إلى غض البصر، لتقل هذه الصور المثيرة في الأذهان.. والدعوة للطرفين: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)[٣] … (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)[٤].
فلينظر الإنسان إلى ثمار الحياة الزوجية
هب أنّ أحدنا لم يحسن الاختيار في الزوجة الموافقة من جميع الجهات، فقد تكون الزوجة مؤمنة ومصلية وعابدة، ولكن طباعها متنافرة مع طباع الرجل، وهذه ليست بمنقصة، ففي مثل هذه الحالات ومع وجود بعض العناصر المرجّحة للإدامة، فإنَّ العاقل ينظر إلى خواتيم الأمور: أليست من ثمرات الحياة الزوجية الذرية الصالحة؟! فعليه أنْ يتحمل شيئا من الأذى – سواء الرجل أو المرأة- في سبيل هذه الثمرة السعيدة، وهي ثمرة باقية، فجمال الوجه وأيام شهر العسل تفنى، والذي يبقى بعد ذلك هذه السمعة الطيبة والذرية الصالحة، وكما هو معروف بأنَّ الذرية الصالحة امتداد أبدي للإنسان، لا في الدنيا فناءً عند القوم، ولا في البرزخ استغفاراً له، بل حتى في الجنة تلحق ذريته الصالحة به، وشتان بين هذه الثمار العاجلة، وبين هذه الثمرة الباقية! ورب العالمين كم كافأ علي وفاطمة (عليهما السلام)، على ما تحملت فاطمة (عليها السلام) في حياتها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟.. وكم تحمل علي (عليه السلام)؟ ولكن ما هي النتيجة؟ الجواب: إنَّ النتيجة هي التحقيق العملي لسورة الكوثر من خلال علي وفاطمة (عليهما السلام)، فرب العالمين يقول: (إنا أعطيناك الكوثر)[٥]، يخاطب النبي (صلى الله عليه وآله)، والحال بأن تحقيق أو تحقق هذه السورة من خلال علي وفاطمة (عليهما السلام).( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ*فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ*إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[٦].
خلاصة المحاضرة
- لو أراد الإنسان أن ينظر إلى تاريخ البشرية، ويحاول أن يستخلص أسعد عائلة على لوحة الوجود، لما تجاوز حياة علي وفاطمة، ولا شك أن النبي (صلى الله عليه وآله) خير من علي (عليه السلام)، ولكن لا تُقاس أم فاطمة (عليها السلام) بها، وكما هو معلوم أنه لم يكن في عائلة النبي ذرية الحسن والحسين (عليهما السلام)
- فمعنى إتباع هذه العائلة المباركة هو أن يتأسى بها الإنسان ومن من نقاط التأسي في حياة فاطمة صلوات الله وسلامه عليها، البساطة في المعيشة، فمع الأسف نحن نخلط بين البساطة في المعيشة وبين الإكثار من الملهيات في الحياة الزوجية.
- وهنا قضية مهمة وحساسة، فطبيعة الإنسان طبيعة تغلب عليها المقارنة، فالرجل عندما يرى في حياته صوراً جميلة من النساء – الأمر يمكن أن يكون تلقائي، وغير اختياري- فإنه سيحكم على أن هذه أجمل من زوجته، فمن الطبيعي أن المرأة ستبدو باهتة في نظر زوجه. وهكذا العكس ولهذا السياسة الشرعية قائمة على غض البصر.
- فلينظر الإنسان إلى ثمرات الحياة الزوجية الذرية الصالحة؟! فعليه أن يتحمل شيئا من الأذى – سواء الرجل أو المرأة- في سبيل هذه الثمرة السعيدة.