- ThePlus Audio
نظرة الشريعة إلى الغنى والفقر
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
لو فتشنا عما في قلوب الناس بالنسبة إلى مسألة الرزق؛ لرأينا أن الجميع يحب المال الكثير، وهناك الكثير ممن يختم الختمات ويذهب إلى الحج والعمرة في سبيل أن يفتح الله عز وجل عليه أبواب الرزق الكثير، فهل حب كثرة المال هو أمر مطلوب دائما وما هي نظرة الشرع في هذا الشأن، أم أن القضية قد تكون هي العكس؟ وهل ينبغي للمؤمن أن يصر على الله عز وجل في طلب المال الكثير أم لا؟ وهذا ما سنعرفه من خلال هذه القصة النبوية القصيرة.
إن حياة النبي (ص) على قصرها في المدينة والتي لم تتجاوز العشرة أعوام؛ كانت مليئة بالحوادث المتنوعة، وينقل لنا الإمام السجاد (ع) هذه القصة فيقول: (مَرَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِرَاعِي إِبِلٍ فَبَعَثَ يَسْتَسْقِيهِ فَقَالَ أَمَّا مَا فِي ضُرُوعِهَا فَصَبُوحُ اَلْحَيِّ – أي أن ما في ضروعها هو ما ندخره للصباح مما يحلب في الصباح – وَأَمَّا مَا فِي آنِيَتِنَا فَغَبُوقُهُمْ – أي ما يحلب آخر النهار، وليس لدينا شيء زائد نعيطيكه، ما في الضروع للصباح وما في الأواني لليَّل – فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اَللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوُلْدَهُ)[۱].
(فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوُلْدَهُ ثُمَّ مَرَّ بِرَاعِي غَنَمٍ – وعادتاً صاحب الإبل يكون أغنى من صاحب الغنم – فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَسْتَسْقِيهِ فَحَلَبَ لَهُ مَا فِي ضُرُوعِهَا وَأَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهِ فِي إِنَاءِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِشَاةٍ – هدية للنبي (ص) – وَقَالَ هَذَا مَا عِنْدَنَا وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ نَزِيدَكَ زِدْنَاكَ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اَللَّهُمَّ اُرْزُقْهُ اَلْكَفَافَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اَللَّهِ دَعَوْتَ لِلَّذِي رَدَّكَ بِدُعَاءٍ عَامَّتُنَا نُحِبُّهُ – ويبدو أن الصحابة لم يكونوا يجاملون النبي (ص) وقالوا: أن جميعنا يحب أن يكثر ماله وولده – دَعَوْتَ لِلَّذِي أَسْعَفَكَ بِحَاجَتِكَ بِدُعَاءٍ كُلُّنَا نَكْرَهُهُ – فمن يريد منا الكفاف؛ بأن يكون وارده كصادره – فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ – وانظروا إلى عين الحكمة التي تصدر من فم النبي (ص) – إِنَّ مَا قَلَّ وَ كَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلهَى – وقد رأينا بعض المؤمنين من المواظبين على المساجد؛ كيف غابوا وغرقوا في بحر الدنيا بعد فتحهم مشروعاً أو مشروعين، ثم دعا لنفسه وآله فقال: – اَللَّهُمَّ اُرْزُقْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ اَلْكَفَافَ)[۲]، ونحن نقول: اللهم ارزقنا الكفاف في المعيشة.
[۲] الکافي ج٢ ص١٤٠.