Search
Close this search box.
  • من هم الصديقون وما هو ارتباطهم بزيارة سيد الشهداء (عليه السلام)؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

من هم الصديقون وما هو ارتباطهم بزيارة سيد الشهداء (عليه السلام)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا يبحث المؤمن عن المحطات العبادية والولائية؟

یبحث المؤمن عن المحطات العبادية في السنة كشهر رمضان عموماً، أو العشرة الأخيرة منها خصوصا، أو عشرة ذي الحجة، وخاصة لحجاج بيت الله الحرام. وله محطة ولائية في عموم مناسبات أهل البيت (ع) استشهاداً وولادةً. فهو يعيش هذه المحطة بالمعنى الجامع للكلمة. أولا: يقرأ سيرتهم. ثانيا: يستخلص نقاط العبر. ثالثا: يحاول التأسي والعمل بها.

مصيبة لا نظير لها في التاريخ

من هذه المحطات التي ينتظرها المؤمن؛ موسم محرم وصفر وخصوص العشرة الأولى من شهر محرم والعشرة الأخيرة من شهر صفر. إنهما مناسبتان حسينيتان؛ يستثير فيهما المؤمن دمعته، ويعيش مشاعر الولاية حزناً وتأسياً بالأئمة (ع). إن أئمتنا (ع) عموماً عندما كانوا يذكرون جدهم (ع) كانت تنتابهم حالة من الكآبة العميقة لا يمكننا تصورها. إذ ليست هنالك مصيبة وقعت على وجه الأرض كمصيبة الحسين (ع). إن هذه الأرض شهدت كثيرا من المصائب والجرائم كقتل أصحاب الأخدود، وقتل أصحاب موسى (ع)، وهابيل الذي قُتل ظلماً، ويحيى (ع) الذي قُتل قتلة تشبه قتلة الحسين (ع). إلا أنها جميعها لا ترقى إلى مصيبته (ع).

لماذا تختلف مصيبة الحسين (عليه السلام) عن سائر المصائب؟

وليست هذا ادعاء أو كلام شاعري، أو تعصب منا للحسين (ع)؛ وإنما هو ادعاء يُمكن إثباته، والقضية برهانية علمية. فأولا: المقتول هو سيد شباب أهل الجنة، وريحانة النبي (ص)، وكان في زمانه حجة الله على الخلق، وهو صاحب دعاء عرفة. إن ذلك الرأس الذي كان على الرمح؛ رأس من عرف الله عز وجل.

ثانياً: لقد قُتل من أجل إقامة شريعة الله عز وجل، ونصرة دينه ومن أجل الإصلاح في أمة جده (ص). تارة يُغتال الإنسان اغتيالاً أو يرجع من القتال فيقتل، أو يذهب إلى القتال فيُقتل في سوح القتال وهؤلاء ملحقون بالشهداء؛ ولكن إمامنا (ع) قُتل وكان قد خرج لطلب الإصلاح في أمة جده.

ثالثا: قُتل بكيفية لا يُمكن أن نحيط علماً بها، ولا ندري بالتفصيل ما جرى في ذلك اليوم. في أيامنا هذه يقتل الرجل عادة في سبيل الله قتلة مريحة؛ فتصيبة مثلا طلقة فينتقل إلى العالم الآخر في ثواني معدودة، لم يتحمل شيئا من الأذى. ولكنه (ع) من الصباح إلى ساعة الاستشهاد وهو يقاتل في يوم شديد الحر، والجراح تنزف دماً وأخيراً يأتي ذلك اللعين ويجلس على صدره ويقوم بما قام به حتى قالت زينب (س) لعمر بن سعد: (وَيْحَكَ يَا عُمَرُ أَ يُقْتَلُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ وَأَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ)[١].

رابعا: ليتهم غسلوه وكفنوه، وعاملوه كما يعامل كل ميت. لقد كان ملقى ثلاثاً بلا غسل ولا كفن. وقد جرى عليه ما جرى بعد استشهاده من صور الفجيعة. ولم تكن القضية متعلقة به فحسب؛ فقد قدم الرضيع الظامي، وقدم غلامه علياً (ع)، وقدم أخاه العباس (ع)، وقدم أصحابه واحداً تلو الآخر، وعرض أحبته للسبي والأسر. لم يكن ذلك هيناً على الله عز وجل؛ أن تساق زينب (س) وهي التي لا تنفصل عن رسول الله (ص) إلا بواسطة واحدة هي فاطمة ابنة رسول الله (ص) تساق من بلد إلى بلد. كم ثقلت هذه المصيبة على العرش.

سر لوعة الرضا (عليه السلام) على مصيبة الحسين (عليه السلام)

ومن هنا نقول في الزيارة: مصيبة عظمت في السماوات والأرض. ولهذا يعيش المؤمن أجواء الحزن والحداد على سيد الشهداء (ع) دائما، وكلما زادت معرفته بالإمام وبالمصيبة؛ ازداد ألمه وحزنه، واشتدت لوعته. ولهذا روي عن الرضا (ع) أنه قال في عبارته المعروفة: (إِنَّ يَوْمَ اَلْحُسَيْنِ أَقْرَحَ جُفُونَنَا وَأَسْبَلَ دُمُوعَنَا)[٢]. وقد يفهم البعض من الرواية أن يوم الحسين (ع) هو يوم عاشوراء وهو الذي أقرح جفني الرضا (ع)؛ ولكن ما المانع أن نقول: أن يوم الحسين أسبل دموع الرضا (ع) حتى في غير أيام عاشوراء؟ ثم إننا نقرأ في الزيارة المنسوبة إلى إمامنا الحجة (ع): (فَلَئِنْ أَخَّرَتْنِي اَلدُّهُورُ وَعَاقَنِي عَنْ نَصْرِكَ اَلْمَقْدُورُ وَلَمْ أَكُنْ لِمَنْ حَارَبَكَ مُحَارِباً وَلِمَنْ نَصَبَ لَكَ اَلْعَدَاوَةَ مُنَاصِباً فَلَأَنْدُبَنَّكَ صَبَاحاً وَمَسَاءً وَلَأَبْكِيَنَّ لَكَ بَدَلَ اَلدُّمُوعِ دَماً)[٣]، ولو علمنا حقيقة المصيبة كما علمها المعصوم؛ لانتابنا شيء من حالاتهم.

من هم الصديقون؟ ما هي علاقتهم بسيد الشهداء (عليه السلام)؟

ومن الروايات المعتبرة في هذا المجال، ما روي في الكتاب القيم كامل الزيارات: (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِذَا دَخَلَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ جَذَبَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَمْسِكْهُ ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي يَقُولُ يَا أَبَتِ لِمَ تَبْكِي فَيَقُولُ يَا بُنَيَّ أُقَبِّلُ مَوْضِعَ اَلسُّيُوفِ مِنْكَ قَالَ يَا أَبَتِ وَأُقْتَلُ قَالَ إِي وَاَللَّهِ وَأَبُوكَ وَأَخُوكَ وَأَنْتَ قَالَ يَا أَبَتِ فَمَصَارِعُنَا شَتَّى قَالَ نَعَمْ يَا بُنَيَّ قَالَ فَمَنْ يَزُورُنَا مِنْ أُمَّتِكَ قَالَ لاَ يَزُورُنِي وَيَزُورُ أَبَاكَ وَأَخَاكَ وَأَنْتَ إِلاَّ اَلصِّدِّيقُونَ مِنْ أُمَّتِي)[٤]. انظروا إلى تعبير الحسين (ع) وهو يخاطب النبي (ص) قائلاً: يا أبت، ولا يقول: يا رسول الله (ص)، لأن العلاقة بينهما علاقة الأبوة.

إن زيارة النبي (ص) وزيارة أمير المؤمنين (ع) والمجتبى والحسين الشهيد بكربلاء (ع)؛ حركة ظاهرية لها رصيد في الباطن. ما هو هذا الرصيد؟ إنه حب الحسين (ع). ولا يأتي هذا الحب من فراغ؛ وإنما هو حب ينقدح في قلوب الصديقين من هذه الأمه. فكما ورد: (مَنْ أَرَادَ اَللَّهُ بِهِ اَلْخَيْرَ قَذَفَ فِي قَلْبِهِ حُبَّ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَحُبَّ زِيَارَتِهِ)[٥].

[١] الإرشاد  ج٢ ص٩٥.
[٢] المناقب  ج٤ ص٨٦.
[٣] بحار الأنوار  ج٩٨ ص٣١٧.
[٤] كامل الزيارات  ج١ ص٧٠.
[٥] كامل الزيارات  ج١ ص١٤٢.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

مقتطفات من الخطبة

  • إننا نقرأ في زيارة الحسين (ع): مصيبة عظمت في السماوات والأرض. إن المؤمن يعيش أجواء الحزن على الحسين دائما، وكلما زادت معرفته؛ ازداد ألمه وحزنه، واشتدت لوعته. ولهذا روي عن الرضا (ع) أنه قال في عبارته المعروفة: (إِنَّ يَوْمَ اَلْحُسَيْنِ أَقْرَحَ جُفُونَنَا وأسْبَلَ دُمُوعَنَا).
Layer-5.png