Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

من هم الذين أنعم الله عليهم الذين نتمنى في كل صلاة أن نكون منهم ومعهم؟

بسم الله الرحمن الرحيم

من أوجب الواجبات فهم معاني سورتي التوحيد وفاتحة الكتاب

إن الذي يُريد أن ينتفع في حياته بصلاته لابد وأن يستوعب معنى سورتين في القرآن الكريم هما الفاتحة والتوحيد؛ إن لم يكن له مجال لاستعياب غيرهما من السور. إنهما سورتان نلهج بهما في الصلاة وفي غير الصلاة ولا ينبغي أن نُهمل فهم معانيهما. وما المانع من أن يقوم أحدنا بقراءة التفاسير التي تتحدث عن هاتين السورتين ثم يكتب هو بنفسه ما فهمه في هذا المجال، ولا نعني بالضرورة أن ينشر ما كتب؛ فالكتابة تُعمق الفهم. فقد نرى بعض المؤمنين ممن وقعوا في ظرف طارئ كالحبس مثلا؛ قد ألف كتابا في فترة الحبس تلك. فاحبس نفسك وأنت طليق في بعض ساعات اليوم والنهار، وخذ جولة في هاتين السورتين. إن سورة الفاتحة هي التي لو ثنيت الوسادة لأمثال أمير المؤمنين (ع) لأمضى دهراً في تفسيرها.

من هم الذين أنعم الله عليهم؟

وصل بنا الحديث إلى قوله تعالى: (صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ)[١]، ولو وجد شق رابع في الوجود لذكرته السورة. وهذا يعني أنك إن لم تكن من الذين أنعم الله عليهم؛ فثق أنك في خانة المغضوب عليهم أو الضالين. ولكن من هم الذين أنعم الله عليهم؟ يقول سبحانه: (وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا)[٢]. وهؤلاء هم من أنعم الله عليهم؛ إلا أن صدر الآية يقول: ومن يطع الله والرسول، وهنا لب الكلام. لا تتحير ولا تبحث في التفاسير لتعلم من هم هؤلاء الذين أنعم الله عليهم؛ فإن كنت مطيعاً لله وللرسول فأنت مع الذين أنعم الله عليهم. وكلما زاد التعبد، والطاعة؛ كلما اقتربت من دائرة هؤلاء. ويقول سبحانه قبل هذه الآية: (يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡ)[٣]، والذي يلي أمر المسلمين ما هم إلا آل محمد (ع) وهم في سياق واحد مع الله والرسول.

إن رب العالمين هو الآمر، والنبي هو المعصوم المطاع بعد الله سبحانه والمطاع ثالثا في هذه الآية أولوا الأمر. هل يعقل أن يخرج أحدهم بالسيف وبالظلم في بلاد المسلمين ويتأمر عليهم ثم يقول القائل: أطيعوه لأنه أصبح من أولي الأمر؟ يعني الله والرسول ثم هارون الرشيد والمأمون العباسي وأمثالهم؟ هذا لا يتحمله فهم عاقل. إن أولي الأمر منكم والمطاع لا يكون إلا معصوماً؛ فكيف نطيع الظالم الجاهل؟ إنه لأمر مضحك…!

هل تُريد أن تكون من الذين أنعم الله عليهم؟

فإن أردت أن تكون من الذين أنعم الله عليهم؛ فعليك بالطاعة وهي: القيام بالواجبات وترك المحرمات، وفي الدرجة الثانية فعل المستحب وترك المكروه. والطاعة الكاملة هي أن لا تقدم خطوة ولا تؤخر أخرى إلا بعد أن تعلم هل لله فيها رضىً أم سخط؟ لقد رأيت بعض المؤمنين على المائدة في أواخر الطعام يتردد في أخذ اللقمة الأخيرة؛ لأنه لا يعلم هل وصل إلى حد الشبع أم لا؟ هل هذه اللقمة ترضي الله أم لا؟ إنه يحسب حسابا للقمة الطعام، وهذا هو معنى الطاعة الكاملة.

أو تجد من يريد أن يمزح فيشك في أن هذا المزاح في محله أم لا؛ فلا يفعل. إن أصل المزاح كلام زائد إلا ما خرج بالدليل؛ كأن يفاكه الرجل زوجته أو يفاكه مؤمناً أو غير ذلك بقصد القربة. فكن هكذا في كل سكنة وفي كل حركة وفي كل زيارة تنويها إلى أي بقعة من بقاع الأرض. وبمقدار ما تنجح في امتحان إطاعة الله والرسول؛ ترتقي في منزلة القرب من الله عز وجل.

أركان المجتمع الإيماني

إن هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين؛ هم أركان المجتمع الإيماني. فالأنبياء هم على رأس هذا المجتمع ويلحق بهم الأوصياء والرسل وهم وسائط الوحي وهم في القمة. ثم يتلوهم الأوائل في مدرستهم من الصديقين كسلمان وأبي ذر وعمار ومالك وأصحاب سيد الشهداء (ع). إن هؤلاء هم الحواريون اللصيقون بالأنبياء والأوصياء. ثم بعد ذلك يأتي الشهداء الذين لا يكونون في معزل عن أولياء الله وعن إحقاق الحق في المجتمع. إن أمير المؤمنين (ع) قاتل القاسطين والمارقين والناكثين بهؤلاء الشهداء الذين لم يكونوا كبعض الحواريين أو بعض علماء النصارى الذين اتخذو الأديرة مسكنا لهم وابتعدوا عن الناس. إنما هؤلاء رفعوا السيف مع النبي كالبدريين والأحديين ومع الحسين (ع) كالكربلائيين.

نأمل أن نكون من الصالحين

ثم بعد الشهداء الذين هم في الطبقة الثالثة؛ يأتي الصالحون. إننا من الطبقة الصالحة إن شاءالله. فترى الرجل ليس نبيا ولا صديقا من الخواص لا هو في طريق الشهادة؛ ولكنه يعمل بالأوامر ويجتنب النواهي. لو كنت من الصالحين أو الشهداء أو الصديقين؛ فأنت يوم القيامة في حي هؤلاء. أنت لا تسكن قصر النبي (ص) ولا تسكن قصر سيد الشهداء (ص)؛ ولكن إن كنت في الدنيا من هذه الفئات الأربع فستكون في حي الصالحين والشهداء والأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا. تخرج من بيتك في الجنة لتزور المصطفى؛ فيا لها من سعادة…! تخرج من المنزل في الجنة لتزور حبيب بن مظاهر، وهو صديق وهو شهيد في دار الدنيا. لا تفكر في أن تبني بناء في حي مترف في هذا البلد أو غيره؛ بل فكر في ذلك الحي لتكون مع هؤلاء في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

[١] سورة الفاتحة: ٧.
[٢] سورة النساء: ٦٩.
[٣] سورة النساء: ٥٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن أردت أن تكون من الذين أنعم الله عليهم؛ فعليك بالطاعة وهي: القيام بالواجبات وترك المحرمات، وفي الدرجة الثانية فعل المستحب وترك المكروه. والطاعة الكاملة هي أن لا تقدم خطوة ولا تؤخر أخرى إلا بعد أن تعلم هل لله فيها رضىً أم سخط؟
Layer-5.png