- ThePlus Audio
من مواعظ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
من المناسب أن يراجع الإنسان كلمات المعصومين (ع) القصار بين فترة وأخرى، ومن الملفت أن كلماتهم متشابهة ولا تكاد تجد تفاوتا جوهريا بين حكم الإمام الحسن المجتبى (ع) على سبيل المثال وحكم الإمام الحسن العسكري (ع).
إن الإنسان الذي يريد أن يعرض الدين على الآخرين؛ عليه أن يلبس الدين ثوبا يرغب فيه؛ إذ يقوم البعض بعرض الدين بصورة معقدة وببرامج قاسية ثقيلة لا تحتمل وهي غير عملية.
ونحن بصدد أن نعرف الإنسان الذي هو من أورع الناس وأعبد الناس وأزهد الناس وأشدهم اجتهادا من خلال كلمة لإمامنا العسكري (ع)، ولو أردنا نحن أن نتصور شخصية بهذه الصفات؛ أن سكون أورع الناس وأزهدهم وأعبدهم وأشجهم اجتهادا؛ لتصورنا رجلا يعيش في صومعة، صائماً نهاره وقائماً ليله تاركا للدنيا ولا هم له إلا أن يعبد الله العبادة الظاهرية.
أورع الناس..!
وهنا يقدم الإمام العسكري (ع) مصداقا لهذه العناوين الأربعة فيقول: (أَوْرَعُ اَلنَّاسِ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ اَلشُّبْهَةِ)[١]، فلماذا جعلنا الورع في صورة إنسان معقد والحال أنه الإنسان الذي يرى طعاماً مشتبها فيتركه ويرى كلاما مشتبهاً فتجنب استماعه وهذا هو أورع الناس بحسب هذه الرواية.
أعبد الناس..!
ومن هو أعبد الناس؟ يقول الإمام: (أَعْبَدُ اَلنَّاسِ مَنْ أَقَامَ عَلَى اَلْفَرَائِضِ)[٢]، فما دمت تقوم بالفرائض وأنت تتقنها قلبا وقالبا، وتؤديها في أول وقتها وبالحد الأدنى من الخشوع؛ فأنت من أعبد الناس وإن لم تأتي بركعة واحدة من النوافل، وكم هذا الدين سهل ويسير؟ وكم هذه المعاملة مغرية؟
أزهد الناس..!
ومن هو أزهد الناس؟ يقول الإمام: (أَزْهَدُ اَلنَّاسِ مَنْ تَرَكَ اَلْحَرَامَ)[٣]، ليس إلا، والزهد أن لا يملكك شيء لا أن لا تملك شيئاً، وصفة الزهد تأخذنا إلى حياة المتوصفة الذي كانوا يعيشون أشد صور المعيشة اليومية، والحال أن ترك الحرام بحسب هذه الرواية تجعل الإنسان من أزهد الناس، وعلى المؤمنين الالتفات إلى أن الوقوف عند الشبهات والإقامة على الفرائض وترك الحرام يجب أن يكون في جميع مراحل العمر وليس في فترة دون أخرى، بل منذ تكليفه إلى لحظات انتقاله إلى المليك الأعلى، ترك الحرام بصورة مطلقة وفي جميع الأوقات.
أشد الناس اجتهادا..!
وأخيرا: (أَشَدُّ اَلنَّاسِ اِجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ اَلذُّنُوبَ)[٤]، ويقرب هذا المعنى من ترك الحرام؛ إلا أنه قد يكون مراد الإمام ترك المكروه والحرام لأنهما يشتركان في بغض المولى لهما، وقد يصل الإنسان إلى درجة لا يفرق بين الحرام والمكروه لأن الله سبحانه يبغض كليهما ولا فرق عنده إن كان ما وقع عليه بغض المولى إلزاميا تركه أوغير إلزامي، وهذه هي سياسة الشريعة في طرحها للدين في ثوب ميسر جميل؛ فباستطاعة الجميع الوقوف على الشبهة وإقامة الفرائض وترك الحرام، وما أيسر هذه من معاملة لمن أراد أن يتقرب إلى ربه.