Search
Close this search box.
  • من فوائد زيارة الحسين (عليه السلام) التي ينبغي أن تعلمها
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

من فوائد زيارة الحسين (عليه السلام) التي ينبغي أن تعلمها

بسم الله الرحمن الرحيم

الشوق إلى زيارة الحسين (عليه السلام)

إن الشوق إلى زيارة الحسين (ع) منقبة في حد ذاتها؛ سواء ذهبت إلى حرمه ووقفت في مشهده أم منعك عن ذلك مرض أو مهمة أو شغل. لقد ورد في روايات أهل البيت (ع) الكثير من الروايات التي تدعم ما قلناه، منها: (مَنْ أَتَاهُ شَوْقاً إِلَيْهِ)[١]. إن هذا الوجد والشوق يكفي أن يحمله الإنسان؛ فلا ضير إن وُجد المانع بعد ذلك، فأنت من زواره. إن ذلك الذي ذكر لأمير المؤمنين (ع) أنه كان يتمنى أن يكون أخاه معه يشعد انتصارات الأمير (ع) على أعدائه، قال له الإمام (ع): (أَ هَوَى أَخِيكَ مَعَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ شَهِدَنَا)[٢]. ومما روي: (مَنْ أَرَادَ اَللَّهُ بِهِ اَلْخَيْرَ قَذَفَ فِي قَلْبِهِ حُبَّ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ حُبَّ زِيَارَتِهِ)[٣].

المعرفة بالإمام ثمرة زيارته

ثم إن من ثمار الزيارات جميعها؛ أن تجعلك تعيش حالة المعرفة بهم. إن معرفة الإمام ليست معرفة بسيطة، وليست في درجة واحدة. إننا اليوم بحمد الله، لو سألنا أطفالنا اليوم في صغر السن عن عدد الأئمة الاثني عشر (ع) لعدوهم لنا واحداً واحداً، وهذه معرفة ولكن هل يقف الحد عنها؟ بل الأمر بحاجة إلى تطوير. فعندما يبلغ الحلم أحدهم لابد أن نضع كتب السيرة في متناول أيديهم ليزدادوا معرفة بهم إلا أن يصل الإنسان إلى درجة لو أمره الإمام أن يلقي بنفسه في تنور مشتعل؛ لا يتردد قيد أنملة كما فعل ذلك مع صاحب الإمام الصادق (ع) الذي يم يتردد أن يلقي نفسه في النار عندما طلب من الإمام ذلك، ولم تمسسه حرارة النار وخرج منه سالما. وهذا هو الشيعي الذي يُعول عليه، ولو كان أمثال هؤلاء الكثير حولهم؛ لما قعدوا عن المطالبة بحقهم الصادقان مثلا، ولخرجوا كخروج الحسين (ع).

الزيارة من بعيد

إن البعض يزور الإمام، ويقف تحت القبة؛ فينحبس لسانه ولا يسأل شيئا، ولا يذكر من حوائجه حاجة لأنه يُذهل في ذلك المقام حتى عن الحديث. إن قد ترى الرجل يُخبر بموت ولد، فيسكت، ولا يقول شيئاً، لأن شدة المصيبة قد أذهلته. ولكنه بعد فترة يعود إلى وعيه فيبكي. وإذا ما وصل الإنسان إلى هذه الدرجة من المعرفة؛ لا فرق عنده بعدها أن يكون تحت القبة الشريفة أو في بلاد الغرب. فيكفي أن يغمض عينيه في أيام الأربعين أو في زيارة النصف من شعبان أو في الزيارة الرجبية وهو في المنزل أو في غابة أو في أي مكان من هذا العالم، وسعيش مشاعر من هو في مشاهدهم وتحت قبابهم الشريفة.

ومن الزيارة التي لها أهمية كبيرة؛ زيارة الأربعين. قد يشكك البعض جهلاً أو عمداً في صحة هذه الزيارة، ولا شأن لنا بما يعتلج في بواطنهم إلا أننا نعلم أن هذه الزيارة لها خلفياتها التي تجعلنا نتيقن من صحتها وصوابها، وأهميتها.

أهمية رواية الإمام العسكري (عليه السلام) حول زيارة الأربعين

فهناك الرواية المعروفة عن إمامنا العسكري (ع) التي وصف فيها زيارة الأربعين من علامات المؤمن. لدينا في اللغة العربية لام عهدية، ففي قوله سبحانه: (فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ)[٤]، نعرف أن الرسول هو موسى (ع). وزيارة الأربعين هي زيارة معهودة في أذهان الشيعة. إن الإمام العسكري (ع) يتحدث بعد استشهاد أبيه الحسين (ع) بسنوات طويلة؛ كانت ثقافة زيارة الحسين (ع) ترسخت بين الشيعة. وذهب البعض إلى تأويلات هي خلاف الظاهر، منها: أن المقصود زيارة الأربعين مؤمن أو الدعاء لأربعين مؤمن، وهذا ليس معهوداً. ولو أراد العسكري (ع) غير هذا المعنى لبين ذلك، وقال بصراحة: زيارة الأربعين مؤمناً أو الدعاء لأربعين مؤمن. لقد كان الإمام (ع) ملتفتا إلى أن هذه الثقافة – ثقافة الزيارة – كانت متأصلة في نفوس مواليهم.

وقد رأيت نصاً جميلاً للقرطبي الأندلسي الذي توفي في القرن السادس يذكر فيه: العشرون من صفر يوم رد الرأس إلى القبر الشريف – بحسب نقله – والشيعة تزور الحسين (ع) في هذا اليوم. وهذا نص يدل أن هذه الزيارة لم تكن من الزيارت الحديثة بل لها جذورها في التاريخ.

زيارة الأربعين التي أذهلت العالم

ثم إن هذه الزيارة من الآيات الباهرة؛ حيث يعيش في أيامها الملايين مشاعر الممهدين المنتظرين للظهور. إن الإمام (ع) استشهد قبل قرون، ومع ذلك هم يذهبون زحفاً إلى زيارته؛ فكيف إذا ظهر الإمام (عج) بنفسه، وأطلق ذلك النداء: ألا يا أهل العالم، إن جدي الحسين (ع) قتلوه عطشاناً؟ فمن يتحمل بعد أن يسمع هذا النداء أن ينام في منزله؟ ثم إننا نرى حشودا كثيرة، والبعض يقع في مشقة شديدة زيادة عن كل عام؛ ولكن لا يثنهم ذلك أبداً، ويزدادون إصرارا في كل عام. وهذه جولة تمرينية – كما يقال – لأن نكون تحت لواء ذلك الإمام المنصور (عج).

هب أن أدلة الأربعين غير كافية…!

وهب أن الأدلة غير وافية لإثبات صحة زيارة الأربعين؛ لماذا نحارب هذه الظاهرة المباركة؟ لقد سمعت من أحد المراجع كلمة جميلة، يقول: إن بناء الضريح على القبر ليس واجب، ولكن إذا نُصب الضريح على القبر، هل تجوز إزالته بدعوى أن الأمر ليس واجبا؟ إن هذا الأمر وهذه الزيارة قد وقعت وانتشرت وأخذت مكانها بين الناس وأصبحت من أعظم ظواهر الوجود اليوم. اذهبوا إلى مواقع الأرقام القياسية وابحثوا عن أكبر تجمع بشري في التأريخ لتجدوه على أرض نينوى، وهذا فخر لنا جميعا.

[١] كامل الزيارات  ص١٤٢.
[٢] بحار الأنوار  ج٣٢ ص٢٤٥.
[٣] كامل الزيارات ص١٤٢.
[٤] المزمل: ١٦.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن الشوق إلى زيارة الحسين (ع) منقبة في حد ذاتها؛ سواء ذهبت إلى حرمه ووقفت في مشهده أم منعك عن ذلك مرض أو مهمة أو شغل. لقد ورد في روايات أهل البيت (ع) الكثير من الروايات التي تدعم ما قلناه، منها: (مَنْ أَتَاهُ شَوْقاً إِلَيْهِ).
  • وقد رأيت نصاً جميلاً للقرطبي الأندلسي الذي توفي في القرن السادس يذكر فيه: العشرون من صفر يوم رد الرأس إلى القبر الشريف – بحسب نقله – والشيعة تزور الحسين (ع) في هذا اليوم. وهذا نص يدل أن هذه الزيارة لم تكن من الزيارت الحديثة بل لها جذورها في التاريخ.
  • إن زيارة الأربعين من الآيات الباهرة؛ حيث يعيش في أيامها الملايين مشاعر الممهدين المنتظرين للظهور. إن الإمام (ع) استشهد قبل قرون، ومع ذلك هم يذهبون زحفاً إلى زيارته؛ فكيف إذا ظهر الإمام (عج) بنفسه، وأطلق ذلك النداء: ألا يا أهل العالم، إن جدي الحسين (ع) قتلوه عطشاناً؟
Layer-5.png