- ThePlus Audio
من آداب زمن الغيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام المهدي (عجل الله فرجه) أمان لأهل الأرض
حديثنا في هذا اليوم يتعلق بذلك الموجود المبارك الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء. وهذه المضامين لها أدلة فهي ليست كلاما بلا رصيد كما يقال. فلولا الحجة لساخت الارض بأهلها، وقد قال سبحانه مخاطبا نبيه (ص): (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)[١]. ومزايا أهل البيت (ع) هي مزايا النبي الخاتم ما عدا الوحي طبعا والنبوة. فوجود الامام في كل عصر من موجبات الحفظ ودفع البلاء.
ومن الأمور المهمة أن يلتفت الإنسان أن الإمام (ع) وإن كان غائبا عن الأنظار إلا أنه يعيش بيننا؛ فلنحاول أن نستجدي النظرة المهدوية. إن الإمام (ع) له في زمن الغيبة دائرة قريبة منه وهم القادة الذين هم بعدد أصحاب النبي (ص) في بدر، ولكن ألا تحتمل أن الإمام بالإضافة إلى هؤلاء يتخذ جماعة من المنتظرين تحت نظره الشريف؟ ولا مانع من ذلك بل للأمر ما يقتضيه.
سل الإمام (عجل الله فرجه) أن يدخلك فيمن يرعاهم
سل الإمام (ع) في زمن الغيبة أن يخصك برعايته وإن كنا لا نعلم كيفية هذه الرعاية ولكننا نعلم أن الأئمة (ع) كان يرعون شيعتهم البعيدين عنهم كما يرعون القريبين منهم. فقد كان الإمام الصادق (ع) يرعى شيعته خارج المدينة في بلاد فارس والروم وهذا الذي نفهمه من النصوص والبعد المكاني لا يمنع الإمام من رعاية مواليه.
إن بعض المؤمنين يعيشون هذه الرعاية ولكن كيف؟ يقول أحدهم: قد يميل قلبي إلى الحرام وعندما أنوي الذهاب إلى ذلك المكان المحرم ينقلب مزاجي ساعة التنفيذ.
نماذج من الرعاية المهدوية
لقد رأيت شابا كان معرضا للحرام بسبب ظروفه، فكانت ظروفه تساعده كثيرا على ارتكابه، فقلت له: يا فلان أنت شاب في فوران الشهوة والغريزة ولك مكان مستقل وراتب مكفي والأمور لك مهيئة فما هو وضعك مع النساء؟ قال لي: لقد صدقت ولكنني لا أعيش في هذا الجانب أزمة أبدا فقلب منصرف عنهن. قلت ولم ذاك؟ قال إن المقتضيات محققة، فالمكان مهيئ ولو أردت الحرام أو حتى الحلال يكون لي كشربة ماء. فقلت له: ما الذي صرفك إذا؟ قال: أنا خادم في مجالس الحسين (ع) وخدمتي هي التي أوصلتني إلى هذه المرحلة من الزهد في الحرام إلا أن يأتيني نصيبي الدائم، وليس قلبي منسغل بالنساء أبدا. إن هذا الشاب هو عينة وقس عليه من العينات التي يرعاها الإمام (ع). ومن الطبيعي أن يكون خادم مجالس جده قريب من قلبه الشريف. وعموما إن المهدويون حسينيون وكلما تعلقوا بالحسين (ع) خدمة وبكاء وزيارة تضاعفت نظرته الكريمة إليهم.
إن البعض من الناس يرى في قلبه نزاهة باطنية فعندما يؤذن المؤذن يميل إلى الصلاة وعندما تسأله عن سر ذلك يقول: إن في قلبي نورا يشدني إلى الله ورسوله، وهذه هي الرعاية المهدوية.
ولكن ماذا نصنع في مقام العمل؟
إليك بعض الخطوات العمليلة: أولا، اذكره من خلال الصدقة. فإذا كشفت هما عن قلب مؤمن قل بعدها: يا رب عجل له الفرج والهج بالدعاء له. لقد أعجبتني كلمة من أحد علمائنا الكبار، فقد قال: إن الواحد منا لو طلب منه أخيه الدعاء له؛ فقد يدعو له مرة ومرتين ثم ينسى بعد ذلك. وقد ينسى المرء أباه وأمه من الدعاء والاستغفار وقراءة الفاتحة بعد فترة تمر على وفاتهما. فذلك اربط بين الدعاء لفرجه وبين أمر ثابت محسوس كأن تدعو له عند ارتفاع صوت المؤذن بالأذان. ليكون الأذان هذا مما يذكرك بالدعاء له. أو عندما ينزل المطر – وهي ساعة استجابة – اخرج تحت السماء والمطر ينزل عليك والهج بدعاء الفرج.
أو كلما رأيت ضريحا لأحد المعصومين (ع) أو لاحت لك القبة من بعيد فقل: اللهم عجل لوليك الفرج. أو اجعل اسم إمامك منقوشا على باب منزلك حتى تدعو له بالفرج كلما دخلت منه أو خرجت واجعل لنفسك ما شابه ذلك من المنبهات. ويمكنك أن تزور عنه عند التوجه لزيارة المعصومين، فكم من الرائع أن تقف أمام قبر سيد الشهداء وأنت تقول: يا مولاي أزورك بالنيابة عن ولدك. وقد يخجل البعض من النطق بهذه الجملة ويقول: من أنا حتى أزور بالنيابة عنه؟ ولهذا فإن بعض المعتمرين والحجاج في مسجد الشجرة ينوي حجته بالنيابة عنه وكذلك السعي وما شابه ذلك من الأعمال وقد تدمع عينه ويقول: من أنا لأطوف عنه؟ وينبغي أن ينوي النيابة عنه حقيقة لا كلاما؛ فيلبس ثوبي الإحرام ويقول: أحرم نيابة عن سيدي ومولاي وأطوف نيابة عنه ويقوم بركعتي الطواف نيابة عنه. إنما هذه المشاعر تجعلك لصيقا بالإمام (ع).
ولا تدخل على قلبه حزنا في زمان الغيبة وإنما أدخل على قلبه السرور. فإذا أردت أن تكون مهدويا حاول في كل يوم أو في كل أسبوع مرة أن تدخل السرور على قلبه من خلال ما تجلبه من متاع لأهل بيتك؛ فادخل المنزل وبيدك المتاع وقل: يا مولاي إنني أدخل السرور على أهل بيتي توددا لك، وإذا أخذتهم في سفرة أو زيارة اجعل ذلك تقربا إليه وإذا قبلت ولدك الصغير مثلا قل: يا مولاي أرجو أن يكون ولدي هذا من أنصارك وأعوانك وإن لم يقدر له ذلك فلتكن ذريته كذلك وهو قوله سبحانه: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)[٢] والذي يتبع هذه الخطوات ويعيش هذه المعاني يرجى أن يلتفت إليه إمام زمانه (ع).
خلاصة المحاضرة
- سل الإمام (ع) في زمن الغيبة أن يخصك برعايته وإن كنا لا نعلم كيفية هذه الرعاية ولكننا نعلم أن الأئمة (ع) كان يرعون شيعتهم البعيدين كما يرعون القريبين منهم. فقد كان الصادق (ع) يرعى شيعته خارج المدينة في بلاد فارس والروم والبعد المكاني لا يمنع الإمام من رعاية مواليه.
- حاول أن تدخل السرور على قلب الإمام (ع) من خلال ما تجلبه من متاع لأهل بيتك؛ فادخل المنزل وبيدك المتاع وقل: يا مولاي إنني أدخل السرور على أهل بيتي توددا لك، وإذا أخذتهم في سفرة أو زيارة اجعل ذلك تقربا إليه وإذا قبلت ولدك الصغير مثلا قل: يا مولاي أرجو أن يكون ولدي هذا من أنصارك.