- ThePlus Audio
من آداب الذكر والدعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو الفرق بين الدعاء والأذكار والأوراد؟
هناك فرق بين الدعاء والذكر والورد. إن الذكر هو قولك: لا إله إلا الله وسبحان الله والحمدلله وانشغالك بتسبيحات السيدة فاطمة الزهراء (س). وفي الذكر ثناء لله عز وجل ولا يحمل معنى شعوريا عادة. فنحن لا نرى من يسبح تسبيحات الزهراء (س) ويبكي في الأثناء ولو فعل ذلك لقيل له: ما بالك تبكي لأن هذه التسبيحات لا تبكي عادة، ولا تستبطن الأوراد حالة شعورية وإن كنا لا نستبعد بل نتوقع كثيرا أن يحول الولي كالسيدة الزهراء (س) الذكر إلى دعاء ولكن كيف ذلك؟
هل بكيت في أثناء الذكر؟
إن السيدة (س) عندما تقول: الحمد لله؛ فهي تتذكر النعم الإلهية من جانب وتقصير البشر في شكر الله عز وجل من جانب آخر. فنحن نحمد الله سبحانه حمدا لا يليق بجلال وجهه. ولذلك ينبغي أن نقول: الحمدلله كما هو أهله؛ فأنا الحامد حمدي لا يفي بالغرض فيا رب لك الحمد كما أنت أهله، ولو تأملت بهذه المضامين وقلت بعدها: الحمدلله ستجري دموعك. وهل النبي يونس (ع) عندما قال: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[١] كان يقولها مثلي وأمثالي ممن نأخذ سبحة ونجلس أمام التلفاز ونقولها من توجه وإقبال؟ أم قالها بانقطاع شديد في ظلمات ثلاث؟
الذكر اليونسي
والذكر اليونسي واقعه ذكر لا دعاء. فكلمة لا إله إلا الله وكلمة سبحانك هي من الأذكار وإنما كلمة إني كنت من الظالمين فيها معنى الدعاء فقط؛ أي خلصني مما أنا فيه. وهذا الذكر يشبه ما قاله أيوب الصابر: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[٢] فهو لم يطلب شيئا ولكنها جملة فيها كل الطلب. فقوله: مسني الضر يعني فيه؛ خلصني يا رب وفرج عني همي.
هل رأيت من يتخذ الأدعية وردا له ويأخذ سبحة ويكررها؟ كأن يأخذ بيده السبحة ويقول: (إلهي وربي من لي غيرك، ارحم ضعف بدني ورقة جلدي ودقة عظمي)[٣] ثم يكررها مائة مرة. بالطبع إن هذه الكلمات بحاجة إلى توجه وتفاعل ودموع جارية وحالة شعورية. وقد رأينا بعض المؤمنين في أسحار شهر رمضان وقبيل الأذان يحملون بيدهم المفاتيح ويقرأون دعاء أبي حمزة من أوله إلى آخره ويهزون رؤسهم من غير تفاعل وإقبال وكأنهم يقرأون صحيفة؛ أفهكذا يدعوا الإنسان؟
ضرورة الإقبال على الله عز وجل عند الدعاء
ولو كان الإنسان في حالة شعورية ومقبلا على ربه في دعائه لكفته بضع ثوان وعدة كلمات. لقد رأيت أحدهم قد بلغ الخمسين من عمره ولم يرزق بذرية بعد، ويصعب الصبر في هذا العمر عن الذرية بخلاف الشاب الذي يستطيع أن يتحمل وقد يؤخر الإنجاب متعمدا بغرض التسلية والتمتع في هذه الدنيا قليلا ثم بعد أن تذهب السكرة وتأتي الفكرة ويبلغ الأربعين والخمسين من عمره يفكر في أنه بحاجة إلى ذرية تأخذ بيده وتقرأ الفاتحة على قبره، كما رأينا بعض المؤمنين لم ينسوهم أحفادهم بل وأحفاد أحفادهم.
قصة رجل من الله عليه بالذرية بعد تقدم العمر
نقل لي هذا المؤمن أنه عاش في تلك الحالة فترة من الزمن وتأقلم على ذلك الوضع ولكن الآخرين كانوا يعرضون له في الحديث ويقولون: إلى متى يا فلان تصبر وكذلك كانت زوجته تتعرض للأذى من قبل النساء. يقول: في سنة من السنين في العاشر من شهر محرم وفي مصيبة القاسم (ع) بالتحديد وفي ليلته انكسر قلبي فجأة والتأجت إلى الحسين (ع) ووضعت رأسي على المنبر الشريف وأخذت أبكي بكاء مريرا حتى فقدت السيطرة على نفسي. وكأن مقدمات الإجابة قد تهيئت، والملفت في هذه القصة أن الرجل كان في بلدة أجنبية لا في بلداننا. ثم يقول: بعد ذلك دعوت دعوة بليغة وكأنني أحسست بالإجابة في ساعتها وأحسست بشيء تحرك في جوفي.
ويبدو أن الله سبحانه أراد أن يصلح له باطنه وكأن هذه المجاري والأعضاء قد أصابها خلل فبدأت تستعد وترجع إلى صحتها ونشاطها. يقول: وبعد فترة قصيرة رزقت بغلام وبعده بتوأم، فقد عوضه ربه عن تلك السنين بتوأم. وقال لي رغم أنه كان من عوام الناس: أن الدعاء بمثابة هذا الهاتف إذا لم يتصل بالطرف المقابل فمهما تكلمت فلن يصل الكلام إليه بل لا بد وأن يكون الهاتف مشحونا والشريحة سالمة حتى يتم الاتصال وهكذا الحال في الدعاء.
وقد يسأل البعض: هل أن الله سبحانه الذي يسمع كل شيء حتى همهمة الإنسان وحديث النفس ولقلقة اللسان لا يسمع الدعاء؟ ونقول: أنسيت دعائك في ليالي الجمعة: (اللهم اغفر الذنوب التي تحبس الدعاء)؟ [٤] إن دعائك لم يتجاوز سقف منزلك فضلا عن أن ينفذ إلى السماء ويصل إلى العرش. قد يتردد الصوت في جنبات المنزل ولا يتجاوزه. ولذا من أراد أن يتشبه بإمامنا زين العابدين (ع) في دعائه لا بد وأن يمتلك الحالة السجادية كذلك.
خلاصة المحاضرة
- قد يسأل البعض: هل أن الله سبحانه الذي يسمع كل شيء حتى همهمة الإنسان وحديث النفس ولقلقة اللسان لا يسمع الدعاء؟ ونقول: أنسيت دعائك في ليالي الجمعة: (اللهم اغفر الذنوب التي تحبس الدعاء)؟ إن دعائك لم يتجاوز سقف منزلك فضلا عن أن ينفذ إلى السماء ويصل إلى العرش..!
- إن الذكر اليونسي واقعه ذكر لا دعاء. فكلمة لا إله إلا الله وسبحانك هي من الأذكار وإنما كلمة إني كنت من الظالمين فيها معنى الدعاء فقط؛ أي خلصني مما أنا فيه. وهذا الذكر يشبه ما قاله أيوب الصابر: (أَني مسني الضُّر وأَنت أرحَمُ الرَّاحمين) فهو لم يطلب شيئا ولكنها جملة فيها كل الطلب.